عزيزي القارئ

عزيزي القارئ
        

رحيل الرواد

          بينما كانت «العربي» تجهز  لهذا العدد،  تواردت الأخبار برحيل شخصيات لعبت أدوارًا مهمة في حياتنا الثقافية، وقد غيرت «العربي» بقدر ما استطاعت في محتوياتها لتقدم ما تيسر عن هؤلاء الراحلين، وتلقي الضوء على إسهاماتهم، وأول الراحلين هو الشيخ عبد العزيز التويجري، الأديب السعودي الذي يعد واحدًا ممن شهدوا مولد المملكة العربية السعودية الحديثة وأسهموا في تأسيسها،  ومن الذين خاضوا معركة التوحيد بجانب العاهل السعودي الكبير الملك عبد العزيز بن سعود، وكان مثقفًا متفتحًا، بالرغم من مشاغله الإدارية العديدة، فقد جعل من بيته منتدىً ثقافيًا يستقبل فيه الأجيال الجديدة، ويناقش معهم كل قضاياهم وهمومهم، كما ألّف عشرة من الكتب أشهرها «لسراة الليل»، وكان له أسلوب أدبي وبلاغي مميز.

          كما رحلت عن عالمنا واحدة من أكبر الشاعرات العربيات، والتي أحدثت ثورة في شكل الشعر العربي مازالت آثارها باقية فيه حتى الآن، كانت الشاعرة نازك الملائكة شاهدًا على زمننا العربي الصعب على مدى 84 عاما، عاشت كل ثورات التحرر العربي، وشاهدت سنوات الاستقلال ، وصعود الحلم القومي ثم انكساره ، وأرغمت على مغادرة العراق حين تحولت هذه الأحلام إلى ذريعة للقتل والإرهاب، ولم تكن ثورة نازك الملائكة على عمود الشعر العربي قادمة من فراغ ، فقد تربّت في أحد بيوت العلم والأدب في العراق، واستقبل أبوها مولدها بقصيدة عصماء، وكانت أمها تنشر القصائد الشعرية في الصحف والمجلات، وبعد أن قضت مراحل تعليمها الأولى في العراق، سافرت للدراسة في أمريكا، حيث انفتحت على جو من الحرية والتجديد الثقافي، وظهر هذا جليًا في ديوانها الأول «عاشقة الليل»، الذي كان حزينًا ومتشائمًا، ثم أصدرت ديوان «شظايا ورماد» الذي احتوى على قصيدة «كوليرا»، التي يعدّها البعض أول قصيدة أخذت شكل الشعر الحر في ثورته على العمودي التقليدي للشعر العربي. وقد اعترفت الشاعرة فيما بعد أن هناك محاولات عدة قد سبقتها في هذا المجال، وإن كان هذا لا يقلل من أهمية الدور الذي قامت به في لفت الأنظار إلى هذا الشكل الجديد.

          إن «العربي» إذ تقدم الرثاء لهذين الراحلين تَعِد بأن تقدم في أعدادها المقبلة دراسات أشمل حولهما .

ويحفل هذا العدد أيضًا بعدد من القضايا الفكرية المهمة، فيكتب رئيس التحرير في افتتاحية هذا العدد عن «التغريب والمعالجة»، وترحل «العربي» إلى الهند لتقدم العديد من الحكايا عن قصورها ومعابدها وعجائبها، كما تقدم حوارًا مع الفنان السعودي المعروف فيصل السمره،  وملفًا عن واحد من أهم الروائيين العرب هو الأديب السوري حنا مينه، ويحفل العدد أيضًا  بالعديد من قضايا الفكر والأدب.

 

المحرر