عزيزي العربي
عزيزي العربي
رسالة الشهر .. رئيس التحرير كل هذه الأحداث في أوروبا يجب أن تربط جميع المسلمين في العالم، وإن يشعر كل واحد منا بالآخر، إن رئيس يوغسلافيا الفاشي سلوبودان ميلوسيفيتش يمارس أكبر عملية وحشية ضد مسلمي كوسوفا والسنجق أكبر مما كان عندنا في البوسنة والهرسك، ولكن بأكبر دمار وقتل لأنه عهد بتنفيذ هذا العمل لنفس المجرمين الذين أذاقونا العذاب في البوسنة، لا نستطيع أن نحدد مدى هذا الدمار بسبب عدم حضور أي مصدر غير منحاز من الصحفيين أو الصليب الأحمر، ولكن رأيت عن طريق تلفزيون البوسنة والهرسك الذي زار اللاجئين من كوسوفا والسنجق في ألبانيا طفلاً عمره أربع سنوات لا أب ولا أم له، وجدوه بين الجرارات يبكي، ملتهب الرئة، نعم رأينا هذه الصور وغيرها، وهي حزينة، ولكن لن نرى صوراً من كوسوفا، ولكن نسمع القصص التي تحكي عن العمليات الوحشية والرهيبة التي لا حدود لها، وبالرغم من أن المشاكل التي تواجهها حالة البوسنة والهرسك بعد الحرب المدمّرة، فإنها تستضيف أكثر من خمسين ألفاً من مسلمي كوسوفا، تفتح وكالات خاصة لجمع تبرّعات، وتعلن يومياً عن طريق الإذاعة والتليفزيون البوسني عن هذه الوكالات والحملات للتبرّع. نود بهذه الرسالة أن نشكر جميع المسلمين الذين ساعدوا ويساعدون بتبرّعاتهم لهذا الغرض، واستمراراً لهذه الحملات، ندعو الله أن يرزق خيراً جميع المسلمين في العالم. أشكر مجلة "العربي" لإعطاء الفرصة على صفحاتها لنعّبر عن قضايانا، ونستغل هذه الفرصة لشكر جميع المؤسسات والوكالات الكويتية التي تساعد البوسنة والهرسك، وهي تمثل أحسن مثال لارتباط المسلمين. LUZIC ZULKAID قفـزة حضارية .. رئيس التحرير وفي العدد 485- أبريل 1999م، كتب الأستاذ "سليمان مظهر" في زاويته "شعاع من التاريخ" قطعة أدبية تاريخية رائعة جاءت في وقتها، بعنوان "ابن سعود وملحمة الصحراء". ومبعث سرورنا بهذه الإشادة يرجع للمكانة المرموقة لمجلة العربي، وما اشتهرت به من موضوعية، ومن كونها لا تمجّد ولا تشيّد بشعارات جوفاء أو مفروضة. ثم لعلمنا بالنخبة، والشريحة رفيعة الثقافة التي تخاطبها وتتوجه إليها العربي كل شهر مما جعل لفتتكم هذه ذات معنى وطعم خاصين. لقد لمستم فينا عاطفة جيّاشة، وأحسستمونا بمشاركة كل عربي مخلص في تقدير أروع نموذج للوحدة العربية ضم أقاليم الحجاز ونجد والإحساء وعسير وشمال شبه الجزيرة العربية تحت كيان واحد وراية واحدة، بدلاً من أن تكون هذه الأقاليم كيانات مستقلة ضعيفة تًضاف إلى كيانات الشتات العربين كما أحسستمونا بأن القفزة الحضارية والتنمويّة في صحراء الجزيرة العربية نالت ما تستحقه من تقدير وإعجاب واعتزاز محبّيها المخلصين في كل مكان، وفي تقديركم للفارس العربي الفذ مؤسس هذا الكيان إنصاف وكلمة حق لا مبالغة فيها شكراً لما كتبتم من "أن المملكة أصبحت بحق واسطة عقد الأمة الإسلامية والعربية". وعسى الله جلّت قدرته أن يجعل وحدتها وتجربتها، توطئة للوحدة العربية الكبرى المبنيّة على المحبة والتفاهم وطهارة التوجّه والمنطلق! محمد فالح مبروك الجهني مجلة "العربي" وإقليم كوسوفا .. رئيس التحرير حيث ذكر" إن عددا من المجلات نشرت تقارير باللغة الإنجليزية حول كوسوفا، وعن المسلمين في يوغسلافيا السابقة، وعلى الصعيد المجلات واسعة الانتشار، قامت مجلة "العربي"، التي تصدر في الكويت، لسنوات خلت بنشر استطلاع مصوّر، وهو يعد من أفضل التقارير العربية المنشورة، والمطلة عن حياة المسلمين في كوسوفا". محمد أرناؤوط المحرر :قامت "العربي" أخيراً بإجراء استطلاع حول مأساة النازحين من كوسوفا سوف تنشره في عددها القادم. هل ينتهي العالم سنة 2000؟ .. رئيس التحرير ومن المحقق بالقوانين الطبيعية أن للأرض نهاية من البقاء تقف عندها كما يقف الإنسان لكنها غير معروفة كما أن عمر الإنسان غير معروف أيضا، فإذا تحققت نبوءة الدكتور فالب، فإن سيل النار الذي ينحدر على الأرض من النجمة ذات الذنب يساوي حجمه حجم الكرة مليوني مرة، على أن أكابر العلماء يقدرون ما بقي من عمر المعمورة بعشرة ملايين عام، أي بعد برودة الشمس التي تليها استحالة البقاء على الأرض، وهذه المدة توازي المدة التاريخية المعروفة من حياة البشر بعشرة آلاف مرة (وتفيد الاكتشافات الأثرية المصرية الحديثة بأنها متعلقة بعصر مضى منذ 8 أو 10 آلاف سنة) ، ويقول علماء الإحصاء الذين يستدلون على مستقبل الحياة بالمشاهد من نمو عدد السكان إن أفراد الجنس البشري سيبلغ عددهم سنة 2167 أي بعد 269 اثني عشر مليون نسمة لا تستطيع الأرض أن تقوم بغذائهم فيموتون جوعاً. محمد محب الدين مجلة العربي الكويت و "العربي" ابنان سويّان للنهضة العربية التي صاغ أفكارها وبوصلتها في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مفكرون أبرار وشرفاء جعلوا هدفهم خدمة القيم العليا للأمة العربية. وإذا كانت الخطوط الكبرى لتلك الأفكار والبوصلة تتلخص بتحقيق طموحات العرب المشروعة في الوحدة والتقدم على كل صعيد، وبنشر الفكر العلمي والتنويري، فقد كانت الكويت منذ استقلالها، كما كانت مجلة العربي منذ انشائها، تجسيداً حّياً لتلك الأفكار، وبؤرة إشعاع ثقافي وتنويري غطّت الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه. ورغم مضي أربعين عاماً على صدور "العربي"، وما حملته خلال هذه السنوات من أعباء وما اجتازته من صعاب وكفاح شاق، فمازالت "العربي" صبية نضره رائعة القسمات، جميلة المعشر وكأنها في العشرينيات من عمرها، واستناداً إلى جمال خطابها، وحلاوة وتنوّع المادة التي تنقلها إلى القارئ صحبتها إلا وقد امتلأت نفسه بالجميل والنبيل من المقاصد والغايات. وإذا كانت "العربي" قد نجحت مثل هذا النجاح، فلأسباب كثيرة منها سلامة بوصلتها وفطرتها السوية، ومنها على الخصوص رؤساء التحرير الذين توالوا على رئاسة تحريرها بالتتابع والذين امتازوا قبل كل شيء بالحسّ التاريخي والإيمان بالتغيير والاهتمام بكل ما هو علمي ونهضي وتنويري. لقد لعب الدكتور أحمد زكي والأستاذ أحمد بهاء الدين والدكتور محمد الرميحي دوراً بارزاً في إعطاء "العربي" هويتها المعروفة، ولكن هويتها الأصلية، ومعها بوصلتها، كانت قد استوت في أحسن تكوين منذ تأسيس المجلة وعلى التحديد منذ اعطائها اسمها. الكويت و" العربي" ابنان سوّيان للنهضة العربية، كما هما من الأسماء الحسنى في ثقافتنا العربية المعاصرة. مصير سلمى هانم .. رئيس التحرير علماً بأن وثائق التاريخ تفيد بأن "سلمى هانم" زوجة المملوك أمين بك - لم تقتل- وإنما ظلت حية زمناً طويلاً- وأنها هربت عقب المذبحة التي حدثت في القلعة على أثر علمها بها- حيث أرسل إليها زوجها من يوعز إليها بحمل ما خفّ وزنه وغلا ثمنه، وأن تهرب من القصر فوراً. وتحت يدي قصة هذا المملوك الشارد- هكذا مسمى القصة- وتدور أحداثها في تسلسل درامي رائع، وتصوّر تاريخي مثير، وهذه القصة إحدى القصص كانت من الروائع التاريخية للأستاذ جورجي زيدان. حامد مصطفى إبراهيم واقـع عـربـي وإسـلامـي .. رئيس التحرير السرد التاريخي الوارد في المقال، وفي غيره من بطون كتب التاريخ العربية يمثّل درساً من قبل أعدائنا، فقد عرفوا من خلالها خصائص الشخصية العربية الإسلامية، وبناء على هذه المعرفة، أدركوا الحقيقة الكبرى التي قالها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- عندما قال: نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزّة من دونه، أذلنا الله فهم عرفوا أن الإسلام، وملاذنا الآمن ومنطلقنا الراسخ إلى بناء حضارة العدل والانصاف وهي الحضارة الوحيدة في التاريخ البشري باعتراف العدو قبل الصديق التي احترمت إنسانية الإنسان مهما تكن ديانته. بعد هذه المعرفة، كان لابد لهم ولا طريق أمامهم إلا كسر أبواب الحصن وإخراجنا منه، وهذا ما تم على درجة كبرى، فنحن اليوم مليار مسلم فاقدو الفعالية، ومن يفتقد فعاليته يُرمى خارج التاريخ. لقد استفاد أعداء العرب والمسلمين من القراءة العلمية للتاريخ، واستفادوا من الخبرات العلمية النفسية المتوافرة لديهم، نحن بشر يصح علينا ما يصح على البشر، فأوجدوا الظروف التي من خلالها أخرجونا من حصوننا وأدخلونا في كهوف اللامبالاة التي نحن عليها اليوم. لقد حرّك عبدالناصر تياراً قومياً متعمداّ على ما سبق ذكره، حذف الماضي العربي الإسلامي كله كأن وجود العرب بدأ منه، وأدمن العرب الخطاب السياسي طوعاً وكرهاً، فضاع ما تبقى من فلسطين وجزء من الأرض العربية الأخرى. واستفاقت المشاعر الرافضة للخضوع عند المواطنين العرب، وخاصة المثقفين تجاه الزعماء أمثال صدام حسين وهو من متفوّقي مدرسة القهر وأنموذج معد بدقة عن تغيير السلوك وغرس معتقدات جديدة اعتماداً على البرنامج التالي: 1- السيطرة على المحيط الاجتماعي والنفسي للشخص وإشغال وقته بضروريات الحياة فقط. 2- توظيف قدرات الأشخاص تحت سيطرة سلطة حازمة لتحقيق برنامج الحاكم. 3- استخدام نظام منطقي مغلق لا يسمح بطرح أي سؤال ولا يقبل بأي تغيير إلا بأمر من الزعيم. 4- التلاءم التدريجي مع الوسط الجديد بحيث لا تلاحظ التغييرات الكبرى الناتجة عنه. 5- استخدام نظام المكافأة المجزية للمؤيدين والعقاب القاسي للرافضين وتكون المكافأة باسم الزعيم والعقوبة باسم الشعب. وهكذا سوف يدرك العرب والمسلمون متأخرين أنهم لم يضيعوا سنوات عمرهم وحسب، بل أكثر سنولت عمرهم حساسية وعطاء في التظاهر لتأييد حاكم، وبعد ذلك اكتشاف أنهم خُدعوا به، ليتظاهروا لحاكم جديد، فتنشأ الأجيال فاقدة للطموح، مترددة في اختيار الطريق، وهنا يأتي دور القوى الخارجية التي أغرقت وتغرق المجتمعات العربية والإسلامية بالرذيلة والمخدرات، وتأتي لعلاج هذه النتائج دون معرفة الأسباب وإزالتها ودون أي مخطط علمي مدروس. محمد رائد الحمدو كسوة الكعبة الشريفة ... رئيس التحرير ولكن لا أدري لعل الكاتب نسى الدور العظيم الذي كان يقوم به سلاطين "الفور" في غرب السودان، تلك السلطنة الإسلامية من فتح للخلاوي القرآنية وبناء للمساجد، بل وإرسال الطلاب النوابغ للأزهر الشريف لتكملة دراساتهم الدينية فيه، ثم العودة لبلادهم لنشر علوم القرآن والفقه بين ربوعها، بل تعدى دورهم- السلاطين- إلى أكثر من ذلك، حيث إنهم كانوا يرسلون سنوياً كسوة كاملة للكعبة المشرفة كانت تسمى "صُرة الحرمين الشريف"، تتكون من أجود أنواع القماش في ذلك الوقت- القرن السابع عشر الميلادي- وهو "الجوخ والدبلان والملاءات الحجازية"، وكانت تلك الكسوة ترسل سنوياً مع قافلة الحجاج السودانية المتجهة إلى مصر بطريق يسمى "درب الأربعين" وهو طريق مشهور تسلكه القوافل التجارية عبر الصحراء بين درافور في غرب السودان إلى مصر إلى يومنا هذا- ومن ثم ترحّل مع قافلة الحجاج المصرية إلى الحجاز وتقدم مع رفيقتها المصرية إلى سلطان المسلمين ليقوم بكساء الكعبة المشرّفة بهما. ومن أشهر سلاطين تلك السلطنة الإسلامية السودانية السلطان عبدالرحمن الرشيد (1787- 1802م)، ومن بعده ابنه محمد الفضل (1803- 1839م). ولقد قصدت بهذا الموضوع تكملة الصورة في ذهن القارئ العربي والإسلامي حول كسوة الكعبة الشريفة وحتى يُعرف الدور العظيم الذي كان يقوم به سلاطين سلطنة "الفور" في غرب السودان تجاه الكعبة الشريفة. عبدالله محمد طاهر الذاكرة الثلاثية ... رئيس التحرير رغم اعتبار الذاكرة أمرا واضحا وبسيطا ، فإنها تبدو للدارس عميقة ومعقدة ، والذاكرة ترتبط بالتفكير والوعى والإدراك والمخيلة ، لكنها ترافق النسيان كالشئ وظله ، تعتبر الذاكرة من أهم الوظائف العقلية ، فهى تتلازم مع الأحاسيس وحركة الزمن والتركيب البيولوجى ، تعرف الذاكرة الثلاثية بأنها الآلية التى تربط بين الحدث- موضوع الذكرى- وزمانه ومكانه ، مما يجعل لها ثلاثة مداخل ، فإذا ذكر الحدث جاءت ذكرى مكانه وزمانه ، وإذا ذكر المكان صاحبه ذكرى العنصرين الآخرين ، تختلف هذه الذاكرة عن الذاكرة المنطقية المجردة " كتذكر كيفية حساب مساحة المثلث " والذاكرة الآلية "كعملية المشى" والذاكرة القريبة التى تنجز مهمة ما خلال وقت ما " كتذكر الحاجيات والنشأة ، تتميز الذاكرة الثلاثية من بين النشاطات الأخرى بفائدتها العملية وبساطة استعمالها. غالبا ما نسمع من خلال أحاديث الناس ربطا بين ثلاثة أمور كقولهم " الماء والخضرة والوجه الحسن " أو " تعلموا الخط والنط والسبح بالشط " أو " الله والوطن والعائلة " أو " تاجر وتويجر وذنب التجار " ، وإذا أردنا أن نجمع ما نسمعه من مثل هذه الثلاثيات لصبح لدينا كتاب كبير . تصدق الذاكرة الثلاثية فى الأمثال وتستعمل فى الحديث والخطابة والتبويب وغيرها ، والإنسان يستسهل ربط ثلاثة أشياء مع بعضها لأن آلية الذاكرة تستوجب أن يكون لموضوع الذكرى ارتباط بعنصرى الزمان والمكان . هذه الآلية تساعد فى التعليم ، حيث تقسم المواضيع إلى ثلاثيات مثل قولهم فى الاقتصاد " الخبرة ورأس المال واليد العاملة ، وفى النبات : الجذر والساق والأوراق ، وفى الجغرافيا : البر والبحر والجو ، وفى حياة الإنسان : الطفولة والشباب والشيخوخة ، وتحتوى الجملة على الفعل والفاعل والمفعول ، وفى المعادلات الرياضية تؤخذ ثلاثة قراءات لتمييز الخط المنحنى عن الخط المستقيم ، ومن الملاحظ عدم وجود صعوبة فى تذكر الحلقة الثلاثية مثل قولهم : ( شمس شباط لكنتى وشمس أذار لبنتى وشمس نيسان إلى ولشيبتى- وزوجى يحبنى قوية وجارتى تحبنى سخيه وأهلى يحبونى غنية- نام بكير وقوم بكير وشوف الصحة كيف تصير ) . والثلاثة معروفة فى الأمثال إذ يقال : " العطسة أمان من الموت ثلاثة ايام " ، و" ثلاثة لا تخفى على العين : الحب والحبل وركوب الخيل " و " ضرورات الحياة ثلاثة : الهواء والماء والطعام " و " الناس ثلاثة : ( الكبير والصغير والمقمط فى السرير ) " ، " والثالثة ثابتة " و " فلان طلق الدنيا بالثلاث " ، كذلك من السهل تذكر أرقام التلفون بعد تجزئتها ، مثل تقسيم الرقم 297518 إلى 518- 297 لسهولة الحفظ . إن رجال التاريخ والقضاء والتحقيق هم أكثر الناس استفادة من الذاكرة الثلاثية ، فإذا عرضت أمامهم أى حادثة ، سألوا عن مكانها ووزمانها ، من هذه الملاحظة تأتى تجربة التوقع الثلاثى ، فمن يذكر عنصرين سوف يتذكر العنصر الثالث ، أما إذا ارتبطت أربعة أو خمسة عناصر مع بعضها البعض ، فغالبا ما تذكر الثلاثة الأول وتنسى الباقيات. حسن العاملى جيران ... راشد نهضوي أيضا .. رئيس التحرير أنا معلمة في مدرسة ابتدائية في مدينة دمشق ، وأنا جولانية الأصل من قرية حدثني والدي عن هدوئها وجمالها وعذوبتها ، ولأنني ابنة قرية محتلة دوما ، أحس بالألم والقلق العربي يبهرني نجاح ماضينا ويدمي قلبي لواقعنا، لذلك أجد في مجلتكم خير شاهد عصر على ما يحدث حين تنقله لنا بأمانة علمية وموضوعية شديدة. قرأت في عدد مارس 1999 ( 484 ) ضمن ملف خاص تحت عنوان " رواد النهضة العربية ماذا بقي منهم ؟"، وإيضاحا وتفصيلا عن ثلاثة من رواد النهضة، طبعا كل حسب القضية التي اعتنقها، والهدف الذي سعي إليه الطهطاوي- الكواكبي الريحاني". لقد تحدثوا عن ممارسات احتلال ظالم طاغ ، ونادوا بحرية المرأة دون الابتعاد عن تمثل القيم والمبادئ ، ودعوا إلي التحرر من التقليد والجمود والاستعباد والانفتاح على الثقافات الأخري . طبعا نحن لاننسي فضل هؤلاء وفضل الكثير ممن هم على شاكلتهم ، ولكن وبالتفاتة بسيطة إلي الوراء نستدل على رائد مبدع دعا في كل كتاباته إلي كل أنواع التحرر، ولم يكن كالريحاني الذي حصر ثورته التحررية في نطاق السياسة والاجتماع والأدب . وهو ذاته نادي بتحرر المرأة الروحي والمعنوي قبل تحررها المادة عكس المنفلوطي الذي رأي في الثقافة الغربية التي نادي الأول بالاطلاع ووجوب اطلاع المرأة عليها بأنها مصدر كل فساد، ورفض تساوي المرأة بالرجل . وهو أيضا تناول فترة الاحتلال العثماني ووضع يده على الجرح العربي جراء صراعه مع عدو متخلف، واستعمل لهذا الجرح المبضع لا المرهم ليداويه، والتقي مع عدد كبير من الأدباء، وكان له الدور الأبرز في إنشاء ما يسمي " الرابطة القلمية " لا نتشال الأدب العربي من الخمول والتقليد هو ومجموعة من رفاقه الأدباء " الريحاني- ميخائيل نعيمة- نسيب عريضة- إليا أبوماضي ... وغيرهم". لعبت هذه الرابطة دورا مهما في انطلاقة أدب مهجري، وهذا مالم يشر إليه الملف، وقد تميز هذا الأدب بالثورة على القديم وما انطوي عليه من الصور البديعية الجافة الغريبة عن قضايا العصر وهموم أبنائه وتطلعاته، وهكذا نري أنه مثل لكل اتجاه من الاتجاهات الثلاثة، ويستحسن أن نتحدث ونستطرد في حديثنا عنه إنه " جبران خليل جبران " بشري البشوات وتريات عودي، سألتك بالأسى وبكل آهات الصدود وبكل شكوى بثها الـ ـمشتاق من ألم الوعود وبكل حُرقة عاشق يُكون بنيران الجحود عودي، فإن خيالك الـ ـمشدود للأفق البعيد قد عاد أرهقه الظما من بعد حلم بالورود عبثاً يفتش قلبك الـ ـموجوع عن حب جديد كلا فلن تجدي مكا ناً مثل قلبي في الوجود *** يا فاتناً: هل مات حـ ـبك وهو في عمر الورود؟ هل أسلمته يد المنو ن إلى متاهات اللحود هل أطلقته مكرّماً أم ظل يرسف في القيود؟ عودي فقد شق الفؤا د لك وهيأ للمزيد وتوزعت فيه الرؤى حيرى، تفتش عن فقيد حتى خرجت بوجهك الـ ـوضاء من خلف الحدود وبقدك الفتان يـ ـزهو مائساً بين القيود وبشعرك المنساب يحـ ـكي روعة الحبّ الوليد وأنا من الشوق المبـ ـروح رحت أهزأ من قيودي فأظل أحطمهما وأعـ ـدو نحو قلبك من جديد زكي سالم
|