تورنتو...لؤلؤة شمال أمريكا تتدفأ بالجليد

تورنتو...لؤلؤة شمال أمريكا تتدفأ بالجليد

تصوير: يمنى رباح

في هذه المدينة تتعايش كل الأشياء.. تراث مفعم بالقدم وعصر قادم يفرض لغته، وخليط من البشر والثقافات والاحلام.. إنها مدينة تجمع العالم بكل ما فيه فيمتزج الجميع عازفين سيمفونية ما بعد القرن الحادي والعشرين.

على شاطئ إحدى أكبر البحيرات في العالم ـ بحيرة اونتاريو ـ تتربع مدينة تورنتو، أكبر المدن الكندية على الاطلاق، مدينة حديثة لا يزيد عمرها على مئتي عام، بنيانها، أسواقها، شوارعها، تبدو للناظر جديدة كأنها بنيت بالأمس، وأحياؤها القديمة مازالت صامدة تتحدى الجليد والأعاصير، وتعانق أمواج الزمن.

في هذه المدينة الواسعة الاطراف كانت لنا هذه الرحلة التي تعرفنا من خلالها على المعالم الحضارية البارزة فيها، واطلعنا على جوانب مهمة من حياة ابناء الجالية العربية المقيمة على هذه البقعة من العالم منذ أكثر من خمسين سنة.

مدينة جميلة، وجمالها نابع من تناقض الفصول، تأسرك الرهبة وأنت تنظر إلى بنايات الشاطئ التي تتسابق ارتفاعاً وتتغالب شموخاً وهي تحاول اللحاق بالبرج الكبير. كلها مازالت عارية بلونها الطبيعي، لانه بداية الصيف في تورنتو هذه الأيام والشمس تسطع كل صباح فتضفي على المدينة رونقاً يبعث الدفء والدهشة في نفوس الناس وتمنحهم الكثير من الفرح والتفاؤل المدينة ممتدة على مساحة واسعة من الأرض يبلغ طولها حوالي مائة وستين كيلومترا وعرضها حوالي سبعين كيلومتراً بما فيها الضواحي التي تعتبر امتداداً طبيعياً للمدينة.

هذه الضواحي هي اليوم المخزن السكاني الكبير لتورنتو، المدينة التي كانت عند تأسيسها عبارة عن تجمع سكني صغير على ضفة البحيرة للحاكم الأول ـ جان سيمكو ـ الذي أوفدته الحكومة البريطانية آنذاك لادارة شؤون البلاد ـ جاء سيمكو مع مائة رجل من حرس الملكة يستطلعون المناطق المناسبة لبناء مساكنهم وسط الغابات والأحراش الكثيفة، فوقع اختيارهم على هذه البقعة الاستراتيجية وبدأوا البناء. ثم أطلق عليها "سيمكو" اسم قرية "يورك" تيمنا بـ "دوق يورك" الابن الثاني للملك البريطاني جورج الثالث الذي كان حاكماً في ذلك الوقت. وقد حاول "سيمكو" منذ البداية أن يربط قريته الجديدة بما حولها، فشق فيها طريقين: الأول "شارع يونغ" يصلها بالشمال حتى بحيرة سيمكو الشهيرة، ويصلها الثاني "دندس" بمدينة "لندن ـ اونتاريو" القريبة من الحدود الأمريكية في الجنوب الغربي من مركزه. ثم بدأت القرية تنمو شرقاً وغرباً وشمالاً لتشمل مناطق إضافية محدودة. وأصبح شارع "يونغ" المعبر الرئيسي لسكانها لكنه كان موحلاً وصعب السلوك خاصة في فصلي الربيع والخريف، وكان السير فيه شبه مستحيل في فصل الشتاء نظراً لوعورته وكثرة برك المياه الصغيرة فيه حتى سميت قرية بورك بـ "قرية الوحل نسبة إلى شارعها الرئيسي. ويحكي أحد السكان في ذلك الوقت، قصصاً طريفة عن حال الشارع والقرية والسكان وما كانوا يعانونه من مشقة هائلة في عبور الشارع، منها أن عابراً كان يسير على الشارع فلمح قبعة جديدة ترقد على الوحل فاقترب منها مستطلعا، وقد أوجس منها خيفة في بادئ الأمر لكنه تجرأ ورفعها فاذا به يجد تحتها رأس رجل بدأ يستغيث ويطلب النجدة عندما رآه. سأله العابر عن أمره فقال: غرقت في الوحل مع حصاني وهو الآن تحتي يكاد يهلك.

وفي مارس من عام 1834 وافقت الحكومة المحلية على الاعتراف بقرية "يورك" وجعلها مدينة سميت فيما بعد "تورنتو" بناء على رغبة سكانها. ثم سمحت الحكومة للسكان بإجراء أول انتخابات بلدية في السنة نفسها حيث كان يسمح للرجال فقط بالانتخاب والترشيح، ولم يسمح للمرأة بذلك إلا في سنة 1917 وما بعدها. فاز بالانتخابات الأولى الانجليزي المعروف "وليم ماكنزي".

وماكنزي هذا هو جد رئيس وزراء كندا الأسبق "وليم ماكنزي كنغ" الذي أخذ شهرة واسعة في ذلك الوقت.

وكان ماكنزي أول من ثار في وجه الحكومة المحلية وهاجمها في جريدته المسماة "محامي الاستعمار" بسبب الفساد وسوء الإدارة مما دفع بعض الشبان من مناصري الحكومة إلى مهاجمة مقر الجريدة وتدميره. وفي ديسمبر من عام 1837 هاجم ماكنزي مع مجموعة من أنصاره تقدر بـ 800 رجل مسلحين ببنادق ورماح وعصي مقر الحكومة واحتلوه بعد أن أحرقوا الجسر الرئيسي الذي يربط جزءي المدينة. نفي بعد ذلك إلى ولاية نيويورك في الولايات المتحدة، ثم عاد إلى بلاده بعد العفو العام سنة ،1849 فاجتمع مناصروه وقرروا شراء منزل له يسكنه في شيخوخته، وقد سمي "بيت ماكنزي" ولم يزل قائما حتى يومنا هذا ويحتوي على بعض الممتلكات الشخصية مثل: مرآة زوجته الأثرية، وإبريق والدته النحاسي العتيق، ومكتبه وكرسيه عندما كان عضواً في البرلمان.

استقرت الأمور في المدينة بعد ذلك. وبدأت عربات النقل تجوب الشوارع حرة كل 40 دقيقة، ثم بدأت تورنتو تأخذ شكل المدينة الحديثة باضافة مناطق جديدة ومبنية بطريقة أحدث وبينها شوارع معبدة جوانبها مرصوفة بالحجارة الملونة. وظل فن المعمار يتطور ويتقدم حتى وصلت تورنتو إلى ما هي عليه الآن.

رهبة الحضارة

برج تورنتو العالي أو كما يسمونه هنا ـ سي إن تاور ـ كان أول علامة بارزة لفتت انتباهنا. يقع البرج على بعد أمتار قليلة من شاطئ البحيرة وهو شاهق يقف بعناد ضد الرياح الهوجاء وقسوة الطقس.

يبدو من الخارج كعامود منتصب في الفضاء وعندما تدخل إليه تشعر بعظمة البناء ورهبة الحضارة.

بدأ العمل ببناء البرج في السادس من فبراير 1973 واستغرق بقاؤه حوالي أربعين شهراً وعمل فيه 1537 شخصاً معظمهم من المهندسين المختصين في مثل هذا النوع من البناء يبلغ ارتفاعه 553،33 مترا أو ما يعادل 1815 قدماً بذلك فانه يعتبر أطول برج في العالم، وهو منقسم إلى ثلاثة مستويات: مستوى السطح الزجاجي على ارتفاع 342 متراً، ومستوى المنظر العام على ارتفاع 346 متراً، ومستوى العامود الفضائي على ارتفاع 447 متراً.

بلغت تكلفة البناء في حينه 63 مليون دولار. وقد قدر المهندسون وزن الخرسانة بـ 130000 طن من الأسمنت المسلح. وتم افتتاح البرج في 26 يونيو 1976 ليرتاده في العام الواحد حوالي مليوني سائح من جميع أنحاء العالم، ويعمل فيه حاليا حوالي 400 موظف في الأوقات العادية، أما في مواسم السياحة فيصل عدد العاملين إلى 550 عاملاً وعاملة من مختلف الأجناس والاختصاصات.

دخلنا البرج لمقابلة أحد المسؤولين عن ادارته فزودنا بالكثير من الوثائق والمعلومات ثم رافقنا إلى المصعد السريع وقبل أن ندخله سألنا إذا كنا نخاف من الارتفاع وسرعة الصعود. فالدور الأول يرتفع 346 متراً ويستغرق الوصول إليه 58 ثانية فقط. ترددنا خوفاً لكنه شجعنا ضاحكاً وقال: حوالي مليوني شخص يصعدون في هذا المصعد سنوياً وحتى الآن لم يحصل أي حادث. وصلنا إلى الطابق الزجاجي الذي ترى من خلاله قاع البرج، ومرة ثانية ترددنا في المشي على الزجاج خوفا رغم أننا رأينا معظم الزوار يمشون عليه ذهاباً وإيابا، ولم يفد التشجيع هذه المرة وابتعدنا إلى الجانب الآخر حيث استعملنا درجات السلم للصعود إلى طابق المنظر العام وهنا كانت المفاجأة، ظننا ونحن في الأسفل أنه مكان ضيق لا يتسع لأكثر من عشرين شخصاً، لكنه في الواقع صالة مستديرة واسعة جدا يدور فيها الزائرون لمشاهدة جميع أنحاء المدنية من فوق وفيها مطاعم ومجلات تجارية لبيع القطع التذكارية، مقاعد للاستراحة ودورات مياه وصالات لفرض الأفلام، وأجهزة كمبيوتر، ومناظير لرؤية الأماكن البعيدة، ثم صعدنا بضع درجات أخرى فاذا بنا في المطعم الدوار الذي يتسع لـ 400 شخص جالسين ويدور حول نفسه مرة كل 72 دقيقة فيشاهد الجالس للطعام مدينة تورنتو حتى أبعد حدودها المنظورة. وقفنا مع المسئول ننظر بدهشة فسألته: من أين أتت فكرة هذا البرج ولماذا كل هذا العلو؟ فقال: في بداية الستينيات ومع نمو حركة الاتصالات اللاسلكية والهاتف الجوال والراديو والتلفزيون، بدأت مدينة تورنتو تعاني من مشكلة انقطاع البث الاذاعي والتلفزيوني بسبب وجود البنايات العالية، فنشأت من هنا فكرة الارتفاع فوق كل البنايات الأخرى لنتمكن من ايصال البث الصافي لكل المواطنين دون استثناء.

فكان البرج كما تراه وعلى رأسه ركبت اجهزة الاستقبال والارسال لجميع شركات الاتصالات في البلاد. وقد استعمل المبنى كذلك للسياحة لأنه بناء فريد من نوعه في العالم وبامكان المدينة أن تجمع من ذلك أموالاً طائلة. ثم دعانا بعد ذلك لمرحلة ثانية من الصعود فرفضت جازما خوفاً من أن ينقلب بنا البرج فنكون من الخاسرين.

ويعتبر البرج الكبير الآن مفخرة تورنتو وكندا عامة وهو من أبرز العلامات التي تميز المدينة الآن، إذ لا يذكر اسم تورنتو أو كندا في أي مكان الا ويذكر معهما اسم البرج، حتى أصبح من وسائل الدعاية المهمة التي يستعملها الكنديون لترويج السياحة في البلاد. ويبدو أن هذه السياسة قد آتت ثمارها فجعلت زوار البلاد يقصدون البرج للفرجة والاطلاع على عظمة البناء. وما يذكره الذين عايشوا زمن بناء البرج انه كان نتيجة الطفرة المالية والانتعاش الاقتصادي الهائل الذي شهدته البلاد في أوائل الستينيات مما جعل المسؤولين يفكرون في إبراز قوة الاقتصاد الكندي وتقدم الصناعة العمرانية في البلاد وأرادوا أن يأتوا بعمل يجمع بين القوة والعظمة والفخامة ويفوق في الوقت نفسه كل شيء من جنسه في العالم كله. وقد تمت المرحلة النهائية من بناء البرج بواسطة طائرة الهليوكوبتر الروسية العملاقة "أولفا" سيكورسكي التي حلقت في سماء تورنتو وهي تحمل هوائي البرج المكون من 44 قطعة، وظلت المروحية محلقة حتى وضعت جميع القطع في مكانها الصحيح، وكان ذلك في أبريل ،1975 عندها أصبح برج تورنتو عضواً في عائلة الأبراج العالية في العالم حتى صنف في عام 1996 كأطول بناء عامودي في العالم في كتاب "جينيس" للارقام القياسية العالمية، وكان قبلها بعام واحد أي سنة 1995 قد صنف كواحد من العجائب السبع في العالم الحديث وذلك بواسطة جمعية المهندسين المدنيين في الولايات المتحدة الأمريكية. والمعروف أن العجائب الست الأخرى التي تشارك البرج في هذا التصنيف هي المثالية: سد إثايو علي الحدود بين البرازيل والباراغواي، الجسر المعلق في سان فرانسيسكو، قناة بناما، القناة الانجليزية، اعمال حماية بحر الشمال على الشاطئ الأوروبي، ومبنى إمباير.

وفي سنة 1997 وبالتحديد في مارس أضافت إدارة البرج إلى مجموعة المصاعد مصعدين جديدين شديدي السرعة، فزادت بذلك القدرة علي استيعاب العدد المتزايد الزوار وأصبح بامكان المصاعد أن تنقل ما يزيد على 1600 شخص في الساعة الواحدة، صعوداً ونزولاً وجعلت السائح في الوقت نفسه قادراً على رؤية وسط المدينة وهو في المصعد.

والآن ادارة البرج ليست بالامر الهين، فقد أوكلت بلدية تورنتو هذه الادارة إلى شركة خاصة في يونيو ،1997 تتعهد بإدارته والإشراف على صيانته لمدة تسعة وتسعين عاماً، وقد اعلنت الشركة أنها ستحول البرج إلى أكبر مركز لاجتذاب السياح في العالم وفي وقت قصير، بتسويق أفكارها بواسطة تخصيص مبلغ 26 مليون دولار لاحياء البرج وتنشيط أعمال التسلي والسياحة فيه. وقد احتفل بافتتاح صالة السماء الجديدة وتم قص أطول شريط تذكاري في العالم "5000 قدم" في 26 يونيو 1998. والصالة ترتفع 147 طابقاً فوق الأرض.

ويشمل برنامج الشركة الجديد وسائل تسلية مبتكرة واضفاء جو عائلي حميم على جميع النشاطات المنوي اضافتها. وقد تم بالفعل ترميم جميع الصالات وتغيير أثاتها واضافة 75000 قدم مربع من المساحات الجديدة عند قاعدة البرج ليستوعب أكبر عدد ممكن من الزائرين وتأمين الترفيه والتسلية لكل من يرغب في ذلك، ولاستضافة المناسبات الخاصة بطريقة متخصصة.

ويقول دافيد تايلر رئيس الشركة "إن هذه التغيرات مؤشر على بداية عهد جديد للبرج، لقد جعلنا مصلحة الزوار والضيوف متقدمة على كل المصالح الأخرى ـ الزبون أولاً ـ وأضفنا جواً عائليا على جميع النشاطات والمناسبات وستكون هذه التحسينات التي أدخلت مؤخرا والتي تعكس آخر افكار التطور التكنولوجي عاملاً فاعلاً في تأمين الراحة والمتعة للزبائن.

صرح رياضي هائل

وعلى مقربة من البرج العظيم تقع "قبة السماء" أو "سكاي دوم" بدت لنا من قمة البرج وكأنها انتفاج كبير من الأرض، لكننا عندما اقتربنا منها ظهرت لنا عظمة البنيان المزين بالمجسمات التي تماثل جميع الألقاب الرياضية التي تستضيفها "القبة" على مدار السنة. بناء هائل وفريد من نوعه: في الوسط ملعب رياضي شاسع يصلح لمباريات كرة القدم وكرة السلة وكرة المضرب وكرة القدم الأمريكية وغيرها بعد اجراء بعض التعديلات الشكلية عليه. تتسع مدرجات الملعب لأكثر من خمسة وستين ألف متفرج دفعة واحدة وقد نظمت على أربعة مستويات وبشكل دائري. كانت هذه الملاحظة الأولى عند دخولنا من البوابة رقم "13" حيث كانت تنتظرنا مديرة العلاقات العامة في المركز السيدة "دبرا نايت" التي رحبت بنا وزودتنا بكافة المعلومات والصور الضرورية. قالت: تم افتتاح هذا الصرح الرياضي ف يالثالث من يونيو 1989 في احتفال كبير، وهو مكون كما ترون من ملعب تبلغ مساحته 13191م* "متر مربع" وهو يصلح لجميع الألعاب الرياضية. يحيط بالملعب بناء كبير يضم فندقاً من الدرجة الأولى "أربع نجوم" فيه 348 غرفة. سبعون منها تطل على الملعب لمحبي الرياضة، و278 غرفة تطل على ثلاث جهات من مدينة تورنتو. ويضم البناء الكثير من المطاعم والمحلات التجارية والصالات المخصصة للزوار والسياحة، ومكاتب للموظفين وغير ذلك مما يحتاج إليه المركز. يحتل البناء مساحة من الأرض تبلغ 5،14 هكتار ويبلغ حكمه من الداخل عندما يكون سقفه مقفلاً 1،6 مليون متر مكعب. والمدهش في الأمر كله هو السقف المتحرك والمكون من أربع صفائح. الصفيحة الرابعة ثابتة وتقع في الجانب الشمالي من البناء. وعندما يفتح السقف تدور الصفيحة الأولى 180 درجة لتستقر فوق الرابعة "الثابتة". أما الصفيحتان الثالثة والثانية، وهما بشكل هلال فتتحركان بالتتابع شمالاً لتستقرا فوق الأخريين. وعند الإغلاق تتحرك الصفيحة الثانية، وهي العليا، أولاً، تتبعها الثالثة، ثم تدور الأولى 180 درجة عكسية لتعود إلى مكانها الأول. يتم كل ذلك العمل الآلي بواسطة محركات قوية وسكك وعربات فولاذية كبيرة.

عمل مدهش حقاً جعل من هذا المركز أكبر وأحدث مركز للتسلية في العالم. ومن غرائبه أيضاً تلك الشاشة العملاقة التي تعتبر أكبر شاشة لعرض الأفلام في العالم إذ يبلغ ارتفاعها 33 قدما وعرضها 110 أقدام. وتستعمل في الغالب لعرض افلام الفيديو المهمة، ونقل المباريات الرياضية مباشرة من جميع أنحاء العالم في غياب النشاطات المحلية، كأخبار المونديال وغيره من الأحداث والاحتفالات التي يهتم بها المجتمع الكندي. وقد قدر المهندسون عمر هذه المدينة الرياضية بـ 300 سنة فقط. ومما يجدر ذكره هنا أن الجالية الإسلامية في منطقة تورنتو وضواحيها قد استأجرت الملعب الكبير سنة 1997 لإقامة صلاة عيد الأضحى المبارك فيه. وقد شارك في صلاة العيد ذلك اليوم حوالي خمسين ألف مسلم جاءوا من كل أنحاء المدنية لأداء الصلاة. وكان يوماً مشهوداً نظراً للضجة التي أحدثها.

خيمة سماوية

وقبة السماء، بناء فريد من نوعه يميزها كثرة المناسبات التي تجري فيها وكثرة الزوار الذين يأتون للتفرج على خصوصيتها. ذكرت لنا مديرة العلاقات العامة في المركز السيدة "دبرا نايت" أن الملعب شهد حتى الآن أكثر من ألفي حدث وزاره أكثر من ثلاثين مليون شخص وعندما يدخل أكثر الزوار إليه ينظرون إلى الأعلى ليستطلعوا سر سقفه المتحرك. وقد حازت قبة السماء خلال أربع سنوات متوالية علي جائزة "أحسن ملعب" منحت بواسطة مجموعة من المجلات المتخصصة بمتابعة الرياضة وأعمال التسلية. كذلك فان الملعب الكبير هو المركز الرئيسي لفريق تورنتو في كرة المضرب "الطيور الزرق" أو "بلوجايز" حيث يقيم هذا النادي الرياضي المشهور جميع مبارياته مع الفرق الأخرى على أرض هذا الملعب. ويذكر أن النادي نفسه قد فاز ببطولة العالم في كرة المضرب سنتي 1992 و1993 على التوالي.

أيضا الملعب الرئيسي لفريق تورنتو في كرة القدم الأمريكية فريق "ارغونوتز" الذي فاز بكأس البطولة الرمادي عامي 1991 و،1996 والملعب كذلك يحتضن فريق "رابترز" وهو فريق تورنتو المعروف في كرة السلة. بالاضافة إلى كل هذه المباريات المتنوعة، فان الملعب يحتضن مناسبات كثيرة كالمهرجانات الغنائية والمعارض العائلية والفنية والتجارية والمؤتمرات المحلية والعالمية المختلفة، وهو مجهز لأن يتغير مع تغير الحاجة إليه وهو أمر نادر الوجود في عالم الملاعب الرياضية.

بعد ذلك سارت السيدة "نايت" أمامنا من غير أن تتكلم وسرنا خلفها فاذا بنا في جانب شبه منفصل من جوانب الملعب ثم بدأت تتحدث إلينا عن "خيمة السماء" التي هي احدى غرائب القبة. والخيمة هي عبارة عن سلسلة طويلة من الستائر نصف الشفافة التي يخترقها النور ولا يرى من خلالها ومصنوعة من قماش عازل للصوت. وتشكل هذه الستائر عندما تسدل كلها جهازاً ستائرياً يعزل قسماً من الملعب يتسع لمجموعات متفاوتة من المتفرجين تتراوح بين خمسة آلاف وثلاثين ألفاً حسب المناسبة وحسب الحاجة إليه. وقد صممت سكك الستائر بشكل معقد ومدهش حيث يتم بواسطتها تفصيل المساحة المطلوبة للحدث من غير زيادة أو نقصان حتى لا يكون هناك أي هدر في استعمال مساحة كبيرة لعدد صغير من الناس.

أضافت السيدة "نايت": الملعب كذلك مزود بجهاز صوت متميز استعملت فيه أحدث الأجهزة الإلكترونية في العالم، وقد لاقى هذا الجهاز استحسان جميع المسؤولين عن الملاعب الرياضية في شمال أمريكا فقلدوه. وتشمل المدينة الرياضية كذلك فندقاً بدرجة أربع نجوم من الطراز الحديث، فيه 348 ويخضع لإدارة شركة الباسيفيك الكندية لإدارة الفنادق والمنتجعات الصيفية والشتوية. وهو الوحيد من نوعه في العالم الذي يجمع بين الخدمة الفندقية الرفيعة المستوى، وتوفير جو التسلية في آن واحد. فيه غرف واقسام تطل على الملعب لمحبي الرياضة من النزلاء، وفيه غرف تطل على المدينة بشوارعها وعماراتها وضجيجها لمن يرغب في ذلك. والغرف المطلة على الملعب مزودة بنوافذ عرضها ستة أقدام يمكن فتحها بالكامل ليتمكن الضيف من متابعة المباراة وسماع الصوت وهو جالس في غرفته. صالة الفندق الرئيسية عند المدخل مزودة بواجهة زجاجية عريضة تطل على الملعب الكبير، وتخال سقفها سماء تلمع فيها النجوم والكواكب، وعلى أحد جدرانها نصبت اثنتا عشرة شاشة تلفزيونية تنقل ما يجري على أرض الملعب بشكل مستمر. كل الموظفين والعمال في الفندق يرتدون زياً موحداً. يضاف إلى كل ذلك النادي الرياضي الذي يعتبر من أهم مميزات "قبة السماء" نظراً لما فيه من أدوات وألعاب رياضية ووسائل تسلية لا تخطر ببال. وفي قبة السماء أيضاً مسرح مشهور وسبعة مطاعم عالمية ما يجعلها واحدة من أهم المراكز السياحية والرياضية في العالم.

الملعب الكبير فيها يتسع لـ 516 فيلاً إفريقيا أو751 فيلا هندياً، ويكفي لثماني طائرات بوينغ ،747 أو بناء 32 بيتاً مع حدائقها وطرقاتها. وهو كبير إلى درجة أن مدينة روما الرياضية بكاملها يمكن أن توضع فيه. يزورها في السنة ستة ملايين شخص بين زائر ومتفرج رياضي. وقد ساهمت قبة السماء في اغناء اقتصاد مدينة تورنتو ومقاطعة اونتاريو إذ قدمت للمدينة ولاتزال تقدم ما يقرب من 326 مليون دولار سنوياً وقدمت للمقاطعة ولاتزال تقدم حوالي 45 مليون دولار سنوياً بشكل رسوم وضرائب تجمعها من الرواد والزوار في كل سنة، وتأكيدا لضخامتها فان فيها حوالي تسعة آلاف مصباح كهربائي وفيها 776 عاموداً ضوئياً بقوة 2000 وات لكل منها.

وقبة السماء هي المدينة الرياضية الوحيدة في العالم التي تغسل37 ألف مقعد مع كل المناطق المحيطة بها بعد انتهاء كل حدث أو مباراة رياضية، يقوم بهذا العمل 14 عاملاً ويستغرق ذلك منهم ثماني ساعات متواصلة تمتد حتى صباح اليوم التالي في أغلب الاحيان.

بلغت الكلفة النهائية لكل هذه التفاصيل بما فيها الملعب والسقف والفندق والنادي وكل ما يتعلق بعمليات التنظيف والحفر والبناء 532 مليون دولار، ويتكون البناء من 135000 متر مكعب من الخرسانة المسلحة، أي ضعف ما يتكون منه جارها البرج الكبير.

المتحف الملكي

انتقلنا من "قبة السماء" قاصدين متحف اونثاديو الملكي الذي يعتبر بحق محجة الزوار وتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات وجزء كبير من سكان المقاطعة.

إذ من النادر جداً أن ترى مواطنا هنا لم يزر المتحف الملكي مرة على الأقل في حياته، فالمتحف من الأمكنة القليلة في العالم التي تزورها مرة وتتمنى لو تزورها مرات بعد ذلك، نظراً لما فيه من غرائب وعجائب لا تخطر ببال، ونظراً للتغيير الدائم الذي يحصل في مختلف أقسامه. وهناك كانت لنا وقفة مع التاريخ المتجسد في صور وأشكال متعددة الأجناس والألوان.

افتتح المتحف في التاسع عشر من مارس سنة 1914 في بناء صغير في وسط مدينة تورنتو، ثم تم توسيعه في سنة ،1933 وتكرر الأمر سنة 1951 ثم 1955 حيث أصبح يشمل أقساما خمسة هي: المعمار ـ طبقات الأرض ـ المعادن ـ الحفريات والحيوانات. وظل حتى ذلك التاريخ جزءا من أبنية جامعة تورنتو حتى انفصل بشكله الحالي وأصبح كياناً مستقلاً سنة 1968.

والمتحف هو واحد من المتاحف القليلة في العالم التي تجمع بين الفن والمعمار والعلوم تحت سقف واحد.

من أهم العلامات البارزة في المتحف "المجموعة الصينية" والتي تعتبر من أرفع وأهم المجموعات الأثرية والفنية في العالم خارج الصين، وتشمل لوحات من الفن الدقيق، وأربعة عشر تمثالاً بوذياً أثرياً يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد وهي آية من آيات الفن القديم الذي يبعث في نفس المتفرج مزيجاً من الشعور بالوحشة وإجلال العبقرية. يضاف إلى ذلك بعض الجواهر النادرة وصور لمحاربين وبهائم خرافية، وأسلحة وعظام يستخدمها العرافون للتنبؤ بالمستقبل.

ومن علاماته البارزة أيضاً الجناح المصري الذي يعتبر من أشهر أقسام المعرض على الإطلاق نظراً لما يشمله من مجوهرات مصرية قديمة، وتماثيل وتوابيت واقفة تنسب إلى العصر الفرعوني، من بينها تابوت يحتوي على جثة امرأة فرعونية "معارضة اسمها "ديدما تسانخ" رفض باحثو المتحف المخاطرة بنقوشه المذهلة لفحص الجسد الموجود بداخله، لكنهم فحصوا الجسد بواسطة الأشعة المصورة واكتشفوا أنه مزين بالجواهر الثمينة وأن المرأة صاحبة الجثة قد ماتت بسبب التهاب في أسنانها عن عمر لا يزيد على خمسة وثلاثين عاماً. وقال لنا الدكتور "نيكولاس ميليت" المتخصص بالآثار المصرية هناك: "مصر ليست مومياء وأهراماً فقط، وقد صممنا هذا المعرض لالقاء الضوء على جوانب عديدة ومهمة من مصر القديمة مظهرين عظمة تلك الحضارة وديمومتها". والزائر لهذا القسم من المعرض يستطيع أن يشاهد 1600 مادة كالصناعات اليدوية الفاتنة، والجواهر النادرة والحجارة والأسلحة والأثاث والتماثيل وغيرها مما يعكس عن مصر القديمة تاريخها ودياناتها وحياتها اليومية.

وفي المتحف أشياء لكثيرة أخرى غاية في الروعة والإتقان وحسن الترتيب والتنظيم، منها: كهف الخفافيش، ومعرض الفن الكندي للتزيين، والأعمدة المنحوتة، وبقايا الديناصور منذ 150 مليون سنة، وقسم الاكتشافات للتلاميذ فوق سن السادسة، والجناح الروماني الإغريقي.

رهبة هادرة

"شلالات نياجرا العظيمة" كما كانوا يسمونها في كتب الجغرافية عندما كنا ندرس عنها في الصفوف المتوسطة. ظلت حلماً يراودني حتى زرتها فانقلب الحلم عندي إلى حقيقة. إنها حقاً عظيمة، ولم تكن الكلمة من باب المغالاة في وصف هذا الدفق المائي الهائل المتواصل منذ عصورة طويلة. رهبة تملأ نفس المتفرج وهو يراقب الأمور التالية:

ـ نهر مروع يتدفق من فوق منحدر سحيق ويصب كميات هائلة من الماء في قاع البحيرة فيتطاير رذاذ كمطر الربيع يلقح وجوه الناس المصطفين على الضفة المقابلة فتتنفس نفوسهم وترتاح قلوبهم ثم يتراجعون ليصطف غيرهم وهكذا دواليك مادام النهار قائماً والشمس ساطعة في كل أيام الصيف الجميلة في هذه الربوع.

ـ غمامة رقيقة شفافة تخيم باستمرار فوق الشلالات، يزينها قوس قزح متلون بعدة ألوان تتغير مع تغير موقع الشمس في قبة السماء حتى يتلاشى كل شيء مع غروب الشمس وانقضاء النهار إلا تدفق الماء وصوت الخرير الهادر المتواصل الذي يسقط من علو 52 مترا على الجانب الكندي ومن علو 34 متراً على الجانب الأمريكي.

ـ أفواج المغامرين الواقفين في صف طويل ينتظرون دورهم للوصول إلى متن الباخرة التي تقاوم بعناد سيل الماء الجارف لتصل بركابها إلى أقرب نقطة ممكنة من مهبط الشلالات وكلهم يرتدون ستائر بلاستيكية صفراء اللون وقبعات من اللون نفسه، وتحت السترة الصفراء سترة النجاة خوفاً من الغرق وتوخياً للوقاية المفروضة بموجب القانون. والباخرة تروح وتجيء يتلاعب بها اندفاع الماء والناس على متنها يلوذون ببعضهم اما خوفاً واما اتقاء من رهبة الماء ورذاذه الغزير، ثم يصرخون بفرح، لكنك لا تسمع من صراخهم شيئا لأن هدير الماء أعلى من ذلك بكثير.

المهم أنك في نياجرا تواجه العظمة بعينها وقفت وجهاً لوجه أمام الرهبة المنبعثة من مصدر الحياة ـ الماء ـسورة الأنبياء آية 30 وجعلنا من الماء كل شيء حي فتسبح الخالق ألف مرة قبل أن تنقضي زيارتك.

ـ عشرات الفنادق والملاهي والمطاعم والنوادي القابعة على ضفة الشلالات والتي تستقبل مئات الألوف من البشر كل عام. وكلها مليئة بالنزلاء ومحجوزة لعدة أشهر إلى الأمام. وإلى جانبها محلات تجارية متخصصة ببيع القطع التذكارية من نياجرا وغيرها من المناطق السياحية الكندية. تفصل المطاعم والفنادق والمحلات بطرقات وممرات للمشاة لا تخلو من الازدحام طوال فصل الصيف وبعض الخريف والربيع. أما في الشتاء فيقتصر التجول على سكان مدينة نياجرا وعلى المقيمين في فنادقها المريحة.

وصف المكان بشمول ودقة غير ممكن وغاية في الصعوبة، نظراً لما فيه من أمور تجمع بين جمال الطبيعة وصنعة البشر.. فالمكان من أبدع ما يمكن أن تقع عليه عين أو أن تسمع عنه أذن. كيفما نظرت تطالعك صنعة الخالق المبدع من تلال مكسوة بالشجر الأخضر المتنوع، إلى سهول واسعة لا يحيط بها البصر، والسحر الخفي الكامن في ذلك المكان والذي تشعر به وأنت واقف هناك من غير أن يتكلم إليك أحد. وقد استطاع الإنسان على مر العصور أن يساهم في إضافة شيء من الإتقان والروعة إلى ما وهبته الطبيعة أصلاً من رونق وجمال، فاهتم بترتيب الشوارع وتزيينها، وفرش المساحات المحيطة بالشلالات بالعشب الذي لا يتحول اخضراره، وزرع على جوانب الشوارع أعمدة الضوء الملون والتي تنير أنحاء المنطقة بأسرها فيتصل الليل بالنهار وتستمر الحياة من غير انقطاع، ورصف جوانب الطرقات بالبلاط الملون، ثم بنى المنتجعات التي يقصدها المتعبون للراحة والاستجمام.

تاريخ الشلالات يعود إلى زمن بعيد لا يعلمه إلا الله تعالى، لكن ما يعرفه الناس والمسئولون هنا هو أن الشلالات ظهرت على خارطة البلاد سنة 1641م باسم هندي هو: أونفوياهرا بمعنى "المياه الهادرة". هذا الاسم الذي حوله الكنديون فيما بعد إلى اسم "نياجرا فولز"" أو شلالات نياجرا. تقع الشلالات على الحدود بين كندا والولايات المتحدة، ويعرف الناس هنا شلالات كندية وشلالات أمريكية لكنهم يجمعون دون تردد على أن الشلالات الكندية أكثر روعة وجمالاً. والموقع بحد ذاته له أهمية استراتيجية وعسكرية بالغة، لذلك بنيت في محيطه القرى والدساكر التي كان يسكنها الجنود من الجهتين الكندية والأمريكية.

وقد حصلت بين الطرفين عدة اشتباكات بهدف السيطرة على الموقع بكامله. وفي بداية القرن التاسع عشر أصبح المكان مقصداً للعائلات المالكة والنبلاء من الدول الأوربية يقضون فيه أوقاتا من الراحة والتمتع بجمال الطبيعة. وفي سنة 1827 افتتح في منطقة الشلالات أول متحف في شمال أمريكا كلها، وهو مازال قائماً حتى اليوم.

العبور العجيب

وشلالات نياجرا تقع في المكان الذي تتصل فيه بحيرة "إيري" ببحيرة اونتاريو. ولأن بحيرة اونتاريو منخفضة عن شقيقتها المجاورة بسبب الموقع الجغرافي، فكان لابد للماء من أن يسقط كل هذه المسافة ليصل إلى مجراه. والمعروف أن السفن التجارية تستطيع أن تعبر منطقة الشلالات بين البحيرات الكبرى ولكن بطريقة تظهر براعة الإنسان في اختراع الوسائل التي تخدم مصالحه. ففي سنة 1820 شق الأمريكيون والكنديون "قنال ولاند" تفصل بمياه الشلالات وزودوا القنال بسد ضخم. وعندما تأتي السفينة لتعبر من جهة إلى أخرى، تقفل الفنال بالسد المتحرك حتى ترتفع مياه البحيرة المنخفضة إلى مستوى مياه البحيرة العالية، وترتفع الباخرة المسافرة مع المياه حتى إذا توازى الجانبان عبرت السفينة ثم يرفع السد فتعود المياه إلى مجاريها الطبيعية، ويتعاون الطرفان الأمريكي والكندي على ترميم السد وصيانته باستمرار حتى يحافظ على فاعليته، وتتأمن بالتالي سلامة هذا العبور العجيب عبر ذلك الجبل العالي.

قابلنا خلال زيارتنا لمنطقة الشلالات "فيكتور فريولو" مدير العلاقات العامة والتسويق في ادارة الشلالات وسألناه عن اهم الأحداث التي تجري هناك على مدار السنة فأخبرنا أن الإدارة مهتمة جداً باجتذاب السياح إلى الجانب الكندي قدر الامكان، لذلك نقوم بكثير من النشاطات التي تدعم العمل السياحي وتجعله مورداً مهما للمدينة وسكانها. أهم هذه النشاطات:

1ـ رحلة خلف الشلالات وهي عبارة عن جولة يقوم بها الراغبون إلى أقرب نقطة ممكنة من مكان عن القنوات تصلهم إلى شرفة خشبية واسعة تطل على الشلالات ومن مكان قريب جداً، وإذا اراد الزائرون الاقتراب أكثر فقد أعددنا لهم قناتين أخريين لا يزيد طولهما على 46 متراً يصلان إلى خلف الشلالات. وفي ذلك الكثير من المتعة والإثارة.

2ـ مغامرة المضيق العظيم: وهي عبارة عن زيارة لمضيق منحدر المياه يبعد عن موقع الشلالات حوالي ميلين حيث يتحول النهر إلى دوامة ماء سريعة تشبه السيل، وعندما يجتازها الزوار يترجلون للنزهة على حافة النهر حيث أعد لذلك ممر يبلغ طوله حوالي 1000 "ألف" قدم "305 امتار" يتمتع العابرون عليه بمنظر الماء المتدفق من بحيرة إلى أخرى من غير توقف أو تردد. ثم يحكي لنا المسئول قصة هذا النهر فيقول: منذ عصور خلت، سقطت مياه شلالات نياجرا إلى هذه المنطقة وبقيت تسقط حتى فتت الصخر من تحتها وشكلت هذا الخليج الذي ترون الآن، كشفت هذه العملية ملحمة الزمن والأرض فحفرت تاريخها على صخور هذه الجبال وتركت لأجبال العصور اللاحقة آثار تلك الملحمة.

3ـ السيارة الهوائية الاسبانية في نياجرا: وهي عبارة عن سيارة طائرة تجري بواسطة الاسلاك الضخمة وتمر فوق مياه من ضفة إلى أخرى وتقع على بعد 4،5 كلم من الشلالات، عند منعطف المضيق الذي سبق ذكره، ركاب العربة يستطيعون رؤية المجرى والدوامة والمضيق ومحطة توليد الطاقة الكهربائية ويستطيعون رؤية ومحادثة الصيادين على ضفتي النهر. سميت بالاسبانية لأنها من تصميم المهندس الاسباني ليوناردو كيفيدو وكان ذلك سنة ،1910 يضاف إلى ذلك كله الكثير من المهرجانات والاحتفالات التي تقام هنا وهناك في فنادق المنطقة وفي مواقفها وساحاتها الواسعة للترفيه عن الزوار والمصطافين.

المقاطعة

عدد السكان الإجمالي

عدد المسلمين

عدد العرب

نيوفنلاند

650000

36000

16000

نوفاسكوشيا

980000

36500

24000

جزيرة الأمير ادوارد

175000

7000

4000

نيو برنزويك

810000

31000

18000

كيبيك

7,200000

285000

126000

اونتاريو

10285000

395000

89000

مانيثوبا

1200000

41800

38000

ساسكاتشوان

1150000

39700

28000

ألبرتا

2750000

108000

54000

كولومبيا البريطانية

3480000

131000

58000

*لائحة بالمقاطعات الكندية وعدد سكانها مع عدد المسلمين والعرب القانطين في كل منها.

تظهر هذه الاحصائية المأخوذة من رسالة للدكتوراه أعدها فارس بدر عن الهجرة والمهاجرين أن المواطنين العرب يشكلون 1.6بالمائة من مجموع سكان كندا ويشكل المسلمون 3.9 بالمائة منهم.

4ـ برج نياجرا العالي الذي يرتفع 775 قدماً فوق مستوى الشلالات وفيه مطعمان دواران على طبقتين مختلفتين وفي الأعلى ساحة واسعة لمن يريد أن يتفرج على المنطقة بأسرها من علو شاهق. البرج مزود بمصعد جانبي زجاجي، متوسط السرعة، والمطعم يدور حول نفسه مرة كل ساعة، وقد ركب في رأسه هوائي لتسهيل الاتصالات بين المنطقة والعالم من حولها. والبرج مزود أيضاً بسلم لمن يريد أن يصعد راجلاً بهدف الرياضة أو تبرعاً للأعمال والمؤسسات الخيرية.

يبقى أن نذكر أن فرق الارتفاع بين بحيرتي إيري واونتاريو يبلغ 99 متراً يحدث أكثر من نصفها عند مهبط الشلالات " 52 متراً " وينحدر الجزء الباقي على طول نهر نياجرا البالغ طوله 56 كيلومتراً فترى مياه النهر تسير باندفاع كبير. وقد استغل الكنديون وجيرانهم هذه الثروة الهائلة فاستفادوا منها في مياه الشرب والري وفي مياه التبريد للمصانع القائمة حول النهر، وفي توليد الطاقة وغير ذلك من امور السياحة والاصطياف فاقاموا فيها الاحتفالات التاريخية والترفيهية على مدار السنة دون انقطاع.

رحلة لا تنسى ومناظر تلتصق بالذاكرة لا تفارقها مدى الحياة وتاريخ يحكي قصة البلاد.

أشجار الماء

وتورنتو مدينة حديثة بدأت حين استولت بريطانيا عام 1791 على البلاد وقسمتها إلى كندا العليا وكندا السفلى وجعلوا السفلى خاضعة للنفوذ الفرنسي ـ بالاتفاق مع الفرنسيين ـ والعليا خاضعة لهم، وجاءوا بـ "جان سيمكو" كأول حاكم بريطاني للجزء التابع لهم سنة 1791 وسيمكو هو الذي اختار موقع مدينة تورنتو على ضفة بحيرة أونتاريو بين أشجار الغابات الكثيفة ليكون قريبا من الأمريكيين الذين كان يتوقع حرباً معهم في أي لحظة، ثم بدأ ببناء مساكن له ولحاشيته من رجال السلطة عام 1794 ثم بني مجلس النواب وشق الشوارع وأهمها شارع "يونغ" المستقيم الذي يبلغ طوله حوالي ثلاثين ميلاً ويصل أسفل المدينة ببحيرة "سيمكو" في الشمال. ويعتبر شارع "يونغ" اليوم أطول شارع في العالم.

بيان بالأنشطة والأعمال والتي يشغل فيها العرب نسبة لا بأس بها ويحتل اللبنانيون منهم مركز الصدارة في أكثر المجالات، وهي متوزعة على الشكل التالي:

النشاط

العدد في اونتاريو

العدد في كندا

نسبة أونتاريو لكل كندا

مراكز ثقافية

8

40

20%

مؤسسات ثقافية

22

111

20%

مدارس ابتدائية

30

90

33%

مدارس ثانوية

8

32

25%

صحف ومجلات

7

26

27%

نشاطات ثقافية

44

224

20%

اخصائيون في العلوم الصحية "الطب"

730

2052

35%

اخصائيون في التعليم والعلوم الاجتماعية

884

2362

37%

اخصائيون في الهندسة

603

1723

35%

صيانة وتكنولوجي

682

1945

35%

* هذه الأرقام مأخوذة من دراسة أعدها الدكتور يوسف مروه العام الماضي عن الجاليتين العربية والإسلامية في كندا.

وتورنتو كلمة يعتقد بأنها هندية الأصل وتعني "مكان التجمع" أو "كثرة الشجر في الماء". وقد أصبحت فيما بعد معبراً مهما للأوروبيين المهتمين بتجارة الفراء.

ثم تحققت مخاوف سيمكو في 27 أبريل سنة 1813 عندما هاجم الأمريكيون تورنتو على متن خمس عشرة سفينة حربية جاءت عبر البحيرات الكبرى واشتبك الجنود الأمريكيون وكانوا ألفاً وسبعمائة رجل مع رجال الميليشيا من الأوربيين والهنود الحمر من حماة المدينة وتمكنوا في النهاية من دخول تورنتو ومجلس رئاستها وحملوا معهم صولجان الحكم الذهبي الذي أعاده الرئيس روزفلت لحكومة أونتاريو سنة 1934 كبادرة حسن الجوار والعلاقات الحسنة. والهجوم على تورنتو دفع الحكومة البريطانية الى مهاجمة واشنطن واحتلال القصر الرئاسي الذي سمي بعد ذلك بالبيت الأبيض نظراً لكثرة الدهان الأبيض الذي احتاج إليها لتغطية التشويه الذي أصابه من جراء الهجوم. وقد أصبحت تورنتو منذ سنة 1934 واحدة من أهم المراكز السكنية والصناعية في شمال أمريكا وظلت تنمو بفعل موجات المستوطنين الآتية إليها من جميع أنحاء القارة الأوروبية، وخاصة خلال الحرب العالمية الثانية حين أصبحت المدينة تشكو من نقص جميع الخدمات المعيشية نظراً لكثرة المهاجرين الهاربين من الحرب.

الهجرة العربية

وقد كان العرب من بين الشعوب التي هاجرت إلى البلد الجديد هرباً من الحاجة والظلم وطلباً لحياة أفضل. والعرب اليوم يشكلون نسبة مهمة من سكان المدينة وضواحيها، ويشاركون في سائر النشاطات الحياتية والتجارية والصناعية، ومنهم الاختصاصيون في مختلف المجالات من مهندسين وأطباء وجراحين وصيادلة ومدرسين في المدارس الحكومية ورجال أعمال ناجحين ونواب وموظفين كبار في أكبر الشركات الكندية ومحامين ورجال صحافة ومحاسبين وأساتذة جامعيين وغير ذلك مما تحتاج إليه الحياة العامة.

وقد قمنا بجولة على بعض المراكز العربية التي تمكنا من التعرف إليه وقابلنا المسئولين عنها رغبة في التعرف على أوضاع هذه الجالية وإعطاء صورة عن الواقع الذي يعيشون فيه.

والجالية العربية تنتشر في كل المدن والقرى الكندية. ومن النادر أن يمر الزائر بقرية أو مدينة مهما كانت بعيدة دون أن يجد فيها عربياً من بلد ما. وقد بدأت الهجرة العربية إلى كندا منذ عام 1882 عندما وصل أول مهاجر لبناني اسمه إبراهيم أبو نادر إلى مدينة "هاليفاكس" عاصمة مقاطعة نوفاسكوشيا في شرقي البلاد على المحيط الأطلسي.

وكانت "هاليفاكس" في ذلك الزمن المرفأ البحري الذي يقصده جميع القادمين إلى كندا نظراً لقربه من أوربا والشرق الأوسط. والمدينة اليوم تستضيف أكثر من عشرين ألف عربي معظمهم من اللبنانيين. وكما في هاليفاكس كذلك فان المدن الكندية الأخرى تستضيف أعداداً كبيرة من المواطنين العرب الذين يتوزعون على جميع النشاطات والأعمال والاختصاصات ولكن بأعداد متفاوتة. ويتجمع المهاجرون العرب في المدن الرئيسية مثل تورنتو التي يسكنها حوالي مائة ألف عربي ويشكلون حوالي 20% من مجموع المهاجرين العرب في كندا كلها. وقد صار لهم في هذه المنطقة شأن لا يستهان به إذ إنهم يملكون مؤسسات ومصانع كبيرة توظف آلاف العمال العرب والكنديين على السواء. ومنهم المحامون والأطباء المشهورون، والأساتذة في المدارس والجامعات، كذلك أسسوا صحفاً ومجلات متعددة تنطق باسمهم وتعالج مشاكلهم وتطرح قضاياهم اليومية نذكر منها: "المستقبل" و"المرآة" و"المغترب" و"أخبار العرب"، وهي صحف اسبوعية، كذلك "عرب ستار" صحيفة نصف شهرية، ومنها "البتراء" صحيفة النادي الأردني الشهرية، ومجلة "أضواء" الشهرية التي أصدرها مركز التراث العربي عام 1998. ومجلة "الفلسطيني" الشهرية التي تصد في أوتاوا. وغير ذلك من النشرات الدورية. أما مركز التجمع الأكبر للمهاجرين العرب فهو مدينة "مونتريال" التي يسكنها حوالي مائة وعشرين ألف عربي ووجودهم في مونتريال اقدم وأكثر عراقة إذ تجد مؤسساتهم بوضوح في مختلف شوارع المدينة من مطاعم ومحلات تجارية يافطاتها مكتوبة باللغة العربية. وكيفما توجهت في تورنتو أو مونتريال فإنك تسمع بشراً يتكلمون العربية على الطرقات. وقد صار للجالية الآن في أغلب المدن الكندية دليل سكاني أو دليل تجاري يجمع أسماء وعناوين أصحاب الأعمال العرب وأرقام هواتفهم ويطبع باللغتين العربية والإنجليزية ويوزع مجاناً مرة كل عام، مما يسهل على المواطنين العرب معرفة الخدمات التي يحتاجون إليها بسهولة قصوى فتنمو بذلك روح التعاون والعمل بينهم.

زيارتنا الأولى كانت لمركز الاتحاد العربي الكندي في تورنتو قال لنا جهاد العويوي المدير التنفيذ ان هذا الاتحاد منظمة فيدرالية تضم معظم الجمعيات والمؤسسات العربية في البلاد تحت مظلة واحدة لإيصال صوت هذه التنظيمات إلى الجهات والمؤسسات الحكومية ووسائل الاعلام. ويتعاطى الاتحاد غالباً مع القضايا السياسية والاجتماعية التي تهم أبناء الجالية العربية.

مضيفاً: ندافع عن إخواننا العرب في كل المجالات وخاصة فيما يتعلق بالسياسة ونترك للجمعيات القضايا الثقافية والاجتماعية والرياضية وغيرها".

وقال: إن الاتحاد عضو في مجلس الأقليات الإتنية الذي يهتم بشئون الهجرة وتعدد الثقافات. وعضو في المجلس الكندي لشؤون اللاجئين. وهو عضو في مجلس الداع عن الحقوق المدنية لجميع الأقليات. ويشارك الاتحاد العربي الكندي في برامج توعية في الجامعات والمدارس الرسمية والخاصة ومع اتحادات العمال والطلبة لشرح القضية العربية في كندا وقضايا العرب الكنديين وخاصة فيما يتعلق بالتمييز العنصري.

واشار العويوي ان الاتحاد العربي الكندي تأسس عام 1967 نتيجة للصدمة التي تلقاها المواطنون العرب في كندا من جراء حرب 67، وردة فعل للحملة الصهيونية في وسائل الاعلام عن التفوق الإسرائيلي والتخاذل العربي، مما دفع جماعة من المهاجرين العرب إلى تأسيس منظمة يكون لها حق الرد على مثل هذه الافتراءات. ومازال الاتحاد يتعاطى مع كل القضايا المستجدة في العالم العربي ويتصدى للتصريحات الرسمية والشخصية والبيانات الإعلامية التي تهاجم العرب أو تنتقص من قدرهم. والاتحاد هو المنظمة الوحيدة التي تستطيع أن تفعل ذلك بشكل رسمي. ومن أهم نشاطات الاتحاد إقامته يوم للتراث العربي الكندي وهو احتفال يجري في أكتوبر من كل عام ويشارك فيه معظم أبناء الجالية حيث يعرضون نماذج من إنتاجهم الصناعي والحرفي والفني والثقافي للجمهور العربي والكندي على السواء ويقدمون عروضاً من فنونهم الشعبية كالموسيقى والرقص وجميع أنواع الفولكلور من دول عربية متعددة ويرتاد المهرجان ألوف الناس على مدى يومين متتاليين وقد أثبت نجاحا ملحوظاً في السنوات القليلة الماضية اضافة إلى "مؤتمر الشبيبة العربية الكندية" وهو خاص بالجيل الصاعد من الأبناء حيث يتم جمعهم مرة كل عام فيختلطون ويتعارفون ويتم التركيز خلال المؤتمر على ربط الشباب بتراثهم الديني والعربي، وتكون كل نشاطات المؤتمر مستوحاة من الحياة العربية ومن التاريخ العربي.

إلى جانب مؤتمر النساء العربيات وكما يدل اسمه، فان هذا المؤتمر خاص بالسيدات العربيات اللواتي يتولين شئون المؤتمر ويدرن أعماله.

تتمحور مواضيع المؤتمر حول المشاكل التي تعاني منها المرأة العربية في هذه البلاد، وتطرح المشاركات في المؤتمر بعض الحلول المناسبة لها.

وكذلك هناك المؤتمر السنوي العام وفيه يتم انتخاب الهيئات والمؤسسات التابعة للاتحاد في جو أخوي ديمقراطي.

تراث عربي

ومن مركز الاتحاد العربي انتقلنا إلى مركز التراث العربي الذي يقوم في نفس المبنى وقابلنا رئيسه خالد حميدان الذي أجاب على أسئلتنا قائلاً: إن مركز التراث العربي تأسس سنة 1995 في تورنتو وكان ردة فعل على الفراغ الثقافي الذي يعاني منه المثقفون العرب في هذه الديار فلا كتب ولا مكتبات ولا مهرجانات أدبية ولا معارض تراثية أو فنية. من هنا رأينا ضرورة إيجاد مثل هذه المؤسسة محاولين ملء جزء من هذا الفراغ المخيف، وإعادة الثقة إلى المهاجر العربي وتوثيق الروابط بين المغترب والوطن الأم. وكان الهدف الرئيسي لإنشاء المركز هو إيجاد رابطة للمثقفين العرب في المهجر وتمكينهم من تأدية الدور المنوط بهم في إحياء ونشر التراث والتاريخ العربيين، وإبراز معالم الحضارة التي ينتسبون إليها.

كل ذلك سيتم من خلال إقامة ندوات ثقافية متعددة الأهداف يتم خلالها تشجيع الإخوان العرب على المطالعة ـ "مطالعة الكتب العربية" والعمل على تعزيز الثقة بالنفس لمواجهة الحملات المسعورة التي تستهين بأدبنا وتراثنا. وقد تم من هذا القبيل إحياء ندوتين في الجزء الأخير من سنة 1998.

الندوة الأولى إقيمت في الخامس والعشرين من سبتمبر في قاعة الاحتفالات التابعة للاتحاد العربي الكندي، وكان موضوعها "قراءات من شعر نزار قباني" احياء لذكرى الشاعر الكبير. وقد شارك في القراءة مجموعة من المهتمين بالشعر والثقافة. حضر الندوة عدد كبير من أبناء الجالية العربية. وكانت كثافة الحضور مفاجأة لمنظمي الندوة مما يظهر الاهتمام والرغبة في اقامة مثل هذه الندوات.

الندوة الثانية أقيمت في نفس القاعة وكان موضوعها "المئوية الثامنة لوفاة الفيلسوف ابن رشد" حضرها عدد كبير من أبناء الجالية الذين غصت بهم القاعة. حاضر في الندوة ثلاثة من المفكرين المهتمين بفلسفة ابن رشد كان أولهم الدكتور مصباح موسوي الذي ربط بين الإسلام كدين والفلسفة وذكر أن القرآن الكريم قد طلب من المسلمين المؤمنين إمعان النظر في الخلف واستخدام العقل والفكر في وعي وادراك. تم بين كيف انتحل فلاسفة الغرب الكثير من طروحات الفكر الإسلامي.

واعتبر في نهاية حديثه أن الفلسفة الإسلامية عمل مستمر ما دامت تستمد معينها من الفكر الإسلامي المتمثل في القرآن والحديث.

ثم تبعه الدكتور ميشال مرمورة وهو أستاذ نشيط في دائرة الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في جامعة تورنتو، الذي تعرض لأعمال ابن رشد بصورة عامة لكنه خص بالشرح والتفصيل كتاب "تهافت التهافت" الذي ألفه ابن رشد رداً على "تهافت الفلاسفة" للإمام الغزالي.

أما المحاضر الثالث فكان الدكتور يوسف مروة الذي يعتبر واحداً من أهم الكتاب والباحثين العرب المهتمين بإبراز الدورين الفينيقي والإسلامي في اكتشاف القارة الأمريكية. وركز الدكتور مروة في حديثه على دور ابن رشد في النهضة الفلسفية في أوربا من خلال الترجمات الكثيرة لكتبه ومؤلفاته ثم تعرض لكتاب "تهافت التهافت" وما فيه من ردود على فرقة الأشاعرة.

وقد تميزت هذه الندوة بمستواها الفكري الرفيع وكانت محط إعجاب الكثيرين من المدعوين.

وقد تمكنا من التعرف على الكثير من الجمعيات والمنظمات والنوادي العربية لكننا لم نتمكن من زيارتها نظراً لكثرتها وتعدد مشاربها واتجاهاتها ونخص منها: مركز الجالية العربية، مركز المغتربين العرب، جمعية أصحاب الأعمال العرب، نادي النيل، نادي الأرز، النادي الأردني، البيت الدرزي. لكن ما لفت انتباهنا جمعية حديثة العهد تأسست منذ أقل من سنة هي "جمعية الأطباء العرب" التي يرأسها طبيب القلب الشهير في كندا الدكتور عبدالفتاح الزاوي. وأفادنا الدكتور الزاوي بأن الجمعية حديثة وقد رأت النور بعد جهد دام ثلاث سنوات تمكنا خلالها من التعرف على الكثيرين من الأطباء العرب الذين ليس لهم أي نشاطات اجتماعية ولا يعرفهم أحد من أبناء الجالية. واهداف الجمعية كبيرة جدا تمتد إلى الوطن العربي لأننا ننوي مد حسر مع وزارات الصحة في البلدان العربية واقامة المؤتمرات الطبية المتخصصة لاطلاعهم هناك على آخر ما توصل إليه الطب في شمال أمريكا وأوربا، وتحديث الآلة الطبية في مستشفيات الوطن العربي.

ونعتمد في ذلك على مساهمة الأعضاء في الجمعية والذين يبلغون الآن حوالي ثلاثمائة طبيب من كل الاختصاصات، ونعتمد كذلك على مساهمة شركات الأدوية والمؤسسات الصحية في كندا. ومن الأهداف كما ذكر الدكتور الزاوي أن تكون الجمعية لكل الأطباء العرب في كندا والولايات المتحدة، فنشكل بذلك قوة هائلة في التعاطي مع المشاكل والقضايا العربية، ونتمكن من المساعدة بفاعلية إذا ما أصيبت احدى البلدان العربية بأزمة أو كارثة صحية. وستبدأ الجمعية قريباً الاتصال بنقابات الأطباء في البلدان العربية لإقامة المؤتمرات واللقاءات التي تحقق أهدافنا المرحلية.

وما لفت انتباهنا أيضا "المركز العربي للدراسات الإسلامية" الذي يرأسه ويديره الدكتور يوسف مروة. وقد أفادنا الدكتور مروة لدى مقابلته في مكتبه أن غاية المركز هي إبراز الجانب الحضاري للإسلام من خلال البحوث والدراسات والنشرات والمحاضرات التي تستهدف الجمهور الكندي وتسعى إلى ازالة الأفكار العدوانية ضد الإسلام والمسلمين من أذهانهم، وجعل المسلمين عامة والعرب منهم بشكل خاص فخورين بالتراث العريق الذي ينتسبون إليه. ومن المواضيع التي يركز عليها الدكتور مروة مؤخرا في دراساته ومحاضراته موضوع وصول المسلمين إلى شمال أمريكا واكتشاف القارة الجديدة. وقد أثبت بالدليل القاطع ومن خلال النقوش والكتابات والآثار الإسلامية أن المسلمين وصلوا إلى أمريكا قبل كولومبس بحوالي خمسمائة سنة، وأن الفينيقيين كانوا قد وصلوا إلى القارة الجديدة قبل كولومبس بـ ألفي سنة قادمين من شواطئ لبنان. ولدى الدكتور مروة اثباتات دامغة تتمثل في كتابات وخطوط تشبه الخط العربي إلى حد بعيد. وفي دهليز اكتشفه أحد علماء الآثار في جنوب مقاطعة "ألبرتا" الكندية صخرة كتب عليها آيات من سورة الكهف يرجع تاريخها إلى أكثر من ألف سنة. وهناك الكثير من الأدلة التي تستحق استطلاعاً بكاملا إذا سمحت الظروف في المستقبل، ويشمل المؤسسات الإسلامية والجمعيات والمساجد والحركة الإسلامية الناشطة في كندا وشمال أمريكا.

 

محمد رباح

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




تورنتو لؤلؤة شمال أمريكا تتدفأ بالجليد





وجه من تورنتو





مظاهر جمال في تورنتو





شلالات نياجرا شاهد على قوة الطبيعة وجمالها





قبة السماء بناء هائل في أوسطه ملعب رياضي شاسع





أمام عظام الديناصور الكامن في المتحف الكبير





مراكز البيع الكبيرة تحتل مساحات واسعة من داخل برج CN





قلعة تورنتو الملكية رمز للفخامة وجمال البناء





التماثيل تقف شاهدة على الزمن في متحف تورنتو





وجه تورنتو في الشتاء الجليدي





حضور غفير للمحاضرات التراثية والأدبية





د. يوسف مروة عالم الفيزياء النووية والباحث في الشئون العربية الإسلامية





جهاد العويوي المدير التنفيذي للاتحاد العربي الكندي





خالد حميدان رئيس مركز التراث العربي





داخل برج CN حيث تشاهد المدينة بوضوح





أحد الشوارع الجديدة في قلب المدينة





زوار المتحف أمام تمثال فرعون من الجرانيت





استمتاع بممارسة رياضة التزلج أمام البرج الشاهق





الخيمة الزرقاء إحدى غرائب القبة السماوية