دواؤك في بيتك

دواؤك في بيتك

كثيرا ما تكون هناك حالات مرضية يمكن تداركها بوسائل علاجية بسيطة أو شائعة في بيوتنا

ليس كل جديد خيراً من كل قديم، ولا كل قديم أفضل من كل جديد إلا في العلم. فلا يمر يوم على العلم إلا صحيح فيه خطأ، أو أكمل فيه نقصاً، أو ازداد فيه معرفة.

وقد تناول الإنسان الثوم والعسل والحبة السوداء منذ قديم الأزمان، فماذا جد من جديد؟

الثوم

لاحظ الباحثون ندرة حدوث سرطان المعدة عند الشعوب التي تتناول الثوم. فقد نشرت مجلة Nutr Cance عام 1997 دراسة أكدت فيها أن الثوم فعّال في تثبيط نمو جرثوم يدعى " هليكوباكتر" وقد أثبت العلماء أن هذا الجرثوم يساهم في إحداث قرحة المعدة وربما في أورامها أيضاً. ولعل ذلك يفسر ندرة سرطان المعدة عند آكلي الثوم.

ونشرت مجلة Nutr Review في شهر نوفمبر 1996 مقالا مطولاً عن تأثيرات الثوم المضادة للسرطان.

واستعرض الدكتور " ميلز " الدراسات العديدة التي أثبتت أن الثوم يمكن أن يثبط عملية تشكل السرطان، وأن فوائد الثوم في الوقاية من السرطان لا تقتصر على عضو معين في الجسم، أو نوع خاص من المواد المسببة للسرطان، وذكر الباحث أن مركبات الثوم الذوابة في الزيت فعالة أيضاً في الحد من تكاثر الخلايا السرطانية، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات للتعرف على الكمية التي يحتاج إليها الإنسان للوقاية من خطر السرطان. أما في مجال تصلب الشرايين، فقد نشرت دراسة عام 1997 في مجلة Athero Sclerosis أكد فيها الباحثون أن استعمال خلاصة الثوم عند الفئران قد أدى إلى كبح تشكل اللويحات المترسبة على الشرايين، والتي تسبب تضيق الشرايين. كما أظهرت الدراسة أن خلاصة الثوم تقلل من ترسب الكولسترول في جدران تلك الشرايين، مما يحميها من تصلب الشرايين.

وفي دراسة أخرى نشرت عام 1997 في مجلة Am. T.Clin Nutr أظهر الباحثون أن تناول 900 ملغ من حبوب الثوم قد أدى إلى خفض الكولسترول الكلي والكولسترول الضار بنسبة 11.5 % خلال 3 أشهر. إلا أن دراسة أخرى نشرت في مجلة Jama عام 1998 فشلت في إثبات ذلك، ولم ينخفض فيها الكولسترول. ولا يمكن اعتبار كل مستحضرات الثوم متساوية في الجودة والتأثير الدوائي. وأكد الدكتور " بورديا " أن الخواص المضادة للتخثر "تجلط الدم"، والموجودة في الثوم يمكن أن تتخرب بطهي الثوم. ولهذا ينصح بتناول الثوم طازجاً، وبكميات صغيرة للحصول على الفائدة المرجوة في خفض كولسترول الدم، والوقاية من جلطة القلب (احتشاء العضلة القلبية).

وكان الكوركس الألماني قد تبنى الثوم كعقار رسمي في 11 / 4 / 1998. وللأغراض الوقائية يكفي عادة تناول فص "سن" واحد يومياً من الثوم ( يزن عادة 2-3 غ)، أما الجرعات العلاجية، فيصعب تحديدها في الوقت الحاضر.

العسل

استعمل الإنسان العسل في علاج الأمراض منذ قديم الزمان. وورد ذكره في القرآن الكريم سورة النحل آية 69 فيه شفاء للناس.

ومن الاعتقادات الشائعة بين الناس أن مربي النحل يعمرون ويحيون حياة صحية مديدة أكثر من غيرهم.

ويذكر المؤرخون أن " فيثاغورث" صاحب نظرية فيثاغورث الشهيرة، قد عاش أكثر من تسعين عاماً، وكان طعامه يتألف من " الخبز والعسل". وفي حفل عشاء للاحتفال بعيد الميلاد المئوي ليوليوس روميليوس، سأله يوليوس قيصر عن سبب قوة صحته العقلية والجسمية حتى تلك السن المتأخرة، فأجاب " العسل من الداخل وزيت الزيتون من الخارج"، ومن الصعب جّداً إثبات القول الشائع " إن العسل يطيل العمر". يقول الدكتور "كروفت" الأستاذ في جامعة مانشستر الذي قضى اكثر من خمسة عشر عاما يبحث ويحاضر في موضوع العسل: " لو أردنا أن نقوم بتجارب على البشر لنجيب عن هذا السؤال لا حتاج الأمر إلى عدة أجيال، حتى نتأكد من صحة البحث علمياً، وهذا أمر مستحيل".

ولكن نشر خلال السنوات القليلة الماضية عدد من الدراسات العلمية الرصينة. ففي دراسة نشرتها مجلة J.Ethnopharmacology عام 1997، أثبت الباحثون أن العسل يمكن أن يساعد في علاج التهاب المعدة. فقد أعطيت مجموعة من الفئران الكحول لاحداث تخريشات وأذيات في المعدة، ثم أعطيت مجموعة أخرى العسل قبل إعطائها الكحول، فلاحظ الباحثون أن العسل استطاع أن يمنع حدوث الأذيات المعدية الناجمة عن الكحول.

وكانت دراسة سابقة نشرت في المجلة الاسكندنافية للأمراض الهضمية عام 1991 قد أظهرت نتائج مماثلة.

كما قام الباحثون بإجراء دراسة أخرى حول تأثير العسل الطبيعي على الجرثوم الذي ثبت أنه يمكن أن يسبب قرحة المعدة أو التهاب المعدة والذي يدعي " هليكوباكتر" Helico bacter فتبين أن إعطاء محلول من العسل بتركيز 20% قد استطاع تثبيط ذلك الجرثوم في أطباق المختبر ويحتاج الأمر إلى إجراء دراسات على الإنسان في هذا المجال.

أما عن دور العسل في علاج الجروح والقروح، فقد استعرضت ملة Prof Nurse عام 1997 دور العسل في تنظيف وتعقيم الجروح، وأكدت أن العسل بما يحتويه من مواد قاتلة للجراثيم فعال في ابعاد خطر الجراثيم عن الجروح، ومنعها من التلوث الجرثومي.

وقد نشرت المجلة الأسترالية الطبية Aust.N.Z.j.ob- Gyne عام 1992 دراسة قام بها باحثون من أستراليا، استعملوا فيها العسل في علاج 15 مريضة، تفتحت الجروح عندهن بعد إجراء العملية القيصرية. ويقول هؤلاء الباحثون: إن وضع العسل على الجروح المتفتحة كان فعالاً وغير مكلف، كما ألغى الحاجة إلى إعادة خياطة هذه الجروح وتعريض المريض لعملية جراحية أخرى. كما ظهر بحث في مجلة Irfection الأمريكية عام 1992 حول تأثير العسل على الجراثيم المسببة للالتهابات في جروح العمليات، وأن العسل الطبيعي غير المصنع قد استطاع في أطباق المختبر، تثبيط نمو معظم الجراثيم أو الفطريات المسببة لالتهاب تلك الجروح.

وليس هذا، بل إن العسل يدخل بنسبة كبيرة في تركيب العديد من الأدوية المضادة للسعال، وهناك أبحاث أخرى تذكر دور العسل في علاج عدد آخر من الأمراض.

الحبة السوداء ( حبة البركة )

استهوت الحبة السوداء حديثاً اهتمام الباحثين في عدد من البلدان، ففي الولايات المتحدة أثبت الباحثون أن الحبة السوداء تنشيط الجهاز المناعي عند الإنسان وفي بريطانيا نشرت دراسة عام 1995 في مجلة Planta Medica ذكر فيها الدكتور " هوتون " خصائص زيت الحبة السوداء الطيار المضادة لآلام المفاصل والروماتيزم. وقد قامت بهذه الدراسة الباحثة العربية " ريما أنس مصطفى الزرقا " في مخابر جامعة كينغ في لندن، تحت إشراف أساتذة بريطانيين. وأثبتت تلك الدراسة أيضاً وجود خواص مضادة للجراثيم في زيت الحبة السوداء الطيار.

ومن المعروف أن الحبة السوداء تحتوي على نوعين من الزيت: زيت طيار بنسبة 45%، وزيت ثابت بنسبة 33%. كما يحتوي الزيت الطيار على كمية من الثيمو كينون وغيره من المواد الفعالة.

وقد استخدمت مستحضرات الحبة السوداء في علاج السعال والربو لعدد من السنين ومن جامعة الملك سعود بالرياض نشرت دراستان في مجلة Gen.Pharmacology عام 1993، وأكدت الدراسة الأولى أن زيت الحبة السوداء الطيار استطاع خفض ضغط الدم عند الفئران بمقدار 6-10 ملم زئبقي وبحثت الدراسة الأخرى تأثيرات هذا الزيت على جهاز التنفس عند الفئران.

كما نشرت مجلة Phyto therapy Rescarch عام 1992 دراسة أشارت إلى فوائد زيت الحبة السوداء الطيار في تثبيط نمو جرثومين شهيرين يوديان بحياة مئات الألوف من الأطفال في العالم، وهما جرثوم الكوليرا والشيفلا اللذان يسببان الإسهالات الشديدة عند الأطفال.

والحقيقة أن معظم تلك الدراسات دراسات بدئية أجريت على حيوانات التجربة، ولكن نتائجها كانت مشجعة، تستدعي المزيد من الدراسات على الإنسان لتوثيق تلك النتائج.

وينصح الخبراء باستعمال الحبة السوداء بعد سحقها مباشرة لأن الزيت الطيار، وهو المادة الفعالة، يتطاير بعد السحق. ويمكن استخدام مسحوق الحبة السوداء مع العسل في حينه وأبسط طريقة لتناول الحبة السوداء تكون بوضع ملعقة صغيرة من الحبة السوداء، والأفضل بعد سحقها، على صحن يحتوي على اللبن ( الزبادي )، ويغمر بزيت الزيتون. وربما كان ذلك من أنفع أطباق الفطور في الصباح، أو عند العشاء. أما مقدار الحبة السوداء فليس هناك دليل علمي كاف يشير إلى ذلك، إلا أن الدراسة التي أجّريت في أمريكا في تنشيط الجهاز المناعي، استخدمت جراماً واحداً من الحبة السوداء مرتين يومياً. والحقيقة أننا بحاجة إلى المزيد من تلك الدراسات، وحتى ذلك الحين تظل الحبة السوداء غذاء مفيداً استعمله الإنسان لآلاف السنين.

 

حسان شمسي باشا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات