مساحة ود

مساحة ود

 

اعذرني يا أبي فما وقفت قبل اليوم موقف الناقد لك فقد كنت في نظري الرجل الكامل. عندما رسمت صورة لفتى أحلامي شكلتها من ملامحك.

كنت مثلي وأتمنى أن تبقى. كنت الشجرة الحانية القوية التي أستند إليها وأتفيأ ظلها.

رأيت دموعك يوم رحلت أمي رأيت الحزن الذي أحنى القامة الشامخة، يومها لجأت إلى صدرك فأحسست بالأمان.

سبع سنوات وأنت تسكب علي حبا وحنانا وعطاء.

سبع سنوات قفزت فيها من عالم الطفولة إلى دنيا الصبا.

عرفت صبوة القلب وتفتح الجسد، عرفت اللهفة للآخر والاندفاع إليه، ولكنك كنت عندي المثال الذي يسمو على الصبوة واللهفة.

كنت أعتقد أن التعب قد خلا إلا من الزوجة الرائعة التي رحلت والأولاد الذين وهبتهم حياتك.

اليوم عرفت أن القلب تحول عن قبلته.

لن تعرف مقدار صدمتي عندما رأيت هذه الفتاة تنصرف من سيارتك.

قلت إنك مسافر وبت ليلتك خارج البيت، ولكنك كنت في المدينة وهذه الفتاة معك.

تواريت لئلا تراني. لا أريد أن أحرجك أمامي، لا أريد إغضاءك أمام نظرات تسألك: أين كنت البارحة ؟

أفي بيتنا الريفي كانت ليلتك ؟ هل نامت على سرير والدتي ؟ هل جلست على مقاعدنا ؟ هل شربت القهوة في شرفتنا ؟

ما زلت أذكرها بقامتها الممشوقة وبنطلون الجينز الملتصق بجسدها، بعينيها المكحولتين الوقحتين وقرطها الكبير، ووداعها لك بنظرة من تعرف انها ستلاقيك.

سارت في الشارع بمشيتها الغريبة، ومضيت بسيارتك وبشعرك المكلل بالبياض وظهرك المثقل بالأعباء. أعرف أنها صبوة النفس وأعرف أن الإنسان لا يقدر على الاحتمال ورغم ألمي أقول لك:

ابحث عن رفيقة تقضي باقي عمرك معها، ابحث عن قلب يحبك لأنك جدير بالحب لا عن مراهقة تبيعك المتعة بالمال.

أرجوك لا تجعلني أتوارى مرة ثانية لئلا أراك، أنت عندي أقوى من الزلل لأنك أنت المثال.

أتمنى للشجرة التي أظلتني أن تبقى شامخة , وأتمنى ألا يخسر حبي لك وهج الإعجاب ورونق النقاء.

 

ملك حاج عبيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات