رَنِـيـم

رَنِـيـم
        

شعر

كبرتْ في السَّهْو رنيمْ
كنتُ أظنُّ ستبقى طفلةَ قلبي،
متكومةً في صدري، والصدرُ حليمْ
كنتُ أظنُّ ستبقى أتملّى عينيْها الرائقتيْن،
وأتسمّعُ من أحرُفها صوتًا بهّاجًا ونَدِيّا ورخيمْ
كنتُ أهدهدُ، كنتُ أحطُّ الدبدوبَ جوارَ الخدِّ
البضِّ، وكنتُ أربِّتُ، كنتُ أُنَشِّفُ
دمعاتٍ، كنتُ أُنِيمْ
ما إن نضجَ الغُصنُ على الغُصنِ، وطابَ الثمرُ على الثمرِ، وماسَ القَدُّ على الدنيا،
حتى انخطفتْ في السَّهو رنيمْ
عصفورةُ نار السنواتِ، وأرنبةُ الحقلِ البَرىِّ،
ومأثرةُ الربِّ المعطي، والربُّ كريمْ
يامَن حُزْتَ يمامة دلتاىَ:
افرشْ عشَّ لياليها بالرّيشِ، وزَقِّقْها القمحَ
بكفٍّ، وَسِّدْها منكَ الأضلاعَ، لأن
يمامةَ دلتانا: بعضٌ من لحمِ الرجلِ المعتَلِّ،
وبعضٌ من عِِزَّةِ عائشةَ، ومِرْسالُ نعيمْ.
كبرتْ في السّهو رنيمْ
كانت كفّاها معجزتيْنِ، ودمعتُها لؤلؤةً،
وتَبسُّمُ شفتيْها مَلَكًا حنّانًا، منّانًا، وكَلِيمْ
إنْ فرحتْ غمَرَ الدنيا زهرٌ أبيضُ،
وأطلَّ من الشّرفاتِ هلالٌ حىٌّ، وحَييٌّ، وحَمِيمْ
وارتعشتْ في الفجر ملائكةٌ خضرٌ،
وتعافى كلُّ سقيمْ
إنْ حزنتْ يقفُ الطيرُ على إصبعها المنحولِ،
فليسَ يرومُ وليس يَرِيمْ
ويَغُصُّ الكونُ بأغنيةٍ من شجنٍ،
يحيا فيها رضوانٌ، ويموتُ رجيمْ.
كبرتْ في السّهو رنيمْ
طارتْ عن أيْكِ طفولتها الأولى،
لتحطَّ بأيْكِ طفولتها الثانيةِ،
فإذا بالأيكيْن يهيمانِ بِرَاءٍ وبنُونٍ وبيَاءٍ وبمِيمْ
خُطِفتْ في السّهو رنيمْ،
يا بنتَ الكَبدِ المشقوقةِ:
كوني سيدةً في الصبح، وكوني امرأةً في الليلِ، وكوني بانيةَ البيتَ،
وفاتحةً للخيرِ، فيغدو الخيرُ وسيعًا
وعَمِيمْ
هذى بَرَكَةُ قلبي، تَرعى يومَكِ،
وتحيطُ بهوْدجكِ الحرِّ،
وتُنْشِدُ لصباحكِ مفتتَح الترنيمْ:
يا بنتَ الكبدِ رنيمْ
اسمُ الله عليكِ،
سيحرسُكِ الرحمنُ ويحرسُكِ رحيمْ
ويصونُكِ مفتاحُ النيل من الشرِّ،
ومفتاحُ النيلِ عليمْ
فيحفُّكِ في الشّرق نسيمُ،
ويحفُّكِ في الغربِ نسيمْ
وتظلّينَ الطفلةَ بالقلبِ،
تظلّينَ المتكوِّمةَ بصدري،
والصدرُ حليمْ
كبرتْ في العُرْسِ رنيمْ.

 

حلمي سالم