بوح الشعراء محمد عمران

بوح الشعراء

"1"

لا أحمل لكم نظرية في الشعر. ما سأقدمه ليس سوى اعترافات. " لقد وضعت حياتي بين أيديهم " يقول أحد أبطال سارتر. أنا، الذي وضع حياته بين أيديكم، آت، الآن، لأتحدث معكم بخصوص هذه الحياة، ولأن الشعر هو الحامل لها، فحديثنا سيكون عن الشعر.

هو، إذن حديث لا خطاب. في الحديث حميمية ليست في الخطاب. الحديث جسر لغة بين القلب والقلب، وكي لا ينحني الجسر أو ينكسر، على العابر أن يتخفف. سأتخفف ما استطعت. الحمولة التي معي، سأتخلى عنها. هذا الخرج الملآن بالكتب، والنظريات، وفلسفات اللغة، وسلطة النص، والبياض، والتناص، والانزياح، وموت المؤلف، ولذة النص، والمعادل الموضوعي، والشعرية، والحداثة، وأوهام الحداثة.. هذا الخرج المزدحم بما أهضم وبما لا أهضم من مصطلحات النقد، سأدعه ورائي.. وأتقدم، على جسر الحديث هذا، رشيقا كعصفور.

"2"

أنا، إذن آت لأعترف: أنا متورط بالشعر تماما، كما السمكة تعلق، وكما العصفور، علقت بهذه الشبكة السحرية الغامضة التي أثمرت الشعر، سوى أن السمكة والعصفور يذهبان إلى حتفهما حين يعلقان. أما أنا، كائن الشعر، فلا أعرف إلى أين يذهب بي هذا الصياد الماهر الخبيث، الذي مازال يسمح لي بأن أتخبط داخل شبكته الخضراء.

لن أخدع نفسي. أنا، حقا لا أعرف لماذا الشعر. بلى! لدي من الإجابات ما يملأ دفاتر، إجابات شعراء، إجابات نقاد، وإجابات فلاسفة. وهي جميعا على تناقض ما بينها، تلتقي في نقطة واحدة هي أن الشعر ضروري.

الشعر ضروري، حقا! ولكن، ماذا؟؟

"3"

أحلم أن أبلغ الشاعر الرائي.

لقد كان بطل "أوروك" أول الرائين، لهذا كان يدعى:" هو الذي رأى ".

لقد رأى أكثر من اللازم، وأبعد من اللازم، وأعمق من اللازم، في طريقه إلى السر، لعب بالبرق، فاحترق. برومثيوس أيضا احترق بهذا البرق. كل منهما على طريقته، سرق النار المقدسة. كل منهما دقت يداه باب الأسرار المحرم على ابن الإنسان.

" كل واشرب وتمتع بما لديك، أسعد المرأة في أحضانك والطفل في ذراعيك. هذا كل ما كتب لابن الإنسان تحت الشمس..!!

الشاعر ليس ابن الإنسان فقط. هو مثل جلجامش مثل برومثيوس، نصف ابن إله. هو لذلك لا يقنع بما يقنع به ابن الإنسان. عليه أن يرى أن يصعد إلى الذروة، ويشرف على المشهد الآخر من العالم، مشهد الغيب والحجب التي لا ترتفع لسوى الرائين.

"4"

" كتاب الملاجة " هو تجربتي الأشمل في قصيدة الرؤيا المتكاملة. " الملاجة " هي أسطورتي. أنا خلقت " ملاجة " من العدم. ملاجة لا وجود لها إلا في الحلم. أخذت من ضيعتي اسمها فقط، ثم أبدعتها كما أشتهي. ملأتها بالوعد والفتنة والذهب، ولما استوت سيدة على عرش صبوتي، خطفت لها " هيلين " اسبارطة، وتركتها تتنزه، هي وعاشقها، هي وأنا، هي والشاعر.. سبع ليال، وسبعة أيام في غمر الملاجة.

" سبع ليال، سبعة نهارات، نتدفق في الملاجة، نحمل الأسيجة والحواكير، الحجارة والسنديان، المقابر والبيوت، ونومئ للملاجة أن تنحل في موجنا الأبيض، نقتلع الملاجة ونغرقها فينا، ثم على خطانا، تنبت الشمس والهواء الأخضر.. "

كان في حلمهما أن ينجزا ترتيب العالم، أن يعيداه بالحب إلى فطرته الأولى التي خرج بها، لأول مرة من يد الله.

.. لو لم يحدث الغزو..

لو لم تسقط الملاجة، كما سقط العالم الحديث كله تحت أحذية الأسبارطيين الجدد الخارجين من أحصنة البنتاجون.

"5"

لن يكون الشاعر رائيا، ما لم يكن حرا.

في البدء، أسجل هذا الاعتراف: أنا شاعر حر. ولا سلطة علي سوى سلطة الشعر. حريتي ليست فوضى، هي دخول في نظام الأشياء، أنا حر، بمعنى أنني لا أنتمي إلى مذهب أدبي أو فني أو أيديولوجي، أنا أنتمي إلى مذاهب الفن كلها. موقفا، أنا منحاز إلى الإنسان، إلى العدل والحرية والجمال والحب، فنيا، أنا منتم إلى التجريب الدائم. أنا لذلك داخل المذاهب الفنية كلها، وخارجها جميعا. أنا واقعي، اشتراكي، رومانسي، سريالي، باطني، صوفي، سريالي. واقعي - صوفي - سريالي،.. أنا شاعر، لا رسول. أنا لذلك حر. حر أن أجرب، حر أن أكشف، حر أن أتوغل في جزر اللغة وألتقط " لقاياها ". حر أن أغوص حتى القرار، وأقطف مرجان الروح. حر أن أقرأ كلماتي الخاصة بي، على باب المغارة المسكونة بالأسرار.

ولأني حر، فأنا غامض. تضعني حريتي في المجهول تحملني خارج الدروب والطرقات المأهولة، وترميني في الغابة، حيث علي اكتشاف كل شيء، الشاعر مكتشف؟؟ بلى!! وهذا ما تنبغي إضافته إلى أسماء الشاعر. إنه رائد الأرض البكر بامتياز. مغامر؟؟ بلى!! هو لذلك يتقدم على هيئة صليب أو شهيد.

أنا غامض، لأني حر. الحق أن الحرية ذاتها غموض. العبودية واضحة، لأنها ذات مصير مكتوب، أما الحرية فتكتب مصيرها بيدها. هي لذلك تكتبه في المجهول، هكذا تلتقي الحرية بالبطولة، وكلتاهما تلتقيان بالمغامرة، الرمز الأمثل لغموض المصير.

الشعر غامض، لأنه ينهض أساسا على جدل الحضور والغياب، على عناق الأشياء الغامضة الواضحة في آن واحد. لنتواضع على هذا التعريف: الشعر استحضار الغائب. هو شكل من أشكال تحضير الأرواح. طقس سري سحري يتم به عبر دخان المجامر اللغوية، عبر الرقص المأخوذ والدوران وضرب المزاهر، استحضار أرواح الأشياء الغائبة. وحين تستحضر ينفتح معها حوار الأسرار. تلك في النهاية، غاية الشعر: أن يشترك مع المبدع في فهم العالم!!

"6"

لست ابن قبيلة، حياتي لم تكن حياة أمير، بل حياة صعلوك. كذا لم أقل: " أنا قبيلة عشاق " هكذا قلت: " أنا مدينة من وداع، هذا أيضا يسحب ظله على الشعر. موقفا، أنا أنتمي إلى ابن العبد، لا إلى الملك الضليل. لسواي أن ينتمي إلى هذا الذي يعقر ناقته لعذارى القبيلة. لسواي أن يبني أهراما من حلمات النساء. أنا، شاعر لم أقم بدور الذكر، بل بدور العاشق. المرأة في شعري، ليست أنثى بل حلم.. حالة من الحضور والغياب في وقت واحد.. امرأة من ماء وسراب.. امرأة من ظلال.. امرأة غمامة وبستان في آن معا، بيت وشراع مجنون في وقت واحد.. المرأة وطن، بلى! المرأة وطني! وأنا أسكن المرأة.

لا أدعي أني نيرودا، أو أراغون. للأول ما تيلداه، وللآخر إلزاه، أنا لي حبيبتي. وحبيبتي لها الأسماء كلها والصفات كلها، هي تظهر مرة تحت اسم " ريم " ومرة تحت اسم " مريم "، ومرة تحت أسماء مستعارة، ومرة من دون اسم.. حبيبتي، هذه التي ترونها هنا في قصائدي.. التي تعرفونها جميعا، وتتحدثون إليها جميعا، وتحبونها جميعا.. هذه التي تضحك معكم وتبكي معكم، وتفرح معكم، وتحزن معكم.. هذه التي تتفلت، أحيانا من قصائدي، وتتسلل إلى حياتكم فتسرقكم.. وتعود متخفية، لتضع مسروقاتها في قصائدي.

أترون، كيف يكون الشاعر لصا ظريفا؟؟

على أن حبيبتي لا تموت، وإذا حدث لها ما يشبه الموت، ما يخيل أنه الموت تكون هي هناك، خلف مرايا الحدود، تتنزه على شاطئ العدم الإلهي الأخضر.. تعرفون لماذا لا تموت! لأنها متحدة بي، وأنا متحد بالأرض.. لأننا معا متحدان بالعناصر: بالماء والهواء والتراب والنار.

"7"

لست شاعر مدينة، أنا شاعر رعوي. صدمة المدينة التي حدثت لسواي من شعراء الريف، لم تحدث لي. مدينتي لم تكن بلا قلب. وأنا لم أعش عشق المدينة، الحق أن المدينة التي يتمحور حولها كثير من شعر العالم المعاصر، ليست موجودة عندنا. حتى القاهرة، بهذا المعنى ليست مدينة، لندن مدينة، واشنطن، برلين.. مدينة الشعر الغربي الحديث هي مدينة الصناعة، مدينة الجسور والأنفاق والمناجم والمصانع والدخان والزحام والاختناق والضباب.. مدينة الوقت الذي لا وقت له. بهذا المعنى ليست عندنا مدينة في الشعر. بالنسبة لي، على الأقل، لم أعش اغتراب المدينة، بلى! في قصائدي كثير من الإشارات، من الرموز، من المحطات المدينية، غير أن لغتي إجمالا لغة رعوية، لغة رعي وزراعة في آن، أنا فلاح ابن أرض. منابعي هناك، وهناك أجري. لا أنفصل عن منابعي، ولا أتصل بها، بمقدار ما أنا متصل بها، أنا منفصل عنها. هذا الاتصال المنفصل أو الانفصال المتصل، ينسحب أيضا على منابع التراث كله. أنا داخل تراثي وأنا خارجه، أنا فيه، وأنا في نفسي. كلما أحسست جفافا، عدت إلى النبع هناك تنتظرني لغتي. هناك، في الريحان والدفلى، في الحشائش وفي بياض الحصى، ينتظرني الماء الذي سيجري في لغتي. قلت: أنا شاعر زراعة! بلى! أدخلوا طقوس الخصب في لغتي، لن تجدوا سوى لغة العشب، الرواء، الشجر، التراب، الغمام، المطر، الريح، الحقول، البساتين، الجبل، الوادي، السفوح، الطيور، الماشية، البرق، الشمس، البرد، الثلج، الدفء.. لغة رعي وزراعة كاملة. لا لست هاربا من عصري وهذا ليس لجوءا إلى الطبيعة. الطبيعة، في شعري، ليست ملجأ، أو مغارة. هي المكان. هي التجذر في المكان، بودي لو أتكلم عن المكان في الشعر، عن الزمان أيضا. منذ البدء وعدتكم ألا أتفلسف، المكان هوية الشعر. هو الذي يحدد اسمه واسم أبيه وأمه، ولون عينيه ووجهه، وتاريخ ولادته، وعلاماته الفارقة. ضعوا خطا أحمر تحت العلامات الفارقة. لن أدخل في فلسفة المكان، أنتم تعرفونها مثلي. أيضا لن أدخل في فلسفة الزمن بالنسبة لي، أنا زمن شعري، أنا البرهة المتصلة بالماضي والآتي، المشعة حولها، المتوترة المشدودة مثل قوس.. أنا زمن قصيدتي حين أدخل قصيدتي لأكتبها، أحمل معي العالم كله.. الزمن كله.. الذاكرة والنبوءة، التاريخ والرؤيا.. معا، نتوغل داخل القصيدة، نصير نحن هي، وتصير هي نحن.

"8"

اللغة! ما اللغة؟ مركب، وحمولة؟ لا، ليست حوامل، اللغة هي الشعر، واللغة هي الشاعر، لي أنا على الورق. أنا الماضي، الحاضر، الآتي. أنا الوجع، الدمع، الفرح، الحزن، الأرق، الحبس، التاريخ، الحب، الموت، الحلم، الانتظار.. أنا مسكون بالأشياء، أنقل نفسي إلى الورق على هيئة لغة. أنا لغتي، ولكل شاعر أن يكون هو لغته. لكل شاعر أناه اللغوية. هذا النسيج على الورق، هذا النظام، هذا الانسجام، هذا الإيقاع، وهذه الموسيقى، هذا كله أنا.. الحالة التي كنت فيها وقت صرت على الورق. إذا كان اللون هو الرسام، واللحن هو الموسيقي، والإيقاع هو الراقص، فاللغة هي الشاعر.

اللغة ميراث؟! نحن لا نرث اللغة. نحن فقط نرث مكونات اللغة. الميراث اللغوي لا يوجد إلا في المعاجم. والمعاجم لا تعطي لغة. المعاجم تعطي مكونات أولى. والشاعر يتناول هذه المكونات، ويصنع منها لغته، أي قصيدته، أي أناه الشاعرة. باللغة، فقط يختلف شاعر عن آخر. يتشابه الشعراء، أو يتناسخون، حين تكون لهم لغة مشتركة، أعني: حين لا يملك أحدهم لغته الخاصة. وقتها، ينقل أحدهم لغة الآخر، أي تجربة الآخر، أي حالة الآخر، أي هوية الآخر، ويضعها على ورقه هو، أنا أكتب حالتي. إذن أنا أكتب نفسي. ونفسي، ما هي؟! هي التاريخ وأنا الجماعة، وأنا الأجداد، وأنا هي كل ما أعرف، وما أختزن، ما أحلم، وهذا كله لا يمكن أن يتجسد إلا على شكل لغة.

أنا لغتي.

"9"

" الأفضل أن أكون راعي خنازير، تفهمه الخنازير، من أن أكون شاعرا لا يفهمه الناس". كلام " كيركغارد مبهم. علينا، أولا، أن نعرف مصطلح " الناس "، وعلينا ثانيا أن نعرف مصطلح " الفهم ".

ما الناس؟ جماعة من البشر؟ هذا صحيح. إنما العمال في المنجم ناس، الطلاب على المقاعد ناس، الجنود في الخنادق ناس، الفلاحون في الحقول ناس، الرعيان خلف مواشيهم ناس، العجائز في ساحة القرية ناس، والمثقفون في المقهى ناس، أية فئة من هؤلاء ينبغي أن تفهم الشعر ؟ وكيف تشترك العجائز والمثقفون، مثلا، في عملية فهم واحدة لعمل فني واحد ؟!

ثم ما الفهم؟ والشعر بالذات كيف يفهم؟ كيف يفهم الفن بشكل عام؟! هل علينا أن نفهم القصيدة كما نفهم مقالة عن فن الطبخ؟!. هل نفهم الفن على طريقة " أكل الولد التفاحة "؟ فنعرف أن ثمة تفاحة، وأن ولدا أكلها.؟ ولكن، هل هذا قول شعري؟! لم لا يكون الشعر هو النقيض: أكلت التفاحة الولد. حين نقول رجلا يمتطي حمارا، ويعبر الشارع، نقول كلاما مفهوما للناس، كل الناس. أما حين نقول: رأيت امرأة ترتدي عمامة، وتشق الشارع فيكون القول شعرا. وأنا لا أطلب من عجوز تفلي شعرها، أن تشرح لي كيف أن المرأة ترتدي عمامة، بل إنني لا أطلب ذلك حتى من بعض الذين يدرسون الشعر في جامعاتنا.

ذات سنة، تردد علي عدد من طلاب وطالبات السنة الرابعة في قسم اللغة العربية في جامعة دمشق. السؤال واحد لدى الجميع: " ماذا تقصد بقولك: أدور في مدار برتقالة زرقاء؟ ". أذكر العبارة بالضبط: ماذا تقصد بقولك؟.. من الصعب أن أشرح لهم ما أقصد بالضبط. قد أكون لا أقصد شيئا محددا. قد تكون لحظة سريالية خاطفة عبر قصيدة متكاملة ذات قصد ورؤيا.

كان ما آذى ذوق مدرسة الشعر هو هذه الاستحالة: الدوران في مدار برتقالة. كيف يكون للبرتقال مدار؟ وإذا كان، فكيف يتسع ليدور فيه الشاعر؟ هذا أولا. ثم، كيف يكون البرتقال أزرق؟!. هذه استحالة أخرى معها حق. فهي لا تفهم الشعر سوى في حدود ما فهمه نقاد عصر أبي تمام، وبهذا الفهم اللاشعري يستحيل أن يكون البرتقال أزرق، وأن يكون له مدار.

جربت العودة إلى الحالة التي كنتها وقت كتابة القصيدة. هي قصيدة حب. والمرأة موضوع القصيدة تسكن المدينة التي أحبها، طرطوس، مدينة البحر والبرتقال، وفي لحظة سريالية حصل التماهي بين زرقة البحر، واستدارة البرتقال.. تمازجا، وتداخلا معا، واتحدت عناصرها الشعرية بعناصر المرأة التي أحب، وتشكل شعريا ما يشبه المدار.

كيف لي أن أشرح ذلك؟ وإذا استطعت، فكيف لهم أن يفهموا؟ هو إحساس هنا، لا فهم. إحساس، حالة، طقس.. هو لذلك لا يشرح، كيف، إذن ينبغي أن نقول شعرا يفهمه الناس، كل الناس؟!.

ألا ترون مثلي أن السؤال صعب؟!.

"10"

الحزن؟ أنا شاعر الحزن، بامتياز، إنما دون ندب، ثمة حالة من الفقد، من خوف الفقد.. ثمة نقص ما، خلل ما، عطب ما.. شيء غامض ومثير يجعل الحياة غير قابلة للفرح. ربما هو جمال العالم، وخوف فقدان هذا الجمال!

هل أقول: الموت، إذن!؟

ينتهي نشيد البنفسج بهذه القصيدة - البيت:

" لم يترك الموت لقلب فرحا ".

هنا، في عراء الموت الغامض، يفرش الحزن بساطه، ويسترخي، ثم يأتي الشعر لينبت هناك، في الأرق، والترقب، والهجس، والتشبث.. في الخوف والمجابهة.. في التحدي والاستجابة.. هنا، داخل هذه الأرض المحروقة، حيث احتدمت المعركة، يطلع الشعر مثل نبات غريب.

هل الشعر إذن، محاولة لقهر الموت؟! هل نحن، حقا نقهر الموت بالشعر، كما ادعى صلاح عبدالصبور؟!

هل يكون الحب، أيضا هو المكان الوحيد الذي لا يأتيه الموت، على لغة صديقنا أدونيس؟!

هل الحب والشعر يعيشان على الحياة، كما يقول إيلوار؟!

مهما يكن، فالموت هاجس الشعر، تماما كما هو هاجس الحب، وهذا الهاجس هو الذي يخلق دراما الشعر والحب على السواء، دراما الإنسان، التراجيديا الكونية التي دونها لا تستمر حياة هذا الجنس الملعون، الهابط بالخطيئة.. الذي اسمه الإنسان.

 

محمد عمران

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات