الشقيقة.. وشفاؤها

الشقيقة.. وشفاؤها

في كل عام، يبحث المزيد منا عن العلاج الطبي للصداع أكثر من أي مشكلة طبية أخرى وخاصة الصداع النصفي.

ربما كان أهم عامل للتفريق بين الشقيقة وبين أنواع الصداع الأخرى هو "شكل" الألم المصاحب لها، ففي جميع حالات الشقيقة تقريبا، تصيب نوبة الصداع جانبا واحدا من الرأس- على الأقل عند بداية النوبة. وبعد ذلك، قد ينتشر الصداع في جميع أنحاء الرأس في بعض المرضى.

وقد تم التعرف على تلك الخاصية الفريدة "للصداع النصفي" منذ قديم الزمن، فقد تعرف عليها الأطباء الإغريق، وأطلقوا عليها اسم، نصف الجمجمة!، كما أطلق عليها الأطباء العرب المسلمون اسم "الشقيقة"، والذي يعني أن الألم يشق الرأس إلى نصفين.

ويطلق الأطباء اسما آخر على الشقيقة، وهو "الصداع الوعائي" وهو اسم مفيد في وصف سبب الألم الذي يستشعره المريض، واصطلاح "الوعائي" يشير! إلى الأوعية الدموية. وتشمل الأوعية المكتنفة في عملية الشعور بالصداع الشريانين السباتيين وهما الشريانان الكبيران اللذان يحملان الدم من القلب إلى الرأس مرورا بجانبي العنق. ويسمى الجزء السفلي من كل من الشريانين السباتيين بالشريان السباتي الأصلي، والذي يتفرع تحت الأذن مباشرة إلى فرعين داخلي وخارجي.

محفزات النوبة

من المهم للطبيب أن يتعرف، بقدر الإمكان، على العوامل المحرضة لحدوث نوبات الشقيقة في مرضاه كل على حدة. وإذا أمكن تحديد تلك العوامل والسيطرة عليها، فسيكون العلاج أيسر بكثير فيما بعد.

وإذا وضعنا في الاعتبار أنه ليست جميع نوبات الشقيقة تحدث نتيجة لنفس العوامل المحرضة، كما أنه ليس بالضرورة أن تتسبب جميع تلك العوامل في حدوث النوبات، يمكننا أن نوجز أهم تلك العوامل "المحرضة" لحدوث الشقيقة فيما يلي:
- العوامل الغذائية:
تم تقرير العديد من الأطعمة التي تحرض حدوث نوبات الشقيقة، وأهمها الكحول، والأطعمة التي تحتوي على الجلواتامات أحادي الصوديوم- ومنها اللحوم المعلبة، ورقائق البطاطا "الشبس"، والأطعمة الجيلاتينية، والبيتزا المجمدة- والأطعمة التي تحتوي على التيرامين- مثل الجبن القديم- واللحوم المحفوظة التي تحتوي على مادتي النترات والنتريتات. - نصائح غذائية للوقاية من الشقيقة:-
- عليك بتناول ثلاث وجبات يوميا، أو أكثر مع تقليل كميات الطعام في كل وجبة.
- تجنب إلغاء إحدى الوجبات.
- تجنب تناول كميات كبيرة من السكريات، والدهون، والبروتينات.
- عليك بالاعتدال في كل شيء، فهو سبيل النجاة. ويمكن أن تنتج نوبة الشقيقة عن النوم لفترات طويلة أو قصيرة للغاية، لذا فإن تعديل نمط النوم قد يكون مفيدا في منع حدوث نوبات الشقيقة إذا كان ذلك هو سببها، ويمكن التوصل إلى ذلك بالخلود إلى الفراش في نفس الوقت من كل ليلة، مع الاستيقاظ في نفس الوقت من صباح كل يوم، ومن المهم اتباع هذا البرنامج بكل دقة، حتى في أيام العطلات، حتى يكون مفيدا في الوقاية من نوبات الشقيقة.

وترتبط نوبات الشقيقة لدى كثير من السيدات بدوراتهن الطمثية. ومن المعتقد أن المستويات المتذبذبة لهرمون الإستروجين قد تلعب دورا في هذه العملية. وكثيرا ما تكون نوبات الشقيقة المرتبطة بالطمث أكثر إرهاقا للمريضة، وأكثر صعوبة في معالجتها، كما أنها تبقى لمدة أطول من غيرها من أنواع الشقيقة الأخرى. وقد تزداد نوبات الشقيقة سوءا في المراحل المبكرة من الحمل، لكنها تتحسن بصورة كبيرة في أواخر الحمل. وعموما، فإن عدد نوبات الشقيقة يقل مع تقدم السيدة في العمر. وهناك أدلة على أن حبوب منع الحمل أو المعالجة التعويضية بالإستروجين في السيدات الإياسيات، قد تحرض نوبات الشقيقة أو تزيدها سوءا.

- الإجهاد النفسي والقلق:

من الممكن أن يؤدي الإجهاد النفسي أو الاستجابة لضغوط الحياة اليومية إلى تحريض نوبة الشقيقة في بعض الأفراد. ومن الممكن أن يؤدي تقليل الإجهاد اليومي في أولئك المرضى إلى الوقاية من الشقيقة، ويُنصح المعرضون لتلك الضغوط بالاسترخاء وعدم التفكير بالأمور الخارجة عن سيطرتهم. وتفيد ممارسة التمرينات الرياضية والتأمل في تقليل التوتر النفسي.

وتشمل المحرضات البيئية للشقيقة تغيرات الجو أو الحرارة، الأضواء المبهرة أو أضواء مصابيح " الفلورسنت "، وشاشات الكمبيوتر، والروائح النفاذة، والارتفاعات الشاهقة.

من الممكن أن يؤدي تناول بعض الأدوية إلى الشعور بالصداع، وخصوصا في المرضى المعرضين لنوبات الشقيقة.

وتشمل هذه الأدوية الريزيربين "لعلاج ارتفاع ضغط الدم"، وحبوب منع الحمل، ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية، وموسعات الأوعية الدموية، وبعض الأدوية المدرة للبول، ومضادات الهتسامين مثل الثيوفلين والأمينوفلين.

ومن المثير للسخرية أن مضادات الالتهاب اللاستيرويدية تستخدم أيضا كعلاج للشقيقة في بعض المرضى. وبالإضافة إلى الأدوية التي سبق ذكرها، فمن الممكن أن تحدث نوبات الشقيقة نتيجة لتناول بعض الأدوية لفترات طويلة، ثم التوقف عن تناولها بصورة مفاجئة. ومن هذه الأدوية مشتقات الإرجوتامين، والأمفيتامينات، والبروبرانولول، والفينوثيازينات.

ويعتقد كثير من الناس أن الشقيقة صداع يصيب الكبار وحدهم، لكن الواقع أن الأطفال يصابون به أيضا، ويقدر الباحثون أن هناك ثمانية ملايين طفل ومراهق مصابين بالشقيقة في الولايات المتحدة وحدها، مما ينتج عنه فقدان مليون يوم دراسي سنويا. ويصاب الأولاد والبنات بالشقيقة بنسبة متساوية قبل البلوغ، لكن المعدلات تزيد في الإناث بعد البلوغ. وكثيرا ما تختفي نوبات الشقيقة مع نمو الطفل إلى سن الرشد، لكنها قد تعود عند منتصف العمر.

وقد بحث الأطباء عن أعراض مختلفة قليلة للشقيقة في الأطفال، فوجدوا أن بعض الحالات المرضية المتكررة أو الدورية- مثل القيء، والألم البطني، ونوبات الدوار، قد تمثل أنماطا مختلفة من متلازمات الشقيقة في الأطفال.

عادة ما يحس الأطفال الصغار بالألم في الجبهة، أو في كل من جانبي الرأس أثناء نوبات الشقيقة، بينما يستشعره الأطفال الاكبر سنا في جانب واحد من الرأس. ولحسن الحظ، فإن نوبات الشقيقة تكون عادة أقصر في الأطفال عنها في الكبار. وتتمثل أهم الأعراض المصاحبة لنوبات الشقيقة في الأطفال، في الغثيان والقيء، والإسهال، وازدياد عدد مرات التبول، والشعور بالعطش، وإفراز الدموع.

بعض الخرافات

وسنستعرض الآن بعض الخرافات الشائعة بخصوص الصداع، والأدلة على بطلانها:

1- الخرافة الأولى: إن تعرضي لنوبات متكررة من الصداع يعني أنني مصاب باضطراب نفسي.

- الحقيقة: ينتج الصداع عن تغيرات كيميائية حيوية في الدماغ، ولذلك فإن الإجهاد (Stress)، والذي يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، يزيد من احتمالية حدوث الصداع. وقد يكون الإجهاد كيميائيا، أو عاطفيا، أو بيولوجيا، أو نفسيا. ومن الممكن أن تحدث المشكلات النفسية نتيجة لعدم معالجة الصداع بطريقة صحيحة، لكن الصداع لا يسبب حدوث تلك المشكلات فى أغلب الأحيان.

2- الخرافة الثانية: إن الصداع المتكرر أمر حتمي يجب علي أن أتعايش معه.

- الحقيقة: إنه من الممكن تدبير (management) الصداع، ولكن ليس شفاءه. وبتطبيق الرعاية الطبية الملائمة، وتوعية المرضى بحقيقة مشكلتهم، يمكن للغالبية العظمى من المرضى أن يقللوا من الألم والإعاقة التي يسببهما الصداع.

3- الخرافة الثالثة: إن الطريقة الوحيدة لإيقاف الصداع الذي أشعر به هي أن أتوقف عن ممارسة الحياة الطبيعية.. لقد سيطر الصداع على حياتي.

- الحقيقة: تحدث نوبات الصداع الشديد بصورة غير متوقعة، مما يزيد الشعور بالخوف من النوبة التالية، وكلما زاد عدد النوبات، ازداد الشعور بالخوف. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حلقة مفرغة، حيث يؤدي ترقب وقوع النوبة التالية من الصداع إلى عامل مسبب لحدوث المزيد من نوبات الصداع. ومن الممكن أن يؤدي العلاج الصحيح للصداع وتعديل نمط الحياة إلى كسر هذه الحلقة المفرغة، وبالتالي استعادة المريض لشعوره بالسيطرة على حياته اليومية.

4- الخرافة الرابعة: لا تمثل النوبات المتكررة من الصداع أي خطورة، فهي- في جميع الأحوال- مجرد نوبات من الصداع.

- الحقيقة: على الرغم من أن أغلب أنواع الصداع لا تمثل تهديدا لحياة المريض، لكنها قد تؤثر سلباً، وبشدة، على استمتاع المريض بالحياة، وعلى قدرته على التكيف مع ضغوط الحياة اليومية، فمن الممكن أن يؤدي الصداع المستمر إلى توتر العلاقات الأسرية، بالإضافة إلى تقليل الكفاءة في مجال العمل.

5- الخرافة الخامسة: سيصاب أطفالي بالصداع بسبب إصابتي به.

- الحقيقة: يتعلم الأطفال كيفية التعامل مع توترات الحياة اليومية من خلال ما يرونه من سلوك والديهم، وتشير الأبحاث إلى أنه من الممكن توريث العتبة التى يتوقف عندها الدماغ عن التعامل مع إشارات الألم الواردة إليه. ومع ذلك، فمن خلال تعلم كيفية مجابهة التوتر بصورة فعالة، يكتسب الأطفال بدائل تكيفية تزيد من مقاومتهم للشعور بالصداع.

6- الخرافة السادسة: ليس هناك أي علاج للصداع الذي أشعر به سوى الأدوية.

- الحقيقة: ينتج الصداع عن العديد من العوامل التي تتفاعل فيما بينها، لذلك فليس علاجه بهذه البساطة. وكثيرا ما تكون الأدوية جزءا رئيسيا من معالجة الصداع، لكنها نادرا ما تكون الحل الوحيد. وبالإضافة إلى ذلك، فهناك بعض الأدوية التي تسبب الصداع بدورها إذا استخدمت لفترات طويلة. ومن هذا المنطلق، فإن المعالجة المثلى للصداع يجب أن تشتمل على إيجاد نوع من الشراكة العلاجية بين المريض وطبيبه.

7- الخرافة السابعة: إن النوبات المتكررة من الصداع تعد دليلا على أنني أكثر احتمالا للإصابة بالسكتات الدماغية أو أورام المخ.

- الحقيقة: يجب أن يقوم الطبيب بفحص المريض الذي يعاني من بداية مفاجئة لنوبات متكررة من الصداع الشديد، لكن الأبحاث تشير إلى ان التدخين الشره للسجائر، مقترنا بتناول حبوب منع الحمل من قبل السيدات اللاتي تخطت أعمارهن الثلاثين، يعد عاملا أكثر أهمية في التنبؤ بحدوث السكتات الدماغية، مقارنة بدرجة شدة الصداع. وبالإضافة إلى ذلك، تعد أورام المخ من بين الأسباب النادرة للشعور بالصداع.

8- الخرافة الثامنة: إن سبب الصداع الذي أشعر به هو أن عنقي غيرمستقيم.

- الحقيقة يجب أن يقوم الطبيب بتقييم حالة العنق، حيث إن ألم الصداع قد ينشأ عن مشكلات في العنق أو الظهر. على أي حال، فكثيرا ما يشع الألم الذي يستشعره المريض أثناء نوبات الصداع إلى العنق والكتفين. وغالبا ما يكون توتر عضلات العنق نتيجة، وليس سببا للصداع.

9- الخرافة التاسعة: يجب أن تكون جميع أنواع الصداع الشديد من بين متلازمات الشقيقة.

- الحقيقة: هناك الكثير من الأنواع المختلفة للصداع. ويعتمد تشخيص أغلب أنواع الصداع على التاريخ المرضي، وذلك نظرا لعدم وجود تحاليل مخبرية خاصة تؤكد التشخيص. ويجب أن يقوم الطبيب بتشخيص سبب الصداع الشديد، ومن ثم يبدأ المعالجة الملائمة.

10- الخرافة العاشرة: إن الصداع المتكرر مرض يصيب السيدات دون الرجال.

- الحقيقة: تتأثر الشقيقة بالعوامل الهرمونية، وينعكس ذلك في حقيقة أن السيدات يصبن بالشقيقة بنسبة تزيد على ثلاثة أضعاف مثيلاتها في الرجال. ومع ذلك يعاني نحو 6% من الرجال البالغين من الشقيقة، كما تشير الدراسات إلى أن شدة الصداع والإعاقة التي يسببها ليست معتمدة على جنس المريض.

العلاج

- معالجة الشقيقة في الأطفال:

أ) المعالجة غير الدوائية:

كثيرا ما يتحسن صداع الشقيقة في الأطفال خلال سنة، حتى من دون علاج. ويفيد التعرف على العوامل المحرضة واجتنابها في الوقاية من نوبات الشقيقة فى الأطفال أيضا. وينصح الأطباء بالاحتفاظ بجدول منتظم لتناول الوجبات والخلود إلى النوم بالنسبة للطفل، بالإضافة إلى اجتناب تعريض الطفل لإجهاد مفرط في اللعب أو الاستذكار.

وتفيد التقنيات العلاجية غيرالدوائية، مثل الارتجاع البيولوجي (Biofeed back) والاسترخاء في معالجة الأطفال والمراهقين على وجه الخصوص، والذين قد يتحمسون أكثر من البالغين لمثل هذه الوسائل العلاجية.

ب- المعالجة الدوائية:

إذا دعت الحاجة لتطبيق المعالجة الدوائية للشقيقة في الأطفال، عادة ما يبدأ الطبيب بوصف المسكنات البسيطة، ويمكن استخدام توليفات من المسكنات كالتي تستخدم في الكبار، ولكن بجرعات أقل. وبناء على عدد مرات الشعور بالصداع، ومدة بقائه، وشدته، بالإضافة إلى مدى استجابة الطفل للمسكنات البسيطة، يمكن أيضا أن يصف الطبيب عددا من الأدوية "الوقائية" كجزء من الخطة العلاجية.

يمكن وصف الكثير من الأدوية المستخدمة في البالغين للأطفال أيضا، وعلى سبيل المثال، فكثيرا ما يستخدم الدواء المضاد للهستامين- سيبروهيبتادين- في معالجة الشقيقة في الأطفال، ويمكن تناوله في صورة شراب أو أقراص كل 8 إلى 12 ساعة حسب الحاجة، وتشمل الأعراض الجانبية لهذا الدواء، الشعور بالدوخة وزيادة الوزن.

- علاج الشقيقة في البالغين:

(أ) المعالجة غير الدوائية: لمحة تاريخية:

خلال العصر الحجري، كان المداوون يستأصلون أجزاء من جماجم المصابين بالصداع باستخدام آلات مصنوعة من حجر الصوان، وذلك لتخفيف الآلام التي يشعر بها أولئك المرضى. ومن بين المعالجات المؤلمة الأخرى التي كانت تطبق في الجزر البريطانية حوالي القرن التاسع الميلادي، تناول بذور شجرة البيلسان، وأمخاخ البقر، وروث الماعز، بعد إذابتها جميعا في الخل! ومن حسن حظ مرضى الصداع اليوم أنه لا يتوجب عليهم تناول مثل هذه " المعالجات " المقززة.

- الارتجاع البيولوجي والتدريب على الاسترخاء:

كثيرا ما تقترن المعالجة الدوائية للشقيقة في البالغين مع ممارسة الارتجاع البيولوجي والتدريب على الاسترخاء. ويشير الارتجاع البيولوجي إلى تقنية يمكن أن تتيح للفرد إمكان التحكم في المؤشرات الحيوية على وظائف الجسم، مثل ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم، وتوتر العضلات، والموجات المخية. ويتيح الارتجاع البيولوجي الحراري للمريض إمكان رفع درجة حرارة يديه بصورة إرادية. ويمكن لبعض المرضى الذين يمكنهم رفع درجة حرارة أيديهم، أن يقللوا من عدد مرات الإصابة بنوبات الشقيقة، بالإضافة إلى تقليل حدتها. وقد خضعت تلك المعالجات المنطوية على التنظيم الذاتي للعديد من الأبحاث العلمية. ويؤكد الاختصاصيون أنك، لكي تنجح في تحقيق الهدف من الارتجاع البيولوجي، فعليك أن تكون قادرا على التركيز على ما تفعله، كما أنك يجب أن تمتلك الحافز الذي يحفزك على النجاح.

ويرتدي المريض الذي يجري تدريبه على الارتجاع البيولوجي الحراري جهازا ينقل حرارة إصبع السبابة لإحدى يديه إلى شاشة تلفازية. وأثناء محاولة المريض لرفع درجة حرارة يده، تقوم الشاشة بعرض النتائج إما من خلال مقياس يظهر قراءة درجة حرارة الجسم، أو من خلال إصدار صوت أو جرس تنبيه تزداد حدته مع ارتفاع درجة الحرارة. ولا يتم إخبار المريض بطريقة رفع درجة حرارة يده، لكنه يستمع إلى توجيهات مثل: "تخيل أن يدك تبدو وكأنها شديدة الدفء وثقيلة الوزن".

وفي نمط آخر للارتجاع البيولوجي يسمى التدريب بتخطيط كهربية العضلات، يتعلم المريض كيفية التحكم في توتر عضلات الوجه، والعنق، والكتفين.

ويمكن أن يقترن أي من نوعي الارتجاع البيولوجي اللذين سبق ذكرهما، مع التدريب على الاسترخاء، والذي يتعلم المريض أثناءه كيف يسترخي عقله وجسده. يمكن ممارسة الارتجاع البيولوجي في المنزل، باستخدام شاشة نقالة، لكن الهدف الرئيسي يبقى "فطام" المريض عن الآلة، بحيث يمكنه استخدام تقنيات الارتجاع البيولوجي في أي مكان قد يوجد فيه، فور ظهور أولى العلامات المنذرة بقرب حدوث الصداع.

المعالجة الغذائية للشقيقة

يمكن أن يستفيد بقية مرضى الشقيقة، من خلال نظام غذائي يعمل على منع انخفاض سكر الدم، والذي قد يسبب توسع الأوعية الدموية في الرأس.

ويتمثل علاج الصداع الناتج عن انخفاض سكر الدم في قيام المريض بتناول عدد أكبر من الوجبات طوال اليوم، مع تقليل كمية الطعام التي يتناولها في كل منها. ويوصى في بعض الأحيان بتناول غذاء خاص مصمم لتثبيت جهاز تنظيم السكر بالجسم. وللسبب ذاته، يوصي كثير من الاختصاصيين بأن يتجنب مرضى الشقيقة النوم لفترات طويلة خلال عطلات نهاية الاسبوع، كما أن السهر لساعات متأخرة من الليل قد يغير من مستويات السكر الطبيعية بالدم، مما يؤدي للشعور بالصداع.

(ب) المعالجة الدوائية للشقيقة:

- الشراكة العلاجية بين الطبيب ومريضه:

هناك الكثير من الأدوية المستخدمة في علاج الشقيقة حاليا، لذلك فمن المهم إعداد برنامج علاجي لكل مريض يعتمد على ظروفه وأعراضه الخاصة. وهنا يجب التأكيد على أهمية بناء شراكة علاجية بين الطبيب ومريضه، بحيث تتاح للمريض فرصة المشاركة في تدبير مرضه. ونظرا لأن الصداع يمثل مشكلة مزمنة في كثير من الأحيان، يجب أن يكون نمط المعالجة معتمدا على توعية المرضى، وعلى المراقبة الذاتية للأعراض. ويجب أن تشتمل الخطة العلاجية لكل مريض على عدد من العوامل، نذكر منها:-

- التعرف على العوامل التي قد تحرض نوبة الشقيقة، ومن ثم السيطرة على تلك العوامل.

- وصف الأدوية التي تقي من نوبات الشقيقة وتعالجها.

- تشجيع انتهاج السلوكيات الصحية وتعديل أنماط الحياة.

الزيارة الأولى

عند توجهك لزيارة الطبيب لأول مرة، كن مستعدا! عليك تذكر ما تعلمته عن نمط الصداع الذي تستشعره، وتدوين كل شيء على مفكرة خاصة، كما يجب عليك التركيز بصورة خاصة على الأطعمة، أو تغيرات الجو، أو الإجهاد النفسي، وبالنسبة للسيدات التركيز على أي ارتباط بين نوبات الشقيقة والدورة الطمثية. تعرف على أعراض الصداع الذي تعانيه ودونها في مفكرتك، ويفضل أن تبعث بها إلى طبيبك قبل زيارتك. واكتب أيضا أسماء جميع الأدوية التي تستخدمها في علاج الصداع، وخصوصا تلك التي تصرف من دون وصفة طبية.

قد يحتاج التقييم الطبي الكامل للمريض إلى أكثر من زيارة واحدة. وبالإضافة إلى ذلك، فلا يمكن إغفال أهمية زيارات المتابعة التي تستهدف مراجعة استجابة المريض للأدوية التي يتناولها.

- المسكنات المستخدمة في تخفيف الألم أثناء نوبات الشقيقة:

الأدوية التي تصرف دون وصفة طبية، مثل الأسبرين، أو الباراسيتامول "البانادول"، إما بصورة منفردة أو مقترنة بتناول مضادات الهستامين، أو مضادات الاحتقان، أو الكافيين.

  • المسكنات التي تصرف بوصفة طبية، بما فيها الأدوية المخدرة، وغير المخدرة، أو هما معا. وكثيرا ما يقترن تناول هذه الأدوية بتناول المهدئات أو الأدوية المضادة للقلق.
  • مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، أي التي تستخدم لمعالجة كل من الالتهاب والألم. وهناك أدوية عديدة من هذه المجموعة توفر تسكينا فعالا للألم في حالات الشقيقة.
  • الأدوية النوعية المستخدمة في إيقاف نوبات الشقيقة:
  • قلوانيات الإرجوت، مثل الارجونامين والداي هيدروإرجوتامين.
  • ناهضات السيروتونين، مثل ناراتريبتان، وسوماتريبتان، وريزاتريبثان.

- الأدوية المستخدمة في الوقاية من نوبات الشقيقة:

  • مضادات الاكتئاب، مثل أميتريبتيلين، ونورتريبتيلين، ودوكسيبين. وتمثل هذه الأدوية مجموعة من الأدوية النفسية تسمى مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة.
  • محصرات البيتا (وهي أدوية تستخدم أيضا لعلاج ارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية)، مثل بروبرانولول "إندرال"، وميتوبرولول، وتيمولول، ونادولول.
  • محصرات قنوات الكالسيوم، مثل فيراباميل، ونيفيديبين.
  • مناهضات السيروتونين، وخصوصا مثل سيرجيد.
  • الأدوية المضادة للاختلاج، وخصوصا ديفالبرويكس الصوديوم.

- الأدوية المستخدمة في الوقاية من الشقيقة في الأطفال:

يمكن استخدام جميع الأدوية السابقة الذكر في الأطفال، مع الإضافات أو المحاذير التالية:

  • مضادات الهستامين، وخصوصا سيبروهيبتادين "بيرياكتين".
  • ديفالبرويكس الصوديوم، وهو دواء مضاد للاختلاج، لا يستخدم في الأطفال دون سن العاشرة، لكنه يستخدم في المراهقين.

 

إيهاب عبدالرحيم

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




ومضات الضوء قد تكون بداية للصداع النصفي





مليون يوم دراسي تضيع في أمريكا بسبب الصداع النصفي





القيء والألم البطني أحيانا يعبران عن آلام الشقيقة





الصغار عادة ما يشعرون بالصداع النصفي في الجبهة