استئصال المرارة بالمنظار سلمى فؤاد دوارة

تطور كبير يمكن من إجراء العمليات الجراحية الكبرى بفتحات صغيرة، مما يوفر الكثير من المعاناة والنفقات والوقت. اتجاه جديد يتأصل في الجراحة الحديثة، وهذا المقال يشير إليه.

المناظير الضوئية كان لها فضل كبير في تحديث طرق التشخيص في معظم الأمراض، وذلك بالرؤية المباشرة أو أخذ بعض العينات من الأنسجة مباشرة أو حقن بعض المواد التي تساعد على توضيح التشخيص بالأشعة. مثال ذلك تشخيص أمراض الجهاز الهضمي العلوي من خلال فتحة الفم في تشخيص أمراض المريء، والمعدة، والاثنى عشر وفي السبعينيات نجح اليابانيون في إدخال قسطرة ( أو أنبوبة رفيعة) من خلال قناة دقيقة توصل في القنوات المرارية، لحقن بعض الصبغات لمساعدة تشخيص القنوات المرارية والبنكرياسية بواسطة الأشعة.

من التشخيص إلى العلاج

ومع الوقت استطاع الأطباء أن يقوموا ببعض الطرق العلاجية الجراحية من خلال منظار الجهاز الهضمي العلوم مثل: حقن دوالي المريء، توسيع ضيق المريء، وضع أنبوب داخل ورم خبيث بالمريء غير قابل للاستئصال حتى يمر الطعام والشراب من المريء إلى المعدة، كذلك أمكن توسيع الصمام الحارس على القنوات المرارية عند اتصالها بالقنوات البنكرياسية ودخولها إلى الاثنى عشر.

وفي السبعينيات أيضا أصبحت المناظير الضوئية من أحسن وسائل التشخيص لأمراض الجهاز الهضمي السفلى من خلال فتحة الشرج في تشخيص أمراض القولون، وأخذ العينات من الأنسجة للفحص الباثولوجي، وفي القيام ببعض العلاجات الجراحية مثل استئصال بعض الأورام، وحقن التجمعات الدموية، واستخدام أشعة الليزر العلاجية. كذلك في أمراض المسالك البولية فهناك منظار المثانة والحالب والكلى من خلال فتحة قناة مجرى البول الخارجية. واستخدام المنظار في التشخيص والعلاج واستخراج الحصوات وبعض الأورام واستئصال البروستاتا.

حقول عديدة لعمل المنظار

ولكن التطور الأكبر للمناظير وتطبيقاتها الجراحية المختلفة يرجع الفضل فيه لمنظار البطن (منظار البريتون أو منظار التجويف البطني) الذي يدخل من فتحة صغيرة في جدار البطن بعد حقن البطن بكمية من الغاز (غاز ثاني أوكسيد الكربون أو أوكسيد النيتروز). وهذه المناظير لها تطبيقاتها الناجحة جدا في أمراض النساء والتوليد، حيث تستخدم في تشخيص وعلاج الالتهابات المزمنة، والالتصاقات، وأورام الرحم والمبيضين.

أما في الجراحة العامة فقد استخدمت المناظير أولا في تشخيص إصابات البطن غير الحادة، وأوجاع البطن، والصفراء، وسرطانات البطن، وأمراض الكبد وأورامه والسرطانات الليمفاوية.

ومن أهم وأحدث إنجازات جراحة المناظير في الجراحة العامة: استئصال المرارة، واستئصال الزائدة الدودية، ومعالجة بعض حالات الفتق بجدار البطن، واستئصال العصب الحائر في حالات القرحة المزمنة بالاثنى عشر.

جراحة المناظير لماذا؟

وقد يطرأ سؤال مهم: لماذا التفكير في جراحة المناظير؟ لماذا نشأت فكرة الجراحة من خلال المنظار؟ والإجابة: لأن الجراحة من خلال فتحة صغيرة تقلل من العطب في الأنسجة المختلفة عكس ما يحدث في الجراحات المفتوحة، وكذلك يقلل المضاعفات بعد العملية مثل الانسداد المعوي، وتلوث الجروح، كما يقلل فترة الإقامة بالمستشفى، وبالتالي يخفض المصاريف وكذلك يقلل فترة الانقطاع عن العمل والنشاط الكامل.

استئصال المرارة بالمنظار كمثال

وتحسن الإشارة ببعض التفصيل إلى عملية استئصال المرارة بواسطة المنظار الجراحي كمثال شهير لجراحة المناظير حيث تجرى هذه العملية على الآلاف من المرضى في معظم بلاد العالم ومنها البلاد العربية.

والجدير بالذكر أن أول عملية لاستئصال المرارة في الإنسان من خلال المنظار الجراحي قام بها الدكتور فيليب موريه في مدينة ليون بفرنسا سنة 1987، وبعدها بسنة توالى قيام المراكز والمستشفيات بهذه العملية.

وتبقى بعض الأسئلة سنحاول الإجابة عنها فيما يلي:

  • ما الحالات المسموح لها باستئصال المرارة من خلال المنظار؟
  • ما الأمور الواجب توافرها لإجراء استئصال المرارة بواسطة المناظير؟
  • ما الحالات التي لا يصح إجراء جراحة المناظير لها؟
  • هل هناك مضاعفات لاستئصال المرارة بالمناظير؟ وما هي؟
  • مزايا عملية استئصال المرارة بالمنظار؟

متى تستأصل المرارة بالمنظار؟

حالات حصوات المرارة مع عدم وجود مضاعفات الالتهابات الحادة، ويحدث هذا غالبا في الفترة التالية لأول 48 ساعة للالتهاب أو بعد ثلاثة أسابيع.

وأفضل حالة هي حالات المرارة غير سميكة الجدران (وذلك يثبت أو يشخص بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة بالصبغة على المرارة). بالرغم من إمكانية إجراء العملية على بعض المرضى ذوي الجدار السميك للمرارة أو ضعيفة الأداء (لو أن الجراح له خبرة في ذلك) ولكن بعد التشخيص الأولي بواسطة المنظار عن إمكانية استئصال المرارة عن طريق المنظار أو عدم الإمكانية.

لذلك فإن أخذ موافقة كتابية من المريض في جميع الأحوال عن إجراء العملية بالطريقة العادية التقليدية (فتح بطن) إن لم يمكن إجراؤها بالمنظار يعتبر خطوة أساسية.

شروط يجب توافرها

أولا: جراح متمكن من إجراء العمليات على الجهاز المراري ومتدرب على جراحة المناظير.

ثانيا: إجراءات تماثل تحضير مرضى الجهاز المراري قبل إجراء أي عملية حيث يخدر المريض تخديرا كليا.

ومع معرفة أن أمراض القلب والجهاز التنفسي لها نفس المضاعفات مع جراحة المناظير مثل الجراحة التقليدية (فتح البطن) لذلك يحتاج المريض إلى: أشعة على الصدر، وصورة دم كاملة، بولينا في الدم، نسبة الصفراء، نسبة الصوديوم والبوتاسيوم، وظائف الكبد، فصيلة الدم وتحضير كيس دم حيث إن المريض قد يحتاج إلى فتح بطن ونقل دم.

كذلك من الضروري القيام بالإجراءات الوقائية: فالمريض السمين يحقن بالهيبارين تحت الجلد حتى لا يتعرض لجلطات في الأوردة العميقة بالحوض والساقين، كذلك إعطاء جرعات وقائية من المضادات الحيوية بالوريد في كل المرضى لاتقاء المضاعفات الجراحية. وأهم الإجراءات الوقائية هي تعقيم منطقة السرة وغسلها قبل العملية بيوم حيث يتم إدخال كاميرا الفيديو من خلالها فيجب أن تكون نظيفة تماما ومعقمة.

موانع استخدام المنظار لاستئصال المرارة

  • حالات الالتهاب الحادة ويتأكد ذلك في أثناء التشخيص بالمنظار فتكون جدران المرارة متورمة أو سميكة أو ملتصقة مع ما حولها بشدة.
  • حالات التهاب البنكرياس الحادة.
  • حالات الصفراء.
  • حالات المرارة الملتصقة بالقناة المرارية العامة.
  • حالات فرط السمنة.

مضاعفات استئصال المرارة بالمنظار

هناك مضاعفات قد تحدث في أثناء العملية وأخرى بعد العملية فأثناء العملية: قد يحدث ثقب أو تهتك بجدار المرارة.

وقد يحدث نزيف من شريان المرارة. كذلك قد يحدث نزيف من الكبد أو إصابة للقنوات المرارية الرئيسية وكل هذا ممكن تداركه أو التدخل فورا لعلاجه جراحيا.

أما بعد العملية: فقد تحدث بعض الآلام في الجانب العلوي الأيمن للبطن وقد يحدث نزيف داخلي أو تجمع السائل المراري تحت الحجاب الحاجز أو خلف الكبد أو تحته.

مزايا عملية استئصال المرارة بالمنظار

المزايا الحقيقية لإجراء الجراحة من خلال المناظير حتى الآن بنيت كلها على دراسات سابقة وليست مستقبلية لاحقة ولكن ممكن تلخيصها فيما يلي:

  • اختصار فترة الإقامة بالمستشفى بعد استئصال المرارة لمدة يوم أو يومين، بالمقارنة بأسبوع أو عشرة أيام في حالة العملية التقليدية.
  • عدم وجود مضاعفات للجروح مثل التلوث ومثل الالتصاقات.
  • سرعة رجوع المريض للنشاط والعمل في خلال أسبوع.
  • عدم وجود جرح كبير في أعلى البطن مع عدم وجود مضاعفاته مثل الألم المزمن، وكذلك فهو أفضل من الناحية الجمالية.
  • مصاريف أقل للعلاج (في حالة التطور وتصنيع المناظير داخليا).

كما أن سرعة خروج المريض من المستشفى تقلل بالتالي احتمالات الإصابة بالجلطات في الأوردة العميقة وتقلل احتمالات الإصابة بأمراض الرئة.