طرائف عربية

طرائف عربية

أقدار وأحوال
علامة الرضى

لما حضرت الوفاة جابر بن زيد سألوه: ما تشتهي؟ قال: نظرة في وجه الحسن البصري، وحين أخبروا الحسن البصري بأمنية الرجل جاءه ودخل عليه وقالى له: يا جابر كيف تجدك؟ قال: أجد أمر الله غير مردود، يا أبا سعيد حدثني حديثاً سمعته من رسول الله عليه الصلاة والسلام.

فقال الحسن: ياجابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن من الله على سبيل خير، إن تاب قبله استقال أقاله، إن اعتذر قبل يجد بردا على قلبه".

تهلل وجه جابر وأضاء بنور يشع في المكان مثل ضوء الشمس، وأدرك أن عفو الله قريب وقال من بين سكرات الموت: الله أكبر إني لأجد برداً على قلبي، ثم قال: اللهم إن نفسي تطمع في ثوابك فحقق ظني وآمن خوفي وجزعي. ثم أطلق من روحه الشهادتين وقابل وجه ربه.

بين الإقامة والرحيل

قال سعيد الإفريقي: كنت ببيت المقدس مع أصحاب لي في المسجد، فإذا أنا بجارية عليها درع

من شعر وخمار من صوف، وسمعتها تناجي ربي عز وجل: الهي وسيدي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله، وأوحش خلوة من لم تكن أنيسه.

قال سعيد للجارية: ما قطع الخلق عن الله عز وجل؟

قالت الجارية: حب الدنيا، إلا أن لله عز وجل عباداً أسقاهم من حبه شربة فولهت قلوبهم فلم يحبوا مع الله عز وجل غيره.

ثم أنشدت شعراً:

نزود قريناً من فعالك إنما

قرين الفتى في القبر ما كان يعمل

إلا إنما الإنسان ضيف لأهله

يقيم قليلا عندهم ثم يرحل

في تغير الأحوال

جلس رسبم يأكل مع زوجته، وبين أيديهما دجاجة مشوية فإذا السائل يطلب حسنة لوجه الله، خرج له الرجل فنهره وزجره وأهانه فانصرف السائل كاسف البال يشعر بإحساس الاهانة مثل طعنة الخنجر وكانت الأيام أيام شدة وحاجة.

ودارت الأيام دورتها، حيث لا شيء دائم إلا وجه الله، وتغيرت أحوال الرجل فإذا هو قد افتقر، واحتاج إلى السؤال، يعيش على حسنات المحسنين ضاربا من مكان إلى مكان، وكان قد طلق زوجته التي تزوجت بغيره في بلد غريب.

في يوم كانت الزوجة وزوجها الأخيريجلسان فيأكلان دجاجة مشوية وبعض أرغفة وإذا بسائل يطرق الباب، ويقول: منقطع وابن سبيل، فقال الرجل لزوجته احملي هذه الدجاجة ومعها الأرغفة واعطيها للسائل محبة: وكرامة لوجه الله الكريم.

فخرجت بكل ذلك إلى السائل فإذا هو زوجها الأول فدفعت له ما تحمله ورجعت إلى مكانها باكية فسألها زوجها، فأخبرته بأن السائل كان زوجها الأول وذكرت القصة من أولها، فهز الرجل رأسه متعجبا من تصاريف الأمور قائها لها:

والله لقد كنت أنا ذلك السائل!

نذير الشيب

تأمل قتادة التميمي الشيب وقد سار برأسه فارتعب وأصابه الجزع، وأدرك فوت السنين وضياع العمر في الهباء.

خرج قتادة إلى قومه وقال لهم: يا بني تميم إني قد وهبت لكم شبابي فهبوا لي شيبتي، أراني أعدو إلى حيث وجه الله، وهذا الموت يقترب مني.

ثم نفض عمامته واعتزل يؤذن لقومه ويعبد ربه ولم يخش سلطانا حتى مات.

العبرة بانحواتيم

كان بشر السلمي من العباد الصالحين، يتأمل ملك الله وحكمته في صياغة العالم، وكان يخرج من تأمله بإطالة الصلاة، وكان أحد تلاميذ بشر معجبا به إلي درجة الافتتان فتأمله يوما بإعجاب وهو يطيل الصلاة ويحسن العبادة، فلما فرغ بشر من الصلاة والعبادة قال الرجل: لا يغرنك ما رأيت مني، فإن إبليس- لعنه الله- عبدالله آلافا من السنين ثم صار إلى ما صار إليه.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات