صبي الرسام

  صبي الرسام
        

شعر

كنا
نحن الذين لا عملَ لنا
سوى كنسِ الدكانِ
ورشّه بالماء
نتبارى في كل شيء
كان الدكانُ لصناعةِ صناديقِ الأفراح
الصناديقِ المبهجة
المزينةِِ برسومِ طيورِ وطواويس
وحوريات
الصناديقِ التي يأخذونها بعيدًا
على عرباتٍ مزدحمةٍ بنساءٍ وبنات
يطبلنَ ويزغردن
بينما تتعثرُ بالرجالِ ذوي الشواربِ والجلاليب
وهم يحاسبونَ المعلمَ
لنلفتَ أنظارَهم
آملينَ في البقشيشِ
لمرةٍ أو مرتين
والمعلمُ في قيلولَتِهِ
تبارينا في الرسمِ
فتحنا علبَ الألوانِ السحرية
ورسمنا على أوراقٍ مستعملة
ما تراهنا عليه
رسم أحدُهُم حوريةً
ورسم الآخرُ كومة بطيخ
أما أنا
فرسمتُ بائعةَ السمكِ على الرصيفِ المقابل
ومع أننا تخلصنا من الأوراق
وأغلقنا علبَ الألوان
وأعدنا كل شيءٍ إلى مكاِنه
إلا أن ما تبقى على أيدينا
وشى بنا
فلم ننجُ من عصا الرسام
الرهان الأخير
أعادني إلى أمي
مطرودًا
وغير مرغوب فيّ
لكنني لم أكن تعيسًا
فقد احتفظتُ بالكائناتِ البديعة
وكنتُ من حينٍ لآخر
عندما أكونُ وحدي
أطلقُها على الأوراق
وأتحدثُ معها!.

 

فريد أبو سعدة