إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

أفضل مرشح للأوسكار

أيا كانت نتائج مهرجان الأوسكار التي أقيمت هذا الشهر فإنني أعتقد أن المحكمين قد جانبهم الصواب في اختيار المرشحين لكل الجوائز. فقد تجاهلوا وجود نجوم كان يجب أن يعطوها المراكز الأولى في فروع التمثيل وكتابة السيناريو والإخراج. وإنني أرشح لجائزة أفضل ممثل بكل جدارة الرئيس العراقي صدام حسين فلا أعتقد أنه قد ظهر على شاشة الحياة ممثل مثله يستطيع أن يقدم كل هذه المشاعر المتناقضة ويظهر غير ما يبطن ولا يوجد أحد مثل صدام حسين تلقى كل هذه الضربات والهزائم وخرج فرحًا سعيدًا ليعلن للعالم أنه انتصر في المعارك كلها. ولم يكتف بذلك بل جمع كل قواده وأركان حزبه ليقدم لهم الأوسمة والنياشين مهنئا إياهم على الانتصارات التي حققوها. ولا يوجد أحد مثله وقف جامد أمام شعارات القومية التي لم يؤمن بها، والتضامن العربي الذي ضربه في الصميم، والأخوة التي كان أول من خانها؟ أما بالنسبة لجائزة أحسن سيناريو فإنني أرشح لها أيضا الكاتب الفنان صدام حسين، فلا أحد صنع كل هذه المتناقضات الدرامية كما فعل هو وقد استخدم الخدع السينمائية أفضل استخدام عندما ادعى أنه سوف يدمر إسرائيل ثم سار بجيوشه ليدمر الكويت. وعندما وقع المعاهدات مع إيران ثم اكتشف أنها مجحفة وحارب من أجل إسقاطها ثم عاد مرة أخرى ليعترف بها. وهو الذي تجود على الرفض ثم الرفض ثم الإصرار على الرفض ثم القبول بكل شيء في اللحظة الأخيرة وهو تصعيد درامي لا يقدر عليه إلا المحترفون. وهو الذي يجيد كتابة المشاهد المؤثرة حول جوع الأطفال وقوتهم بينما أصابعه تلتف حول رقابهم. وهو الذي يحدد بدقة الأدوار لكل الذين يحيطون به من مسئولين ووزراء فلا ندري بالضبط إن كانوا أشخاصًا حية أم مجرد دمى، تحركها خيوط من فوق المسرح؟!

أما بالنسبة لجائزة أحسن إخراج فمن أجدر بها من صدام حسين؟! وهل هناك أحد استطاع إخراج كل هذا العدد من الأحياء إلى عالم الموتى. عل يمكن أن نتصور ذلك الإخراج الكابوسي الذي صاحب وعوده إلى الكم وتلك المحاكيات الهزلية التي حاكم فيهـا كل رفاقه وأعدمهم على الفور. وكذلك الخروج الأعظم الذي جعل حوالي ثلاثة ملايين عراقي مشردًا في كل بقاع الأرض بلا مأوى. إضافة إلى ذلك أنه أخرج إلى العالم أسوأ صورة يمكن أن يقدمها حاكم عربي عن شعبه وعن أمته. وإذا كان جأبريل غارسيا ماركيز قد كتب رواية "خريف البطريرك" ينتقد فيهـا كل الحكام الديكتاتوريين الذين شهدتهم أمريكا اللاتينية فإنه يقف عاجزًا أمام ظاهرة صدام حسين الذي جمع من كل هذه الصفات أسوأها وأضاف إليها الكثير من إبداعه الخاص.

أليست هذه المؤهلات كافية لفوز صدام بكل هذه الجوائز؟ إنه بذلك يتحدى الجوائز التي حصل عليها فيلم "تيتانيك" الشهير بل إن تيتانيك قد غرقت بكل ما عليها ولكن صدام حسين أغرق الجميع ومازال باقيًا. أقول مازال باقيا وليس دائما لأن الدوام لله سبحانه وتعالى.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات