عزيزي القارئ المحرر

عزيزي القارئ

مسيرة الديمقراطية في الكويت

عزيز القارئ..

عندما يصدر هذا العدد تكون المعركة الانتخابية محتدمة في الكويت. وهي معركة يشارك فيها حوالي 107 آلاف كويتي من الذين يحق لهم الانتخاب لاختيار خمسين عضوا يمثلونهم في مجلس الأمة. وأمثال هذه المعارك تكون ساخنة، وهي تترك تأثيرها الحار ليس في الشارع الكويتي فقط، ولكن في منطقة الخليج والعالم العربي كله الذي يترقب في كل دورة فصول هذه التجربة الديمقراطية، وكيف تتطور في كل عام. وميزة تجربة الديمقراطية في الكويت أنها تتم في أجواء مفتوحة بلا ضغوط ولا تزوير ولا محاولة إغلاق الصناديق مبكرا.

وهذه التقاليد الديمقراطية لم تنشأ من فراغ، ولكنها نتاج تفاعلات اجتماعية صاحبت بروز المجتمع الكويتي الذي اعتمد دائما على الشورى والتكافل بين أفراده. وقد بدأت التجربة تتبلور في شكلها السياسي الحديث في مطلع هذا القرن، عندما اجتمع أصحاب الخبرة في البلاد مع أميرها وطالبوا بدور أكبر في حكم البلاد في 22 فبراير عام 1920، وكان هذا ميلاد أول مجلس للشورى عرفته منطقة الخليج، ثم قام المجلس التأسيسي عام 1962 الذي أصدر الدستور الدائم لدولة الكويت، وتواصلت الخطوات على طريق الديمقراطية إلى هذه الانتخابات التي تحمل رقم ثمانية في تاريخ الكويت.

ولعل مجلة "العربي"، التي تحمل الزاد الثقافي الشهري لكل قراء العربية هي ثمرة هذا الانفتاح الديمقراطي الذي عرفه المجتمع الكويتي، فقد علمه الحس الفطري القديم ألا يحجر على أي فكر وألا يقيد أي تجربة، ولكنه يترك الفرصة لكل الأفكار حتى تتصارع، مؤمنا بأن صوت صراع الأفكار هو صوت الحرية، وأن الظلام لا ينيره إلا عقول المستنيرين من أبناء الأمة. لذلك كانت "العربي" دائما، وستظل، تعبيرا عن تلك الروح الديمقراطية المنفتحة على كل التيارات، التي يموج بها وطننا العربي.

وهذا العدد - كدأب العربي دائما - ينظر إلى الماضي بقدر ما يستشرف المستقبل. وهو إذا كان مشغولا بأصداء هذه المعركة الانتخابية، فهو لا ينسى أن يلقي الضوء على واحدة من كبريات المعارك العسكرية التي شهدها عالمنا العربي في الخمسينيات من هذا القرن، ونعني بها حرب السويس التي تفجرت شرارتها بسبب تأميم قناة السويس، ولم تنته إلا بوقوف العالم الثالث على أبواب الاستقلال الوطني، وهي تحتفل بالذكرى الأربعين لقيام هذه الحرب التي يجهل تفاصيلها العديد من أبناء الجيل الحالي، من خلال مقالتين، الأولى يكتبها أمين هويدي، الذي كان يشغل وقت هذه الحرب منصب رئيس قسم الخطط بالعمليات الحربية في الجيش المصري، والأخرى عرض كتاب تتكشف من خلاله الصراعات التي كانت تموج داخل المجتمع البريطاني وقت هذه الحرب. غير ذلك تقدم "العربي" وجباتها الدسمة والمنوعة. وفي انتظار ما تسفر عنه المعركة الديمقراطية في الكويت فسوف يتأكد لنا أنه لا خلاص لنا إزاء كل ما نواجهه من أزمات إلا باتباع الديمقراطية مهما كان ثمنها.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات