الغاز الطبيعي مصدر الطاقة الجديد في دول الشرق الأوسط فوزية حسين

الغاز الطبيعي مصدر الطاقة الجديد في دول الشرق الأوسط

يتكون الغاز الطبيعي أساسا من غاز الميثان CH4 بالإضافة إلى غازات أخرى توجد مختلطة مع هذا الغاز، ولكن بتركيزات منخفضة مثل غاز الإيثان C2H6 والبيوتان C4H10 وتسمى هذه المركبات من الغازات بالمركبات العضوية. أما الغازات ذات المركبات غير العضوية والتي تكون مختلطة مع الغازات العضوية فهي غاز ثاني أكسيد الكربون CO2، النيتروجينN، كبريتيد الهيدروجين H2S، الهيليوم He وأخيرا بخار الماءH2O .

المكونات والمواقع

ويتكون البترول (الغاز الطبيعي والنفط) من تجمع بقايا كائنات بحرية نباتية أو حيوانية معا والتي تختلط مع الرواسب البحرية.

تتكاثر الكائنات البحرية في بيئات غنية بالأكسجين ولكن بعد موتها تتجمع بقايا هذه الكائنات في بيئات خالية من الأكسجين وبالتالي يتم حفظ هذه المواد العضوية (الكائنات الميتة) في الرواسب والتي تدفن تدريجيا إلى باطن الأرض متعرضة لدرجات حرارة عالية تؤدي إلى سرعة تفاعلها وبالتالي إنتاج الغاز والنفط من هذه المواد العضوية. بعد أن يتم إنتاج قطرات النفط والغاز الطبيعي في تلك الصخور تبدأ في التحرك من خلال مسامات الصخر حتى تتجمع في مناطق ذات نظام صخري معين يسمى (بالمحبس البترولي).

وتوجد المحابس على أشكال مختلفة، وللحصول على النفط والغاز الطبيعي من هذه المحابس يتم حفر بئر يخترق صخر الغطاء حتى يصل إلى صخور الخزان وبالتالي إلى النفط والغاز الطبيعي.

وعادة ما يكون الغاز الطبيعي والنفط تحت ضغط عال، حيث يؤدي مستوى الضغط في بعض الأحيان إلى اندفاعهما إلى سطح الأرض من خلال البئر دون الحاجة إلى مضخات لسحبها إلى أعلى كبعض حالات حقول النفط في الكويت.

وكما ذكرنا سابقا يتكون الغاز الطبيعي أساسا من مركبات عضوية تسمى الهيدروكربونات والتي تنتمي إلى مجموعة البرافينات.

أما الغازات غير العضوية والتي توجد مختلطة مع الغاز الطبيعي فمنها:

غاز كبريتيد الهيدروجين وهو أكثر الغازات سمية ويستفاد من هذا الغاز في إنتاج الكبريت وبعض المواد الكيماوية المكونة له مثل حمض الكبريتيك. ومن مساوئ تواجد هذا الغاز هو تسببه في تآكل الأنابيب والصمامات المستخدمة في عمليات حفر الآبار. وإذا كان الغاز الطبيعي خاليا من غاز كبريتيد الهيدروجين فإنه يسمى بالغاز الحلو "Sweet Gas " أما إذا وجد الغاز الطبيعي مع هذا الغاز فإنه يسمى الغاز المر ( Sour Gas )

- ثاني أكسيد الكربون ويوجد بتركيزات مختلفة ويمكن أن يصل إلى 30% من تركيز الغاز الطبيعي كما في أحد الحقول في بحر الشمال. ويستخدم في تحسين عمليات الإنتاج والحفر بالإضافة إلى أنه يمكن أن يستخدم في إنتاج "الثلج الجاف" ( Dry Ice )

بخار الماء: ويسبب وجوده مع الغاز الطبيعي انسداد الأنابيب التي تنقل فيها خاصة في المناطق الباردة بعد تجميدها.

- غازات خاملة مثل الهيليوم، الأرجون، الرادون.

- النيتروجين، الهيدروجين.ويتم نقل الغاز الطبيعي عن طريق أنابيب أو عن طريق خزانات بعد تبريد الغاز إلى غاز مسال تحت ضغط عال. وبالإضافة إلى استخدام الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة فإنه أيضا يستخدم في بعض الصناعات الكيماوية مثل الألياف الصناعية وفي صناعة البلاستيك، المطاط الصناعي، الصابون، المنظفات المختلفة، الأصباغ، الأدوية، أدوات التجميل وأخيرا الأسمدة الكيماوية.

المخزون في الشرق الأوسط

يتبادر إلى ذهن الإنسان لأول وهلة عند الحديث عن منطقة الشرق الأوسط مسألة كميات المخزون النفطي فيها، والتي لها دور أساسي في تحديد المستوى الاقتصادي وبالتالي السياسات والتحديات التي تحيط بهذه المنطقة وتصبح محط أنظار كثير من دول العالم خاصة الصناعية منها. يصل مخزون النفط في منطقة الشرق الأوسط إلى 663 بليون برميل ممثلا 66% أي ثلثي مخزون العالم بالإضافة إلى كميات أخرى لم تكتشف بعد وتقدر ب 117 بليون برميل حسب إحصاءات عام 1993. أما كميات الإنتاج النفطي فتمثل 27% من الإنتاج العالمي.

ولكن تتجه الدراسات الحديثة إلى اكتشاف كميات الغاز الطبيعي في هذه المنطقة، والتي لا يمكن تجاهلها مع العلم بأنه لو تمت مقارنتها بكميات النفط في هذه المنطقة فسيقال إن هذه المنطقة هي منطقة نفطية أكثر من كونها منطقة غاز طبيعي. وحسب الإحصاءات الحديثة 1993 فإن مخزون الغاز الطبيعي في المنطقة يمثل 30% أي ثلث مخزون العالم، وتأتي هذه المنطقة في الترتيب الثاني من ناحية مخزونها بالغاز الطبيعي بعد دول الاتحاد السوفييتي السابقة. أما كميات الإنتاج فتمثل فقط 6% من كميات الإنتاج العالمي وهي تعتبر من أقل الدول إنتاجا مقارنة بكميات المخزون فيها. وبهذا فإنه من المتوقع أن تكون الأنظار على المنطقة ليس فقط لتزويد العالم بالنفط، ولكن أيضا بالغاز الطبيعي. وتبين الدراسات الحديثة أيضا أن مخزون الغاز الطبيعي في العالم كبير جدا وتمثل 1.15% من المجموع الكلي للمنتج والمخزون والمتوقع اكتشافه مقارنة ب 29% للنفط وهي موزعة بصفة عامة كما يلي:

- 53 تريليون م3 من الغاز تم إنتاجه حتى عام 1991.

-130 تريليون م3 من الغاز أثبت أنه مخزون في باطن الأرض.

-230 - 240 تريليون م3 لم تكتشف بعد ومن المتوقع أن تكون مختزنة في مناطق القطب الشمالي ودول الاتحاد السوفييتي القديمة ومنطقة الخليج العربي.

ومن المتوقع أن تكون أكثر الدول تصديرا للغاز الطبيعي حتى منتصف القرن القادم هي دول الخليج والاتحاد السوفييتي قديما واللتين تحويان مجموع ثلثي مخزون الغاز الطبيعي في العالم. وحسب الإحصاءات أيضا يتوقع أن تكون الحاجة إلى إنتاج الغاز الطبيعي بكميات 5.2 7 تريليون م3 في عام 2000 مقارنة ب 2 تريليون في عام 1991.

وعلى هذا الأساس فإنه خلال ال 30 سنة المقبلة سيكون مجموع كميات الغاز المنتجة يقدر بحوالي 72 - 74 تريليون م3 أي أنه حتى عام 2020 سيكون هناك أيضا مخزن من الغاز يكفي حتى العشرين سنة اللاحقة له.

ومن الدراسات التي أجريت على القارات المختلفة لحساب كميات الغاز الطبيعي المخزون وجد أنها لا تغطي الكميات المطلوبة للاستهلاك في قارتي أوربا الغربية وأمريكا الجنوبية. أما أمريكا الشمالية فإنها ستغطي حاجاتها حتى عام 2003 إلا أنه يمكن أن يكون هناك بعض المخزون في المناطق الجليدية الشمالية. أما استهلاك إفريقيا مقارنة بكميات مخزونها فإنها ستلبي حاجاتها خلال ال 30 سنة القادمة. وبالتالي نجد أن أكثر الدول الصناعية ستسد حاجاتها من الغاز الطبيعي من دول الخليج العربية والاتحاد السوفييتي القديمة.

ويمثل الشكل (1) كميات الغاز الطبيعي المخزونة والمنتجة لدول الخليج العربية حيث نجد أنه يتركز نصف المخزون تقريبا في جمهورية إيران الإسلامية وتأتي في المرتبة الثانية قطر ثم الإمارات العربية والسعودية.

ولقد ازداد النشاط الاقتصادي لتصدير الغاز الطبيعي في دول الخليج العربي حيث قامت بعض الدول بتوسيع الصناعات المتعلقة بإنتاج الغاز الطبيعي مثل الإمارات العربية المتحدة، كما أن هناك مشاريع لتطوير الإنتاج في دول إيران وقطر وسلطنة عمان. هذا بالإضافة إلى المشاريع الكبرى في تمديد الأنابيب بين الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة للغاز الطبيعي وهي:

مشروع خط أنبوب السلامPeace Pipeline : وتقوم بدراسة هذا المشروع كل من جمهورية مصر العربية، والأردن، وفلسطين وإسرائيل. ويصل طول هذا الأنبوب إلى 438 كم يمتد من ميناء بورسعيد إلى منطقة حيفا في إسرائيل. وتنظر دول الغرب إلى هذا المشروع على أنه سيكون نواة لتمديد شبكة أنابيب غاز أخرى من دول منتجة أخرى مثل السعودية والخليج العربي لإيصالها إلى دول البحر المتوسط ثم أوربا. ويتوقع أن يتم التوقيع على هذا المشروع بنهاية عام 1996. وقد أوضح وزير النفط المصري أن إنتاج الغاز الطبيعي في مصر غير كاف لاستمرار تدفق الغاز عبر هذا الأنبوب المقترح. إلا أنه اقترح من باقي الدول أن تكون مصر مركز تخزين وتجميع الغاز من دول أخرى!!.

مشروع خط ليفانت Levant Project وهي تمديد لخط أنبوب السلام من مدينة حيفا إلى منطقة الإسكندرونة على شواطئ البحر المتوسط في تركيا. والذي من المتوقع أن يمتد لاحقا إلى أوربا. مشروع خط روسيا ويمتد من روسيا إلى أنقرة ثم السواحل التركية ثم قبرص وأخيرا إسرائيل.

وبهذا تصبح مصر وتركيا مناطق لتوزيع الغاز الطبيعي إلى الدول الأخرى وأيضا إذا استمر المشروع والمتوقع أن يحدث خلال عام 2010 وامتد إلى مناطق أخرى فإنه سيفتح الباب لعمل شبكة من الأنابيب من مناطق الخليج العربي أيضا.

مشروع شبكة غاز الشرق الأوسط ويصل طول المخطط له حاليا إلى 6900 كم. وهو خط يمتد من ميناء شاه بهار في سواحل إيران إلى مضيق هرمز، كما أن هناك مشروع خط أنبوب من إيران إلى أرمينيا يصل طوله إلى 100 كم حيث ستكون أول شحنة له بمعدل بليوني م3/ سنة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى بين إيران وباكستان والهند وأفغانستان لا تزال بعضها قيد الدراسة.

وبهذا نجد أن التوجه إلى استخدام الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة أصبح ذا أهمية لا يمكن تجاهلها خاصة في السنوات القادمة، وعلى القارئ أن يتخيل شكل المنطقة بعد إبرام المشاريع السابقة الذكر هذا إن لم تكن هناك مشاريع أخرى ستظهر لاحقا تؤدي إلى سرعة وصول هذا المصدر الوقودي بين دول العالم.

 

فوزية حسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




منظر جوي لمحطة تعزيز الغاز رقم 140 في دولة الكويت





خريطة توضح توزيع خطوط الغاز المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط





الشكل (1) يمثل اختلاف نسبة المخزون للغاز الطبيعي في الدول الموضحة