بـُرجٌ

بـُرجٌ
        

مهداة إلى حفيدتي هنوف في عيد ميلادها الرابع

شعر

قالت لي: ساعدْني يا جدّي
كي أبني برجًا مرتفعًا جدًا
فأنا لا أقدر أن أبني وحْدي
وعلي خدِّي
طَبَعَتْ بتلةَ وردٍ
من ثغرٍ كالزنبق والوردِ
فجلستُ على أرضِ الغرفةِ في سعدٍ
فأضافت ذات السّنواتِ الأربع
في صوت عذبٍ
يتدّفقُ بالحبِّ:
أحبُّكَ جدًا يا جدّي
من داخلِ قلبي
وأشارت بالإصبعِ
نحو الأضلعِ
وأخذنا نَبْنِي كالأصحابِ
برجًا مرتفعًا جدًا...
ناطحةَ سحاب.

***

راقبتُ البرجَ الزّاهي الألوان
وأخذتُ أفكّرُ في الأزمانِ
وبذهْني خَطَرَ سؤال
عن لعبةِ جدّي أو أعمامي والأخوال
إذ كانوا في سنِّ الأطفالِ
لا أدري ما كانت
لكن لا أحْسَبُها كانت
أبراجًا
في كلِّ الأحوالِ

***

وأخذتُ أفكِّرُ في الأجيالِ
وأحاول أن أتذكّر ألعابَ الصبيانِ
في زمنٍ أفلَتَ مني خلفَ الأزمان
كنتُ به خالِي البال...
كان هناك الصّلصالُ
أشكِّلُ منه الفرسان
وأصنعُ منه الأبطالَ
وأشكّلُ منه الأسقفَ والحيطانَ
لبيوتٍ لا تتطاولُ في البنيان...
وكان هناك السيارات
لا تتجاوز في الحجمِ البوصات
من شتَّى الألوانِ
صُنِعَتْ في اليابان
نُقِشَ عليها: «صُنعت في اليابان المحتلة»
إذ كانت ترزحُ تحت الأمريكان
بُعَيْد القنبلةِ الذريهْ
وكان هناك «الميكانو»
ذو القطعِ الميكانيكيهْ
نصنعُ منه الآلات
أو العربات
لكن لم نَصْنَعْ أبراجًا
في كُلِّ الحالات.

***

ونظرتُ إلى البرج الزّاهي الألوان
والحلوةُ تغْمُرُنِي
بالبسمات
حفيدةُ من كانوا للإبلِ رعاةً
ورعاةً للشاة
وتذكّرتُ حديثًا عن آتي
الأزمانِِ
عن وعدٍ وعلامات
عن يوم آتٍ... آت!.

 

شهاب غانم