مهرجان كان.. أطاح به هتلر وأعادة الفن

مهرجان كان.. أطاح به هتلر وأعادة الفن

في كل عام هو نفس المهرجان.. وجوه جديدة وأفلام أكثر جدة ولكنها القصة ذاتها.

يحدث هذا كل عام عندما يأتي سينمائي أو رجل أو سيدة من الوسط الإعلامي إلى "كان" لحضور مهرجانها الدولي للمرة الأولى من دون أن يكون قد أدرك تماما مغبة ما يقدم عليه. لم يحجز، سمع بأن المدينة مكتظة لكنه اعتقد أن الخط سيكون معه للعثور على مكان اعتقد أن الحظ سيكون معه للعثور على مكان يقضي فيه أيام المهرجان، أو لعله وثق بقدرته على ابتداع المعجزات.

في كل عام هناك وجه جديد تراه يحمل متاعه ويمضي مع غيره الأيام الأولى- على الأقل- وهم يجولون بحثا عن فندق لليلة، لنصف ليلة، لساعة، منهم من يستأجر عربة (Van) ينام فيها، أو يقيم في نزل تفصله عدة كيلو مترات بعيدا عن المدينة ياتيها في النهار ويبقى فيها ساعة متأخرة من الليل- موعد آخر قطار ينطلق في ذلك الاتجاه.

إذغ كان ثريا "وهؤلاء لا يقعون عادة في هذا المطلب" استأجر لنفسه يختا أوقفه على بعد عشرة آلاف متر من قصر المهرجانات وأضاءه ليل نهار ونام فيه.

مهرجان "كان" السينمائي الذي يقام كل شهر مايو، هو أكثر من هذا بالطبع، لكن ما هو عليه يتسبب في ازدياد عدد القادمين إليه حدبات الجزء المتدلي إلى البحر من المدينة أشبه بمرآت سيارات وسوق جمعة معا. ما يتمتع به المهرجان من ضخامة ونجاح، هو الذي يتسبب في اكتظاظه وفي هرب سكان المدينة في ذلك الوقت من العام وتفضيل العديد منهم تأخير شققه للمناسبة.

ويمكن للمرء، خصوصا إذا ما كان مثلي حضره أول مرة وهو في الثانية والعشرين من عمره في العام 1974 ولم ينقطع عنه منذ ذلك الحين، أن يكتب الكثير عن هذا الجانب وحده. عن حقيقة الحضور هناك في هذه الفترة من العام. عن الفرح الغامر بالانتماء إلى قارة صغيرة مختلفة لاثنى عشر يوما، وعن متاعب الانتماء إليها. عن الأوجة المتعددة للناس ، عن الحفلات والمحتفين والسينما والسينمائيين وطالبي الشهرة والممولين وعن المزيج من الذين يلتقيهم المرء كل يوم. بعض هذا المزيج من الجزائريين المهاجرين الذين لايزال المهرجان، إلى اليوم، لا يعني لهم شيئا يذكر. كيف؟ لا يعيشون من ورائه، ليس من بين أفلامه ما يذكرهم بالوطن، ليس له شأن بهم ولا هم به.

لكن "كان" على الرغم من أفراحه وأتراحه وكل المشاعر المتناقضة التي تتساير في الذات حين الوصول إلى هناك، فإن المهرجان الفرنسي يبقى العيد السينمائي الأول في العالم.

إنه المحفل الذي يأتي إليه الناقد والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج والممثل والإداري والمصرفي والمحامي وكل من له علاقة قريبة أو بعيدة. كل من يريد أن يبيع شيئا خاصا بالصناعة حتى ولو كان منتوجا جديدا لأحمر الشفاه. حتى ولوكان جسدا يريد من الصحف أن تصوره مطروحا على الرمال.. لعل ذلك يؤدي إلى ارتقاء في سلم الشهرة، إلى عقد يخوله الوقوف أمام الكاميرا، خلف الكاميرا أو عند الباب.

وليد حرب

في سنوات ماضية كانت مثل هذه "التكتيكات" تفيد.

كانت العقود تبرم على الشاطئ بين حسناء ومنتج. ما يحدث لمعظم هذه العقود ليس معروفا لكن أناشيد الأمس تشير إلى أن بعض الوجوه شبه المعروفة أصبحت معروفة أكثر من بعد اعادة اكتشافها هناك. الأكثر أن اكتشاف آلان ديلون تم في "كان". لم يقف شبه عار على شاطئ "الكورث ديزير"، لكنه كان شابا يريد أن يصطاد عقدا مناسبا.

إلى اليوم "كان هو المقصد لكل طالب عقد. من يريد بيع سيناريو كتبه، أو بيع فيلم انتجه أو- إذا ما كان على الناحية المقابلة من الطاولة- شراء سيناريو أو فيلم.

هو مهرجان، هو سوق، هو عيد، الوجوه المتعدده للسينما ثقافة وفنا وصناعة وتجارة وإعلاما.

لكن في خضم كل هذه المظاهر والغايات هناك حقيقة أن مهرجان "كان" ناصية سياسية / اجتماعية لا تقل أهمية عن ناصيته الفنية والإعلامية، وهو منبر للسياسات التي تستطيع الوصول إليه (بل تعبير عن أوضاع تلك التي تخفق في الوصول لإليه) وسجل للمتغيرات الاجتماعية/ السياسية التي سادت سنواته كلها.

والمناسبة المقامة حاليا، وهي الأخيرة في هذا القرن، لا تختلف في هذا الصدد عن مناسباته السابقة كلها. فدوما كان هناك الهم السائد والجاثم في فكر المبدع والمعبر: إن لم تكن حرب الجزائر، فحرب فيتنام، وإذا لم يكن الهم داخليا فهو خارجي، وعادة ما يكون الاثنين معا مع تعليقات موزعة ما بين الوضع في البلقان والوضع في جنوب شرق آسيا وحول الفاصل الذي يزداد اتساعا بين الطبقة التي تملك وتلك التي لا تملك.

كان الفرنسيون قد حضروا لاطلاق الدورة الأولى في اليوم الأول من سبتمبر. لكن أدولف هتلر فاجأهم بغزو بولندا في ذلك الصباح. كان لابد وغيوم الحرب تتلبد، من إلغاء المهرجان، والسينمائيون الأمريكيون الذين اجتازوا المحيط مع معدات نصبوها على الشاطئ للترويج عن أفلامهم كان لابد أن يعودوا من حيث أتوا.

هؤلاء جلبوا معهم نسخة المخرج ويليام ديترييل من رواية فكتور هوجو "أحدب نوتردام" مع بطلها تشارلز نوتون ومعدات دعاية للفليم نصبوها على الشاطئ. الأصل فرنسي والمهرجان فرنسي.. لم لا؟

حينما عاد المهرجان في العام 1946 عاد منهكا. ولد "للمرة الثانية" متعثرا وأقيم لعامين متواليين ثم توقف في العام الثالث، وعاد في العام الرابع "1949" ثم توقف في العام الذي يليه ثم انطلق مجددا من العام 1951 متجاوزرا تلك العثراث مرة واحدة وحتى اليوم. خلال هذه الرحلة لم يتوقف المهرجان سوى مرة واحدة ولظروف "هى ايضا" خارجة عن إرادته.

في العام 1968 انطلقت ثورة الشباب وهاجمت المظاهرات قصره وأغلقته. كل الحاضرين انصرفوا باكرين.

جواهر حقيقية

خلال مشواره الطويل عرض المهرجان مئات الأفلام. عشرات منها لم تكن لتحدث اي رواج لولاه، مخرجون عديدون لم يسمع بهم المرء الا هناك، سينمات بكاملها ولدت- ولاحقا ماتت- هناك. تيارات، اتجاهات، العالم كله- اذا ما استعرض المرء الأفلام التي توجهت إلى ذلك الحفل وشاركت في دورته الرسمية- مر من هناك على نحو أو آخر.

ولادة "كان" المتعثرة في العام 1946، واجهتها انطلاقة "البندقية" المنظمة والناجحة في ذات العام.

"كان"- يقولون لك اليوم- كان شحيحا، غير منظم، أشبه بمعرض منه إلى مهرجان. كل دولة أرادت الاشتراك بعثت بعدد من أفلامها. لجنة التحكيم كان عليها أن تختار فيلما من كل بلد لمنحه جائزة. هذا يعني 11 جائزة لـ11 دولة هي: فرنسا، الدنمارك، تشيكوسلوفاكيا، ايطاليا، الهند، بريطانيا، سويسرا، السويد، المكسيك، والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

من هذه الفوضى كان لابد من ملاحظة أن بعض الافلام المشتركة كانت جواهر حقيقية في ذلك الحين. فيلمان تحديدا يبرزان من تلك الفترة: "عذاب" و"مدينة مفتوحة".

عذاب هو فيلم من اخراج ألف سيوبيرغ وكتابة انجمار برجمان عندما كان هذا في الخامسة والعشرين من عمره وقبل نحو عشرين سنة قبل أن يتحول إلى واحد من أفضل فناني السينما العالميين. دراما حول طالب يقع في حب فتاة شابة ويكتشف، تبعا لاهتمامه بها، انها واقعة تحت سطوة مدرسها العجوز الذي يعاملها بقسوة بالغة ويعاشرها بسادية. من هذه القصة سحب الفيلم خيوطه على الوضع الأوربي الذي كان يتنفس هواء طبيعيا لأول مره منذ سنوات بعيدة.

الفيلم الثاني "مدينة مفتوحة" لم يكن بعيدا عن تلك المرامي. مخرجه هو الإيطالي روبرتو روزيلليني الذي كان خلال الحرب مشتركا في المقاومة السرية. بعد أشهر قليلة من تحرير روما صور فيها هذا الفيلم الذي يبدو كما لو أن الكاميرا كانت موجودة حينما كانت أحداثه "الروائية اساسا" تقع. روزيلليني شحن الأحداث بخصائص السينما التسجيلية ولم يكن ذلك صعبا عليه إذ كان يصور أحداثا وقعت معه في فترة المقاومة. النتيجة ليس فقط عملا كلاسيكيا خالدا إلى اليوم، بل حجر أساس لكل السينما الواقعية التي عرفتها أوروبا ومصر وإيطاليا على وجه التحديد.

ثورة الشباب

مع تقليد منح جائزة لكل دولة مشتركة لم يكن من الممكن إبراز أي فيلم جديد في منحاه مثل هذين المثلين . والأمر بقى على حاله لبضع سنوات من بعد. أحيانا كان يمنح جائزة لكل نوع: جائزة أفضل فيلم بوليسى، أفضل كوميدي، افضل تاريخي وغير ذلك وأحيانا كان يعود إلى نظام الانتخاب من الدول. كان جادا في رغبته الارتقاء والتمييز، لكنه كان في ذات الوقت مدارا بنظام لا يؤدي إلى مثل هذه النتيجة. كانت الدول هي التي ترشح أفلامها وهو الذي يكتفي بعرض ما ترسله.

ما سبق، إذا ما أمعنا، نجده وضعا فريدا مرتبطا بالحالة السياسية العامة، ليس فقط أن عملية اجهاض المهرجان ارتبطت بالوضع الأوروبي وعودته ارتبطت بوضع آخر، بل حقيقة ان السينما التي كانت تعرض فيه وخلال الكثير من حقبه كانت انعكاسا حاسما للأوضاع السياسية/ الاجتماعية المنتشرة.

يتضح ذلك مثلا في العام 1969، بعد عام واحد على ثورة الشباب، عندما عرض، بين أعماله الفيلم الانجليزي "اذا..." والفيلم الجزائري/ الفرنسي "زد" اللذان تناصفا الجائزة الكبري "إذا..." من صنع المخرج البريطاني ليندساي اندرسون، الذي كان من بين مجموعة المخرجين البريطانيين الغاضبين على المؤسسة آنذاك. حققه في العام 1968، ذات العام التي اخذت الانتفاضات الشابه تنتشر في الغرب: واحدة في فرنسا، أشرنا اليها، وأخرى في أمريكا والثانية كانت مقدمة للعديد مثلها إما للمطالبة بانهاء حرب فيتنام أو لمناهضة التمييز العنصري الذي كان لايزال يقع. "إذا..." يتحدث عن شاب يجد نفسه في موقف المواجهة مع نظام يرفضه بكامله ويجد الحل في اللجوء إلى الشغب ثم العنف المسلح لقيادة ثورة طلابية ناجحة.

"زد" من ناحية أخرى، كان عن نظام متعسف آخر يتمثل في حكم الجنرالات لليونان في الستينيات. كوستا- غافراس خلق اتجاها سينمائيا سياسيا جديدا عبر هذا الفيلم الذي استند إلى أحداث حقيقية بدأت باغتيال مناوئ للحكومة اليونانية لكن الصدى السياسي كان أوسع من أن يحصر بالوضع اليوناني. كان الفيلم، عمدا أو من دون عمد، يدين كل حكومة عسكرية/ دكتاتورية.

ثورات ومتغيرات

بعد عدة سنوات، وفي العام 1981، برهنت الجائزة الأولى الممنوحة في "كان" عن مزيد من المحاكاة للواقع السياسي عندما فاز فيلم "رجل من حديد" بالتقدير الذهبي الأول.

الفيلم من إخراج البولندي أندريه فايدا وموضوعه هو الوضع الاجنماعي العالمي المتقلب في بولندا آنذاك. فايدا، في ذلك الحين، كان وجها متعارفا عليه ضمن الحركة العمالية التي كانت انطلقت من أحداث جدانسك التي كان المخرج صنع عنها فيلمه الأول "رجل من المرمر" (1976). وبينما كان رجل المرمر إيذانا بالتغيير، جاء رجل الحديد تعليقا عليه. في الحالتين مزجت لجنة التحكيم في دورة العام 1981 فن التعبير بالمادة المعبر عنها لتمنح جائزتها لفايدا وفيلمه ذاك.

والمنحى نفسه من التقدير واكب أفلاما أخرى فازت بجوائز مختلفة في "كان" خلال السنوات الماضية كلها، مثل "مفقود" (كوستا غافراس- 1982) حول مساندة الولايات المتحدة للنظم الدكتاتورية في أمريكا اللاتينية و"الطريق" (يلمازجونيه- 1982) محنة المخرج مع حكومته التركية و"داعا يا خليلي" (تشن كايجي- 1993) الذي أرخ للتغيرات التي أصابت البنية السياسية الصينية في القرن العشرين وحتى انتهاء حكم "عصبة الأربعة". ولا ننسى الفيلم العربي الوحيد الذي فاز بسعفة "كان" الذهبية وهو "وقائع سنوات الجمر" (محمد لخضر حامينا-1968) الذي أرخ للثورة الجزائرية وللوجود الفرنسي فيها قبل الاستقلال وهي ذاكرة كانت لا تزال قريبة نوعا عندما عرضت على الشاشة الدولية.

طروحات شتى

في العام الماضي، خلال الدورة الحادية والخمسين، لوحظ تكاثر هذا النوع من الأفلام. بل إن الفيلمين الفائزين بالتقدير الأهم وهما "الأبدية ويوم" (ثيو أنجيلوبولس- اليونان/ فرنسا) الذي خطف السعفة الذهبية و"الحياة حلوة" (روبرتو بنبني- إيطاليا) الذي نال جائزة لجنة التحكيم المكبرى، كلاهما كان تعليقا اجتماعيا صارما.

"الحياة حلوة" تناول الهولوكوست من زاوية قلما عرضتها السينما: ماذا لو أن الضحية هذه المرة كانت شخصية لا تستطيع أن تتوقف عن الضحك والإضحاك؟ ماذا لو أنها أرادت أن ترفض التحول إلى ضحية في الأصل حتى ولو آلت إلى النهاية ذاتها؟ الفيلم انطلق من كان ليجوب أكثر من خمسة عشر مهرجانا ومناسبة دولية من بينها الأوسكار حيث حظي بسبع ترشيحات أساسية.

لكن "الأبدية ويوم" هو الذي يغلف طرحه الاجتماعي بموضوع عاطفي، محوره هو الرجل الذي عليه دخول المستشفى في اليوم التالي لمعالجته "أو ليموت فيه" وكيف أن ذكريات حياته مع زوجته الراحلة تقض مضاجع يومه الأخير من الحرية. في ذلك اليوم يتعرف على صبي ألباني مهاجر مهدد من قبل البوليس من ناحية ومن قبل عصابة خطف أولاد وبيعهم من ناحية أخرى. الكثير من التاريخ السياسي القريب لليونان ولكل المنطقة البلقانية يطل عليك مع أبعاد انسانية خصبة.

فيلم "اسمى جو" للمخرج البريطاني كن لوتش (الذي نال عنه بيتر مولان جائزة أفضل ممثل) بدوره يبحر في أعماق الوضع الاجتماعي البريطاني . قبله خلال السنوات القليلة الأخيرة ، شاهدنا هذا الوضع الحالك في أفلام أخرى له ولمايك لي "عار" ولغازي أولدمن "ليس بالفم" وكلها تسبر غور الحياة في القاع خلال فترة حكم حزب المحافظين.

ابن رشد وابن شاهين

لعله ليس من الهين الفصل بين الفيلم- كحالة تعبير بالوسائل الفنية- عن المحيط السياسي والاجتماعي. قديما كان السائد القول إن كل فيلم هو تعبير سياسي. وبالتحميص نجد أن هذا صحيح، مادام كل فيلم تغيب عنه السياسة أو تغيب عنه انعكاساتها هو اختيارا ينم عن وجهة نظر سياسية "سياسة تغييب السياسة".

السينما في تفاصيل تأليفها الفيلم الواحد لابد أن تتشرب وجهات النظر. هناك الكاتب والمخرج "هما اثنان حتى ولو كان شخصا واحد" وهناك التمويل ومصدره ورغباته، ثم هناك ما تلتقطه الكاميرا. فيلم يدور حول سيدات في قصر ما لابد وأن يصور بذخا غير بعيد جدا عن مجاعات في إفريقيا وآخر يتحث عن قصة حب عادية بين رجل وامرأة لابد أن يظهر محيط كل منهما الاجتماعي وإذا ما اكتفى بإظهار واحد فإن الظاهر الغائب هو ذلك الجانب المستبعد.

كذلك بالنسبة للفيلم التاريخي. السببية أو انتفاؤها من الفيلم هو سياسة ولماذا نروي التاريخ "أو ذلك الجزء المعين منه" هو أيضا سياسة، ولمن نتوجه به فوق كل ذلك هو كذلك سياسة.

ضمن هذا المفهوم أين يقف فيلم يوسف شاهين "المصير" الذي عرض في دورة العام قبل الماضي "1997" وهي الدورة التي حصل فيها شاهين على جائزة المناسبة الخمسين؟

يوسف شاهين قدم خلال ساعتي عرضه عملا غير متكامل رغم أهميته. عدم تكامله ناتج عن أن البعد السياسي الذي يتضمنه مرتبط بحالة مفروضة فرضاً غايتها الحديث عن الذات. بينما الموضوع الخارجي هو العلامة والفيلسوف ابن رشد، فإن المماثل الداخلي هو يوسف شاهين.

ومرآة الرفض الذي واجهه ابن رشد في فترته، هى أيضا العاكس لما يجد شاهين أن الفنان المصري يواجهه من رفض اليوم من قبل القوى المتطرفة. السينما تحل، بالتالي، محل الكتاب في الفيلم، والرقص التعبيري (وأحيانا الذي لا ينتمي إلى لون ما والذي تقوم به مجموعة من الرجال والنساء في الفيلم) هو الموازاة للفن عموما.

لكن شاهين يفرض هذه المقارنات ما يجعلها غير مستساغة. الأكثر من ذلك أن الداخل، عربيا كان أم غربيا، للفيلم للتعرف على حياة ابن رشد ومآثره يخرج دون أن يعرف شئيا منها على الإطلاق. أهمية الفيلم هي في الصياغة الإجمالية ليس فقط للاحداث، بل في الكيفية الانتاجية التي أوصلت الفيلم إلى شاشة المهرجان.

 

محمد رضا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




كوينتين تارنتينو مخرج أمريكي تم اكتشافه في كان





جيرار ديبارديو: وجه فرنسي يتردد على المهرجان كل عام





من الثقب عرض في دورة العام الماضي





زياد الدويري مخرج بيروت الغربية انطلق من كان أيضا





حياتي كوردة اكتشف في كان وجاب العالم





من يحبني يركب القطار أحد الأفلام الفرنسية للدورة الماضية





أحد الأفلام الإيطالية المشتركة في مسابقة العام الماضي أمير همبورغ