عزيزي القارئ

عزيزي القارئ
        

فيروز.. والمدينة الضائعة

          بعد هزيمة يونيو 67 المروعة بأيام قلائل، وبعد أن خفتت كل الأصوات العربية خوفًا وقهرًا، ارتفع صوت فيروز وهي تشدو من أجل مدينة الصلاة، كانت ترثي في أغنيتها البديعة مدينة القدس، ويبدو من خلال صوتها الشجي صورة المستقبل الحزين الذي ينتظر هذه المدينة المقدسة، من حريق قبة الصخرة إلى ضياع حائط البراق، ومحاولة شق الأنفاق في قلب الحرم، وهدم البوابات ودق الأساسات، ثم محاصرة المدينة كلها، من أجل تهويدها وفصلها عن الجسد العربي. أربعون عامًا ومازالت هذه الأغنية تتردد في وجداننا، لا نكف عن سماعها، بينما الذين يخططون لسياسات البيع والمقايضة والتنازلات لا يسمعون.

          كان صوت فيروز دومًا هذا هو صوت الضمير العربي الباقي، وهو السلوى والعزاء. من أجل هذا تقدم «العربي» ملفها في هذا الشهر عن تلك المطربة العظيمة التي رافقنا صوتها على مدى سنوات طويلة، حبًا وشوقًا وصبابة، وأيضًا حزنًا وانكسارًا.

          لا نبتعد كثيرًا عن ذكرى يونيو، فرئيس التحرير يخصص افتتاحيته لتلك الذكرى الأربعين، فالألم الذي تثيره هذه الهزيمة ليس ألم قطر عربي أو قطرين أو ثلاثة، ولكنه ألم عربي عام، وقد حفرت في الأجيال العربية جراحًا مازالت ندوبها باقية حتى الآن، ورغم هذا الحزن فهناك فسحة كبيرة من الأمل في أن تكون الهزيمة دافعًا للنهضة، وأن نستلهم من نصر أكتوبر الذي تبعها بعد خمسة وعشرين عامًا طريقًا لخلاص النفس العربية.

          وترحل «العربي» هذا الشهر إلى السعودية لتقدم استطلاعًا خاصًا عن الحرف الإسلامية، وذلك من خلال الملتقى الذي استضافته الرياض ونظمته بمشاركة مركز البحوث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في إستانبول (إرسيكا)، لتلقي الضوء على هذه الحرف التقليدية، وتتيح لصناع الأقطار الإسلامية التعارف فيما بينهم، وهي فرصة نادرة لالتقاء أبناء الحضارة الواحدة في مكان واحد، ليعرفوا مدى ما يملكونه من تنوع ومهارات فنية. وتقدم «العربي» أيضا استطلاعًا عن متحف الفن الحديث في الكويت، بعد أن طالته يد الترميم والتجديد وارتدى حلة قشيبة من الفن والبهجة. وتواصل «العربي» في هذا العدد مشروعها المميز الذي تقيمه بالتعاون مع هيئة الإذاعة البريطانية للكشف عن المواهب العربية الشابة من كتّاب القصة القصيرة، كما يسرها أن تنشر قصة قصيرة مترجمة للمستشرق المعروف  دنيس جونسون ديفز الذي اهتم بالأدب العربي وحرص على ترجمته ونقله إلى اللغات الأخرى لعلها ترد إليه شيئًا من فضله على الثقافة العربية، وغير ذلك فمازال عدد «العربي» حافلاً بالموضوعات والقضايا المهمة.

 

المحرر