تبيض الأسنان.. كيف ولماذا؟ عامر خالد حسن

تبيض الأسنان.. كيف ولماذا؟

اصطباغ الأسنان وتلونها مشكلة دائمة في عيادات طب الأسنان، لطالما أزعجت الكثيرين، فمنهم من وصل بأزمته إلى بر الأمان، ومنهم ينتظر الإجابة، والتي قد تكون أشبه بالمعجزة.

ذلك إذا ما عرفنا أن لون الأسنان هو مقدار مختلف في معاييره الطبيعية والقياسية، إلا أنه مقدار مهم وواضح لدى الفرد، وهو يختلف حقيقة من إنسان لآخر، حسب عوامل البيئة والوراثة. وألوان الأسنان تتراوح ما بين اللون الأصفر إلى الرمادي المزرق، وهو اختلاف كمي كبير.

ويعاني الكثيرون مما توارثوه من ألوان سيئة، أو ما اكتسبوه من اصطباغ سني بعد المعالجات الفمية، ولا تكاد عيادة لطب الأسنان تخلو من مرضى هذه المعاناة.

لقد بدأت محاولات المعالجة للون الأسنان عام 1877، حيث أدلى طبيب الأسنان تشابل Chapple بدلوه لتبييض الأسنان باستخدام حامض الأوكزالات، وتبعه هارالان Harlan عام 1884م، والذي نجح بمعدلات جيدة في التبييض باستخدام بيروكسيد الهيدروجين، إلا أنها كانت بتركيز عال مما أضر بصحة ما يجاور الأسنان من أنسجة، مما دعا أبوت Abbott 1918 لاستعمالها مخففة وبتركيز 30%، ومع مصدر حراري لتسريع وصول المادة لتراكيب السن، وهي الطريقة المتبعة مع بعض التحوير في عيادات طب الأسنان الحديثة، والتي تعتمد بفكرتها على أكسدة الأصباغ العضوية بما يتحرر من أكسجين في بيروكسيد الهيدروجين القاصر.

خارجية وداخلية

تصنف صبغات الأسنان بأشكال شتى، إلا أن الدارج سريريا هو تصبغها بالاعتماد على محل تمركزها، لذا فهناك صنفان رئيسيان منها وهما:

الصبغات الخارجية، والتي تتسبب في تلاصق ذرات غريبة على الأسنان، من الجهة الخارجية وأهم هذه الذرات: قطران السجائر، الشاي، القهوة، النبيذ، الشيكولاتة.

الصبغات الداخلية والتي تتسبب في تلاصق ذرات الصبغات داخل تركيب السن، ويكون مصدرها داخل الجسم وأجهزته، كنتيجة لاستعمال العقاقير كالتتراسايكلين أو تناول عناصر معينة كالفلور بشكل مفرط، أو نتيجة تعرض الأسنان لصدمات خارجية، وموت لب السن، فيتحلل هيموجلوبين الدم ويدخل لقنوات العاج.

إن تلون الأسنان باستعمال عقار التتراسايكلين يتراوح ما بين الأصفر الفاتح إلى البني والرمادي، وقد ثبت بالممارسة العلمية إمكان علاج اللون الأصفر أو ما يقاربه منها بالقصر، أما اللونان البني والرمادي فيصعب علاجهما. كما ثبت أنه ليس كل مجاميع التتراسايكلين مسببة للتلون، حيث يستثنى نوع الفيبرامبسين والذي ثبت عدم قدرته على إحداث التلون أبدا. بقى أن نعرف أن هذا العقار يسبب التلون إذا ما تم تناوله من قبل الرضع أو الأمهات الحوامل.

أما التسمم الفلوري Florosis فهو يتسبب في زيادة جرعات الفلور، وهو مختلف في لونه من الأبيض ثم الأصفر إلى البني الغامق، وهيئته أن تكون مخططة أو متبقعة، وهي في الأصل مناطق لفرط تآكل الأسنان وتنخرها، وأول من تنادى لعلاجها باستعمال القصر بحامض الهيدروكلوريك كان العالم كاني Kane في عام 1916.

كما تتلون الأسنان داخليا نتيجة تفاعلها مع كبريتيد الفضة الناتج من حشوات الزئبق، مما يلون الأسنان بلون أزرق أو أسود، وهو عادة ما يقاوم عمليات القصر اللوني.. وهناك حالات وراثية ومرضية أخرى تسبب التلون.. وطبيعيا وبشكل عام فإن أسنان الصغار تكون بيضاء وكلما كبر الإنسان تحول لونها للون الأصفر نتيجة اضمحلال سماكة الميناء البيضاء وزيادة تكون مادة العاج المائلة للصفرة.

المسموح والممنوع

إن علاج معظم هذه الحالات يتم بطرق متعددة لعل أبرزها، التنظيف المنزلي: بالفرشاة وبالطرق الصحيحة، وباستعمال كاشفات الصبغات Disclosing Media لمنع تكونها منذ البداية، أو بالتنظيف المتقدم لدى طبيب الأسنان وبفترات منتظمة باستخدام الفرشاة الدوارة والمواد الساحلة كمعاجين مزلقة ومنظمة.

القصر Bleaching : وهو بأنواع متعددة وبطرق مختلفة الأسماء، إلا أنها أساسا تتشابه في كونها تتم بتنظيف الأسنان جيدا ثم استعمال مواد مخرشة للقنوات العاجية Dentine Etching وفي داخل السن، وعادة تكون هذه المادة حامض الفسفوريك، وبتركيز بسيط يتراوح ما بين 35 - 37%، ولمدة قليلة لا تزيد على 30 ثانية، بعدها يتم القصر باستعمال مركبات بيروكسيد الهيدروجين وبعد عزل اللثة باستعمال مواد مطاطية كسدود، ودهون مانعة لاحتراق اللثة بهذا المركب الكيميائي، وتوضع المادة بأشكال وطرق مختلفة على سطح السن، وكذلك داخل تجويف السن (إذا ما كان ميتا)، ولمدة ثلاثين دقيقة، ولزيارات متعددة حتى يزول التلون.

وشاع في الآونة الأخيرة تجاريا وعبر شاشات التلفاز، استخدام مواد مبيضة للأسنان، يتم استخدامها منزلياً، حيث توضع في طوابع Trays يضعها الفرد بنفسه ولمرات متعددة باليوم، وهي تحتوي على مركب 10% بيروكسيد الكاربامايد، وله القدرة على إعطاء نتائج قصر سريعة وواضحة.

إن سمية المواد القاصرة المنزلية كانت معرض تساؤل المنظمة الأمريكية للغذاء والدواء عام (1991)، بينما سارعت منظمة السوق الأوربية في عام 1992 لمنع استخدام القواصر المنزلية المحتوية لكاربامايد البيروكسيد، وللآن فإن معظم طرق القصر المنزلي موجودة في الولايات المتحدة وآسيا وإفريقيا، بينما هي ممنوعة في أوربا.

الحك السني Abrasion : وحديثاً استعملت طريقة الحك السني لإزالة التلون السني، وهي نوعان: الأولى وتعرف بالحك الدقيق Microabrasion وتتم باستعمال خليط من 18% من حامض الهيدروكلوريك مع مواد ساحلة ولمدة خمس ثوان، وهي مؤهلة وبكفاءة لرفع بقع الميناء البيضاء أو التلون البسيط، لذا فإن مجال عملها متحدد بصبغات الميناء البسيطة، ويمكن زيادة تركيز الحامض إلى 36% مع خلطه بالأثير و35% من بيروكسيد الهيدروجين لعلاج حالات التسمم الفلوري المتوسط. والطريقة الثانية للحك وتعرف بالحك الواسع Macro _ abrasion ويتم باستعمال حفارات من (الماس) لإزالة طبقة رقيقة جدا من سطح الميناء المتلون، ويتم تعويض هذه الطبقة من قدرة الميناء على التكوين المتجدد.

اللواصق القشرية Laminate Veneers : بظهور اللواصق السنية كمواد سنية حديثة لها القدرة على التفاعل كيميائيا وميكانيكيا مع سطح السن، أمكن الاعتماد وبدرجات مطمئنة على تغطية المناطق المتلونة بمواد صناعية بلون السن لها القدرة على الالتصاق بسطح السن، بعد إزالة طبقة الميناء المتلونة وأحيانا جزء في العاج، وهذه اللواصق القشرية هي بالأصل مواد راتنجية أو خزفية وتوضع بعد معاملة سطح السن بالتخريش ثم بمواد لاصقة ذات ألوان مكملة للون التلون وصولا إلى اللون الأبيض.

إن نتائج هذه العملية جيدة وبسيطة، وبالإمكان إعادتها ودونما ضرر كبير على الأسنان.

التيجان: وتعد هذه الطريقة آخر علاج يلجأ إليه بعد فشل المعالجات السابقة، إذ يعمد طبيب الأسنان إلى تحضير السن المصطبغ بقطع أجزاء منه وبمقدار 1-2 ملم ما حول السن، وليتم تعويضها بتغليفها بتاج من الخزف بلون الأسنان المجاورة. وهي طريقة فيها من المساوئ بقدر مالها من المحاسن، إلا أنها تعطي منظرا ورونقا ثابتا وأكثر جمالا.

الخلاصة

إن اصطباغ الأسنان مرض كسائر الأمراض، وعلاجه لا يكون بنتائج حتمية إذا ما تجاوز الحد الوسط منها أو تقدم عنها، وهي معرضة للعودة للظهور، فلا جزم باختفائها، إلا إذا تم اللجوء للمعالجات الجذرية المعقدة والتضحية بأجزاء عزيزة من الأسنان، لذا فإن المريض عليه أن يتقبل اللجوء إلى معالجات بسيطة كالقصر أو الحك، برغم أن نجاحها قد يكون وقتيا فإنها لا تكلف السن تضحية كبيرة بأنسجته كالتي تحدث في اللواصق القشرية والتيجان.

 

عامر خالد حسن

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات