المريد

المريد
        

شعر

قالَ المُريدُ - وللمريدِ غرائبٌ أَوَْدتْ بِرَاحَتِهِ، وأذكتْ نارهْ-:
(قَلِقًا كأنَّ الرّيحَ تَحْتِي) أَرْتَقِى دَرَجَ البهاءِ مُعَانقًا أنوارهْ (1)
صار المَدَى قلبُ المريد، فلم تَعُدْ حُجُبٌ هُنَالِكَ، والمدى قد صاره
الأُفُقُ دَارتُهُ، ومِلْءُ جَنانِهِ مِنْ كلّ رَمْزٍ قَلْعَةٌ ومنارهْ
لا تسألوه: كيف يَقْرَأُ لَوْحَهُ وله البشارةُ مَنْطقٌ وعبارهْ؟
رُوحٌ ترى مالا يُرَى، وسَرِيرَةٌ يَجْلُو لِعَيْنَيْهَا الهوى أسْرَارَهْ
قالَ المريدُ - وللمريد لَوَاعِجٌ قد ألهمتْ وِجْدَانَهْ أذكارهْ:
ليس الطريقُ طيالسًا أو شَارَهْ وَبَيَارِقًا مِلْءَ المدى سيّارَهْ
يُغْفَى الأنامُ وللمريد بصيرةٌ يَقْظَى، وقد أَرْخَى الدُّجَى أَسْتارَهْ
عَيْنٌ مُسَهَّدَةٌ، وقلبٌ هائمٌ سَكْرَانُ صاحٍ لَيْلَهُ وَنَهَارَهْ
وطوارقٌ قد زُلْزِلَتْ زِلزالَهَا في قلبه، واستهدفتْ أغوارَهْ
وهواتفٌ، وبواعثٌ، وطوالعٌ أَوْرَتْ حَشَاهُ، وأَجَّجَتْ أسحارَهْ
قال المريد: فكيف يغفو جَفْنُ مَنْ تَخِذَ الجوى في مقلتيه دارَهْ؟!


---------------
(1) قلقا كان الريح تحتي إشارة إلى قول المتنبي:
      (على قلق كأن الريح تحتي)

 

محمد محمد الشهاوي