فطِن الطب قديما وحديثا لأهمية الكبد ومكابدته من أجل صحة الإنسان
وعافيته، ففي العام 1849م، تم اكتشاف لوحات طينية بمكتبة «الملك آشور» كانت قد
دُونت في الفترة من 668 إلى 626ق.م. جاء فيها: «كان الكهنة إذا أرادوا التعرف على
صحة مرضاهم، ومسافريهم ومحاربيهم، وما ينتظرهم في أشغالهم، عمدوا إلي طريقة تسمى
قراءة الكبد Hepatoscopy، وذلك بفحص أكباد الأغنام التي يقدمها هؤلاء قربانًا،ذلك
لأن الكبد في عرفهم هو محل لروح الإله وموضع لقدرته، لذا يتم فحص الكبد بدقة كبيرة
، فإذا كان الشطر الأيمن كبيرًا فإنه فأل حسن، بينما يدلُ صغر الكبد على الفأل
السيئ. وقد خلّف البابليون نماذج من الصلصال للكبد يعود تاريخها إلى ألفي عام ق.م،
وقد نقل عنهم العرب أهمية الكبد في صحة الأبدان».
بينما أهمية الكبد في الطب الصيني والآسيوي القديم تبدو من خلال
موقعه وترتيبه في جسم الإنسان، فهو يشغل المرتبة الثالثة بعد القلب والرئتين، كما
أنهم يشبهونه بمرتبة «الجنرال» في المجتمع، ووظيفته «الفعل»، بينما المرارة، وهي
جزء من الكبد والعضو الرابع حسب الترتيب، يصفونها «بالحاكم» ووظيفتها «اتخاذ
القرار».
وأما الطب الحديث فيؤكد على دور الكبد ومكابدته من أجل عافية البدن:
فهو أكبر عضو غددي في جسم الإنسان، ويزن في البالغين حوالي ثلاثة أرطال، ويقع في
الجانب الأيمن العلوي من البطن أسفل الحجاب الحاجز. ويقوم الكبد بالكثير من
الوظائف والعمليات الحيوية، فهو«مصنع» كيميائي يعمل ليل نهار ليقوم بتخليق وتنظيم
وإفراز العديد من الكيماويات اللازمة لاستمرار وظائف البدن في أفضل صورة. فيصنع
البروتينات مثل الألبومين ِAlbumin، والذي عندما تقل كميته يتم احتجاز الماء بأنسجة
الجسد فتتورم، كما ينتج بروتينات تجلط الدم كالفيبرينوجين، والتي عند نقصانها يتعرض
المريض للنزف الدموي. ويصنع الكبد البروتينات الدهنية Lipoprotein، والجليسردات
الثلاثية Triglycerides والدهون الفسفورية Phospholipids. ويفرز السائل المراري،
الصفراء Bile، الذي يذيب الدهون أثناء الهضم بالأمعاء.
والكبد يساعد على فتح الشهية للطعام، كما يقوم بتنظيم والمحافظة على
مستوى الكولسترول «منخفض الكثافة HDL ، وعالي الكثافة HDL « والجلوكوز بالدم، وما
يزيد عن الحاجة من الأخير يخزنه كنشا حيواني Glycogen ليحوله إلى سكر عند الحاجة.
كما يمكنه تخزين البروتينات والدهون وتحويلها إلى سكر. وله أهميته في تخزين
الفيتامينات التي تذوب في الدهون (Vitamins A, D, E and K) والفولات، وفيتامين بـ12
والأملاح المعدنية والنحاس والحديد. والكبد «مصفاة» مهمة ومرشح قدير للتخلص من
نفايات وسموم الجسم مثل الأمونيا «النشادر»، فيحولها لبولينا Urea ومن ثم تفرز
بالكلى مع البول، وفي حالة اعتلال الكبد تتراكم الأمونيا بالدم.
إذا كانت هذه لمحات سريعة عن وظائف الكبد وأهميته، فما هي أمراضه
الشائعة.. أسبابها وأعراضها، والوقاية منها بتجنب أسبابها، والحذر من بداية ظهور
أعراضها، كي نحافظ على سلامة أكبادنا وعافيتها، ولا نضطر أن نردد مع الشاعر:
ولي كبد مقروحة من يبيعني |
|
بها كبدًا ليست بذات قروح |
أباها علي الناس لا يشترونها |
|
ومن يشترىٍ ذا علة
بصحيح؟ |
أمراضه الشائعة
أمراض الكبد الشائعة هي: اليرقان بأنواعه، التهاب كيس المرارة
والحصيات المرارية، احتقان الكبد، التهاب الكبد بأنواعه الفيروسي والتسممي، وتليف
الكبد.
اليرقان: هو تراكم إفراز الصفراء في الدم وتغلغله في الأنسجة، فيظهر
الجلد وبياض العينين بلون أصفر مخضر، كما يتحول لون البول كلون منقوع العرقسوس،
ويختلف لون البراز حسب نوع اليرقان. وأنواع اليرقان إما يرقان احتباسي، أو دموي، أو
التهابي تسممي. فالأول يحدث بسبب انسداد القناة المرارية أو القنوات المرارية داخل
الكبد بالحصى المراري (Obstructive Jaundice)، أو بأورام البنكرياس، مما يؤدي
لتراكم الصفراء بالدم والبول، لكن البراز يخلو منه فيصير مبيضًا. أما اليرقان
الدموي فسببه وراثي حيث يحدث تكسير كبير للكريات الدموية الحمراء فتتراكم الصفراء
في الدم، ويبدو البراز مخضرًا. واليرقان الالتهابي التسممي يكون في حالات التهابات
الكبد والقنوات المرارية فيعجز ويفشل في التخلص من الصفراء، ويكون البراز في هذه
الحالة مبيضًا.
التهاب كيس المرارة، والحصيات المرارية: التهاب المرارة يظهر إما في
صورة حادة وسببه ميكروبي يصيب كيس المرارة، فتظهر أعراض منها: ألم فجائي في موضع
الكبد، يزداد الألم بضغط اليد، وقد يمتد الألم إلى الظهر والكتف اليمنى ويصاحبه
تصلب بجدار البطن الأيمن، وحمى ،وعسر هضم، ويعالج بالراحة التامة وضبط الغذاء
وإعطاء المضادات الحيوية المناسبة، وإذا لزم الأمر يمكن التدخل الجراحي .أما الصورة
المزمنة من الالتهاب فكثيرًا ما تكون مرتبطة بوجود حصيات في المرارة ،التي تصاحب
مشاكل السمنة، وهي تكثر في السيدات بعد الأربعين من العمر، وأعراضه:عسر بالهضم ألم
وغثيان وقيء وانتفاخ مغص مراري مع وجود الحصى. أما علاجه إذا كان من دون وجود حصيات
بالمرارة فهو: نظام غذائي خاص يتم فيه تجنب الدهون والمخ والكبد والبيض، مع الإكثار
من السوائل، وتناول عقاقير إدرار الصفراء، ومع الفحص الشعاعي إذا تبين وجود حصى
مراري فيتم استئصال كيس المرارة جراحيًاCholycystectomy، وبواسطة المناظير
الجراحية.
احتقان الكبد: مرض ثانوي لهبوط القلب واعتلال وظائفه، فيتضخم بذلك
الكبد ويركد الدم به مُحدثا ألمًا في موضعه من الجسم، وانتفاخًا وأعراض عسر هضم،
لذا يجب علاج السبب الرئيس وهو مشاكل القلب والأوعية الدموية.
الالتهاب الكبدي الفيروسي Viral hepatitis وأنواعه (A, B, C , and
D).
الالتهاب الكبدي A : وهو يشيع بين الأطفال، ومن أسبابه شرب مياه/ ثلج
ملوث، أو تناول أطعمة ملوثة وغير مغسولة جيدا كالأسماك البحرية النيئة والخضراوات
والفواكه،وللذباب دور كبير في نقل الفيروس، وكذلك يتسبب هذا النوع من التهابات
الكبد في خروج الفيروس عبر إفرازات المريض كاللعاب والبول والبراز. لذا يجب أخذ
الاحتياطات الوقائية بغسل الأيدي بالماء والصابون عند ملامسة المريض أو برازه،
والذي يكون مُعديا خلال أسبوعين من المرض. وللوقاية يمكن أخذ مصل Immune globulin
خلال أسبوعين من احتمال الإصابة بفيروس A. أما أعراض هذا الالتهاب الكبدي HAV فهي:
الشعور بآلام بالبطن والبدن، وتحول لون البول ليصبح داكنا (كمنقوع العرقسوس)، مع
حدوث فقدان الشهية والضعف والغثيان والقيء والإسهال والجفاف الشديد والحمى، مع
اصفرار لون الجلد وبياض العينين. وتبدأ الأعراض في الاختفاء خلال أسبوعين. لكن على
المريض تناول الطعام المغذي الغني بالمواد السكرية والنشويات، وتناول سعرات عالية
من البروتينات و«اللحوم»، والإكثار من الفواكه والخضراوات الطازجة، مع تجنب جفاف
الجسم، عبر تناول السوائل من ماء وعصائر.
الالتهاب الكبدي بفيروسي D،B: يظهر الالتهاب الكبدي بفيروس,B في
صورتين حادة قصيرة الزمن، ومزمنة طويلة الزمن. ففي الأولى قد لا تظهر أعراض المرض
على بعض الأشخاص. بيد أن معظم الذين تظهر عليهم الأعراض يـُظهرون تعافيا وشفاء خلال
3 - 8 أسابيع. ويكتسب المريض أجساما مضادة لفيروس HBV تحميه من تكرار العدوى. ومعظم
المصابين بالالتهاب الكبدي الفيروسي (ب) الحاد لا يتحول لديهم إلى التهاب كبدي
مزمن، لكن العدوى المزمنة قد تقع عندما يستمر وجود فيروس (ب) بالكبد والدم لمدة
تزيد على ستة شهور. وأعراض الالتهاب الكبدي الفيروسي B تشبه أعراض الالتهاب الكبدي
A علاوة على الآلام في المفاصل والعضلات وبعد سنوات عدة من الإصابة المزمنة تحدث
دوالي المريء والمعدة فتسبب القيء المدمم، ويصيب الكبد التليف والفشل الكبدي
والأورام السرطانية. وعلاج الالتهاب الكبدي (ب)المزمن يعتمد على هل الفيروس نشط
ويتكاثر أم أن الكبد قد أصابه التليف؟. أما الالتهاب الكبد الفيروسي D فسببه فيروس
ينتقل بواسطة نقل الدم والحقن الملوثة أو الاتصال الجنسي. وهذا الفيروس طفيلي على
فيروس B حيث يستغله للتكاثر داخل الجسم، لهذا فالمصابون بفيروسB معرضون للإصابة
بفيروسD، والمناعة ضد فيروسB تعطي مناعة ضد فيروس D.
الالتهاب الكبدي بفيروس C: واسع الانتشار عبر أنحاء العالم، لكن يكثر
انتشاره في المناطق الحارة. وهناك ستة نماذج من الفيروس C. وهو ينتقل بالحقن بدم
ملوث، أو عبر استعمال الحقن الملوثة بين مدمني المخدرات المصابين بالفيروس، كذلك
عبر الوخز بالإبر الصينية الملوثة أو الوشم أو استعمال أمواس الحلاقة أو معدات
الأسنان الملوثة، والغسيل الكلوي بأجهزة غير معقمة، أو عبر المناظير الداخلية أو من
البول أو اللعاب. يتعرض الرجال للإصابة أكثر من النساء، وغالبية المرضي أعمارهم بين
30 و 50 سنة. وأعراض الالتهاب الكبدي C الحاد هي: اليرقان والتعب والإرهاق والحمي
المتوسطة والصداع وفقدان الشهية والغثيان والقيء، وألم دائم في موضع الكبد. وظهور
إسهال أو إمساك وهرش في الجلد والاستسقاء. وظهور العدوى الحادة تظهر بين 20 و 30
%من المرضي خلال 7 - 8 أسابيع من العدوى بفيروس HCV. وتصبح مزمنة لدي 70 -80 %
منهم. والأعراض قد تظل مختفية حتى يتقدم مرض الكبد ويحدث تليف الكبد وذلك في نحو 15
- 20% من المصابين بالعدوى المزمنة، لكن معظم الذين لديهم الفيروس مزمنا قد لا تظهر
عليهم الأعراض، وكثيرون يعيشون به حتى دون علاج، والتطعيم ضد المرض يفيد بنسبة
95%.
وينصح مريض الالتهاب الكبدي الحاد C بتناول طعام مغذ غني بالمواد
السكرية والنشويات و«اللحوم»، والإكثار من الفواكه والخضراوات الطازجة، مع كثرة
تناول الماء والسوائل لعلاج الجفاف، وتجنب الدهون «السمن والزبدة والزيوت» والخمور،
والملح والبهارات والأغذية المحفوظة أو المضاف إليها كيماويات، والابتعاد عن حدوث
ما يسبب الإمساك، ويسمح بالمجهود المتوسط غير المرهق مع أخذ أقساط وافرة من الراحة.
ويعطى المريض حقن الإنترفيرون ألفا (Interferon «IFN» alfa 2b ثلاث مرات أسبوعيا،
ويوجد نوع منه يؤخذ مرة أسبوعيا. لكن عند حدوث تليف كبدي أو ورم سرطاني ، وهو ما قد
يحدث في حوالي خمسة مرضى الالتهاب الكبدي المزمن، فهم قد يكونون بحاجة إلى زراعة
الكبد.
التهاب الكبد التسممي: يحدث بسبب تسمم خلايا الكبد بالمواد السامة،
كما في حالات تسمم الحمل «الأكلامبسيا»،والتسمم بالخمور، والمركبات الكيميائية
كالزرنيخ والكلوفروم، والفسفور، والفينولات، ورابع كلورو الكربون. وأعراضه كما سبق
من أعراض اعتلال الكبد العامة، وعلاجه بإيقاف العامل المُسبب، والعيش في بيئة صحية
منعدمة التلوث وبخاصة مصادر المياه والهواء، وكذلك تغذية صحية وآمنة واتباع نظام
معيشي ورياضي صحي ومتوازن واتباع العلاج المناسب كما في الحالات السابقة.
والمتابعة الطبية العامة لمريض الكبد ينبغي أن تشتمل على:عدم استعمال
أدوية إلا باستشارة طبيب، وعمل تحاليل لوظائف الكبد ومستوى الأنزيمات وكذلك الصفراء
بالدم كل ثلاثة أشهر، وفحوص بالموجات فوق الصوتية كل ستة أشهر، ومنظار للجهاز
الهضمي العلوي كل عام.
وماذا عن تليف الكبد؟
تليف الكبد Liver Cirrhosis يحدث عندما تحُل أنسجة متليفة محل أنسجة
الكبد السليمة وتحيط بها كالعقد، مما يعيقه عن وظائفه سابقة الذكر. وهذا التليف
يظهر بعد سنوات من الالتهاب الكبدي المزمن. وهذه الأنسجة العقدية يمكنها إغلاق
القنوات المرارية، وجعلها متورمة مما يجعل السائل المراري يرتد للكبد ومجرى الدم.
كما أن هذه الأنسجة العقدية يمكنها منع تدفق الدم من الأمعاء للكبد مما يزيد الضغط
في الأوردة التي تتصل بهذه المنطقة، ولاسيما منطقة الوريد البابي فيحدث ارتفاع
الضغط البابي Portal hypertension، كما قد يتضخم الطحال، كذلك يتراكم الماء في
الجسم ليحدث الاستسقاء، وتورم القدمين والساقين، وتراكم السموم بالدم ونفايات
البكتريا بالأمعاء الغليظة، وعدم تمكن الكبد من التخلص من هذه السموم الداخلية،
بينما الاحتقان يؤدي لتجمعات دموية تحت الجلد، واحمرار كف اليد لتمدد الشعيرات
الدموية بها، ونزيف من الأوردة المنتفخة في المريء والمعدة، مع وجود البواسير.
وأسباب تليف الكبد عديدة، منها ما يعجل بظهوره كإدمان الخمور أو بسبب التهاب كبدي
فيروسي مزمن (بي أو سي) أو الالتهاب الكبدي التسممي، او الإصابة بالبلهارسيا، وسوء
التغذية الشديد، وهناك آثار جانبية لبعض الأدوية تُعجل بتدمير الكبد لو كان متليفا.
لذا فللوقاية من تليف الكبد يجب الحذر من مسبباته. وأهم ما يمكن اتباعه في هذه
الحالة هو الإقلاع عن شرب الخمور والتدخين، والإقلال من تناول ملح الطعام, مع تعاطي
الفيتامينات المتعددة، وتجنب التناول الزائد لعنصر الحديد. وينصح مريض التليف
الكبدي بتنظيف أسنانه يوميا حتي لا تعتل بغزو البكتريا، وعليه أن يأخذ جرعة وقائية
سنوية من مصل الإنفلونزا، فالإصابة بها تزيد حالته سوءا. وللتعامل مع الاستسقاء
بتناول مدرات للبول أو اتباع البزل بإبرة خاصة لتصفية السوائل، وإعطاء مضادات حيوية
في حالة وجود عدوى بكتيرية بالغشاء البريتوني بالبطن. وللتغلب على احتمال وقوع
النزيف الوريدي نتيجة لارتفاع الضغط البابي يمكن تناول مغلقات بيتا. كما يمكن
للمريض تناول أدوية قابضة للأوعية الدموية لوقف النزيف الفجائي، كما أن هناك تدخلات
جراحية بالمناظير لوقف النزيف. وفي حالة ظهور تأثير على وظائف المخ وخلل في التفكير
يتناول المريض لاكتلوز لمنع تكوين الأمونيا، مع الإقلال من تناول البروتينات. كما
يمكن تناول عقاقير لمحاربة السموم بالدم، مع تجنب المهدئات أو المنومات فقد تزيد
التشوش العقلي سوءا. وقد ينصح الأطباء بزراعة الكبد.
إجراءات وقائية
إذا مرض أحد أفراد الأسرة ماذا نتخذ من احتياطات داخل الأسرة؟
يراعي تجنب المشاركة في استخدام شفرات الحلاقة، وفرش الأسنان، أو
مقصات الأظافر، مع العناية المهمة بالجروح إن حدثت لفرد من أفراد الأسرة، والتخلص
من الإفرازات بطريقة صحية، واستخدام الحقن المعقمة ولمرة واحدة فقط، والتخلص منها
بطريقة صحية. ومن الأفضل استعمال العازل الطبي عند مباشرة العلاقة الزوجة، كما أن
إصابة السيدة لا تحول دون حدوث الحمل، لكن حوالي 6% من المواليد يصابون بالعدوى
أثناء الولادة. ولا يوجد ما يؤكد انتقال الفيروس عبر لبن الأم، لكن من الأهمية
إجراء تحاليل لهؤلاء الرضع بعد عام من الرضاعة. ولا مجال للتأكيد على منع المريض من
التبرع بالدم أو الأعضاء أو الأنسجة. ويبقى أن التحاليل الطبية للكبد مهمة لمن
يتعرض لوخز الإبر عند التعامل مع المرضى ويخالطهم، ولمن أجرى عملية نقل دم ملوث، أو
جراحات الأسنان باستخدام أدوات غير معقمة.
العيش في بيئة صحية ونظيفة، والمحافظة على نمط حياة صحي وسليم ومتوازن
وبعيد عن الإسراف، من أهم أسس الوقاية من العلل والأمراض وبخاصة علل الكبد وأمراضه،
فأصل الأمر في إصلاح الجسد ـ كما يقول ابن المقفع ـ ألا تخمل عليه من المآكل
والمشارب إلا خفافًا. ويبقى التأكيد على أن كفاءة جهازنا المناعي ـ والذي يحمي
صحتنا وعافيتنا ـ ترتبط ارتباطا وثيقا بحالتنا النفسية وعللها: (كضعف الإيمان،
واعتلال المعاملات، والخلود إلى الماديات، وحب السيطرة والتحكم، الغضب والهياج
لأتفه الأسباب، أو الشعور بالعجز واليأس والاكتئاب والإحباط، والخوف من الفشل،
والقلق علي المستقبل، الإجهاد النفسي.. إلخ)، فهذه العلل وغيرها تسبب مزيدا من
المكابدة النفسانية والجسمانية، وهي ليست مؤازرة للكبد في وظائفه
ومهامه.