قصور راجستان و.. حكايات

قصور راجستان و.. حكايات
        

          الهند أرض الفلسفة الخالدة التي انبعثت من تعاليم الفلسفة الهندوسية إحدى أقدم المناهج الروحية التي قادت الفرد وأنارت الطريق أمامه ليعرف الخالق وليتعامل مع المحيط به ليكوِّن قيم رسالته الإنسانية منذ بدء الخليقة عبر تميزه بين الخير والشر. فهذا البلد القارة الذي اشتق اسمه من نهر الأندولس «السند قديمًا» فـ «الاند» تعني الأرض «ولس» تعني الهندوسية ليصبح معروفا فيما بعد باسم «أرض الهندوس» أو «الهندوسية» منذ أكثر من 5000 عام. والهندوسية بات النبع المعرفي الصوفي الذي احتضن الإثنيات والأعراق على مختلف مشاربها والثقافات والديانات جميعها دون أي تمايز، وبصورة نادرة لا مثيل لها في التاريخ البشري.

          إنها بلد المليار نسمة ونيف، المنتشرين على رقعة جغرافية تمتد 3000 كلم من جبال كشمير شمالا إلى رأس كوموران جنوبا، وبعرض 3300 كلم من الشرق انطلاقا من أرونا شال إلى مدينة كوجرات غربًا الميناء الحيوي المطل على بحر العرب. يتكلم سكانها أكثر من 71 لغة رئيسية إلى جانب أكثر من 488 لهجة محلية تتداول يوميًا.

          ولو وضعت خريطتها لرسم خط مستقيم تبعا للغاتها لما استطعت سبيلا.

          إنها أيضا الوطن الأول للإله «فيتا» والملاحم «ماهاباراتا» و«رامايانا» إلى جانب أكثر من 150 مليون مسلم يشكلون ثاني أكبر جالية إسلامية في العالم بعد أندونيسيا التي تحتضن أكثر من 200 مليون مسلم، فضلا عن احتضانها ديانات أخرى لا تقل أهمية، في مقدمتها السيخ والبوذية لتشكل هذا النسيج الاجتماعي والإنثروبولوجي الأكثر تعقيدًا والأغنى في التاريخ.

          إنه وطن الثقافة الهندية التي برزت معالمها المدنية على السطح قبل أكثر من 3000 عام بمدينتي «هاربا» و«مهو ينجودارو» بعد أن انحازت بصورة مطلقة إلى شعارها الخالد والماثل أمامنا حتى الآن «الحقيقة تنتصر دائمًا» على الرغم من تعاقب القرون والحقب الزمنية.

          إن الهند وطن الحلم والحقيقة والسلام والحرب معًا والصراع والاستقرار والقيم والمثل الإنسانية التي عرفها الإنسان منذ عهد بعيد ليتم اختزالها لتصبح هندية قالبا ومضمونا، لاتزال الأكثر قربا إلى الثقافة العربية في اتجاهاتها وأهدافها الجلية من الثقافات العالمية الأخرى، على الرغم من التأثيرات الهائلة التي شهدها عالمنا اليوم خلال الربع الأخير من القرن الماضي.

          إن ما عرضته في السياق السابق يعتبر مسلمًا وضروريًا لأي كاتب يسعى لتناول الحديث عن إقليم راجستان الذي يقع جغرافيًا شمال غرب الهند، فهو أكبر الأقاليم الهندية قاطبة والتي يصل عددها 82 إقليما، فالهند هي الأم الكبرى والوعاء الأشمل للثقافة الهندية وغناها الذي يشمل جميع أوجه الحياة.

قصور راجستان

          فإقليم راجستان المعروف بـ «بأرض الملوك» وبمساحة أكثر من ثلاثة ملايين كيلومتر مربع، حيث تنتشر فيه 222 مدينة رئيسية وأكثر من 14 ألف قرية، احتل موقعًا بارزًا في صفحات التاريخ الهندي، فكان شاهدًا على أحداث مهمة لاتزال تروى جيلاً بعد جيل باعتبارها مدعاة للفخر والاعتزاز.

          إن الهدف الأول لهذه الرحلة تسليط الضوء على المعالم الثقافية والتاريخية لهذا الإقليم الذي يبلغ تعداد سكانه 65 مليون نسمة وفقا لإحصاءات العام 2001 من خلال تناول تاريخ وأسطورة قصوره الخالدة، من أجل فتح نافذة ورؤية متجددة للقارئ العربي يستطيع عبرها تدشين مرحلة من التواصل الحضاري مع الهند والاستفادة من تراكم خبراته الإنسانية ونحن في بداية الألفية الثالثة.

          أما الهدف الثاني فهو مهني بحت ولا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن الهدف الأول ويتجسد بوضع لبنة أولى للاهتمام بالاستطلاعات الميدانية والرحلات من جديد بعد أن اختفت وتلاشى دورها في مطبوعاتنا العربية في الأعوام الماضية، وليعود هذا النوع من الاستطلاعات ليتبوأ مكانته الرفيعة ليكون هو القاعدة مستقبلا وليس الاستثناء.

          لهذا وضع فريق «العربي» خطة عمل ميدانية لزيارة أهم القصور الراجستانية بواسطة مركبة تم تأجيرها لهذا الغرض لتسهل مهمة تنقلنا بين المدن الثماني، سالكة الطرق الصحراوية ومارة بين المدن والقرى المنتشرة هنا وهناك لتتفاعل عن قرب مع الأحداث والوقائع التاريخية ليتم نقلها بصدق وموضوعية متناهية، آملين في الوقت ذاته أن نكون قد نجحنا في تحقيق هذا الهدف المنشود.

          انطلقنا من المنزل التراثي كان كاروا Kankarwa المطل على بحيرة بيشولا الشهيرة الواقعة في مدينة أودايبور في تمام التاسعة والنصف صباحًا، وكانت وجهتنا إلى مدينة جودبور محطتنا الأولى ضمن إطار جولتنا الميدانية التي ستأخذنا لاحقًا إلى أهم مدن إقليم راجستان الهندي. فأخذت مركبتنا تقطع الشوارع الرئيسية المزدحمة بالمارة والمتسوقين والعاملين المتجهين في هذه الساعة إلى مكاتبهم ومقار أعمالهم اليومية، فابتعدنا تدريجيًا عن ضوضاء المدينة سالكين طريق السفر الذي يحاذي جبال «أراولي» التي تبدأ من شرق مدينة دلهي لتنتهي بمدينة كوجرات الجنوبية.

          وبعد أن قطعنا عدة كيلومترات غرب هذه السلسلة الجبالية التي يبلغ عمرها 600 عام فهي الأقدم بالهند وصلنا إلى مدينة «كاكوندا» الأثرية ذات القيمة التاريخية، حيث كانت شاهدًا لحدثين لهما تأثير كبير في تغير مسار تاريخ راجستان. الأول - يتمثل في تنصيبه مهراجا برتاب يعني «ملك الملوك» على أودايبور ليقف بحسم وشجاعة قل تكرارها في وجه القوات المغولية بقيادة الإمبراطور أكبر لتكون المدينة العاصية التي لم تخضع لسيطرته بخلاف المدن الأخرى.

          - أما الحدث الآخر فهو استضافتها الصلح النهائي للسلام الذي جمع بين ابني الزعيمين المتحاربين، حيث وقع الإمبراطور جهانكير ابن أكبر عن الجانب المغولي، الذي تأثر بتربية والدته الهندوسية، بينما مثل الجانب الراجبوتي «آمر» Amer ابن المهراجا برتاب لتنهي هذه المعاهدة صراعا دمويا استمر لحقبة زمنية طويلة أسقط آلاف الضحايا من الجانبين.

قصر قلعة «مهران قر» «Mehrangrrh»

          وبعد توقفنا القصير في معبد رانا كبور واصلنا المسير إلى مدينة جودبور التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، والمعروفة باسم «مدينة الشمس» لأن سماءها مشمسة طوال العام أو «بالمدينة الزرقاء» نسبة إلى مبانيها ذات اللون الأزرق لتعكس درجات الحرارة المرتفعة أو تخفضها في فصل الصيف. وبعد وصولنا توجهنا إلى قصر قلعة «مهران قر» التي شيدها المهراجا جودا العام 1459م.

          ويرجع قرار تشييد هذه القلعة ذات الطابع المعماري الفريد بعد أن تولى الأمير جودا الذي سميت المدينة لاحقًا باسمه مقاليد الحكم عبر إخضاعها بالقوة العسكرية، وبعد اقتطاعها من مملكة عمه رانا كومبا لتكون عاصمة مملكته الجديدة بدلا من العاصمة القديمة «مندور» التي تقع على بعد عشرة كيلومترات من القلعة.

          فرانا كومبا الذي كان ملكًا مميزًا وذا سلطة واسعة وجاه على «شتور» والمدن المجاورة لها واجهته انتقادات كثيرة وقاسية من قبل أفراد أسرته الحاكمة لفترات زمنية مختلفة هددت سلطانه ونفوذه، لأنه اتخذ من أشقاء وأقارب والدته بطانة له لإدارة شئون مملكته مثيرا حفيظتهم.

          لذا قرر التخلص بطريقة غامضة من والد الأمير «جودا» الذي كان يتزعم حركة التذمر التي تواجهه آنذاك، مما دفع ابنه إلى الهرب خوفًا على حياته، مصممًا على الانتقام من راناكومبا عبر اقتطاع هذا الجزء من مملكته ليكون عليها ملكًا متوجًا، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل وحالت دون تحقيق غايته التي سعى إليها.

          وفي أحد الأيام وأثناء مرور الأمير جودا بقرية صغيرة التقى امرأةً عجوزا تجلس خارج فناء منزلها فطلب منها أن تقدم له طعامًا لشعوره بجوع شديد، فقدمت إليه طبقا ساخنا من الكشري وعندما هم بالأكل بدأ من وسط الطبق المقدم له فلم يتمكن من ذلك بسبب سخونة الطعام.

          مما أثار استغراب المرأة العجوز التي لا تعرف هوية ضيفها الغريب فوبخته على أسلوبه للأكل صائحة فيه «إنك أحمق وتتصرف كالأمير جودا الذي يحاول انتزاع سلطة عمه كومبا عبر احتلال العاصمة مندور»، داعية إياه في الوقت ذاته إلى «الأكل من أطراف الطبق حتى يصل فيما بعد إلى المركز» وليستمتع بالوجبة المقدمة إليه.

          وبهذه الكلمات البسيطة الصادرة من المرأة العجوز استلهم الأمير جودا خطته واستراتيجيته العسكرية الجديدة، فبدأ تدريجيا بفرض سيطرته على القرى المجاورة للعاصمة «مندور»، حتى فرض سيطرته التامة عليها وليحقق هدفه المنشود ليكون ملكا ولتحمل المدينة اسمه حتى يومنا هذا.

          إن التاريخ والحكمة لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر في حياة هذا الإقليم الهندي الغني بالوقائع التي تمتزج فيها الشجاعة والاحترام على قدم وساق مع الحكمة التي تطفوعلى السطح بصورة تلقائية، ومن إلهام بعيد غير مرئي فيثير العديد من التساؤلات التي لا يجد المرء لها إجابات منطقية محددة لتفسير هذه الظواهر التاريخية بصورة مثالية.

          ولقد قطعت بعثة «العربي» في أثناء جولتها البرية التي قادتها بين مدن إقليم راجستان الثماني 2010 كلم في مدة زمنية تصل إلى 42 ساعة خلال ثمانية أيام، كما أنها أقامت في جودبور بمنزل أسرة هندية يعود للسيد شانجراسنج بهدف الاطلاع والتعرف ومعايشة الحياة الهندية الأسرية عن قرب بكل تفاصيلها، بينما أقمنا في بقية المدن الأخرى بنزل يقطنها المسافرون والسائحون الذين يأتون من بقاع العالم المختلفة، باستثناء مدينة بيكانير، حيث أمضينا ليلة واحدة في قصر غاجنير «Gajner Palace» الذي بناه المهراجا جانجا سنج Ganga Singh عام 1906 خصيصًا للإقامة فيه أثناء رحلات صيد الطيور لمعايشة أجواء القصور الراجستانية لإثراء تجربتنا.

جايسلمير Jaisalmer

          وبعد تجوالنا في أرجاء قصر قلعة «مهران قر» وبعد أن بُهرنا بأرجائها التراثية انطلقنا مجددا في طريقنا إلى مدينة جايسلمير الصحراوية المتاخمة للحدود الغربية لباكستان، محطتنا الثانية في جولتنا الحالية، في أطراف صحراء «تار» الشهيرة، التي كانت مسرحًا تجاريًا واقتصاديًا حيويًا باعتبارها أحد الطرق التجارية القديمة.

          وفي أثناء رحلتنا لهذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها أقل من مائة ألف نسمة سرنا في طريق إسفلتي طويل ممتد يشق الصحراء إلى جزأين بكثبانها الرملية ذات اللون الذهبي، مارين بعشرات القرى المتناثرة هنا وهناك والمنازل النائية التي يتخذها رعيان الماشية بيوتًا لهم، «إنها أشبه ما تكون بأحجار عقد انقطع أحد طرفيه بصورة مفاجئة وسريعة». وتصادف أن توقفت مركبتنا اضطراريًا عدة مرات بعد انحسار معدل سرعتها بسبب قطعان الماشية المكونة من الجمال والأبقار والأغنام التي تريد العبور إلى الجهة الأخرى سعيا وراء الماء والكلأ.

          كما برزت أيضا في طريقنا مناطق زراعية وسهول خضراء عدة بصورة متقطعة من وقت لآخر، فبعض سكان القرى المجاورة للمدينة التي نحتت قلعتها من صخور الجبال يعملون في الزراعة معتمدين على مياه الآبار الارتوازية أو المجمعة من مياه الأمطار الموسمية.

          في حين يهجر هؤلاء المزارعون حقولهم في مواسم الجفاف، حيث يعملون في صناعة المشغولات الفنية التقليدية والتراثية بهدف تأمين الموارد المالية اللازمة لتلبية احتياجاتهم المعيشية عبر بيعها للسائحين الزائرين.

          إن صوت سكون الصحراء يثير رغبة النفس في تأمل أوجه الحياة بصورتها العميقة، وتدفعك إلى محاولة فهم المحيط والأحداث التي شهدتها هذه المنطقة الراجستانية الصحراوية، التي تحظى باهتمام كبير من قبل القيادة العسكرية الهندية لاستضافتها عدة قواعد عسكرية استراتيجية لتأمين حماية الجبهة الغربية من الهند.

          وبعد مرور خمس ساعات من السير في المركبة ظهرت الملامح الأولى لمدينة جايسلمير التي باتت قبلة آلاف السائحين سنويا من داخل الهند وخارجها الساعين إلى المغامرة والاطلاع على الثقافة الصحراوية والاستمتاع بهدوء وجمال المناظر الطبيعية. فهذه المدينة التي تأسست العام 1156م انبثقت في قلب الصحراء بعد تشييد قلعة جايسليمر التي سكنها آنذاك ثلاثة آلاف شخص، إثر تولي المهراجا جايس سدة الحكم ولتصبح المحطة الاستراتيجية في مسيرة طريق الحرير القديم، الذي ينقل البضائع التجارية من القارة الأوربية مرورًا بتركيا وإيران ثم وصولا إلى أفغانستان وأخيرًا إلى هنا ثم إلى الصين.

          لهذا فجايسلمير التي اشتقت تسميتها من اسم حاكمها «جايس» أما المير فهي تعني باللغة الهندية القضاء أو المدينة وضعت نظاما ضريبيا صارما في ذلك العهد على القوافل التجارية المتجهة إلى الصين عبر طريق الحرير  مما جعل خزائنها مليئة بالموارد المالية الوفيرة لتلعب دورًا استراتيجيًا منذ ذاك الوقت وحتى هذه اللحظة.

          وفي إطار السعي للوقوف على أوجه الحياة التراثية وقصورها التاريخية سأعرض قصة المهراجا رانجين سنج الذي وقع في القرن التاسع عشر في حب راقصة اسمها «تيلو» Telo أعطيت لقب باسون Passon الرفيع فخصص لها غرفة فوق المدخل الرئيسي للجسر الذي يقطع البحيرة التي بناها مهراجا «وال» في العام 1376 يمر به لأداء صلاته اليومية في المعبد الذي أنشأه على ضفتها المقابلة.

          وهذا أثار حفيظة شعبه الذي يصطف يوميا على جانبي الجسر لتحيته أثناء ذهابه وقدموه من المعبد، لأنهم اعتبروا ذلك تقليلا من شأن ملكهم كما استهجنوا هذه العلاقة غير المألوفة على تراثهم.. وتخيلهم أنه يمر تحت قدمي محظيته التي تسكن فوق المدخل بدلاً من أن تكون هي مرمية تحت أقدامه لمكانته الرفيعة باعتباره ملكا، خصوصا أن التراث المتعارف عليه من قبل أسرته الحاكمة لايسمح له إلا بزواج من بنات أسرته فقط، ولما بلغ الأمر موضعًا لا يحتمل في ظل الشائعات التي انتشرت في كل مكان اشتكى المهراجا لأول مرة لحبيبته «تيلو» ما يعانيه يوميًا. فما كان منها إلا أن تقول له إنها ستجد حلاً ناجعًا لهذه القضية المزعجة والمثيرة دون الخوض في تفاصيل الحل. وفي اليوم التالي وضعت التماثيل المقدسة على شرفة غرفتها الخارجية وبدأت بإنشاد التراتيل الدينية والروحية الصوفية الهندية القديمة تصاحبها أصوات الموسيقى العالية ليتفاجأ المهراجا بما يجري أثناء عودته من المعبد وقبل مروره تحت المدخل.

          فما كان منه إلا أن أشار بصوته العالي أمام جموع شعبه «إن معبدًا جديدًا تم بناؤه في مملكته وأنه الأحب إلى قلبه». فلاقى هذا الأمر استحسانا كبيرًا من قبل الحاضرين، لأن ملكهم سيمر اعتبارًا من اليوم من تحت المعبد الجديد وليس بيت حبيبته مما يعزز ويحافظ على مكانته العالية.

          إن مدلولات القصة التراثية تشير بصورة قاطعة إلى المكانة والقدسية التي تحتلها الأعراف والطقوس التي تتوارثها الأسر الحاكمة والنبيلة جيلا بعد جيل، فهي صارمة ولا تسمح لأي أحد مهما كان يتمتع بسلطة وجاه من كسرها أو تجاوزها، لأنها حجر الزاوية التي يقوم عليها البناء الفوقي للمجتمع وتشكل نسيجه الثقافي الذي قامت عليه الحياة الهندية وبه تنتهي.

بيكانير Bikaner

          وبعد أن تجولنا في الأزقة الضيقة لقلعة جايسلمير المليئة بعبق التاريخ واطلعنا على أنشطة وأوجه الحياة فيها، انطلقت مركبتنا مجددا هذه المرة باتجاه مدينة بيكانير التي تقع على مسافة 320كلم، مارين بالطرق الرئيسية التي تقودنا إلى طريق السفر، مودعين هذه المدينة الجميلة على استضافتها لنا طيلة اليومين الماضيين، مؤملي النفس أن نعود إليها يوما من الأيام.

          لقد اتخذنا الطريق الصحراوي ذاته الذي أوصلنا لهذه المدينة التاريخية مخرجا في طريقنا إلى محطتنا الثالثة، حيث انعطفنا بعد 95كلم على مخرج بوكران الذي يؤدي إلى هذه المدينة التي تشتهر بصناعات نسيج الأصواف وزراعة الغلات الزراعية المختلفة.

          وأثناء سيرنا على الطريق الصحراوي وتأمل جوانب الطريق مع مصاحبة الأغاني الهندية المنبعثة من مذياع مركبتنا وموسيقاها التي تدخل البهجة إلى الروح وتضفي جمالا خاصا على المحيط جالت في ذاكرتي أحداث وقصة إنشاء هذه المدينة في العام 1488م.

          وتتلخص وقائع إنشائها في أن الأمير بيكا الابن الأصغر للمهراجا جود مؤسس مملكة «جودبور» - الذي تطرقنا إليه في البداية - كان مسافرًا في إحدى نواحي الإقليم عندما التقى بالصدفة البحتة شقيقه الأكبر جشوان سنج الذي كان مهراجا على جودبور آنذاك فسأله عن وجهته بصورة تدعو إلى السخرية.

          وعندما تباطأ الأمير بيكا في الإجابة، صاح فيه شقيقه الأكبر في وجهه قائلا: «هل تنوي السفر إلى مملكة تحمل اسمك»؟ لهذا تخفي علي وجهة سفرك؟ فأجابه الأمير الصغير: «نعم، إنني أسافر لتحقيق هذا الهدف»، مما دفع المهراجا جشوان إلى إبداء امتعاضه، مؤكدًا له: «إنك لا تستطيع حمل الأرض والمملكة والجاه من مكان إلى آخر».

          فما كان من الأمير بيكا إلا أن يجرح طرف يده ويمزج دمه بالتراب وليؤكد لشقيقه أنه «سوف يأخذ من خلال حبات الرمل العالقة بدم يده الأرض والمملكة والحكم معه إلى مملكته الجديدة» فخرج لتحقيق هدفه حيث التقى خلال رحلة بحثه بسيدة من الأولياء الصالحين تسمى «كرنيين مات» التي تشتهر أسرتها بتدوين التاريخ ونظم الشعر لتبارك سعيه فاهتدى إلى «بيكانير» لتكون مملكته الجديدة. وسميت المملكة في وقت لاحق باسم بيكانير نسبة إلى اسمه، حيث استمرت وازدهرت على مدى السنين الطويلة ليصل عدد سكانها إلى 600 ألف نسمة في يومنا هذا، حيث تحتضن قصر قلعة «جوناقر» Junagarh الذي شيد في العام 1589م.

          وبعد تذكر هذه الأحداث الدرامية التي تبين أن الإقدام والعزيمة قادرة على تغيير مجرى التاريخ، توقفنا في قرية فالودي Phalwdi التي كانت أيضًا محطة مهمة ضمن طريق تجارة الحرير للاستراحة، على أن نواصل المسير نحو وجهتنا النهائية التي تبتعد على نحو 140 كم.

قصر «أنوب محل» Anup Mahal

          يشتهر هذا القصر الذي يعتبر أحد أجزاء قلعة «جوان قر» بأنه أحد المعالم الأثرية المهمة للمدينة عندما أنشأه المهراجا كرن سنج الذي حكم لمدة 38 عامًا في الفترة من «1631 - 1669م» بوروده الذهبية البارزة حيث تغطي جدرانه من أسفل إلى الأعلى والتي وضع تصاميمها الفنان جاينكر، ليدخل لأول مرة هذا الطابع على الفن الراجستاني المميز.

          وترجع قصة إنشائه إلى أن المهراجا سنج الذي شغل منصبًا عسكريًا رفيع المستوى في الجيش المغولي إلى جانب مقاليد الحكم في بيكانير كان في زيارة إلى قلعة كاكوندا الواقعة حاليًا في «حيدر أباد» بجنوب الهند، حيث نظم له حفل موسيقي بهذه المناسبة.

          وفي أثناء مشاهدته ومتابعته فقرات الحفل الذي صاحبته الألعاب النارية، انعكست نقشات حلي الراقصة «تارا» الشهيرة التي تفتخر بيكانير مسقط رأسها على واجهة المسرح وحوائط القلعة بسبب الأضواء الباهرة، وكانت على شكل وردة، فما كان منه إلا أن طلب لقاءها فور انتهاء الحفل.

          وليسألها على الفور عن اسم مصمم الحلي التي ترتديها فأجابته باستغراب إنه الفنان جاينكر الذي هجر المدينة بعد أن ضاق الحال عليه لعدم توافر فرصة عمل له فتوجه إلى جنوب الهند ليصمم هذا النوع من الحلي التي أثارت إعجابه بشدة. وبعد هذا الحوار القصير ما كان منه إلا أن استدعي الفنان الراجستاني ليرحل معه بعد تكليفه بتصميم الورد الجميل لقصر «أنوب محل» الذي بني خصيصًا لهذا الغرض.

          إن قصة بناء قصر «أنوب محل» - الذي زاره في العام الماضي أكثر من مائة ألف سائح - تبين الجوانب الفنية والثقافية التي كان يتمتع بها مهراجات الممالك على اختلاف مشاربهم وأزمانهم وعشقهم للفن المعماري، ليشكل الوجه الثقافي والتاريخي لهم والأثر الخالد حتى هذه اللحظة.

جيبور Jaipur

          وبعد رحلة مدينة بيكانير اتجهنا من جديد إلى مدينة جيبور عاصمة إقليم راجستان وأكبر مدنه اكتظاظًا بالسكان حيث يبلغ تعداد سكانها أكثر من أربعة ملايين وفقًا لآخر الإحصائيات الرسمية، كما أنها تعد إحدى مدن الهند الرومانسية بعد بنائها من قبل المهراجا راجا جي سنج الثاني في شهر سبتمبر العام 1727م وفقًا لمبادئ الفلك.

          فالمهراجا سنج الثاني الضليع في علم الفلك والتنقيب بنى مراصد في جنوب الهند ليراقب السموات وحركة النجوم حتى تدله على الموقع المناسب الذي سيبني عليه مدينته الجديدة. وبعد عدة محاولات نجح سنج في تحقيق مبتغاه ونقل عاصمته من «أمبار» «Ambar» إلى جيبور.

          لذا صمم سنج الثاني صديق علماء الفلك مدينته على محور SurajPol مدخل الشمس «من الجهة الشرقية حتى تصل إلى محور ChandPol مدخل القمر، على أن تكون واجهة مبانيها وقصورها الرئيسية في واجهة الشمس لتحظى بمباركة الخالق يوميا.

          فباتت من أوائل المدن الراجبوتية التي لها مكانة رفيعة وشأن عظيم في عهد المغول والإمبراطور أكبر صهر المهراجا «مان سن» بزواجه من خالته النبيلة جانتا منتار «Janta Mantar» لتكون أعجوبة الزمن باتباعها نظام الساعات الشمسية المعتمدة على عمودية الشمس، إضافة إلى نظام الساعات القمرية المعتمدة أيضًا على حركة دورات القمر.

          ويقع قصر شاندرا محل «Chandra Mahal» في الجهة الجنوبية مباشرة وهو أكبر قصور المدينة ليكون متحفًا بباحاته وأدواره السبعة، حيث يعطي فكرة جلية عن حياة ومجد المهراجات والأمراء يطلع الزائرين على ثيابهم الفاخرة وسيوفهم وبنادقهم المرصعة بالجواهر النفيسة والمطلية بالفضة فضلا عن الهراوات الذهبية المسننة من الجانبين لتكون أكثر فعالية أثناء القتال والمعارك.

          وبعد أن أمضينا سبع ساعات في الطريق الصحراوي، طلت علينا في الوهلة الأولى  المباني الوردية، التي باتت تشتهر بها المدينة بعد طلائها بهذا اللون في العام 1876 تكريمًا واحتفالاً بأول زيارة رسمية يقوم بها أمير ويلز لتعرف بعد ذلك باسم «المدينة الوردية».

          فسلكنا الطريق المعروف باسم «شاندرا بول» شارع القمر المؤدي إلى قلب جيبور التجاري، فبدأت وتيرة الحركة المزدحمة تزداد تدريجيًا ليتلاشى سكون الصحراء. كما بدأنا نتنفس عوادم المركبات بأنواعها المختلفة، بدلا من الهواء النقي المحيط بالكثبان الرملية المترامية الأطراف، والتي يغشاها السكون الأبدي.

          بعد فترة ليست بقصيرة من الانتظار بسبب الاختناقات المرورية، عبرنا بوابة القمر، إحدى بوابات المدينة السبع الرئيسية، حيث تصطف المحلات التجارية على جانبي الطريق، التي تأخذ شكلاً ولونًا موحدًا ليافطاتها الإعلانية للحفاظ على جماليات مبانيها، ولتنمية الذوق العام. وفي هذه الأثناء، انعطفت مركبتنا شمالاً ليطل علينا «هوا محل» قصر الهواء.

«هوا محل» Hawa Mahal

          يعد هذا البناء من أجمل معالم جيبور، حيث شيده المهراجا برتاب سنج في العام 1840 وسمي بهذا الاسم لأنه عبارة عن مقصورة ملكية كبيرة مؤلفة من خمسة أدوار بارتفاعات متعددة حتى لا تأخذ شكلاً موحدًا، في حين لا يتجاوز عرض المقصورة الواحدة أكثر من ثلاثة أمتار.

          فالشرفات البارزة التي تجسد الطابع الخاص بجيبور في هذا القصر يدخلها الهواء من الفراغات المنقوشة من الخارج حتى تستطيع أميرات الأسرة الملكية الجلوس فيها ومشاهدة مرور المواكب الملكية والاحتفالات الرسمية دون أن يراهن العامة.

          فالأعراف والتراث المتوارث في الأسر الملكية الراجستانية والأسر بصورتها العمومية ترفض وتحظر مشاهدة أوجه الأميرات وبنات الحاشية في الأماكن العامة، لهذا أنشأ هذا القصر ليفي بهذا الغرض ويصبح فيما بعد قبلة المتذوقين للفن المعماري في العالم.

          وفي ختام جولتنا بالمدينة، قطعنا الشارع الكبير «جراند أفينيو»، حيث يقع متحف «ألبرت هول» الذي يعرض الكنوز والمقتنيات الأثرية الجيبورية منذ أكثر من مائة عام. «إنها مدينة حيوية ومليئة بالإثارة والحياة معًا، حيث يسير في شوارعها كل ما هو متحرك».

بوندي Bundi

          وصلنا إلى هذه المدينة التي تبعد 220 كلم من جيبور في مدة زمنية لم تتجاوز الأربع ساعات، لتكون أقصر الرحلات البرية التي قطعناها حتى الآن خلال جولتنا الحالية، مما أثار فرحة عارمة في النفوس بعد أن تجاوزنا السلسلة الجبلية المحاطة بها والمعروفة باسم «ديناتشل».

          ومررنا قبل الوصول إلى بوندي التي يبلغ تعداد سكانها مائة ألف نسمة بحقول خضراء بألوان شجيراتها الزاهية وطبيعتها الخلابة، بالرغم من طقسها الصحراوي، فيرجع سر هذا الاخضرار إلى مياه بحيرة تسمى «درون ساقر» وتعني باللغة الهندية بحيرة «إله الماء» فضلاً عن مرور نهر «شنبل» بأراضيها لتشتهر بزراعة الأرز كغلة أولى تتصدّر محاصيلها الزراعية.

          وقبل الوصول إلى المركز الحضاري والتجاري للمدينة، عرجنا لزيارة أطلال قلعة بوندي التي شيدت على قمة جبل قبل تسعة قرون، في عهد المهراجا هارت جهان، إلا أنها هجرت منذ استقلال الهند عن التاج البريطاني في العام 1947م بسبب خلاف قانوني لم يحل منذ ذاك التاريخ بين الأسرة المالكة  والحكومات الهندية المتعاقبة، حول كيفية تحديد أغراض استغلالها وملكيتها.

قلعة «جارا» Gara palace

          وبعد أن استقررنا في المدينة، قمنا بجولة خاطفة لقصر «جارا» Gara Palace الذي تم بناؤها من قبل راو راجا راتان Rao Raja Ratan في العام 1607م، حيث تزين حوائط «الديوان العام» Diwan E-AAm، لوحات فنية توارثها المهراجات الذين تعاقبوا على سدة الحكم ليصبح حاليًا متحفًا يستقطب السائحين الزائرين لهذه المدينة.

          وللقصر التاريخي مدخلان رئيسيان، الأول خصص للساسة وكبار الضيوف والوزراء، أما المدخل الثاني الذي هو أعلى ارتفاعًا من مستوى الأول، خصص فقط لرجال الدين والعلم للتدليل على أهمية مكانتهم وقربهم إلى المهراجا في مجالسه العامة والخاصة على حد سواء.

          ولقد ضم هذا الجزء من القصر الذي يعرف باسم «صالة شترا» Chitra Sala، في عهدي المهراجين راو أوميد سنج Rao Ummed sing  ( 1749 - 1773م) وابنه بسجه سنج Bisgh sing  (1773 - 1821م) لوحات فنية نادرة يصل عددها 21 ساهمت في قيام المدرسة البوندية الفنية التي تحظى باحترام النقاد وأوساط الفنانين.

          وكان المهراجا يجتمع بشكل دوري بالنخب الدينية والثقافية ورجال العلم بكل مجالاته لتبادل الآراء ومناقشة القضايا، التي تحظى باهتمام كبير ومشترك بين مَن هم في سدة الحكم وأوساط المجتمع آنذاك بهدف إيجاد الحلول لها، ودفع مسيرة التقدم إلى الأمام.

          أما اللوحات الفنية النادرة، التي لم تمس، فهي تروي القصص البطولية وأساطير الحروب التي خاضوها، كما أنها تتطرّق أيضًا إلى قصص الحب والشعر والفن ليكون هذا الجناح الذي افتقدته القصور الحاكمة الآن مرآة عاكسة لتاريخ الفن البوندي، إنه «حقا تحفة معمارية» لن يجود الزمان بمثلها مرة أخرى.

أجمير Ajimer

          لقد غادرنا مدينة بوندي في الصباح الباكر، حيث شققنا طريقنا وسط سحب ضبابية كثيفة تغطي سماءها وطرقها العامة، حالها حال مدن الشمال في فصل الشتاء متجهين إلى مدينة أجمير واسمها «أجي» الذي يعني «لا يقهر» أما «مير» فهي الجبال لتصبح مدينة «الجبال التي لا تقهر».

          وتدل تسمية هذه المدينة التي أسسها المهراجا أجاي بال شوهان في القرن السابع الميلادي على الأهمية الاستراتيجية التي لعبتها طيلة الحقب الزمنية، عبر تحكّمها بطريق التجارة الأهم الذي يربط سلطنة دلهي غربًا، ومدينة كوجرات ميناء الهند ونافذتها على كل من العالم القديم والعالم الحديث على حد سواء.

          ولأهمية هذا الموقع الجغرافي المهم، شهدت حروبًا طاحنة ودموية بهدف السيطرة عليها والتحكم بهذا الطريق التجاري المزدهر آنذاك، فسلالة شوهان حكمت لغاية القرن الثاني عشر وجاء بعد ذلك السلطان محمد الغوري ليقيم سلطنته لمدة قرنين من الزمن، ليخلفه أباطرة المغول الذين حكموها طيلة أربعة قرون متتالية انتهت بخضوعها للتاج البريطاني في العام 1559.  كما أنها شهدت حدثين مهمين يحتلان موقع الصدارة  في التاريخ الهندي لأنهما غيرا مجريات الأحداث أولهما استضافتها أول لقاء سياسي على مستوى رفيع بين المغول والتاج البريطاني في العام 1559 ضم الأمير جهانكير ابن الإمبراطور أكبر من جهة والسياسي البريطاني توماس رو من جهة أخرى، مما مهّد الساحة للوجود البريطاني في مرحلة لاحقة.

          أما الحدث الثاني، فهو نشوب صراع دموي بين ابني الإمبراطور شاه جهان على السلطة، هما دارا من الأم الهندوسية وشقيقه أورنج من الأم المسلمة، انتهى لصالح الأخير، ليدفعه فيما بعد لتعزيز رغبته في تحقيق أحلامه التوسعية على حساب المدن الراجستانية الأخرى عن طريق الترغيب أو استخدام القوة العسكرية، مما خلق حالة من عدم الاستقرار شهدها الإقليم لفترة زمنية طويلة.

مزار الخواجة غريب نواز

          وفور وصولنا إلى المدينة، توجهنا لزيارة مزار معين الدين الششتي المعروف بلقب «الخواجة غريب نواز»، القطب الذي أسس نهج التصوّف الششتية، الذي يحظى باحترام وتقدير كبيرين في الهند حتى ساعتنا هذه من أبناء الطائفة المسلمة والهندوسية والسيخ وغيرها من الطوائف الدينية الأخرى دون أي تمايز، حيث يزوره ملايين الزائرين سنويًا. ولد الخواجة معين الدين في بلدة سيستان بإيران العام 1138م من أسرة دينية، وعندما توفيت أمه السيدة بيبي وهو في سن السادسة عشرة باع كل أملاكه ووزع قيمتها على الفقراء والمساكين بقصد الرحيل لطلب العلم.

          وسافر الخواجة غريب نواز إلى بخارى وسمرقند اللتين كانتا وقتذاك مركزًا للثقافة والعلوم بهدف تحصيله العلمي، ليقوم بجولات وزيارات متنوعة قادته في النهاية ليكون أحد مريدي العالم الصوفي عثمان هاروني ليتتلمذ على يديه لمدة عشرين عامًا، انتهت بذهابهما معًا لأداء فريضة الحج في مكة، وزيارة المدينة المنورة. وبعد الانتهاء من أداء شعائر الحج، توجه إلى الهند مرورًا بإيران وأفغانستان بهدف إصلاح أحوالها وهداية أهلها إلى طريق النور، داعيًا إلى تعزيز مبادئ الحب والعدالة والمساواة والتسامح الديني بين أبناء جميع الطوائف الدينية دون استثناء، نبذًا للتعصب والأنانية.

          إن زيارتي للضريح الديني  المكتظ بالزائرين من كل الطوائف الدينية، والذين يريدون تلمس بركته، أصابتني بالدهشة والحيرة في آن واحد، لأن الممارسة الطقسية الماثلة أمامي تخالف وتسقط ما ورد في بعض المصادر العربية والأجنبية عن التمايز الاجتماعي والديني في الهند.

          وعندما توفي الخواجة معين الششتي في العام 1233م عن عمر ناهز الخامسة والتسعين عامًا، بات في نظر جميع الهنود أحد الأولياء الصالحين وبمكانة القدّيسين، فيقصد ضريحه الجميع، الأغنياء والفقراء، يهدفون بذلك الدعم والمساهمة في أنشطة البر والإحسان والأعمال الخيرية من أجل تخفيف معاناة المحتاجين. بسبب وجود ضريح الخواجة غريب نواز شهدت أجمير ازدهارًا وتنمية عمرانية طالت المناطق المجاورة لها بشكل لم تشهده مدينة هندية أخرى من قبل.

          وهذا دليل قاطع على عمق الثقافة الهندية وقدرتها على التفاعل والتعامل والاندماج مع الديانات والثقافات الأخرى لتشكّل رافدًا واحدًا يعود بالخير على الجميع.

شتور Chittor

          وبعد زيارة أجمير، توجهنا فورًا إلى مدينة شتور، إحدى أهم المدن التاريخية بوسط راجستان، والتي تأسست في القرن السابع الميلادي وفقًا للكتاب المقدس «ماهابراتا» لتكون رمزًا خالدًا لتضحية وشجاعة المحاربين الراجبوت في نصرة استقلالهم وصيانة كرامتهم، ليضيفوا ملحمة إنسانية تراجيدية لتراثهم القديم.

          فينحدر الراجبوتيون المعروفون بـ«كشاتريا فارنا» Kashatriya Varna من صنف أسطورة الآلهة الهندوسية فينقسمون إلى ثلاثة أنساب عظيمة هي «أجني فانشي» Agni vanshi إله النار وسوريافانشي إله الشمس، Surya vanshi وشاندرا فانشي Chandra vanshiإله القمر وهم لعبوا دورًا حاسمًا في تاريخ شمال الهند، وطوّروا أخلاقيات الفروسية المحاربة.

          فتستند أخلاقيات الفروسية، التي كانت العلامة الأهم فيما بعد لتفرض الهند من خلالها هيمنتها الإقليمية والدولية في وقت واحد مقولة «الانتصار أو الموت حتى آخر رجل، حفاظًا على الشرف»، لذا كان المحاربون الراجبوتيون ينطلقون خارج الحصون مرتدين الرداء «الزعفراني» وفقًا لطقوس ساكا Saka ليقاوموا حتى الموت دون الاستسلام للعدو. أما النساء الراجبوتيات، فهن لا يقلن إقدامًا عن محاربيهم، فهن أول من اتبع مبدأ «جوهر» Jauhar وهو من الطقوس القديمة حيث يلقين بأنفسهن بعد إشعالهن نيرانًا ملتهبة من خشب الصندل لتكون محرقة لهن بعد تأكدهن من هزيمة مقاتليهن مفضلين الموت على أن يكن سبايا أو جواري لدى المنتصر. ولقد طبقت «جوهر» بصورة تراجيدية بهذه المدينة ثلاث مرات في فترات زمنية متباعدة أثناء حروب مدمرة قادها أباطرة المغول لغرض سيطرتهم عليها.

قلعة «شتور»

          إن قلعة شتور التي شيدت على ارتفاع أكثر من 180 مترًا فوق مستوى سطح البحر، لتكون منيعة على الغزاة القادمين من أوساط آسيا الصغرى والممالك الهندية الأخرى تعد من أهم الشواهد التاريخية في الإقليم، وتتمتع بمكانة عالمية باعتبارها تحفة معمارية نادرة. وأثناء تجولنا في أرجاء القلعة، بدأت جدرانها تروي لنا بألم الأحداث المأساوية التي شهدتها عندما سمع سلطان دلهي علاء الدين الخلجي، الذي حكم في الفترة من (1296م - 1316م) بجمال المهراني بادميني Padmini زوجة راو راتن سنج الذي شاهدها من خلال انعكاس مرآة فوقع في حبها من أول نظرة، لدرجة أنه افتعل أزمة سياسية مع شتور ليظفر بها مهما كان الثمن باهظًا.

          ولتحقيق غايته، سيّر جيشًا جرارًا باتجاه شتور حيث أخضع قلعتها لحصار صارم امتد لأشهر طويلة، وبعد أن نفدت المؤن والماء داخل أسوارها اندفع المقاتلون الراجبوت بردائهم الزعفراني ليلتحموا بقوات الخلجي بغية الموت أو الانتصار حتى قتل منهم 23 ألف مقاتل وفقًا للمصادر التاريخية المحايدة.

          وعندما لاحت في الأفق هزيمة مقاتلي الراجبوت بعد مقتل ملكهم راتن سينج، بدأت النساء بإشعال موائد النار تطبيقًا لطقس «الجوهر» فكانت بادميني أولى القافزات فيها لتتبعها بقية نساء القلعة مع أطفالهن ليصل عددهن 13000 لتكون الصفحة الأكثر سوادًا في تاريخ حروب المسلمين مع الراجبوت الهندوسيين. إن الشواهد التاريخية في قلعة شتور، التي يقصدها القاصي والداني، تؤكد أن العامل الجوسياسي لعب دورًا محوريًا في صنع التاريخ المأساوي لهذه المملكة، فغنى سهولها الخضراء جعلها تخضع دائمًا لتهديدات خارجية طيلة تاريخها المديد من أسياد الحرب والقبائل القاطنة في آسيا الوسطى.

أودايبور Udaipur

          وبعد الانتهاء من زيارتنا لقلعة شتور التي تركت ألمًا عميقًا وحزنًا كبيرًا في النفس، فالحروب لم تجلب على مدى فصول التاريخ سوى الدمار والخراب وسقوط الضحايا الأبرياء، فهي «تصنع دائمًا أمجادًا من الوهم» توجهنا إلى محطتنا الأخيرة أودايبور التي تبعد على مسافة 110 كلم.

          ويرجع بناء هذه المدينة - التي أسسها المهراجا أودي سينج الثاني Udai singh إلى العام 1568م، بعد أن شهدت مدينة شتور تكرار وقوع هذه الأحداث المأساوية لمرات أخرى، فقرر نقل عاصمته من هناك إلى المدينة التي عرفت لاحقًا باسمه ليتلافى التهديدات الخارجية، التي ظهرت مجددًا أثناء حكم الإمبراطور المغولي أكبر ذائع الصيت. فمدينة أودايبور التي تتمتع بحصانة طبيعية من الجبال لتكون الخطوط الدفاعية الأولى لها، وتحكمها سلالة أسرة سيسوديا Sisodia الراجبوتة أقدم السلالات الحاكمة في العالم، فهم يتعاقبون على السلطة منذ 14 قرنًا متتالية بهذا الإقليم لتحتل المرتبة الثانية بعد سلالة إمبراطور  اليابان «الهة ابن الشمس» التي يتجاوز فترة حكمها لـ 51 قرنًا.

          وتشير السيرة التاريخية إلى أن المهراجا أودي التقى برجل دين عجوز بعد خروجه من عاصمته شتور الذي أشار عليه ونصحه بإقامة مملكته الجديدة في هذه البقعة الجغرافية بعد سقوط الاستراتيجيات الدفاعية الكلاسيكية، فتجربة القلاع المنيعة والحصون فشلت فشلاً ذريعًا في الدفاع عن شتور أمام أباطرة الحرب والغزوات الخارجية. فهذه المدينة الجميلة التي يبلغ تعداد سكانها اليوم نصف مليون نسمة، تعد الوحيدة التي لم تخضع إطلاقًا لأي نوع من السيطرة أو لسيادة المغول من بين مدن الإقليم، خصوصًا بعد أن تولى رانا برتاب ابن المؤسس مقاليد الحكم لتكون عاصمة مملكة «ميوار» حتى تنضم إلى الهند الحديثة بعد استقلالها في العام 1947م. وتأخذ مدينة أودايبور، التي يعني اسمها «الشروق الأحمر» الطابع الرومانسي لجمال بحيرتها بيشولا Lake Pichola التي يبلغ طولها أربعة كلم، وبعرض ثلاثة كيلومترات، فهي الأكبر بين بحيرات الإقليم لتضفي على قصورها سحرًا ذات نكهة خاصة بعد أن تحولت هذه القصور التاريخية إلى فنادق ضخمة لتستقبل السائحين القادمين إليها.

          وبالإضافة إلى الوصف الذي عرضته في الفقرات السابقة، تبقى المدينة في الوقت ذاته متسامحة مع نفسها وأعدائها التاريخيين الذين كان المغول في طليعتهم عندما لجأ إليها الأمير شاه جهان ابن الإمبراطور المغولي جهانيكر طلبًا للأمان بعد أن نشب خلاف حاد مع والده، حيث حظي بحماية الراجبوتيين بعد إقامته في قصر «جكمندر» بوسط البحيرة والمخصص حاليًا فقط لإقامة أعراس الزواج الهندية.

          إن مدينة أودايبور، التي يعمل سكانها في صناعات الحرف اليدوية والأعمال الفنية التراثية تحتضن خمسة قصور تاريخية، يأتي في مقدمتها قصر البحيرة Lake Palace الذي بات وجهة السائحين القاصدين الرومانسية وتأمّل البساتين الخضراء على الجانب الآخر من ضفة البحيرة، أما قصر المدينة City Palace فلا يزال يحتفظ بموقعه ليكون متحفًا ورمزًا لتاريخ المدينة المهمة في تاريخ الهند.

الخاتمة

          وبعد انتهاء زيارتنا لمدينة أودايبور تكون رحلة «العربي» شارفت على الانتهاء بعد أن تنقلنا وتجولنا في مدن هذا الإقليم الهندي لننقل هذه التجربة الثرية لأجل التحاور مع الهند وثقافتها بصورة واقعية بعيدة عن الشوائب التي علقت بها بمرور الأزمان. وعلى ضوء ما ورد في المحاور الرئيسية، التي يتكون منها هذا المقال الذي تطرّق إلى أوجه الحياة وتاريخ راجستان والتعبير عن فنها المعماري المميز بلُغة العصر، ليتواكب مع متغيرات وقتنا الحالي المتسم بالتقدم التكنولوجي والسرعة، لا يسعني إلا أن أقول في الخاتمة إنها الهند العظيمة، التي آمنت بشعار «إن الحقيقة تنتصر دائمًا».

الهندوسية

          الفلسفة الهندوسية تعتبر أول من وضع المنهج الروحي للإنسان منذ ظهورها في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، فهي ليست دينا يماثل الأديان الأخرى كما يعتقد البعض ولكنها تشبه كل الأديان وتستند بالمقام الأول إلى وحدة الوجود.

          فالهندوسية التي كانت تنقل تعاليمها شفويًا لقرون زمنية طويلة حتى البدء بتدوينها بعد مرور 700 عام على ظهورها في كتاب «الفيدا» الذي يعد من أقدس المخطوطات على وجه الأرض، تتسم بالمرونة وتتقبّل جميع الأديان دون استثناء في رحلة الوصول إلى الحق. الذي يسميه أهل العرفان بـ «سات تشيت آنندا Sat chit ananda أي «الوجود الأزلي والنور الأزلي والسلام الأزلي» وتتمثل هذه الصفات الأزلية في ثلاثة أوجه يمثلها الثلاثية المقدسة براهما Brahma الذي يقوم بعملية الخلق وفشنو Vishno الحافظ، وشيفا Shiva المدمّر.

          والوجود في هذا الإطار الفلسفي له ثلاث صفات لا يمكن فصل أحدها عن الأخرى هما قوة الخلق وقوة الحفاظ، وأخيرًا قوة التدمير من أجل إعادة الخلق من جديد. ويقوم المفهوم الهندوسي على ان الكون نشأ من قوة واحدة واساسه واحد، فالله موجود في كل زمان ومكان وكل شيء بما فيه الإنسان. بالإضافة إلى مبدأي  العاقبة «Karma» والفضيلة Dharma كأساس في هذه الفلسفة. اي بمعنى كل عمل له عاقبة والفضيلة هي طريق الخلاص من هذه العواقب.

          ويدعو الجزء الأخير من كتاب «الفيدا» إلى أن رحلة البحث عن الذات تتم عبر ممارسة الطقوس والشعائر الدينية المختلفة، ومهما كان تنوعها وتباينها، إلا أنها صحيحة وستؤدي في نهاية المطاف إلى معرفة الإنسان بذاته، وليس ضروريا أن تكون هذه  الطقوس هندوسية كشرط بغية الوصول إلى هذا الهدف السامي.

          فهذه الفلسفة القديمة التي يصل أتباعها ما يقارب المليار نسمة يقطن معظمهم في شبه القارة الهندية وأنحاء متفرقة من العالم، تؤكد بصورة قاطعة «احترام جميع الأديان وتقبلها» فهي تتسم بالمرونة وتدعو إلى التقارب والتفاهم والتعاون لخير الإنسانية جمعاء.

          وللتدليل على ذلك، يكفينا تذكّر الهالة القدسية التي يكنّها الهنود للشاعر الهندي المسلم «كبير» والذي تحول الجامع الذي يتولى فيه مهام الإمامة أثناء حياته، التي استمرت لمدة 120 عامًا بولاية «ماهاراشترا» إلى مسجد للمسلمين ومعبد للهندوس في وقت واحد ليتجلى التسامح الديني في أجمل صوره.

          كما لا يسعني في هذا المجال، إلا أن أذكر أيضًا الدور الإنساني النقي الذي لعبه المعلم الكبير «شيردي ساعي بابا» Shirdi Sai Baba هو أيضا قديس بنظر المسلمين والهندوس معًا، حيث يقيم في مسجده الشعائر الإسلامية والصلوات الخمس بأوقاتها إلى جانب الطقوس الهندوسية بوقتها دون تميّز، مقدمًا لحوم أضحية العيد إلى الفقراء من المسلمين، بينما تقوم اليد الأخرى بتقديم طبق نباتي للمحتاجين من الهندوس.

          إن أجمل وصف لهذا التسامح الإنساني والتعايش الطقسي الذي يقرب ما بين الفلسفة الهندوسية والأديان الأخرى دون استثناء ما كتبه المعلم الكبير بابا موكتانندا «Baba Muktananda» بقوله «كثير موجود في واحد.. وواحد موجود في كثير.. فكثير من الأواني تصنع من طين واحد.. ومن مختلف النيران يسطع النور.. اعرف نفسك ستعرف السعادة الكامنة في باطنك.. فابحث عنها في الباطن».

كالي داس Kalidas

          لاتزال الأساطير والهالة الخيالية تتناول حياة شاعر الهند الأول كالي داس وأعماله الشعرية، بالرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنًا على رحيله من عالمنا، لهذا قررت الحديث عنه باعتباره قصرًا أدبيًا وشعريًا لا يقل أهمية عن القصور الراجستانية، فهي مثيرة ومتجددة ومليئة بالتناقضات الغريبة.

          فتشير الدراسات الهندية النقدية المعاصرة إلى أن الشاعر الذي عاش بمدينة أوجين معظم فترات حياته كان أميا ولم يتعلم أي فرع من العلوم أو المعرفة، فضلاً عن أنه كان يتمتع بغباء لم يتصوره العقل البشري إلى جانب وسامته المفرطة وجاذبيته العالية التي لعبت دورًا محوريًا في تغير مسار حياته رأسًا على عقب.

          إن نقطة التحول البارزة في حياة الشاعر الذي ترجمت أعماله الأدبية إلى معظم اللغات الأجنبية، كما أنها تدرس أيضًا بوقتنا الحاضر في المناهج التربوية الهندية بدأت عندما قرر ملك كاشي Kashi حاليًا «بنارس» يعرف باسم  بيماشوكلا Bheemashukl  تهذيب ابنته فاسانتي Vasanti بتزويجها بأغبى رجل في مملكته بعد رفضها الزواج من قاض واسع الثقافة والمعرفة والاطلاع.

          وفي يوم ما، شاهد وزير الملك كالي داس يجلس على غصن شجرة وبيده منشارًا يقص به ذات الجذع الجالس عليه، فنبه أن ذلك سيؤدي إلى سقوطه على الأرض، فأجابه أنه لم يخطر في باله نتيجة الأمر، إلا أن هذا التنبيه لم يثنه عن مواصلة نشر الجذع، فلاحت في الأفق فكرة تزويجه بالأميرة فاسانتي.

          فدعاه الوزير إلى حفلة ملكية بعد إلباسه أجمل الملابس موصيه بالإجابة على أي سؤال يوجهه له بـ(أوم ساوك) Omswask وتعني «السلام الدائم»، فوقعت الأميرة في حبه لجماله ووسامته المثيرة، إلا أنها سرعان ما عرفت الحقيقة بعد زواجها منه، فشهد زواجهما اضطرابًا وتوترًا مما دفع به في النهاية لمعبد «كالي» طالبًا منها الرحمة والخلاص من حياة الجحيم التي يعيشها.

          فأثناء صلاة الشاعر كالي في المعبد ضرب مقدمة رأسه بقوة على الضريح، فسال الدم من جبهته، فمنحته بركتها ليكون الجزء الأول من حياته ما هو إلا فترة إعداد للمهمة المكلف بها لإنجازها في الجزء الثاني منها، فتفجرت قريحته الشعرية لتخرج أهم الملامح النثرية التي تمتاز بقوة تعابيرها لمعالم الجمال والطبيعة، وتمتعها بالحكمة العميقة وفقًا لرؤية كونية وبصورة لم يألفها تاريخ الأدب الهندي.

          إن من أبرز أعمال الشاعر الهندي الذي سمي فيما بعد اسمه الأول بـ«كالي» تيمنًا بالإلهة «كالي» وعرفانًا لبركتها، كتبت باللغة «سان سكريت» San skrit وهي اللغة الأقدم في الهند، والتي تفرّعت منها لغات عدة منها: الهندية والبنغالية والماراتية وغيرها من اللغات، أما ملحمتا Raghuvamsha وShakuntala فتحظيان بتقديس كبير لتناولهما أوجه الحياة وفقًا لمنظور فلسفي عميق تكشفان عمق عبقريته الشعرية، لتكون رافدًا مهمًا في الأدب العالمي.

 

يحيى مطر   





صورة الغلاف





 





خريطة توضح سير الرحلة في ولاية راجستان





بداية الرحلة من المنزل التراثي «كان كاروا» المطل على بحيرة بيشولا





رسالة لاول رحلة جوية في عام 1933 من البحرين إلى مدينة جودبور في راجستان





قصر قلعة مهران قر في جودبور





صورة تاريخية لشاب وشابة حديثي الزواج من جايسلمير





أحد قصور جايسلمير





حفل زفاف في جايسلمير





القصر الذي أقامت فيه الراقصة تيلو في مدينة جايسلمير





واجهة قصر جوناقر في بيكانير





البهو الرئيسي لقصر انوب محل





رعاة خلال تنقلهم في سوق الماشية قرب اجمير





امرأة راجستانية في زيها وحليها التقليدية





بطاقة بريدية نادرة لفتيات من جيبور في زيهم التقليدي





«هوا محل» احدى العلامات المعمارية المميزة في جيبور





بوابة شاندرا في مدينة جيبور





حديث اسري امام مدخل المنزل





«صالة شترا» بقلعة جارا في بوندي





مدخل مزار الخواجه غريب نواز في اجمير





عملات قديمة من راجستان





 





برج النصر في قلعة شتور





دولا ومارو ابطال لقصة حب راجستاني