الترجمة ومد الجسور إلى الشرق

الترجمة ومد الجسور إلى الشرق
        

الذين تابعوا، بحب وتعاطف، الدورة الأخيرة من دورات الحوار العربي - الصيني، التي عقدت في بكين في العام 2006، لاشك في أنهم قد أدركوا أن الشوط لايزال طويلاً قبل أن يمكن الحديث عن تقارب حقيقي بين العرب ودول القارة الآسيوية الكبرى.

          يكفي أن نتذكر في هذا الصدد أن وزير خارجية دولة عربية بارزة قد اعتذر عن عدم حضور هذه الدورة في اليوم المقرر لوصوله إلى بكين، الأمر الذي أثار دهشة الدوائر الصينية المعنية وانزعاجها، خاصة أنه كان من المقرر أن يتم التوقيع خلال الدورة على استثمارات ومنح وقروض مقدمة من الصين لدولة الوزير العربي قيمتها مليار دولار.

          هذا المثال، في اعتقادنا، لا ينفصل عن المستوى الذي نراه شديد التواضع للوضعية الراهنة لحركة التثاقف العربية - الآسيوية.

          وإذا أردنا أن نضرب مثالاً آخر، لقلنا إن جهود المثقفين العرب المكلفة قد أسفرت - خلال السنوات الماضية - عن عقد أربعة مؤتمرات للحوار الثقافي بين العرب واليابانيين، لكن اليابانيين خرجوا من هذه المؤتمرات الأربعة مقتنعين بأنه كان فيها محاور ياباني لديه رؤية واضحة وبرنامج عمل محدد، بينما غاب المحاور العربي، لأن الوفود العربية، التي حضرت هذه المؤتمرات كانت تتحدث من منظور دولها، ولم تفلح في بلورة رؤية عربية مشتركة، كما عجزت عن التقدم بأجندة حد أدنى تشكّل قائمة أولويات عملها المستقبلية.

          لما كان هذا الموضوع على جانب كبير من التعقيد، ويضم عددًا هائلاً من العناصر، ويمر بمتغيرات لا حصر لها، فإننا نؤثر هنا أن نقتصر على الحديث عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الترجمة في تطوير حركة التثاقف العربية - الآسيوية ودفعها قدمًا.

          وقد كُتب الكثير عن دور الترجمة في إنجاح الجهود العربية لطرق أبواب آسيا ومد الحوار معها ومع شعوبها، ومن ثم فإنني أوثر التطرق إلى خمس نقاط، لا غيرها، هي أقرب إلى المقترحات، أو إلى برنامج العمل، الذي أتمنى على المؤسسات الثقافية العربية المبادرة التي تبنيه، وهو برنامج مستمد من حياة بكاملها أمضيتها في العمل في هذا المجال.

جدل الحرب والسلام

          الترجمة هي دائمًا مد للجسور، وإعلاء للإنساني بأفقه الرحب، ومن هنا جاء اقترانها الدائم بالسلام والتفاهم والحوار بين الشعوب والأمم، ومن هنا أيضًا يجيء دورها المضيء في تحقيق ذلك الهدف الرباني الجليل، الذي أوضحه الحق سبحانه وتعالى في قوله عزّ من قائل: {وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا}.

          ولأن الأمة العربية كانت دائمًا أمة مسالمة، وارتبط دورها الحضاري بالدعوة إلى الحق بالإقناع والموعظة الحسنة والقدوة، فإن ذلك يشكّل الأرضية التي نقول انطلاقًا منها إنه آن الأوان لأن نترجم إلى العربية ما يعرف في إطار المكتبة العالمية باسم «مكتبة الحرب».

          هذه المكتبة تشمل مجموعة من الأعمال، التي تنتمي بامتياز إلى عيون الفكر العالمي، وفي مقدمتها على سبيل المثال لا الحصر.

- فن الحرب، من تأليف صن تزو.
- فن الحرب، من تأليف نيكولو ماكيافيللي.
- كتاب الدوائر الخمس - من تأليف مياموتو موساشي.
- هاجاكوري - من تأليف ياماموتو تسونيتو مو.
- كتاب الاعتبار - للأمير أسامة بن منقذ.
- في الحرب - من تأليف كارل فون كلاوزفيتز.

          هنا لابد - على الفور - من إيضاح نقطتين مهمتين:

          أ - ليس هناك تناقض بين حرصنا - نحن العرب - على السلام والتفاهم ومد الجسور مع مختلف الأمم والشعوب، وبين ترجمة هذه الكتب، وغيرها كثير، من العربية وإليها، وذلك لأنها جميعها تؤكد على السلام ومجمل القيم والأعراف المرتبطة به، وتنظر إلى الحرب باعتبارها الوسيلة النهائية في مواجهة عدو يتخذ من العدوان منهاجًا، ومن نفي الآخر أسلوبًا للحوار.

          ب - بعض هذه الكتب تُرجم إلى اللغة العربية بالفعل، لكن ذلك لا يعني انتهاء المهمة، ونفض اليد من هذه الكتب، فما أتحدث عن الوصول إليه هنا هو ما يعرف تقليديًا في الترجمة باسم الترجمة القياسية، أي الترجمة، التي تبلغ من الدقة والكمال والإنجاز الحد الذي ينفي الحاجة إلى ترجمة جديدة، وفي اعتقادي أنه لم يتم الوصول إلى ترجمة قياسية في أي من هذه الأعمال، وهو قول أطرحه بتمام الاقتناع، على الرغم من أنني شرفت بمحاولة ترجمة بعضها، في إطار جهود، ربما اتسمت بنبل المحاولة، لكنها لم تحظ بالوصول إلى الترجمة القياسية، التي تظل هدفًا مراوغًا، ليس بالنسبة للمترجمين كأفراد ومهنيين فحسب، وإنما بالنسبة للشعوب والأمم بأسرها.

مد الجسور الصعبة مع اليابان

          إننا نعرف جميعًا أن تجارب التحديث العربية قد اقترنت تقليديًا بمد الجسور إلى الغرب، والاقتراب منه، والنقل عنه، ومحاولة الاستفادة مما يقدمه في هذا الإطار.

          لكن ماذا عن الشرق؟ ماذا عن الكتلة الآسيوية الهائلة؟ ماذا عن اليابان، التي تقدم الكثير مما يستحق عن جدارة، الكثير من الاهتمام منا نحن العرب بتجربتي التحديث فيها؟

          دعنا نلاحظ أن المسعودي في «مروج الذهب» يجزم بأن أحدًا من العرب والمسلمين لم يشق طريقه إلى «جزائر السيلي»، وهو الاسم الذي عرف به العرب تقليديًا الأرخبيل الياباني، وعاد منها ليروي ما رأته عيناه.

          بقدر ما أعلم، فإن المراجع والمصادر العربية تسكت تمامًا عن اللقاء الأول بين المسلمين واليابانيين. هذا صحيح، ولكن ماذا عن الوجه الآخر للعملة؟ ماذا عن رؤية الجانب الياباني لهذه العلاقة الثنائية؟

          كل من حاول، بحب وتعاطف، جلاء غموض هذه المسألة وسبر أغوار أسرارها، أدرك أن المصادر اليابانية ستتحدث، بجلاء، عن أمرين محددين، لا موضع للتشكيك فيهما:

          أ - عن لقاء جد مبكر بين الجانبين للمرة الأولى على الإطلاق، ربما في القرن التاسع الميلادي، كان أقرب إلى المصافحة الأولى، في بلاد إمبراطور الصين، الذي ينبغي أن نتذكر أن مستشاريه الأساسيين كانوا من المسلمين في تلك المرحلة.

          ب - عن لقاء بين كاهن بوذي وتجار مسلمين، كانوا في الغالب على متن سفينة قدمت من بلاد فارس، وذلك في مدينة كانتون الصينية، في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي، وهذا الكاهن الذي يدعى كيوساي وهو من كيوتو قدم الدليل المادي على حدوث هذا اللقاء الفريد العام 1217 في صورة قصيدتين من نوعية الرباعيات، لاتزالان محفوظتين في اليابان حتى اليوم. وقد فحصهما المستشرق الفرنسي بول بيليو، وخلص إلى أنهما «أقدم وثيقة عربية باقية في الشرق الأقصى».

          بالإضافة إلى هذين الأمرين، فثمة حقائق أخرى مهمة، ليس هنا موضع التطرق إليها بالتفصيل، غير أننا ينبغي أن نشير إلى أنه من المعتقد أن التجار المسلمين أبحروا إلى شواطئ اليابان، على متن سفنهم، مستعينين بخرائطهم وأدواتهم الملاحية، وانعكس ذلك في إشارات عدة متوالية في القرون من الثالث عشر إلى السادس عشر الميلادية.

          في القرن من الخامس عشر إلى السابع عشر، أي في ظل مرحلة موروماتشي وبداية مرحلة إيدو، أسفرت سياسة الباب المفتوح اليابانية عن تعرف اليابانيين على المزيد من ملامح حياة المسلمين ومعارفهم وخبراتهم.

          وقد ساعد مشرفون من أصول عربية المهندسين اليابانيين على بناء سفن من الطراز الأول بالمعايير العالمية، في تلك المرحلة، كما التقى العديد من التجار اليابانيين بنظرائهم المسلمين، في العديد من أرجاء آسيا.

          غير أن قرار حكومة الشوجون بإغلاق اليابان في وجه العالم الخارجي حال دون تطور هذه العلاقات.

          ابتداء من أواخر مرحلة توكوجاوا، تدفقت المعلومات عن العالم الإسلامي إلى اليابان، عبر باحثين يابانيين مميزين، مثل أراي هاكوسيكي، واتانابي كازان، وفوكوزاوا يوكيتشي وغيرهم كثير.

          خلال الفترة الممتدة بين إصلاح الإمبراطور ميجي والحرب العالمية الأولى، وفي غمار عملية التحديث اليابانية، تركز اهتمام اليابان على العلاقات الوثيقة مع الدول الأوربية والولايات المتحدة، وانحسر اهتمامها في العالم الإسلامي بكامله.

          من الناحية العملية، سننتظر حتى القرن التاسع عشر قبل الوصول الموثق لأول مسلم إلى اليابان.

          سننتظر أيضًا حتى مطلع القرن العشرين قبل الوصول الموثق من جانب أول عربي إلى اليابان.

          سننتظر حتى ما بعد هزيمة يونيو 1976، قبل أن يبدأ اهتمام الباحثين العرب بتجربتي التحديث اليابانيتين في إطار بحثهم عن رؤية جديدة للتحديث العربي.

          ومن المهم أن نرصد وجود مراكز لتعليم اليابانية في الجامعات العربية، غالبًا بتمويل ياباني، أبرزها ما هو موجود في القاهرة ودمشق، حيث انطلقت من هذه المراكز جهود رائدة للترجمة من وإلى اليابانية مباشرة، بالتوازي مع جهود الترجمة عبر لغات وسيطة.

          ونلاحظ أن جانبًا ليس باليسير من هذه الترجمات ينصرف إلى الجانبين العملي والعلمي، كالترجمة عن اليابانية في علوم الكمبيوتر، والمحيطات والمصارف والأحياء وغيرها كثير.

          ويبقى من المهم ترجمة عيون التراث الياباني المعروفة باسم الكنوز الوطنية في اليابان، والتي لا يكاد يوجد بين أيدينا شيء منها على الإطلاق، ويكفي أن نتذكر في هذا الصدد أن أعمالاً كلاسيكية يابانية مثل «حكاية جينجي» و«حكايات آيسي» يزيد عمرها عن ألف عام لم تترجم حتى الآن إلى العربية، ولا يبدو ذلك أمرًا محتملاً في المستقبل القريب.

          على الطرف الأقصى المقابل من البندول، فإن معرفتنا بالأعمال الإبداعية الحديثة في اليابان وتطور الحياة الإبداعية النشطة هناك تكاد تكون في أقل من الحدود الدنيا.

          بالمقابل، فإن جهودًا أكبر ينبغي أن تبذل على الجانبين لترجمة أكثر دقة إلى اليابانية لمعاني القرآن الكريم والحديث الشريف، وعيون التراث العربي وروائع الأدب العربي الحديث، وذلك على الرغم من وجود جهود يابانية في هذا المجال حازت شرف الريادة.

الصين.. ذلك المجهول الكبير

          تتحدث المصادر الصينية التقليدية عن وجود مقابر لبعض الصحابة في أرض الصين، من دون أن نكون قادرين على الوصول إلى حد أدنى من الدقة فيما يتعلق بهذا الطرح، وهو أمر دال على جهلنا بالبدايات الحقيقية لدخول المسلمين أرض الصين. وتتناول مصادر عربية عديدة رحلات عربية إلى الصين، لعل أبرزها - بالطبع - رحلة ابن بطوطة، وإن كنا سنجد من الباحثين من يعرب من خلال المقارنة بين المرحلتين الهندية والصينية في هذه الرحلة عن شكه في أن يكون ابن بطوطة قد زار الصين أصلاً!

          اليوم، وعلى الرغم من أن الصين تشق طريقها بعزم لتكون القوة الأولى في العالم كله في القرن المقبل، فإنه ما من أحد يستطيع الزعم في العالم العربي بأننا حققنا الحد الأدنى من المعرفة الحقيقية بهذا العملاق المقبل. ومن أراد دليلاً على صحة ما نقوله، فليراجع الخطوط العامة لوقائع جولة الحوار العربي - الصيني الأخيرة في بكين.

          على الرغم من الجهود الرائدة التي يبذلها معهد الدراسات الآسيوية التابع لجامعة القاهرة، وبعض المترجمين عن اللغة الصينية مباشرة، فإننا لانزال بحاجة إلى اتباع المنهاج نفسه، الذي أشرنا إليه في حالة اليابان، بالنسبة إلى الصين.

          ومن المحقق أن الكثير من المترجمين الذين يترجمون عن الصينية مباشرة، أو ينقلون أعمالاً صينية عبر لغات وسيطة، لديهم الكثير من التجارب المريرة والمحبطة، ولكن علينا أن نتذكر أن هذا جزء لا يتجزأ من الضريبة التي يدفعها المترجم عن عمله في هذا الميدان الوعر.

          مازلت أذكر، بكثير من المرارة، أنني أمضيت سنوات طويلة في جهود مكثفة لمجرد نشر مقدمة «الهسي يوتشي» أو «الرحلة للغرب»، التي كتبها للأمة أنتوني يو لترجمته لهذه الرائعة الصينية، التي تقع في أربعة مجلدات تندرج في ألفي صفحة.

          وكنت قد ترجمت هذه المقدمة على أمل أن يساعد نشرها في ترجمة العمل كله، وبمعجزة تمكنت من نشر المقدمة في طبعة وحيدة، لم تتكرر، لم تنل ما تستحق من التوزيع والانتشار.

الهند.. الرصيد الذي نجيد خسارته

          تظل الوضعية الراهنة لعلاقات العالم العربي مثيرة للدهشة، ومحيرة، بلا حدود.

          دعنا نتذكر أن هذه العلاقات تضرب جذورها في أقدم الأزمان، ربما منذ اكتشاف أسرار الرياح الموسمية، واستخدام هذه الأسرار للارتحال من شبه الجزيرة العربية إلى شبه القارة الهندية والعكس.

          للمسلمين حضورهم في الهند منذ دخولهم لأرضها تحت قيادة القائد الشاب محمد القاسم، وصولاً إلى قيام إمبراطورية إسلامية ترددت أصداء مجدها وحضارتها في شبه القارة بكاملها.

          على الرغم من العلاقات الوثيقة بين العرب والهند، ومن وجود الملايين من الهنود الذين يعملون في الخليج والاستثمارات العربية في الهند، فإن العلاقات العربية - الهندية تكاد تكون لغزًا يستعصي على الحل. ويكفي أن نتذكر في هذا الصدد التحالف الذي قام بين تكتل الليكود الإسرائيلي وبين التكتل الهندوسي الحاكم في الهند في وقت من الأوقات.

          هذا الوضع المرتبك على الصعيد السياسي لن تعدم نظيره على الصعيد الثقافي، ويكفي أن نتذكر أنه لم يقدر لملحمة مثل المهابهارتا أن تترجم حتى اليوم إلى العربية، وإن أردت اقترابًا حقيقيًا منها، فأنت مضطر إلى متابعة صدور الترجمة عن دار نشر جامعة شيكاغو لها في مجلدات متتابعة، لن تتكامل نقلاً من السنسكريتية إلى الإنجليزية إلا بعد سنوات طويلة.

          أما ما نعرفه عن الأدب الهندي الحديث فهو مقصور على ما يكتب بالإنجليزية مباشرة، أو ما يُنقل إليها.

الوجهية البحرية لجنوب شرقي آسيا

          لست أشك في أنك تتساءل عما أعنيه بالوجهية البحرية لجنوب شرقي آسيا، فهذا الاصطلاح قمت باشتقاقه من العمارة الإسلامية، حيث وجهية المسجد هي الامتداد الذي يصافح الناظر إليه لدى اقترابه منه.

          بهذا المعنى فإن هذا الاصطلاح يطال كيانًا هائلاً، يبدأ من سريلانكا، ثم يمتد في لقاء المحيط بالبر الآسيوي الجنوبي، وصولاً إلى شبه جزيرة كوريا.أتمنى ألا يظن بي القارئ الظنون، إذا سمحت لنفسي بالذهاب إلى القول إن معرفتنا نحن العرب بهذا الجزء من العالم تقف عند ترحالنا إلى عالم الترفيه في جزر بحر الاندمان.

          إذا خالفتني الرأي، فدعني أذكرك بأن أهم الكتب الصادرة عن الأرخبيل الأندونيسي، الذي يعد أكبر دولة إسلامية في العالم، تصدرها جامعة هاواي وليس جامعة الأزهر. وأن معرفتنا الحقيقية بماليزيا تستمد من مراكز أبحاث في سنغافورة، وليس من مركز الدراسات الآسيوية التابع لجامعة القاهرة.

          وهناك كتب عديدة في هذه المنطقة من العالم تنتظر منا نحن العرب أن نترجمها، أو على الأقل نقدم تعريفًا دقيقًا بها، سواء أكنا نتحدث عن عيون التراث، أو عن الإصدارات الحديثة.

          يحزنني أن المصدر الحقيقي للمعرفة بالآداب الحديثة لهذه المنطقة لايزال، حتى الآن، متمثلاً في مجلة «مانوا» الأدبية الشهيرة، التي تنقل أصداء الأدب الحديث في مختلف أرجاء حوض المحيط الهندي، والتي لايكاد أحد في العالم العربي يعرف حتى بوجودها.

          إذا سألتني عن كتاب وحيد من هذه المنطقة من الحتمي أن نترجمه إلى اللغة العربية، اليوم قبل الغد، لبادرت على الفور بالإجابة إن هذا الكتاب لن يكون إلا «الداما بادا» الشهير، الذي يقرأه كل يوم قرابة المليار من البشر.

          هذا الكتاب هو الدليل المرشد للكثيرين من أبناء هذه المنطقة من العالم في حياتهم الروحية والاجتماعية والعملية. وعلى الرغم من وجود ترجمة مبكرة، تكفلت بنقله إلى العربية، فإننا بحاجة إلى ترجمة، بل ترجمات، أكثر دقة إلى العربية. ويكفي أنني أحصيت سبع ترجمات على الأقل لنقل معاني هذا الكتاب إلى اللغة الإنجليزية.

          وفي اعتقادي أن أول من ينبغي له التسلح بترجمة عربية لمعاني هذا الكتاب هم الدعاة، الذين تبعث بهم جهات عدة في العالم العربي إلى تلك المنطقة، لتشرح صدورهم للدين الحنيف، ذلك أن فهم «الداما بادا» يتيح لهم إدراك جوهر رؤية أبناء تلك المنطقة للحياة، وفهمهم للوجود، الأمر الذي يشكل مدخلاً لمد الجسور وبدء الحوار معهم.

          من المهم أخيرًا، أن نتذكر أن الجهود التي بذلت في إطار حركة التثاقف العربية - الآسيوية، على الرغم من أنها دائمًا ما تكون عن رضا من الطرفين، فإنها أبعد ما تكون عن إثارة التشاؤم بشأن المستقبل أيضًا. يكفي أن نتذكر في هذا الصدد المثال الواضح المتعلق باليابان، التي تفصلها عن العالم العربي مسافة تصل إلى عشرة آلاف كيلومتر، وحتى الأمس القريب لم تكن هناك دبلوماسية عربية تتبعها طوكيو، وكان العالم العربي ينافس إفريقيا على المرتبة الأخيرة في قائمة اهتمامات اليابان بالعالم الخارجي، ومع ذلك فقد تم تحقيق تقدم ملموس في حركة التثاقف العربية - اليابانية، لا موضع للتقليل من شأنه.

          لكننا ينبغي أن يلفت نظرنا أن جانبًا ليس باليسير من هذا الإنجاز تحقق بفضل جهود المثقفين العرب، على الرغم من محدودية إمكاناتهم، على حين ظلت الإرادة السياسية غائبة عن هذه الجهود، وحتى في حالة توافرها، فإنها تبلور اهتمامات الدولة المعنية وحدها، وليس اهتمامات العالم العربي بكامله، ومن هنا على وجه الدقة جاءت شكوى طوكيو من أنه في الحوار العربي الياباني لاوجود إلا لمحاور واحد، هو المحاور الياباني.

          في اعتقادي أنه آن الأوان للتحرك بقوة نحو تفعيل الترجمة، عبر جهد مؤسسي منظم، كإحدى أدوات التواصل بين العالم العربي والشرق بأسره، بما في ذلك الكتلة الآسيوية، استنادًا في المقام الأول إلى جهود المجتمع المدني، بما في ذلك اتحادات الكتاب ونقابات الصحافة وتجمعات المفكرين والمعاهد والجامعات وغيرها من المؤسسات المناظرة. وإن أردت سببًا إضافيًا مؤرقًا يدعونا لدعم هذه الجهود، فما عليك إلا أن تتذكر أن: الناس خارج السرداب يحسبوننا نوعًا من الذئاب.

وماتَ من أحبني ولم يكن هناك من أحبني سواه
ومرّت الأيامُ يا صديقي جديبةً، مطمورةً بالثلجِ، بالأسى
وقلبي الوحيدُ ينطوي على? جفافِهِ، على ظماه
وعاد قلبي الوحيدُ يسألُ الحياه عن دفءٍ قلبٍ وراحة الحياة


فدوى طوقان

 

كامل يوسف حسين   





كتاب قام كاتب المقال بترجمته ويعد من أوائل الكتب في الفكر العسكري الصيني





كتاب من تأليف الكاتب حول المخرج الياباني الشهير اكيرا كوروساوا





السفن الصينية كانت الوسيلة للتعرف والتفاعل مع بقية ثقافات العالم





المجموعة الاسلامية إحدى الجماعات الاصيلة في الصين ولها خصوصيتها الثقافية