جربة... جوهرة السياحة التونسية
جربة... جوهرة السياحة التونسية
تصوير: فهد الكوح جربة... جزيرة وادعة تقبع فى الجنوب التونسى، حيث مياه البحر التونسى، حيث مياه البحر تعانق شواطئها الرميلة، يتوافد عليها الآف السياح من أنحاء العالم ليقضوا فيها أوقاتا سعيدة بعيدا عن صخب المدن ومتاعبها. وصفها الأديب الفرنسى أندرية جيد بأنه جزيرة تغرد العصافير فى جنباتها وينسيك هواؤها المنعش الموت، وقال عنها الأديب التونسى محمد المرزوقى: إن الزائر لها يؤخذ بجمال مناظرها الطبيعية الساحرة، إنها جزيرة حالمة، انتشرت على رقعتها غابات النخيل والزيتون وبساتين الأشجار المحملة بمختلف الثمار حقا إنها جزيرة الأحلام والرمال الذهبية أو جزيرة " أوليس " كما تصفها كتب الأدب والتاريخ. تبلغ مساجة جزيرة جربة نحو 528 كليوا مترا مربعا، وتبعد عن مدينة تونس العاصمة بنحو 520 كيلو مترا، أما سكانها فقد تجاوزو المائة والعشرين ألف نسمة، وتعد بلدة " حومة السوق " عاصمة الجزيرة ومركزها الإدارى والتجارى، حيث تضم الميناء والأسواق التجارية، ومصانع السجاد والإدارات الحكومية، وتنقسم الجزيرة إداريا غلى ثلاث بلديات، " حومة السوق " و " ميدون " و " أجيم "، وترتبط الجزيرة بالأراضى التونسية بجسر حجرى قديم أقامه الرومان فى الماضى، ولا يزال يعمل حيث تم ترميمه وتوسعته وتعبيده، وتزويده بجميع الخدمات من شبكة للكهرباء، وأنابيب لنقل المياه العذبة وخدمات أخرى لربط الجزيرة بالشاطئ التونسى. والجزيرة ذات تاريخ حافل طويل يمتد إلى حقب متوالية وحضارات متباينة، فقد احتلها سكان جزر " بحر إيجة " ومكثوا فيها قرابة ألفى عام أدخلوا خلالها غراسة اشجار الزيتون وصناعة الفخار، وتلاهم الفينيقيون فى القرن الثانى عشر قبل الميلاد، ثم احتلها الرومان الذين امتد حكمهم إلى ستة قرون، أقاموا خلاله الجسر الرومانى الذى لا يزال موجودا حتى الان ويبلغ طوله نحو ستة كيلومترات ونصف الكيلومتر، ثم جاء دور البيزنطيين، إلا أنهم لم يستمروا طويلا لتدخل الجزيرة فى الإسلام عندما فتحها الصحابى رويف بن ثابت الأنصارى عام 64 هجرية الموافق عام 667م ثم جاءها اليهود هاربين من مذابح الأندلس، فوجدوا فيها مأوى لهم وشيدوا فيها قريتهم المعروفة باسم " الحارة الكبيرة "، وتعاقبت على جربة الأحداث، فقد احتلها الصقليون ثم حررها الموحدون، ثم عاد إليها الصقليون ثانية، وثار الجربيون وحرروا جزيرتهم ثم احتلها الصقليون مرة أخرى وأعملوا فى أهلها القتل بشراسة، فتلوا بحد السيف، كل ذكر يزيد عمره على 12 سنة، وأسروا النساء والفتيات، وهروب من الموت من هرب، ولم يلبث الأطفال الذين بقوا أحياء أن شبوا وكبروا وثاروا محررين جزيرتهم عام 1333م، إلا أن الهدوء لم يدم طويلا، فقد غزاها الإسبان فى أضخم حملة شهدتها المنطقة، وقاومهم الأهالى بشجاعة مذهلة بقيادة الشيخ سليمان بن يحيى السمونى، وفشل الإسبان فى حملتهم، وانتهت المعارك الضاربة بفشل الحملة ومقتل الكثير من جهودهم وكان من بينهم رئيسهم دومى ألبا، وقد سجل الجربيون صفحة ناصعة من صحف البطولة والفداء، وتمر الأيام وتصبح الجزيرة وكرا لقراصنة البحر المتوسط، إذ جاء إليها " باربروس ودارغوت " فجعلها قاعدته. ولكن عندما فرضت الحماية الفرنسية على تونس عام 1881 عاش اهل الجزيرة فترة من التناحر بين أهلها، وكان يغذيها المستعمر الفرنسى، مستغلا وجود المذاهب الدينية والطرق الصوفية العديدة، فأوقع أفراد كل طائفة منها مع أفراد الطائفة الأخرى، وشجع التقاليد البالية والخزعبلات، وعندما حصلت تونس على استقلالها عام 1956 دخلت الجزيرة عصرا جديدا من النباء والتعمير، وانطلقت مع بداية الستينيات بسرعة مذهلة نحو مسيرة التقدم والرقى. سياحة ومهرجانات وعلى مسافة خمسة كيلومترات من " حومة السوق " عاصمة الجزيرة ومركزها الرئيسى تقع المنطقة السياحية، فعلى امتداد نحو أكثر من خمسة عشر كليومترا يشاهد المرء المرافق والمنتجعات السياحية والتى يطلق عليها اسم " نزل "، فهناك أكثر من 92 فندقا متجاورا من مختلف الفئات بالإضافة إلى نادى الجولف والمنتجعات السياحية والكازينو السياحى، يقول الأستاذ البشير أبوناب المندوب الإقليمى أو الجهوى لمنطقة جربة السياحية: إن الجزيرة تعد قطبا سياحيا له منزلته السياحية، وهى من أبرز مناطقنا السياحية، ولها صورة مميزة ترتكز على مجموعة من العناصر الأساسية للسياحة، منها التاريخ العريق لهذه الجزيرة، فهى مرتبطة بأسطورة الأوديسة والإلياذة، كما أنها تحوى العديد من المعالم التاريخية الأثرية التى لها اتصال بالحضارات التى سادت حوض البحر المتوسط، كما أن للجزيرة شواطئ رملية قل نظيرها بالإضافة إلى طبيعتها الخاصة المميزة وما تحويه من أشجار النخيل الباسقة وأشجار الزيتون وغيرها من النباتات الطبيعية، كما تمتاز الجزيرة بمناخها المعتدل. وتمتاز الجزيرة أيضا بالعديد من النشاطات السياحية منها المهرجانات العديدة التى تقام بين الحين والآخر مثل مهرجان " أوليس " ومهرجان مسابقات السفن الشراعية بالإضافة إلى هواية التزحلق على الماء، وفى كل عام تقام جملة من هذه المهرجانات ويشارك فيها العديد من المتسابقين من مختلف الجنسيات، كما يقام المهرجان الدولى للفيلم الأسطورى والتاريخى والذى يعقد كل سنتين ويشارك فيه بعض السينمائيين العرب والأجانب، وهى تظاهرة مهمة تتناول الأفلام الأسطورية والتاريخية، كما تعطى جوائز وشهادات تقدير لأبطال هذه المسلسلات السينمائية، وهى تظاهر ثقافية تحرص المندوبية السياحية فى " جربة " على الاهتمام بها لما لها من مردود مهم فى النشاط السياحى، كما تعقد مهرجانات أخرى مثل مهرجان الفخار فى منطقة " قلالة " التى تعد واحدة من أهم القرى التى تقوم بتصنيع الفخار بمختلف أحجامه وألوانه، وقد فمنا بزيارة هذه البلدة واطلعنا على التحف الفنية الرائعة التى يقوم بصنعها العامل الجربى باستخدام الأدوات البدائية مثل العجلة التى تدار بالأرجل والفرن البلدى ثم تلك النقوش والزخارف الجميلة التى تزين هذه المجمعة من المزهريات والأوانى الفخارية بمختلف ألوانها وأحجامها وبعض النجف والثريات وبعض الأوانى الفخارية الأخرى التى تستخدم كديكور توضع فى زوايا الغرف والمكاتب، كما أن هناك مهرجانا آخر يطلق عليه مهرجان العوص فى منطقة " أجيم " للتصوير فى أعماق البحر، وهى فعالية رياضية وثقافية ترتبط بالسياحة بصورة من الصور، كما أن هناك العديد من المهرجانات الأخرى المتنوعة تقوم بها هياكل مختصة مثل وزارتى الثقافة والسياحة وغيرهما، وكلها أطراف فاعلة فى التظاهرات الثقافية، وهناك التقاليد والعادات وهى الأخرى مهمة بالإضافة إلى العديد من العناصر التى يستفاد منها سياحيا لتعريف السائح العربى والأجنبى بالعادات والتقاليد التونسية عامة والجربية بصفة خاصة وتسهم الصناعات التقليدية فى تنمية السياحة وتطورها مثل صناعة الزرابى أو السجاد والفخار والسيراميك والصناعات الجلدية وصياغة الفضة والذهب، فـ " جربة " مشهورة بهذه الصناعات، وهناك العديد من الحلى والمصاغات التى تخرج من أيدى أمهر الصياغ الجربيين، وكل هذه الصناعات ت عد عناصر قوة ونماء للمنتوج السياحى التونسى. احصاءات وأرقام وتستقبل جزيرة " جربة " كل عام نحو مليون سائح، يأتى فى مقدمتهم الألمان والفرنسيون والإيطاليون والإسبان ثم بقية السياح الأوربيين، أما السياح العرب فقد بدأوا يأتون إلى جزيرة " جربة " وأعدادهم فى ازدياد ملحوظ من سنة إلى أخرى، ثم يضع الأستاذ البشير أو ناب المندوب الجهوى بجزيرة جربة أمامنا إحصائية بأعداد السياح الذين يقصدونه جربة، حيث كان العدد عام 1986 نحو 16050 سائحا، ارتفع حتى سبتمبر من عام 1998 غلى 734936 سائحا، أما عدد مواطن الشغل غير المباشر فيبلغ نحو 45 ألف عامل بين طباخين وعمال نظافة وبقية الخدمات، أما عدد مواطن الشغل غير المباشر فيبلغ نحو 45 ألف عامل، والمعروف أن جزيرة جربة تمثل نحو 20 % من طاقة الإيواء فى الجمهورية التونسية. وتشير إحصاءات أخرى إلى أن دخل تونس من السياحة بلغ سنة 1995 نحو 1323 مليون دولار، أما فى سنة 1997 فقد بلغ الدخل نحو 1565 مليون دولار بزيادة بلغت نحو 10 % والحق مداخيل مهمة تمثل أحد أهم روافد الاقتصاد التونسى. وسألنا الأستاذ البشير أبونا عن الشركات والمؤسسات التى تساهم وتدير هذه الفنادق أو النزل والمؤسسات التى تساهم وتدير هذه الفنادق أو النزل والمنتجعات السياحية فقال ك لقد بدأت الدولة فى التجربة بداية، فقامت بإنجاز وحدات فندقية فى مختلف المناطق السياحية فى بلادنا لتشجيع المستثمرين والإقبال على هذا النوع من الاستثمار والنشاط السياحى وكان ذلك مع بداية الستينيات من هذا القرن حيث بدات الدولة بأربعة فنادق، والآن لدينا أكثر من 180 ألف سرير فى الجمهورية التونسية، وبعد هذه التجربة فتح الباب أمام المستثمرين لبناء الفنادق بتشجيع من الدولة، وتمكن بذلك من تعزيز طاقة الإيواء من ناحية، ومراكز النشاط السياحى من ناحية أخرى، ومنذ عام 1987 بدئ التفكير فى المزيد من التشجيع والاستثمار بصفة عامة والاستثمار السياحى بصفة خاصة فى إطار تشجيع الاستثمارات، وإعطاء دفعة كبيرة للاستثمار السياحى، وبذلك تمكنا من استقبال المستثمرين فى هذا النوع، هناك مستثمرون تونسيون وأخوة عرب، وأود أن أذكر هنا أن الأخوة الكويتيين كانوا من أوائل العرب الذين ساهموا فى هذا النوع من الاستثمار السياحى، فهناك سلسلة فنادق ومنتجات سياحية تغطى أنحاء تونس يطلق عليها سلسلة فنادق " أبونواس " وهى خير دليل على مشاركة الكويتيين لإخوانهم التونسيين فى مجال الاستثمار السياحى، كما أقدم على هذا النوع من الاستثمار وكالات الأسفار الأجنبية وشركات فرنسية وإيطاليا وألمانية، كما أن هناك استثمارات سعودية- تونسية مشتركة، وشركات عربية أخرى تستثمر فى مجال السياحة فى جميع أنحاء الجمهورية التونسية. رهان ناجح فالسياحة فى تونس تعد اختيار استراتيجياً ورهاناً اقتصادياً أقدمت عليه تونس منذ سنوات الاستقلال، وكان الرهان ناجحاً، إذا أصبح القطاع السياحى يساهم بنحو 5.5 % من الناتج المحلى الإجمالى، كما يوفر حاليا عدداً لا يستهان به من مواطن الشغل المباشر وغير المباشر، لذلك حرصت الحكومة التونسية على وضع سياسة سليمة لتنويع المنتوج السياحى وإثرائه، وذلك بإنشاء محطات سياحية مدمجة فى كل من طبرق والحمامات وجربة، بالإضافة إلى إقامة أنشطة مكملة، مثل رياضة الجولف، وسياحة الموانئ الترفيهية والعلاج بمياه البحر، إلى جانب تطوير السياحة الصحراوية والتى تعد فرعا جديدا من النشاط السياحى، وكذلك الاهتمام بفتح المدارس الفندقية السياحية، حيث افتتحت خلال السنوات العشر الماضية ثمانى مدارس فندقية يبلغ عدد طلبتها نحو 1840 طالبا، كما اتجهت عناية المستثمرين فى السنوات الأخيرة فى استثمار المياه المعدنية والطين كعلاح لبعض الأمراض مثل الروماتيزم والروماتويد، وعملا بمبدأ تنويع المنتوج السياحى، فقد استحدثت ثلاثة مراكز للعلاج بمياه البحر والمياه المعدنية، كما حظى قطاع الصناعات التقليدية بنفس العناية، فاتخذت قرارات حازمة بشأنه، تخص إعادة هيكلته وإدماجه بالدورة الاقتصادية، وتخليصه من المفهوم المتحفى، ليصبح قطاعاً منتجاً، فقد أعيدت هيكلة الديوان القومى للصناعات التقليدية ليتفرغ أكثر للنهوض بهذا القطاع، كما أنشئت جماعة للصناعات التقليدية لتقوم بربط الحرفيين والجهات الإدارية ذات الصلة بمنتجهم، وتساعد على تأطير وحل مشاكلهم المهنيةة. أما على مستوى التدريب، فقد فتحت مراكز نموذجية فى مختلف أنحاء البلاد تطبق فيها برامج تدريب أعدت وفق أساليب تربوية حديثة، كما فتح مركزان للإعداد وتدريب كوادر الصناعات التقليدية، أحدهما متخصص فى الفضيات والثانى فى الزرابى والنسيج. وحظى قطاع الصناعات التقليدية باهتمام المسئولين فى تونس، فقد خصصت جائزة سنوية تعط لأفضل الحرفيين، واعتبر يوم 16 مارس من كل عام يوما وطنيا للاحتفال باللباس التقليدى فى محاولة لتجذير مقومات الأصالة التونسية، والحث على استهلاك منتجات الصناعات التقليدية الوطنية، وانصب هذا التشجيع كذلك بتوفير القروض للحرفيين عن طريق الصندوق الوطنى للنهوض بالصناعات التقليدية، وإعطاء مجموعة من الامتيازات لهؤلاء الحرفيين وإعفائهم من بعض الرسوم والمكوس المفروضة، بالإضافة غلى تكثيف المشاركة بالمعارض التى تقام فى الخارج للتعريف بالمنتوج التقليدى، وإعداد الإفلام والنشرات التوثيقية حول الصناعات التقليدية. نوادى الجولف ومن المنتوجات السياحية التى تحرص وزارة السياحة والصناعات التقليدية فى تونس على تنميتها، رياضة الجولف، حيث أقامت ناديا كبيرا لهذه اللعبة فى الجزيرة بمساحة تبلغ 92 هكتار وبنحو 27 حفرة، تستوعب كل المتبارين، ونظرا لما تتمتع به جربة من طقس معتدل طوال العام، فإن الأوربيين الذين يزاولون هذه اللعبة وبخاصة الألمان والإيطاليون والإسبان يأتون إلى " جربة " فى الشتاء حيث يبدأ موسم لعبة الجولف فى شهر أكتوبر وينتهى فى شهر مايو، وفى هذه الفترة يحوى ملعب الجولف من 150 غلى 250 لاعبا فى اليوم، أما فى موسم الصيف فيقل الرواد حيث يترواح عددهم ما بين 30 إلى 50 لاعبا. يقول الأستاذ محمد مجذوب المدير العام لملعب الجولف: إن هدفنا من بناء تلك النوادى فى " جربة " هو إيجاد مرفق سياحى لاستمرار السياحة فى جربة طوال العام، بحيث نجذب أكبر عدد من هواة هذه اللعبة، وخاصة الأوربيين، حيث باستطاعتنا تعويضهم عن مناخهم البارد وأن نوجد لهم المكان المناسب لمزوالة هذه اللعبة، نظرا للطقس الدافئ المشمس على مدار السنة الذى تتمتع به جربة والذى كان حافزا لإدخال لعبة الجولف إلى الجزيرة، وإيجاد أنشطة سياحية خاصة فى فصول الشتاء والربيع والخريف ويضيف الأستاذ المجذوب قائلا: إن هدفنا أن يكون فى جربة على مدر السنة أعداد من السياح، فالسائح الذى يحب لعبة الجولف يجد بغيته، والسائح الذى يهوى الكازينو يلبى طلبه، أما السائح الذى يحب الماء والبحر فهى أمامه متوافرة، أى بمعنى تنويع المنتوج السياحى، أما بالنسبة لملعب الجولف فإننا ننوى بعد نجاح تجربتنا لنادى الجولف الذى افتتحناه فى عام 1995 ولاقى نجاحاً منتقطع النظير أن نقوم بافتتاح ملعبين آخرين فى السنوات القادمة، ذلك لأن جربة تتمتع بمناخ طيب معتدل طوال العام، فلدينا أكثر من 330 يوما مشمسا فى السنة، ومن هنا يلقى السائح المرافق الضرورية لمزاولة الأنشطة المحببة له، كما أن هذا السائح يخلق عند وجوده بيننا حركة دائمة وازدهارا فى الصناعات التقليدية والمطاعم والسيارات وكل ما يتصل بالحياة. سياحة الموانئ وضمن البرنامج الذى أعدته وزارة السياحة والصناعات التقليدية لتنويع المنتوج السياحى وإثرائه فى جزيرة جربه، هو ما سمى بسياحة الموانئ والجزر الترفيهية، حيث تقوم مجموعة من الشركات الأهلية الخاصة التى تمتلك سفنا ومراكب سياحية بالتعاون مع وكالات الأسفار الأجنبية والتونسية، برجلات يومية إلى جزيرة " رأس الرمل " أو جزيرة " الفلامنجو " حيث تقوم هذه الشركات بنقل الأفواج السياحية فى رحلات ترفيهية تبدأ من الساعة التاسعة صباحا حتى غروب الشمس، وقد شاركنا هذه الأفواج برحلة حيث تخرج نحو أربعين سفن تحمل كل سفينة نحو مائة وخمسين سائحا بتوقيت منتظم من ميناء حومة السوق إلى جزيرة رأس الرمل والتى تبعد نحو 15 كيلومترا عن جزيرة " جربة " حيث يقوم السياح بمساعدة طاقم السفينة برمى شباكهم لاصطياد السمك أو تقوم مجموعة أخرى من السياح بالسباحة فى المياه العميقة وبعض هذه السفن يتوافر فيها المجحال لرؤية قاع البحر والشعب المرجانية والإسفنج، كما يستمتع السائح بمشاهدة الدلافين وهى تخرج من المياه وتداعب السياح فيقومون بتصويرها حيث إن خليج قابس الذى تقع فيه هذه الجزيرة غنى بالأسماك والدلافين، ثم تتجه السفينة إلى جزيرة " رأس الرمل " ويقضى السائح بها وقتا ممتعاً مع رقصات الفرقة الشعبية التى تصاحب السياح إلى الجزيرة ويشارك السياح فى هذه الرقصات، ويشاهدون طائر الفلامنجو ذا اللون الأحمر الجميل وطيور النورس بأصواتها العذبة، ثم يتناول السياح وجبة غداء غنية تتكون من السمك المشوى وأكلة " الكسكسى " المشهورة مع السلطة والفواكة فى عشة مصنوعة من سعف النخيل وجذوع الشجر. وقبل غروب الشمس بساعة تتهيأ المجموعة لرحلة العودة بمصاحبة الموسيقى الشعبية والرقصات والغناء، ثم يقوم البحارة بجمع شباك الصيد من البحر حيث الصيد الوفير، ثم استراحة للغوص على الصدف، ويعطى كل سائح صدفة تذكارا وتكون رحلة العودة بالموسيقى والرقص والأغانى البحرية المشهورة. آثار وقلاع ولجزيرة " جربة " تاريخ حافل يرجع إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، فقد كانت جربة فى الماضى مطعماً للعديد من الشعوب القديمة، لذلك توالت عليها حضارات تركت آثارا بقيت حتى عصرنا الحاضر ماثلة للعيان، منها الجسر الرومانى الحجرى القديم الذى يربط الجزيرة بالأرض الأم وبطول نحو 7 كليومترات ولا يزال هذا الجسر يستخدم كأحد المعابر الرئيسية إلى الجزيرة، كما يحمل أنبوب مياه وشكبة كهرباء يزود الجزيرة بالمياه العذبة والكهرباء، كما تضم الجزيرة مجموعة من المساجد القديمة ذات الطابع الحجرى، كان يتخذها بعض الأولياء والصالحين وأصحاب الطرق مقرا للعبادة وتجمع مريديهم، مثل جامع " سيدى فضلون "، وهو جامع تركى يرجع إلى عام 1720م وكان فضلون هذا من الأولياء الصالحين عاش فى هذا المسجد ويقوم الأهالى بزيارته والتبرك بالصلاة فى مسجده، بالإضافة إلى مجموعة من الزوايا والتكايا مثل زواية سيد الزيتونى حيث يستخدم هذا الأثر التاريخى الآن كمتحف وطنى بجزيرة جربه الآن كمتحف وطنى بجزيرة جربة يطلق عليه متحف العادات والتقاليد. ومن أشهر العاديات التى تشتهر بها جربة مجموعة من الأبراج الدفاعية التى بنيت فى فترات متباعدة، منها برج الخليج وبرج المرسى وبرج أجيم العقرب وبرج التربلة وبرج قلالة وبرج القنطرة وبرج القشيل وبرج أغير. أما أشتهر هذه الأبراج فهو برج الغازى مصطفى أو البرج الكبير وهو من أبرز المعالم التايخية بجزيرة جربة، وأحد أهم المحاور التى أجريت عيلة عدة ترميمات، ويعود البرج إلى القرن الخامس عشر الميلادى حيث شيد بأمر من السلطان الحفصى أبى فارس عبد العزيز الذى جاء جزيرة " جربة " سنة 1432 لرد الحملة الإسبانية الذى كان يقودها الملك الأرغونى الفرنسى الخامس نفسه، والبرج على شكل مستطيل تبلغ أبعاده 68 مترا و 53 مترا، وقد بنيت جدرانه من كتل حجرية مصقولة، ويشتمل المبنى على أبراج مربعة، والدخول إلى البرج كان يتم فى الماضى عبر جسر متحرك يرفع فوق خندق يحيط بالبرج. وقد قمنا بجولة فى هذا البرج حيث تضم أقسامه الداخلية مرافق متعددة من بيوت وساحات ودوراً علوياً ومدراج، وقد أضاف القائد الغازى مصطفى للبرج مرافق أخرى تتمثل فى غرف واصطبلات ومسجد، وتحتوى المساحة المقابلة للبرج على فسقيات ضخمة. يقول المشرف على البرج: إن أهالى جربة قديما كانوا يشربون من هذه الفسيقات المياه المعدنية، ويضيف المشرف قائلا: لقد بدأت أعمال ترميم هذا المعلم الأثرى المهم عام 1968 بالتعاون مع مجموعة من أبناء الجزيرة، فى محاولة منهم لصيانة الهندسة المعمارية التقليدية بجزيرة الفسيقات والنهوض بالجزيرة نهضة متكاملة، وذلك لدفع الحركة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى حماية المميزات العمرانية والهندسية التقليدية للحفاظ على طابع الجزيرة الطريف والأصيل والمعرض للاندثار. ويضيف المسئول قائلا: إن فى الغرف الرحبة الواسعة التى يشملها البرج ما يشجع على إقامة الكثير من الأنشطة الثقافية والاجتماعية واللقاءات والمعارض، وهو ما تسعى إليه بصفة خاصة جمعية صيانة جزيرة ط جزبة " والأوساط المسئولة، كما أننا نأمل أن تقوم الجمعية بإنشاء مركز للبحوث التاريخية بهدف توسيع المعرفة التاريخية المحلية للجزيرة وارتباطها بتونس الأم. وتعيش فى جزيرة جربة جالية يهودية تعد من أقدام الجاليات اليهودية فى العالم، تمارس هذه الجالية طقوسها وشعائرها، وتتمتع بكل الحقوق التى يتمتع بها المواطنون التونسيون، سواء ما يتعلق منها بالحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو فيما يتعلق بممارسة الشعائر الدينية، ونظرا لخصوصية المجتمع التونسى الذى تميزت أحقابه التاريخية بالاعتدال والتسامح لم يتعرض يهود تونس بعامة إلى أى شكل من أشكال التميز أو الآنطواء، بل عاشوا ويعيشون باعتبارهم مواطنين تونسيين متساوين فى حقوقهم وواجباتهم مع بقية أفراد المجتمع التونسى المسلم. يقول الأستاذ ملتون الملينى : تعيش الأقلية اليهودية فى عدة جهات من العاصمة التونسية وجزيرة جربة حيث يوجد بها معبدكبير يعتبر من أهم المعابد، يطلق عليه معبد الغربية، كما توجد هناك معابد أخرى فى بعض جهات البلاد يمارس فيها اليهود صلواتهم بكل حرية، والمعروف أن لليهود فىتونس حاخاما يتولى شئونهم الدينية يعرف فى اللهجة الدارجة بـ" ريبى " وهى كلمة تعنى المربى أو المعلم، ويعرف عن يهود تونس اندماجهم فى مختلف أوجه الحياة اليومية، لما يتوفر عليه المجتمع التونسى من تسامح دينى وحضارى، وقد اشتهر يهود تونس بامتهانهم للتجارة وصياغة الذهب بالإضافة إلى مهن أخرى كالطب والأعمال الحرة. وتعد جزيرة جربة والتى يعيش بها حوالى ألف يهودى تونسى مركز هذه الأقلية حيث يوجد فيها كنيس يهودى قديم يسمى " الغربية " يقام فيه احتفال دينى فى شهر مايو من كل عام، والغربية معلم يهودى قديم يرجع تأسيسة إلى عام 586م أى منذ خراب الهيكل الأول لسيمان تحت سلطة بنوخذ نصر ملك بابل، يقول الأستاذ رمضان الراحلى عضو مجلس النواب التونسى: الغريبة معلم قديم جدا يتبارك اليهود به ويزورونه ويحجون إليهمرة فى السنة، يأتى اليهود من جميع أقطار العالم، حيث تقام حفلات كبيرة وشعائر دينية، وقد بلغ عددهم فى العام الماضى نحو خمسة آلاف شخص. ويعد هذا المعلم مركزا روحانيا لقراءة التوارة والعبادة، كما يحوى مجمع الحاخاميين والشيوخ الذين يقرأون الكتاب المقدس، ويتبع المعبد مبنى يسمى الوكالة يتكون من نحو 200 حجرة تؤجر وقت الزيارة، ويشهد المعبد فى شهر مايو من كل عالم حفلات حيث يتلاقى اليهود من جميع أنحاء العالم إيمانا منهم بقداسة هذاالمزار، ويواصل رمضان الرحلى قائلا: وعلى الرغم من أن احتفلات الغريبة ذات طابع دينى فإنه يمثل لليهود والتونسيين مناسبة يعبرون من خلالها عن تمسكهم بالعادات والتقاليد التونسية، كما يعبرون عن انتمائهم لوطنهم تونس فيرتدون الملابس التونسية التقليدية ويقيمون احتفالات على أنغام وإيقاعات موسيقية تونسية، وتعد الغريبة سواء من خلال معبدها وحرية ممارسة الطقوس الدينية رمزا للتسامح الدينيى الذى يعرف به الإسلام، كما يجسد حرية ممارسة المعتقد فى المجتمع التونسى، كى تمثل حرية ممارسة المعتقد فى المجتمع التونسى، كى تمثل جربة بتاريخها وتراثها صورة حية لتلاقى الحضارات من خلال استقبالها لآلاف السياح القادمين من مختلف أنحاء العالم على اختلاف أجناسهم وثقافاتهم وأديانهم.
|
|