مع سور القرآن الكريم.. تأملات في سورة
مع سور القرآن الكريم.. تأملات في سورة "البقرة"
1- ورد في فضل سورة "البقرة" أحاديث متعددة، وآثار متنوعة، منها: ما جاء في مسند أحمد وفي صحيح مسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: وروى ابن حبان في صحيحه عن سهل بن سعد- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الإمام القرطبي رحمه الله: " وهذه السورة فضلها عظيم، وثوابها جسيم، ويقال لها: فسطاط القرآن، وذلك لعظمها وبهائها وكثرة أحكامها و مواعظها". 2- عرض عام لمقاصد سورة البقرة: عندما نفتح كتاب الله- تعالى فنطالع فيه سورة البقرة بتدبر وتأمل وخشوع، نراها في مطلعها تنوه بشأن القرآن الكريم، وتعلن بأنه حق لا ريب فيه ثم تبين أن الناس بالنسبة لهداية القرآن، ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسم آمن به، وعمل بما أمر به أو نهى عنه ، فكانت عاقبته الفلاح، كما قال سبحانه: وقسم جحد واستكبر، واستحب العمى على الهدى، فأصبح لا يرجى منه خير ولا إيمان، فكانت عاقبته الحرمان والخسران، كما قال عز وجل: 3- وقد يسأل سائل فيقول: لماذا تحدثت سورة البقرة في مطلعها عن المؤمنين الصادقين في ثلاث آيات، ثم عن الكافرين في آيتين؟ ثم عن المنافقين في ثلاث عشرة آية؟. والجواب: كان الحديث عن المؤمنين الصادقين، وعن الكافرين الجاحدين في خمس آيات فقط، لأن شأن الإيمان والكفر واضح، فهما نقيضان لا يقبلان الاجتماع. أما طائفة المنافقين، فليس عندها إخلاص المتقين، وليس لديها كذلك صراحة الكافرين، وإنما هي فئة قلقة مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. 4- ثم وجهت سورة "البقرة" نداء إلى الناس جميعا، دعتهم فيه إلى إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، وأقامت لهم الأدلة الساطعة على ذلك، وعلى أن هذا القرآن من عند الله، وبشرت الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة في دنياهم، بأن لهم في آخرتهم الأجر الجزيل، والثواب العظيم. ثم قررت في مطلع الربع الثاني منها، أن الله تعالى لا يمتنع عن ضرب الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، وأن المؤمنين يقابلون هذه الأمثال بالإذعان، أما السفهاء فيقابلونها بالإنكار. ثم ذكرت السورة الكريمة جانبا من قصة آدم عليه السلام وقد حدثتنا في هذا الجانب عن خلافة آدم في الأرض، وعما كان من الملائكة من استفسار بشأنه، وعن سكن آدم وزوجه الجنة، ثم عن خروجهما منها بسبب أكلهما من الشجرة المحرمة. ومن الحكم التي أخذها العقلاء من هذه القصة: أن سياسة الأمم على الطريقة المثلى، إنما تقوم على أساس راسخ من العلم، وأن فضل العلم النافع فوق فضل العبادة، وأن روح الشر الخبيثة إذا طغت على نفس من النفوس، جعلتها لا ترى البراهين الساطعة ، ولا يوجهها إلى الخير وعد، ولا يردعها عن الشر وعيد. المسلمون واليهود 5- نزلت سورة " البقرة بالمدينة المنورة بعد أن هاجر صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أصبح للمسلمين فيها دولة فتية، وكان يجاورهم فيها عدد كبير من قبائل اليهود، الذين كان بعض أحبارهم يبشرون بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذت السورة تتحدث عنهم حديثا مفصلا في أكثر من ثمانين آية. فنراها في أواخر الربع الثاني توجه إليهم نداء محببا إلى نفوسهم، تدعوهم فيه إلى الوفاء بعهودهم، وإلى الإيمان بالحق الذي جاءهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: ثم نراها في الربع الثالث تذكرهم بنعم الله عليهم، كنعمة تفضيلهم على عالمي زمانهم، ونعمة إنجائهم من عدوهم، ونعمة فرق البحر بهم، ونعمة عفو الله عنهم مع تكاثر ذنوبهم، ونعمة بعثهم من بعد موتهم، ونعمة تظليلهم بالغمام ونعمة إنزال المن والسلوى عليهم، ونعمة إغاثتهم بالماء. ثم بعد ذكر هذه النعم توضح السورة الكريمة أن موقف بني إسرائيل من هذه النعم، كان موقفا جحوديا لا شكر فيه لخالقهم، لذا عاقبهم الله تعالى بما يستحقون من عقوبات عادلة رادعة، بسبب عصيانهم وفسوقهم عن أمره. ثم نراها في الربع الرابع تتحدث عن رذائلهم، فتذكر منها: عدوانهم في السبت، وتنطعهم في الدين، وإلحافهم في المسألة، عندما قال لهم نبيهم موسى عليه السلام ثم نراها في الربع الخامس تحدثنا عن تحريفهم للكلم عن مواضعه، وعن دعاواهم الباطلة، كقولهم ثم نراها في الربع السادس تواصل الحديث عن مزاعمهم الباطلة، كزعمهم أن الجنة خالصة لهم من دون الناس ، وكزعمهم أن جبريل عليه السلام عدو لهم، وكزعمهم أن ملك سليمان عليه السلام قد قام على السحر. ثم نراها في الربع السابع تقص علينا بعض الصور من المجادلات الدينية، ومن المخاصمات الكلامية، التي استعملها اليهود لمحاربة الدعوة الإسلامية. وقد رد القرآن الكريم على كل هذه المزاعم والمجادلات بما يزهق باطل اليهود، وبما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم. 6- ثم أخذت سورة "البقرة" في الربع الثامن منها، تحدثنا عن الكلمات التي اختبر الله تعالى بها نبيه إبراهيم عليه السلام وعن المنزلة السامية التي اختص الله بها بيته الحرام، وعن تلك الدعوات الخاشعات التي كان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يتضرعان بها إلى خالقهما، وهما يرفعان قواعد المسجد الحرام، وقد ختما هذه الدعوات بقوله تعالى: ولقد حقق الله تعالى دعوة هذين النبيين الكريمين، فأرسل في ذريتهما رسولا منهم، هو محمد صلى الله عليه وسلم أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه دعوة إبراهيم فقال: ثم ساقت السورة الكريمة ما ساقت من حجج باهرة، ومن أدلة ساطعة، على أن إبراهيم عليه السلام كان مخلصا عبادته لله عز وجل وكذلك جميع الأنبياء الذين-جاءوا من بعده. ثم ختم سبحانه هذه الآيات، ببيان سنة من سنن الله في خلقه، وهذه السنة تتلخص في أن كل إنسان سيجازى على حسب عمله يوم القيامة، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وأن اتكال اليهـود أو غيرهم، على أنهم من نسل الأنبياء أو الصالحين دون أن يعملوا بعملهم لن ينفعهم شيئا فقال تعالى: تحويل القبلة 7- ثم عادت السورة الكريمة في الربع التاسع منها إلى الحديث عن الشبهات التي أثارها الذين في قلوبهم مرض، عند تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، فساقت تسع آيات، افتتحت بأخبار المؤمنين بما سيقوله أعداؤهم عند تحويل القبلة وأر شدتهم إلى الجواب السديد ويبدو أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، أثارت شبهات الذين في قلوبهم مرض من اليهود والمنافقين والكافرين، فكان من مقتضى الحال- كما يقول علماء البلاغة- أن يفصل القرآن الكريم عن هذه المسألة تفصيلا مدعما بالأدلة والبراهين. وهذا ما راعاه القرآن الكريم عند حديثه عن مسألة تحويل القبلة، فلقد قرر وكرر، ووعد وتوعد، ووضح وبين، ليدفع كل شبهة، وليجتث كل فكرة خبيثة، وليزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم، ويهوي بالسفهاء إلى مكان سحيق. لقد كرر القرآن الكريم الأمر بالتوجه إلى المسجد الحرام عند الصلاة ثلاث مرات في ثلاث آيات من تلك الآيات التسع التي تحدثت عن تحويل القبلة، وعلق بكل أمر فائدة جديدة تناسبه، لأن أهمية هذا الحادث تستلزم تكرارا في الخطاب ليرسخ في النفوس، ويستقر في المشاعر والقلوب، 8- فإذا ما وصلنا إلى الربع الحادي عشر من سورة البقرة، وجدناها تسوق لنا في مفتتح هذا الربع آية جامعة لألوان البر، ولأمهات المسائل لاعتقاديه والعملية، وهي قوله تعالى: وهذه الآية الكريمة قد اشتملت على خمسة عشر نوعا من أنواع البر، الذي يهدي إلى الحياة السعيدة في الدنيا، وإلى رضا الله تعالى في الآخرة، وذلك لأنها قد أرشدت إلى أن البر أنواع ثلاثة: بر في العقيدة ويتجلى في قوله سبحانه: وبر في العمل ويتجلى في قوله تعالى: وبر في الخلق ويتجلى في قوله عز وجل: وهكذا تجمع آية واحدة من كتاب الله، بين بر العقيدة، وبر العمل، وبر الخلق، وتربط بين الجميع برباط واحد لا ينفصم، فلله هذا الاستقراء البديع، الذي يشهد بأن هذا القرآن من عند الله !! ثم تنتقل السورة بعد ذلك إلى الحديث عن الأحكام العملية الجليلة التي لا يستغني عنها الناس في حياتهم، فبينت كيف تحفظ أعراض الناس ودماؤهم وأموالهم عن طريق القصاص العادل، فقالت: وقد نقل عن العرب ما يدل على أنهم تحدثوا عن حكمة القصاص، فكان من أقوالهم في هذا الشأن: قتل البعض إحياء للجميع، وأكثروا القتل ليقل القتل- وأجمعوا على أن أبلغ الأقوال التي عبروا بها عن هذا المعنى قولهم: "القتل أنفى للقتل". وقد أجمع أولو العلم على أن قوله تعالى: ثم تابعت السورة الكريمة حديثها عن أحكام شرعية، تتعلق بالوصية، وبصيام شهر رمضان، وبآداب الدعاء، وبالبعد عن أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الرشوة وما يشبهها من المعاملات التي تتنافى مع الحق والعدل. قال تعالى: 9- وفي مطلع الربع الثاني عشر حكت السورة الكريمة بعض الأسئلة التي كان المسلمون يوجهونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأجابت عنها بطريقة حكيمة تدعوهم إلى التدبر والاتعاظ. ثم رسمت لهم قاعدة حكيمة في القتال، بأن أمرتهم بأن يردوا العدوان على المعتدي دون أن يبدأوا العدوان، فقال تعالى: وبعد هذا الحديث المحكم عن القتال في سبيل الله، وبيان أحكامه بالنسبة للأشهر الحرم وللبيت الحرام، ساقت السورة الكريمة في بضع آيات جملة من الأحكام والآداب التي تتعلق بفريضة الحج، فتحدثت عن وقته، وعن شعائره ومناسكه، وعن حكم الإحصار، وعن حكم من كان مريضا، وعن أنه لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.. ثم ختمت هذا الحديث المفصل عن الحج بدعوة المؤمنين إلى الإكثار من ذكر الله تعالى ومن التضرع إليه سبحانه بقولهم: 10- وفي الربع الثالث عشر نراها تبين لنا ألوان الناس في هذه الحياة، وأن منهم من يسعى في الأرض ليفسد فيها، وأن منهم من يبيع نفسه من أجل رضا خالقه عز وجل، ثم توجه إلى المؤمنين نداء عاما تأمرهم فيه أن يعيشوا متصالحين غير متعادين، متحابين غير متباغضين، متجمعين غير متفرقين. قال تعالى: قال تعالى: 11- وفي الربع الرابع عشر نراها تسوق في مطلعه ثلاثة أسئلة أولها عن حكم تعاطي الخمر والميسر، وثانيها عما يقدمه المسلمون لغيرهم من عون ومساعدة، وثالثها عن كيفية التعامل مع اليتامى. وقد أجابت السورة عن هذه الأسئلة إجابة سديدة، تشفي الصدور، وتصلح النفوس. ثم تحدثت السورة الكريمة حديثا جامعا مفصلا عن أحكام الأسرة، من حيث الزواج المحرم، ومن حيث ما يجب على الرجل بالنسبة لامرأته في حالة عادتها الشهرية.. ثم ذكرت في بضع آيات أحكام الطلاق بأسلوب حكيم، يهدي القلوب، ويبين للرجل ما يجب عليه نحو امرأته؟ وما يجب على المرأة نحو زوجها، وكررت خلال حديثها عن أحكام الطلاق، الأمر بتقوى الله، والنهي عن مخالفة أمره، كما في قوله تعالى: 12- وفي الربع الخامس عشر واصلت السورة الكريمة حديثها المفصل عن أحكام الأسرة، فذكرت أحكام الرضا، وأحكام العدة، وأحكام الخطبة، وأحكام النفقة عند المفارقة، وأحكام الطلاق قبل الدخول بالزوجة، وأحكام الوصية للأزواج. وخلال حديثها في اثنتين وعشرين آية عن بعض أحكام وآداب الزواج والمعاشرة والإملاء، وغير ذلك مما يتعلق بصيانة الأسرة وإصلاحهـا جاءت آيتان كريمتان تأمران بالمحافظة على الصلاة، وبالمداومة على طاعة الله. ولعل السر في توسط هاتين الآيتين بين آيات الأحكام التي تتعلق بتنظيم الأسرة، أن هذه الأمور التي منها الطلاق والعدة والرضا والنفقة.. كثيرا ما تكون مثار تنازع وتخاصم وتقاطع بين الناس، فأراد القرآن بطريقته الحكيمة، وبأسلوبه المؤثر أن يقول لهم: إن محافظتكم على الصلاة، وأن مداومتكم على طاعته، وأن ابتعادكم عن كل ما نهاكم عنه، سيغرس في نفوسكم المراقبة له، والخشية من عقابه، وسيعينكم على أن تحلوا قضاياكم التي تتعلق بالطلاق وغيره، بالعدل والإحسان والتسامح وبعدم نسيانكم الفضل بينكم، وسيجعلكم تعملون بقوله تعالى 13- ثم عادت السورة في الربع السادس عشر منها إلى الحديث عن قصة الملأ من بني إسرائيل وقد ساقت لنا السورة الكريمة قصتهم بأسلوب زاخر بالعظات والعبر، التي من أهمها: أن الدين هو أساس العزة، وأن الشدائد من شأنها أن تصهر النفوس فتجعلها تتجه إلى معالي الأمور، وأن قائد القوم وأميرهم يجب أن يكون له من قوة العقل، ومن صحة البدن، ومن سعة العلم، ومن سعة التجربة، ومن مكارم الأخلاق.. ما يجعله يقود أمته إلى صالح الأمور، وإلى الاستقامة والنصر. قال تعالى: 14- وفي الربع السابع عشر، صرحت سورة "البقرة"، بأن حكمة الله قد اقتضت أن الرسل جميعا قد أرسلهم الله تعالى لإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم، وأنهم يتفضلون فيما بينهم. قال تعالى: قال تعالى: 15- ثم ساقت السورة الكريمة في الربع الثامن عشر منها بضع عشرة آية، حضت الناس فيها على الإنفاق في سبيل الله، بأبلغ الأساليب، وأحكم التوجيهات، وأفضل الوسائل. كما بينت أحكام الصدقة وآدابها والآفات التي تذهب بخيرها وضربت الأمثال لذلك كما بينت أنواعها، وطريقة أدائها، وأولى الناس بها، ورسمت صورة كريمة للفقراء المتعففين ، الذين يحسبهم الجاهل بأحوالهم أغنياء. قال تعالى: 16- وبعد هذه الصورة المشرقة التي ساقتها سورة البقرة عن النفقة والمنفقين، أتبعتها في الربع التاسع عشر منها، بصورة مضادة لها ، وهي صورة الربا والمرابين. ومن مظاهر هذا التضاد والتباين بين الصورتين، أن الصدقة بذل للمال في وجوه الخير دون عوض ينتظره المتصدق، أما الربا فهو إخراج المال في وجوه الاستغلال لحاجة المحتاج مع ضمان استرداده مع زيادة محرمة، وأن الصدقة نتيجتها الرخاء والنماء وشيوع المحبة والمودة بين الناس، أما الربا فنتيجته شيوع التقاطع والتحاسد والتباغض والخوف بين الناس. ولقد نفرت السورة الكريمة من تعاطي الربا تنفيرا شديداً، وحذرت من سوء عاقبته تحذيرا مؤكدا، ووصفت المرابين بأوصاف تقشعر من هولها الأبدان. قال تعالى. وبعد هذا التنفير الشديد من التعامل بالربا، ساقت السورة الكريمة أطول آية في القرآن وهي الآية التي تسمى بآية الدين، تلك الآية التي اشتملت على أدق التشريعات، وأحكم التوجيهات، وأنجح الإرشادات، لحفظ الديون، وصيانة أموال الناس من الاعتداء عليها، عن طريق توثيقها والإشهاد عند كتابتهـا قال تعالى: ثم ختمت السورة الكريمة حديثها الجامع عن العقائد والشرائع والآداب والمعاملات بهذا الدعاء الخاشع: 17- تلك هي سورة البقرة: "أرأيت وحدتها في كثرتها؟ أعرفت اتجاه خطوطها في لوحتها؟ أرأيت كيف التحمت لبناتها وارتفعت سماؤها بغير عمد تسندها؟ أرأيت كيف ينادي كل عضو فيها بأنه قد أخذ مكانه المقسوم، وفقا لخط جامع مرسوم؟ رصد ه مربي النفوس ومزكيها، ومنور العقول وهاديها، ومرشد الأرواح وحاديها، فتالله لو أن هذه السورة رتبت بعد تمام نزولها، لكان جمع أشتاتها على هذه الصورة معجزة. لعمري لئن كانت للقرآن في بلاغة تعبيره معجزات، وفى أساليب ترتيبه معجزات، وفي نبوءاته الصادقة معجزات، وفي تشريعاته معجزات، وفي كل ما استخدمه من حقائق العلوم النفسية والكونية معجزات، لعمري إنه في ترتيب آياته على هذا الوجه لهو معجزة المعجزات". نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، وأنس نفوسنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
![]() |