عزيزي القارئ

عزيزي العربي

أربعون النضج

.. رئيس التحرير

مبارك العيد الأربعون لمجلتنا الحبيبة وأعوامها مباركة.. كما أعدادها الواحد تلو الآخر، والبركة هى صانعتها، تطرحها بين أيدينا غلالا وقمحاً، في مآقينا بهجة وحبورا، وفي قلوبنا سعة ومحبة، وفي أذهاننا ضياء وروعة.

مجلة " العربي " الصديقة العاشقة، تحمل الود فتدخل القلوب العاقلة تزرع في حناياها شقا جديدا وتداعب النفس كنسيم البحر يلهو بخصلة شعر هاربة إلى زرقة البهاء.

" هى صديقتي وصديقة كل فرد في أسرتى بل وفي مجتمعي ". عبارة يرددها- دون أدنى شك- كل من قرأها لمرة واحدة كانت النظرة الأولى في قصة حب حقيقي لا يموت.

فلا عجب أن تلاحظ في البيت العربي الواحد نسختين من العدد الواحد، إذ يتلقفها أي فرد من الأسرة فور رؤيتها دون انتظار الآخر فعل ذلك، بل لكيلا يشاركه آخر لذة اللقاء الأول.

وهكذا تغدو مجلة العربي الصديقة الأثيرة تقضي الليل- كل اللليل أحيانا- تسامرك وتقضي على ملك نومك فلا يدخل غرفتك، ولا هي ديكة الصباح تمنع حلو الكلام المباح، وتصبح الشاي لذيذة كلما بردت. حكاية عشق- مجلة العربي- يتغنى بها العاشقون معا !!

وأنا احكي بعض هيامي بمجلة العربي أراني أصور حسنها وجمالها كمراهق وقع في الغرام لأول مرة فهو لا يدري السلبيات.

و- أعوذ بالله منها كلمة أنا- ما آمنت بحب المراهق الأعمى.. فالعقل سيد كل شئ.. وقد استخدمت منظاره المكبر بحثا عن- الحيادية- في تقييم أركان مجلة العربي، فكانت لطمات زواياها وتوبيخ أبوابها وملاحظات أسطرها وتلميحات رسومها.

لم تكن هذه المحاضرة التي تلقيتها من ذاتي نيابة عن أوراق المجلة المزركشة بكل ما اشتهت نفسي وطالب عقلي ولمست أصابعي، لم تكن هذه المحاضرة إلا نظرة حب أبوية من كتاب، كنت أشعر بها وأنا أنهي قراءته أثناء طفولتي نظرة رضا ألقيها على رواية أو ديوان شعر وأنا أعيده إلى مكانه في مكتبة البيت.

شعور بالفخر يروادني كلما نظرت في أعداد " العربي " المتراصة جنبا إلى جنب على رفوف مكتبتي، تماما كما كان العرب متراصين تحت أسماء مختلفة مع الكويت في محنتها، والعرب- مع الأسف الشديد- لا يتذكرون " أسنان المشط " إلا في المحن.

ها نحن نشعر بالسعادة حين تجمع عيوننا، مئات الآلاف من العيون.. ملايين الأزواج من العيون صفحات توحد " العربي " شهريا ولمدة أسبوع.. أو عشرة أيام على الأقل بشكل مستمر عربا هنا وهناك يكونون في نفس اللحظة حاملي فكر واحد وقلب واحد وابتسامة حب واحدة، حين يقرأون صفحات العربي. أما " العربي " ويميزها عربوتها الأصيلة بلا تزييف، هي نتاج الكل للكل هي المؤسسة العربية التي نرجو- قراؤها- أن تتخذ كنموذج يحتذى به. ليس من قبل المطبوعات فحسب بل من قبل مؤسسات من قبيل تلك المسجلة في أوراق الجامعة العربية، بشرط شعبية الإدارة ! وتتخذ من السياسة معنى واحداً فقط هو " طرق الإدارة والتطوير " ولا تدخل أحداثها ضمن نشرات الاخبار !

فتحية إلى صديقتي الحبيبة " العربي " وعيد ميلاد سعيد، وكل عام وهي بخير، في عام لا نستطيع أن ندعوه " أربعين النضج "، فهي ولدت ناضجة وتزداد كمالاً شهراً بعد شهر.

وكل عام وأنتم بخير، يا من تكسونها الثوب الجميل، توزعون الزهور على الصفحات وتزرعون قرب الاقحوان فيها القمح وقرب عباد الشمس البتولا، وعطر الليل تنضدون الحروف لتبرعم الأفكار وتورق المفيد وتثمر الوعي. بوركتم أصحاب أقلام " العربي " ومباركة الصديقة.. خير صديقة.. مجلة العربي.. في عيدها وفي مسقط رأسها.. منارة الثقافة العربية العالمية.. الكويت الحبيبة.

على ناصر
أبها- السعودية

مشعل للثقافة العربية

.. رئيس التحرير

كان عام 1958 عاما عجيبا بحق في عالمنا العربي. لقد كان عام المد والعنفوان القومي حيث الآمال العريضة والتوقعات الكبيرة، لقد بدا العالم القومي وكأنه بروميثيوس قام ليحطم أغلاله، ويبني الغد الجميل الحر. فقد شهد قيام وحدة مصر وسوريا وانضمام اليمن لهما، ووحدة الأردن والعراق التي انتهت بثورة العراق في ذلك العام، ونزول قوات الأسطول السادس الأمريكية في لبنان والقوات البريطانية في الأردن وانسحابهما فيما بعد.. واحتدام ثورة الجزائر.

كانت هذه الأحداث تهز العالم العربي من المحيط إلى الخليج هزا عنيفا، ولا يمكن لمن عاشها إلا أن يحاول بحنينه إليها أن " يسمو على حدود التاريخ " وأن يردد الآن مع الشاعر وردزورث قوله: " طوبى لمن عاشوا ذلك الفجر ".

وشهدت الكويت أحداثا ثقافية كانت على جانب كبير من الأهمية، فقد واصلت إدارة المعارف فيها تنظيم مواسمها الثقافية فشهد ذلك العام الجزء الثاني من الموسم الثقافي الرابع والجزء الأول من الموسم الثقافي الخامس حيث كان يدعي مفكرون من مختلف أرجاء الوطن العربي ليحاضروا في موضوعات شتى، وتأسست رابطة الأدباء، وانضمت الكويت لليونسكو، وبدأت الدراسات لإنشاء متحف وطني، واستضافت الكويت مؤتمر الأدباء العرب الرابع ( ديسمبر 1958 )، وفي مطلع شهر ديسمبر من ذلك العام صدر العدد الأول من مجلة العربي.

كان صدور مجلة العربي حدثا ضخما لم ندرك أبعاده في ذلك الحين، بل لعل الشباب المسيس آنذاك ارتاب في أغراض تلك المجلة التي تصدر عن بلد محافظ لا يزال تحت الحماية البريطانية، ولما لم يكن هذا الشباب قد اعتاد على مجلة عربية بهذه الألوان الزاهية وهذا الورق الصقيل والإخراج الجيد، فقد رأى فيها صورة أخرى للمجلة الجغرافية الأمريكية فلازدادت ريبته !! ولم تقنعه كثيرا افتتاحية العدد الأول التي يقول فيها رئيس التحرير " فالعربي باسم هذا الوطن العربي وأهله ترفض الاستعمار الخفي منه والبادي، وتعمل على تقريب أجله، فهو لا بد ذاهب، ووسيلتها إلى ذلك الثقافة تنشرها والوعي تحييه "
، لقد كان شبابا متمردا لا يقبل بأقل من الثورة على الاستعمار والتحدي الصريح له.

ومرت الأيام وإذا بمن كانوا في ذلك العام شبابا قد أصبحوا شيوخا، أو غيب بعضهم الثرى، وإذا هم يحتذون حذو ديكارات مع سلة التفاح، يفرغون كل ما في السلة من التفاح ليبعدوا ما فسد منه ويستبقوا ما كان صالحا، فهم يقفون وقفة مراجعة للنفس ولما تكون عندهم من أفكرا ويسترجعون الماضي فيرون أن كثيرا من تلك الأحلام العريضة قد تبدد، فلا الوحدة بقيت ولا الآمال التي عقدت على الثورات تحققت، ولا الأوطان المسلوبة استرجعت. صحيح أن هناك ذبالة في آخر النفق خافتة تهتز، كان أطفال الحجارة بعض من أشعلوها، ولكن لسان حال الأغلبية: أما لهذا الليل من آخر ؟

لقد خابت توقعات وآمال سياسية كثيرة وكان فشلها وبالا وبلاء، وفي المقابل كان من الإيجابيات أن تبددت تلك الشكوك التي حامت حول هوية مجلة العربي، وكان في تبديدها كشف لحقيقة برزت ناصعة وهى أن المجلة ظلت على مدى أربعين عاما تحمل مشعل الثقافة العربية تنير به سبيل كل من يقرأون العربية أينما كانوا، فمن لم ينهل منهم من هذا النهر العظيم ؟ وعرفت صفحاتها أقلام ثلاثة أجيال من كبار المفكرين والشعراء والأدباء العرب في مختلف أقطارهم، فكانت بحث منتدى للفكر العربي. لقد ظلت بندا أساسيا على أجندة الثقافة العربية على مدى أربعين عاما، وعنصرا أساسيا في صياغة هذه الثقافة وتشكيلها، وتبين في النهاية أن الذين راهنوا على المشروعات الثقافية كسبوا الرهان.

لقد تناوب على رئاسة تحريرها ثلاثة مفكرين، كل كان له نهجة واجتهاده، وكل ترك أثره في المجلة، وكان هذا التنوع في المقاربات يثري المجلة ويغنيها ولا يخل بطابعها العام وبنسقها، بل كان يهبها شبابا دائما.

تحية لمجلة العربي في عيدها الأربعين ولكل من أسهم في تمكينها من أداء رسالتها التنويرية.

صدقى حطاب
عمان- الأردن

العام الأربعون

يا شعلة العقل يا إشعاعه البادي

 

يا زاد معرفة بوركت من زاد

معينك البحر لا تنصب موارده

 

ونبعك الثر يروي غلة الصادي

حوت متونك آفاقا مرصعة

 

بأنجم الفكر تعكس نورك الهادي

قعطت شوطا طويلا من مسيرتك

 

وصرت شمسا تنير عالم الضاد

الأربعون من الأعوام قد حفلت

 

بكل عام وابداع وتجديد

فى كل شهر تجودين بمأدبة

 

ودعوة صادقة للرائح الغادي

عطاؤك السمح يستوجب تشكرنا

 

وهذا حق نؤديه لجواد

من كان يبغي الثقافة من مصادرها

 

فأنت مصدر تثقيف وإرشاد

وأنت سلوى الغريب في مهاجره

 

متى رآك يشعر بأبعاد

تحية الود والعرفان يا " عربي "

 

وألف شكر لكتاب ورواد

محمود عباس مسعود
مشيغن- الولايات المتحدة

السهل والممتنع

أربعون عاما ومجلة " العربي " تواصل رسالتها السامية، ناقلة المعرفة والرأي السديد إلى أوسع فئات القراء في شتى أنحاء العالم العربي.

نادرة هي المطبوعات الدورية العربية، التي تتميز بمثل هذا الاستمرار وهذا الثبات في التمسك بنقل الحقيقة إلى القارئ، وبجودة النص وانفتاح الخطاب، ورقي الأسلوب، أسلوب السهل الممتنع الذي أتاح لها الوصول إلى أوسع دائرة من القراء العرب. فيقرأها في آن واحد الطالب والأستاذ الجامعي، ربة المنزل والمثقف، العامل ورجل العلم.. كل ذلك في أناقة في الاخراج التي أصبحت سمة مميزة لـ " العربي ".

في أواسط الستينيات، كنت لا أزال فتى يافعا عندما أتيحت لي فرصة التعرف على " العربي ". واليوم وأنا على مشارف الخمسين، وبعدما أتيح لي أن أكون من بين كتابها من حين إلى آخر، لا أزال مواظبا على قراءتها، تشدني إليها كما شدتني في المرة الأولى. ولا أبالغ إذا قلت إنها المطبوعة الوحيدة التي رافقتني كل هذه الفترة دون انقطاع تقريبا، إلا في حالات قسرية نادرة.

ما اتمناه لـ " العربي " وأسرة تحريرها هو داوم الازدهار، والاستمرار في أداء مهمتها المعرفية والتثقيفية لتبقى صرحا ثقافيا عربيا رصينا كما عهدناها دائما.

د. محمد دياب

وتريات
الموهبة، والعادة

فكرت أنسى الشعر
لكنى بليت به،
وكان عليَّ أن أحيا
لأحمله ،
وأن أبقى أرتلهُ
فكرتُ أهجرهُ
وأكفرهُ،
ولكني رأيتُ الشعرَ
يبقى دائما حيًا،
ولو بالسيف نقتلهُ
فكرت أنسى الشعر
أتركهُ،
وأرفضهُ،
ولكني رأيتُ ممارس الأشعارِ
يبقى رهنَ عادته..
ويبقى ناشرًا للشعرِ
رغما عن إرادته
برغم الشاعر الموهوب
يبقى شاعرًا أبدًا
ومهما حاول النكران
والهجران
يبقى شاعرًا أبدًا
فلا تعجب لماذا ينشد الموهوبُ
أشعارًا بلا سببِ
فهذى يا أخَ الأشعارِ هذي
قصة العجبِ
ركبت في سفينةٍ،
ماخرةٍ،
فاخرةٍ،
باخرةٍ،
جوابةٍ،
لكل ما فى الأرضِ
من عمارٍ،
أو دمار
سفينة ليس لها ربان
ولا رايتُ في داخلها
قبطانْ
وليس في أطرافها
بحارة،
أو جانْ
فلا تسلني يا أخي ...
ما هذه السفينة
فإننى لا أعرف السكينة
وليس لي
دراية أين هي الكبينة

حفيظ بن عجب آل حفيظ الدوسري
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية - الخرج - السعودية

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات