عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

ريـاح التغيير

عزيزي القارئ...

منذ شهور ومجلة العربي تتوقع أن تهب عليها رياح التغيير، ولا نخفي عليكم أنها كانت تخشى هذه الرياح بقدر ما تتوق إليهـا، فالتغيير هو دائما خطوة نحو المجهول مفتوحة على كل الاحتمالات، إما التقهقر والانكفاء أو التقدم والمغامرة، أما الوقوف في مكاننا فغير وارد، لأن الثبات هو ضد طبيعة الأشياء، وكان أبرز أسباب الخوف هو أن العمل الثقافي بطبيعته بالغ الخصوصية، ليس له مردود آني ولا مقياس فعلي، ولكن التأثر به يتم من خلال عملية طويلة من التراكم والتفاعل الحضاري العام الذي تعيشه أي أمة من الأمم ، أي أن موقع العمل الثقافي يحتاج، باختصار، إلى رجال ذوي حساسية خاصة، يعرفون مغزى ذلك الزمن المتغير بكل ما يفور فيه من تيارات فكرية ويدركون أن التعامل معها يكون بالاستجابة والتحدي وليس بالسلب.

لذلك كانت فرحة العربي كبيرة وفي تستقبل رئيس تحريرها الجديد الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، فقد أدركت أن ريح التغيير التي توقعتها سوف تكون في اتجاه المزيد من التجدد والتحدي، فهذا الرجل هو واحد من مؤسسي المشروع الثقافي العربي في الكويت، وهو الذي أشرف على تجديد وتطوير تلك المؤسسة الثقافية التي نفخر بها جميعا "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب"، وقد كان حريا بنا أن نحذف كلمة "الوطني" ونضع كلمة "القومي" بدلا منها، لأن حدود إشعاعه الثقافي قد اتسعت لتشمل كل التضاريس الفكرية لوطننا العربي، ولقد وهب الدكتور العسكري الجزء الأكبر من عمره لتحويل العمل الثقافي في الكويت إلى شكله المؤسسي بحيث يخضع لاستراتيجية ثابتة لا تتغير بتغيير الأشخاص وإنما تستمر في أداء إشعاعها الثقافي الذي يتمثل في العديد من الإصدارات الفكرية التي تربط الفكر العربي بأحدث التيارات العالمية ، ووضع بذلك لبنة حقيقية تضاف للرصيد الثقافي الذي أصبحت الكويت تمتلكه في قلب أمتها العربية، وهو بهذا المقياس يمتلك تلك الحساسية النادرة التي تحتاج إليها مجلة مثل العربي لها هذا العمر الطويل بحيث تقف أمامه في معرض من النقد والتقييم حتى تستطيع أن تدخل قرنا جديدا مازال غامضا.

لقد تولى قيادة العربي رجال أكفاء من رجال أمتنا العربية، وكل واحد منهم أضاف شيئا لها، فلا أحد ينسى تلك الخلطة من الأصالة والمعاصرة ومن الفكر والعلم التي صنعها الدكتور أحمد زكي في أعدادها الأولي ، كما لا يمكن أن نتجاهل تلك الرؤى العصرية لمختلف القضايا القومية التي حفلت بها الأعداد التي تولى قيادتها أحمد بهاء الدين، كما لا يمكن أن ننكر فضل تلك الاستنارة العقلية والانفتاح الفكري اللذين قاد بهما المجلة الدكتور محمد الرميحي على مدى 17 عاما ، وتثق العربي أن رئيس تحريرها الجديد سوف يضيف بعدا آخر يستقيه من تجربته الطويلة في العمل الثقافي على المستويين المحلي والعربي ومن تخصصه العميق في علم التاريخ ودراسته لمسيرة الحضارات المختلفة، فهذا المزيج من التخصص العلمي وخبرة العمل الثقافي العام كفيل بأن يعطي العربي تلك الجرعة من التجدد التي تحتاج إليها وهي تخطو إلى الألفية الثالثة، إننا نرحب بالدكتور العسكري وبخبرته الطويلة وسعداء لأن ريح التغيير جاءت كما نشتهي.

وإلى لقاء متجدد.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات