الحيتان القاتلة تهدد الحياة البحرية أحمد الشربيني

الحيتان القاتلة تهدد الحياة البحرية

أفاد علماء أمريكيون بأن الحيتان القاتلة بدأت تغير عادتها الغذائية. فقد كانت في السابق تلتهم الحيتان الأخرى, وتحولت الآن إلى التغذي على حيوانات الفقمة وأسود وكلاب البحر.

يذكر أن الحيتان القاتلة كانت تتغذى أساسًا على الحيتان العملاقة, إلا أن أعداد الحيتان العملاقة تناقصت بنسبة 86 في المائة منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد أن فقدت الحيتان القاتلة وجبتها الأساسية, بدأت في التغذي على الثدييات الأصغر, الأمر الذي أدى إلى إحداث خلل في أعداد تلك الثدييات.

وخلص فريق العلماء الأمريكيين إلى تلك النتيجة بعد دراسة سجلات الطقس وأعداد الكائنات البحرية على مدى العقود الماضية.

وأوضح كل من ألان سبرينجر من جامعة ألاسكا فيربانكس وجيم إيستس من جامعة كاليفورنيا بمدينة سانتا كروز وزملاؤهما الذين شاركوا في الدراسة الأخيرة أن تناقص أعداد حيوانات الفقمة وأسود البحر وكلاب البحر في شمال المحيط الهادي هو حلقة من مجموعة أحداث مرتبطة بعضها بالبعض الآخر.

وبدأت تلك الأحداث بقتل مئات الآلاف من الحيتان الضخمة في شمالي المحيط الهادي في الفترة ما بين 1946و1979.

وقال العلماء في بحثهم الذي ورد في محاضر الأكاديمية الوطنية للعلوم إن الحيتان القاتلة كان يتعين عليها البحث عن نوع آخر من الغذاء, لذا فقد تحوّلت إلى حيوانات الفقمة.

وتناقصت أعداد حيوانات الفقمة الرمادية بصورة كبيرة في فترة السبعينيات والثمانينيات. وتبعتها حيوانات الفقمة ذات الفراء في منتصف السبعينيات ومنتصف الثمانينيات, كما بدأت أعداد أسود البحر تتناقص هي الأخرى في أواخر السبعينيات وصولاً إلى التسعينيات.

وأوضح العلماء أن أعداد كلاب البحر بدأت في التراجع في التسعينيات ولاتزال حتى الآن في تناقص مستمر.

ولم يتوقف الانهيار والاضطراب عند الثدييات فيما يبدو. فقد أدى تراجع أعداد كلاب البحر إلى زيادة أعداد قنافذ البحر بصورة كبيرة. وبدأت تلك الكائنات بدورها في التغذي على أعشاب البحر بصورة قد تهدد وجودها.

وتعد تلك النظرية مثيرة للجدل خاصة أن العديد من العلماء لا يصدقون أن السلوك الغذائي للحيتان القاتلة وحده هو المسئول عن كل هذا الدمار, لكن ألان سبرينجر ورفاقه واثقون من أن نظريتهم مطابقة للحقائق والوقائع, ويقول سبرينجر: (إن الخلاصة من ذلك هي أن الصيد غير المقنن يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات متشعبة ومتداخلة على الأنظمة الغذائية دون قصد وبصورة غير متوقعة).

أنصار البيئة ينتقدون مشروع قانون الطاقة الأمريكي

انتقدت جماعات بيئية في الولايات المتحدة مشروع قانون الطاقة المعروض على الكونجرس قائلة إنه يفتقر إلى أي محاولة لافتة للحد من تعطش البلاد للنفط.

ويهدف مشروع القانون - وهو الأول لإصلاح سياسة الطاقة في نحو عشر سنوات - إلى منح مليارات الدولارات كحوافز لأصحاب شركات النفط ومرافق الكهرباء ومحطات الطاقة النووية ومحطات الفحم لزيادة الإنتاج وتوليد مزيد من الكهرباء.

ويقول منتقدون إنه رغم سخاء مشروع القانون الذي تقدم به الجمهوريون في مساعدة الصناعة على إنتاج مزيد من الطاقة, فإنه لا يمنح للمستهلكين الأمريكيين سوى حوافز قليلة لترشيد الاستهلاك.

ويعترف دعاة الحفاظ على البيئة بأن مشروع القانون يشمل إجراءات لترشيد الاستهلاك مثل تحسين كفاءة أجهزة صغيرة تستخدم في الحياة اليومية مثل اللافتات المضيئة وإشارات المرور الضوئية, لكنهم يقولون إن هذا غير كاف.

كما انتقد نشطاء في مجال البيئة رفض الكونجرس إلزام منتجي السيارات بإنتاج سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود, وقالوا إن هذه هي أهم وسيلة للحد من الطلب على النفط واستيراده في الولايات المتحدة.

ثقب الأوزون يعاود الاتساع

يبدو أن التفاؤل الذي ساد العالم في السنتين الماضيتين بشأن تراجع ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية أخذ يتبدد مع تأكيدات جديدة بأن الثقب عاد للاتساع مجددا.

فعلى خلاف السنوات القليلة الماضية, لم ينحسر ثقب طبقة الأوزون الموجود فوق القطب الجنوبي, بل على العكس من ذلك, شهد اتساعا في حجمه, وفق ما أعلنت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية.

وقد أعلنت المنظمة أن الثقب في طبقة الأوزون بلغ في العام الماضي (2003) حجما قياسيا, بعد أن سجل في العام السابق (2002) تراجعًا ملحوظًا. وجاء في بيان صادر عن المنظمة أن دراسات جديدة أجريت فوق القطب الجنوبي وقربه أثبتت أن سماكة طبقة الأوزون تراجعت في العام 2003 بوتيرة أسرع من السنوات الماضية.

وتقول المنظمة إن سبب هذه التقلبات هو تراجع كمية الغازات الصناعية الضارة بطبقة الأوزون في طبقات الجو السفلى, وأنها على ما يبدو بلغت ذروتها في طبقة الستراتوسفير التي تلعب دورًا رئيسيًا في التأثير على الأوزون.

وقال مايكل بروفيت, الذي يعتبر أحد المتخصصين في ملف الأوزون في المنظمة: (إن الثقب أصبح أكبر حجما وأكثر عمقًا ومداومة). وأضاف أن: (الثقب لم يكن بمثل هذا الكبر من قبل).

وقالت المنظمة إن الثقب كان يمتد عند منتصف سبتمبر الماضي على مساحة 28 كيلومترًا مربعًا, وأنه اتسع أكثر في أواخر الشهر نفسه. وقال بروفيت إنه من السابق لأوانه استخلاص النتائج.

لكن التحذيرات الأخطر جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية, وتحديدًا من وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا), والإدارة الوطنية لشئون المحيطات والمناخ ومختبر بحوث الأسطول. وقد أكّد علماء هذه الهيئات أن ثقب الأوزون في العام 2003 قد اتسع بشكل خطير, ووصل إلى حجم يقل قليلاً عن حجمه القياسي المسجل في العام 1979.

وتقوم طبقة الأوزون بحماية كوكب الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية من نوع بي, ويعزو العلماء زيادة حالات الإصابة بسرطان الجلد والعديد من التأثيرات البيولوجية السلبية على النبات والحيوان إلى الاستنزاف الذي يتعرض له أوزون طبقة الستراتوسفير.

وقالت وكالة الفضاء الأمريكية إن قياس ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية وصل في العام 2003 إلى 10.9 مليون ميل مربع, وهي مساحة أكبر بقليل من مساحة القارة الأمريكية, لكنه أقل بقليل من القياس القياسي المسجل في 10 سبتمبر 2000, عندما غطى الثقب مساحة قدرها 11,5 مليون ميل مربع, بينما شهد العام قبل الماضي (2002) تراجع حجم الثقب إلى 8,1 مليون ميل مربع.

ويقول بول نيومان, أحد علماء ناسا, إنه: (بينما تسبب كيماويات الكلور والبرومين ثقب الأوزون, فإن درجات الحرارة القياسية الانخفاض عند حافة القطب الجنوبي تعتبر عاملا رئيسيًا في استنزاف طبقة الأوزون).

وكان بروتوكول مونتريال قد فرض في العام 1995 حظرا على مركبات الكلوروفلوروكربون المحتوية على الكلور, والهالونات المحتوية على البرومين, يسبب آثارها المدمرة على طبقة الأوزون, لكن الأمر المؤسف أن هذه المركبات تعيش طويلاً جدًا وتبقى بتركيزات عالية في طبقات الجو العليا. وهو ما دفع العلماء إلى الاعتقاد أن حظر هذه المركبات الكيميائية سيؤدي إلى اختفاء ثقب الأوزون تماما خلال خمسين عامًا. وهو أمر لا يستطيع أحد أن يجزم به الآن بعد أن عاد ثقب الأوزون إلى الاتساع.

روسيا تراوغ كيوتو

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجدّدًا تحفظات بلاده بشأن التصديق بسرعة على بروتوكول كيوتو.

واعتبر أن النمو الاقتصادي في روسيا يحظى بالأولوية بشأن إمكان بيع الحصص الروسية من انبعاثات الغازات الملوثة.

وقال بوتين في كلمة ألقاها في منتدى اقتصادي عقد أخيرًا بالعاصمة الروسية موسكو: (هناك اليوم إمكانية بيع حصص ونأمل ألا تعود هذه الإمكانية مطروحة غدا فنحن نعول على نمو اقتصادي في روسيا). وتابع: إن روسيا (يجب ألا تنساق إلى اعتبارات مرتبطة بمكاسب اقتصادية عابرة).

وطلب من الاختصاصيين أن يدرسوا المشكلات التي قد تواجهها روسيا بعد التصديق على البروتوكول. وكان بوتين يتحدث في وقت ينتهي فيه في موسكو مؤتمر دولي عن التغييرات المناخية نظم بمبادرة منه.

ويتوقف مصير بروتوكول كيوتو بشأن خفض انبعاثات الغازات ذات المفعول الدافئ على موسكو بعد أن رفضت واشنطن البروتوكول في العام 2001.

ويقول أنصار التصديق على المعاهدة إن روسيا هي من كبار المستفيدين من بروتوكول كيوتو. فبعد إغلاق مصانعها الأكثر إثارة للتلوث عند انهيار الاتحاد السوفييتي, باتت تستفيد من هامش كبير من حصتها من انبعاثات الغازات الملوثة.

وكان أندري إيلاريونوف المستشار الاقتصادي لبوتين أوضح خلال المؤتمر نفسه أن الاتفاق سيعيق النمو الاقتصادي الروسي, في حين أن التحولات المناخية ستترتب عنها أيضا نتائج إيجابية لروسيا وللأرض بكاملها.

وأكد إيلاريونوف أن روسيا لن تصدق على معاهدة كيوتو للحد من الغازات الضارة بالغلاف الجوي قبل أن تحصل على ضمانات بحجم الاستثمارات التي ستحصل عليها وتضمن بيع حصتها من الغازات وفقا للمعاهدة.

وشدد المسئول على أن بلاده مازالت ملتزمة بالتصديق على المعاهدة, بيد أنها لن تركن إلى مجرد وعود من دول أخرى. ويعتبر تصديق روسيا على المعاهدة محوريا لتصبح سارية المفعول على مستوى العالم.

وقال المسئول إن روسيا لم تقرر بعد موعدًا للتصديق على اتفاقية كيوتو للحد من انطلاق الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري.

ورغم مرور ست سنوات على إقرار هذه المعاهدة لم تقم روسيا بالتصديق عليها حتى الآن وهو ما لم يسمح بدخولها حيز التنفيذ.

وأمام مؤتمر كبير عقد في موسكو في أواخر سبتمبر الماضي لمناقشة التغير المناخي في العالم, قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الحكومة الروسية لاتزال تدرس القضية وتأثيرها على مصالح البلاد.

وقد انتقدت المنظمات المعنية بالبيئة الموقف الروسي, حيث قالت منظمة السلام الأخضر إن الرئيس الروسي يسعى للحصول على حوافز مالية. وأضافت المنظمة إن الموقف الروسي هذا يعرض بروتوكول كيوتو نفسه للانهيار.

ويشترط لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ تصديق دول تمثل انبعاثاتها الحرارية 55% على الأقل من مجموع الانبعاثات الحرارية في العالم.

وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت من الاتفاقية قبل عامين, ومن ثم تعين على جميع الدول المتقدمة صناعيًا التصديق عليها كي تصبح سارية المفعول.

لكن بعد أن أدركت روسيا قوة موقفها, أخذت تطالب بالمزيد من التنازلات ثمنا للتوقيع على الاتفاقية المسماة بروتوكول كيوتو. وقد أنكر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن تكون الولايات المتحدة قد مارست أي ضغوط على روسيا لكي ترفض التصديق على البروتوكول.

وتتهم بعض الحكومات الأوربية واشنطن بتحريض موسكو على تخريب الاتفاقية وهو ما نفاه بشدة رئيس الوفد الأمريكي في المؤتمر هارلان واتسون بقوله إن الرئيس الأمريكي جورج بوش تعهد بعدم التأثير على أي دولة فيما يتعلق بالبروتوكول.

يشار إلى أن المعاهدة, التي سميت باسم مدينة كيوتو اليابانية التي شهدت التوقيع عليها, تقضي بأن تخفض الدول الصناعية الكبرى انبعاثاتها من الغازات لتخفيض ظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 5% في المتوسط في الفترة من 2008 إلى 2012.

الزئير الأخير

إذا لم يكن بوسع البشر أن يتعلموا كيف يتعايشون مع الأسود, فربما سيتعين عليهم قريبا أن يعيشوا من دونها. وقد جاءت آخر التحذيرات من خبير الأحياء البرية لورانس فرانك, أستاذ علم الحياة في جامعة كاليفورنيا.

ووفقا لتحذيرات فرانك, فإن أعداد الأسود انخفضت بنسبة تصل إلى حوالي 90 في المائة خلال السنوات العشرين الماضية بما يهددها بالانقراض في القارة الإفريقية. ويقول خبير الأحياء البرية الأمريكي إن هناك حاليا 23 ألف أسد مقارنة بحوالي 200 ألف منذ عشرين سنة مضت.

واستنادا إلى دراسة أجريت في كينيا قال فرانك إن الأمل الوحيد للحفاظ على الأسود والحيوانات المفترسة الأخرى هو التعايش بين الإنسان والحيوانات البرية.

فمنذ عشرين عاما, كان عدد الأسود لا يدعو إلى القلق. ورغم أنه لم تكن هناك أرقام دقيقة, فإن تقديرات خبراء حماية البيئة تشير إلى رقم يدور حول 200 ألف أسد. وداخل المحميات الطبيعية, كانت حياة الأسود تسير على ما يرام. لكن ما لم يلحظه أحد أنها كانت تختفي في ما عدا ذلك من أماكن, وهو ما كان يحدث أيضا لكل الضواري الأخرى. فالذئاب وفصائل الضواري الكلبية كانت تتجول بحرية في معظم مناطق إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

والآن يتراوح عددها بين 3000 و5500, وتعيش في جزء صغير جدا من مملكتها السابقة.

والفهود التي كانت تعيش في معظم أنحاء إفريقيا ووسط وغربي آسيا وصل عددها اليوم إلى أقل من 15 ألفا. والأمر المفزع أن أحدا لا يكترث باقتراب هذه الحيوانات من الكارثة. ويقول فرانك: الناس تعرف الأخطار المحيقة بالأفيال والغوريلات ووحيد القرن, لكن يبدو أنهم لا يكترثون بكون الضواري الكبيرة على وشك الانقراض.

لكن ما الذي وضع هذه الضواري على شفا الهاوية? الجواب ببساطة هو البشر. البشر ببنادقهم, ورماحهم, وفخاخهم وسمومهم.

وكان البشر يقتلون الضواري منذ أن بسط الإنسان سيطرته على كوكبنا. غير أن الرماح والدروع لم تكن تسبب الكثير من الضرر. لكن المذبحة بدأت مع وصول الأوربيين للقارة السمراء. وبعد قرن واحد, أصبحت الضواري الإفريقية على شفا الكارثة.

ورغم ذلك, فإنها لم تصل بعد إلى درجة الإبادة, وهو ما حدث للضواري في معظم أنحاء العالم. غير أن إنقاذها من هذا المصير المشئوم ليس بالأمر السهل. فالاستراتيجية الراهنة للحفاظ على الضواري الكبيرة تستند كلية تقريبا إلى الحفاظ عليها داخل المحميات الطبيعية والفصل بينها وبين عدوها الأول, أي الإنسان.

ويقول كلير وولرستين من الصندوق الدولي لرفاهية الحياة البرية إن المشكلة ستزداد سوءا لأن أعداد الشعب الكيني ستتضاعف خلال الاثنتي عشرة سنة المقبلة.

وألقى الدكتور لورانس فرانك باللائمة في انخفاض أعداد الحيوانات المفترسة على الأشخاص الذين يقومون بقتل هذه الحيوانات حماية لقطعان الماشية. لكن الدراسة التي أجراها في منطقة ليكيبيا في كينيا أقنعته بأن الحيوانات المفترسة والمزارعين يمكن أن يتعايشوا في سلام. ويمكن أن تقلل طرق الحماية المتطورة والكلاب تعرض الحيوانات المفترسة إلى الهجوم بشكل كبير.

لكن عندما يقتل كل أسد ماشية تبلغ قيمتها حوالي 200 جنيه استرليني في العام بما يساوي بقرة واحدة أو ثلاثة خراف فإن (الطلقات والسم عادة ما يكون أرخص من العناية الجيدة).

ويشير الدكتور فرانك إلى أن الحل الوحيد بالنسبة للسكان المحليين يتمثل في كسب الأموال من الحيوانات المفترسة إما عن طريق السياحة أو من خلال رياضة الصيد, حيث يقول: (في ليكيبيا يمكنك الحصول على مليون دولار في السنة بإطلاق النار على الحيوانات التي تتسبب في مشاكل والتي يجب أن تقتل على أي حال).

أطلس أعشاب البحر

أعشاب البحر مخلوقات رقيقة تلعب دورا بالغ الأهمية في الحياة البحرية والتنوع الحيوي في البحار والمحيطات من خلال توفيرها لمكونات إيكولوجية واقتصادية لا غنى عنها.

وتنمو هذه النباتات بكثرة في المياه الضحلة التي تحيط بالسواحل, وتوفر بيئة مهمة لحياة مجموعة من الكائنات البحرية الأخرى كما تفيد البشر بالمساعدة في مقاومة تآكل الشواطئ. أما الوجه الفريد لأعشاب البحر فيتمثل في كونها النباتات البحرية الوحيدة المزهرة.

ورغم أن غطاء أعشاب البحر يمتد في قطاع البحار والمحيطات في كل القارات, باستثناء أنتاركتيكا, فإن هذه النباتات البحرية الفريدة قد انحسرت, أو تعرضت للتدمير الكامل, في الكثير من الأماكن.

ومع الزيادة المطردة في أعداد البشر وتوسعهم في العيش الجائر على السواحل, أصبحت هناك حاجة ماسة إلى دراسة شاملة للموارد البحرية والكائنات المعرضة للخطر في المناطق الساحلية. لذا, فإن الدراسة التي أعدتها الأمم المتحدة من خلال مركز مراقبة حماية الحياة البحرية العالمي التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة جاءت في وقتها تماما.

وقد حملت الدراسة, الصادرة عن المركز الذي يتخذ من كمبريدج البريطانية مقرا له, عنوان (الأطلس العالمي لأعشاب البحر). وهي أول (خارطة) توثق التوزيع العالمي الراهن للأعشاب البحرية ومناطق انتشارها والمواضع التي يتهددها الخطر.

وتقول المنظمة الدولية إن العديد من المخلوقات البحرية, مثل حصان البحر والسلاحف, تواجه خطرًا بسبب التناقص المتزايد للنباتات البحرية التي تتغذى عليها تلك الحيوانات, وإن 15% من تلك النباتات فنيت خلال السنوات العشر الأخيرة.

ويقدر الأطلس مساحة النباتات البحرية في العالم بنحو 177 ألف كيلومتر مربع, أي ما يوازي ثلثي مساحة المملكة المتحدة. لكن هذا التقدير يمكن أن يكون خاطئا, حيث لم يتم قياس مساحة النباتات عند السواحل الغربية لإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وهناك 60 نوعا من تلك النباتات المزهرة التي تشكل مروجًا شاسعة في البحار الاستوائية والمعتدلة. ويتراوح طول أعشاب البحر ما بين 2 إلى 3 سنتيمترات, مثل أعشاب Halophila decipiens ذات الأوراق الدائرية التي تنمو في المياه المدارية العميقة عند سواحل البرازيل, إلى نباتات أخرى يصل طولها إلى أكثر من أربعة امتار, مثل Zostera Caulescens ذات النصل الطويل الحاد التي تنمو في بحر اليابان.

وتغطي أعشاب البحر قاع المناطق الساحلية في أستراليا, وآلاسكا, وجنوبي أوربا, والهند, وشرقي إفريقيا وجزر الكاريبي وسواحل كثيرة في أنحاء العالم المختلفة. وتعيش الأسماك والسلاحف وحيوانات بحرية أخرى في تلك المروج التي تنمو بها أنواع أخرى من النباتات. كما تقوم تلك النباتات بحماية الشعاب المرجانية وتساعد في تنظيف المياه وتحمي السواحل من العواصف.

ويقول واضعو الدراسة إنه بالرغم من كل تلك الفوائد فإن تلك النباتات تتعرض للتدمير المستمر بسبب نفاد المواد التي تتغذى عليها والرواسب من النشاطات البشرية على الأرض, ونتيجة لاستخدام القوارب, والتجريف وردم أجزاء من البحر وبعض طرق الصيد.

ويقول الدكتور كلاوس تويبفر, المدير التنفيذي للبرنامج, إن تلك النباتات: (نظام بيئي بحري حيوي لم يلتفت إلى أهميته حتى الآن). وأضاف إن نتائج الأبحاث التي جرت حتى الآن تبعث على القلق. ففي حالات عديدة, كان يتم تدمير هذه المروج من دون أي داع لتحقيق مكاسب على المدى القصير دون فهم صحيح لأهميتها.

وقال إد جرين, أحد محرري الأطلس, إن هناك بعض الأماكن تتمتع فيها تلك المروج بالحماية. حيث إن العالم يعرف أن أنواعا كثيرة من الأسماك تستخدمها خلال فترة قصيرة ولكنها مهمة خلال دورة حياتها.

وأضاف إن العالم أصبح يدرك الدور الذي تلعبه تلك النباتات في دورة الكربون المناخية وفي حماية السواحل. قائلا إن من الصعب تقدير القيمة الاقتصادية الحقيقية, لكن الأطلس يشير إلى أنها هائلة.

من جانبه, يقول الدكتور مارك كولينز, مدير مركز المراقبة, إن تلك النباتات تعرضت للإهمال من قبل المحافظين على البيئة ومخططي تطوير السواحل.

وأضاف إن الجمهور يستطيع لعب دور مهم. فعن طريق حماية فرس البحر والسلاحف والحيوناتات البحرية يمكنهم حماية النظام البيئي الذي تعيش عليه تلك الحيوانات بالإضافة إلى أن لها منافع أخرى ليست معروفة بالقدر نفسه. وتنتشر تلك النباتات في جنوب غرب إنجلترا ويعيش فيها نوعان نادران من فرس البحر بالإضافة إلى الحبار والسرطان.

وقد خرج (أطلس أعشاب البحر) إلى النور بفضل تضافر جهود 50 عالما من 25 بلدا.

ويحتوي الأطلس على أول خرائط إقليمية وكونية كاملة لتوزيع أعشاب البحر وثروة من المعلومات المتعلقة بالعناصر الرئيسية للنظام الإيكولوجي المنسي.

 

أحمد الشربيني 

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية  
اعلانات




الحيتان القاتلة تغير وجهتها للفرائس الأصغر





ثقب الأوزون في أكتوبر 2003





الحد من التلوث الصناعي أحد أهداف بروتوكول كيوتو





 





23 ألف أسد فقط مقابل 200 ألف قبل عشرين عاما





أطلس أعشاب البحر