سيكولوجية مرض السكري

سيكولوجية مرض السكري
        

يقال إن كثيرًا من الشيء الجميل أمر مدهش، ولكن هذه القاعدة لا تنطبق على معدلات الجلوكوز في دم الإنسان glucose in the blood ولكن زيادة معدلاته في الجسم لفترة طويلة من الزمن تؤدي إلى حالة مرضية تسمى hyperglycemia وهي من المؤشرات الدالة على الإصابة بداء السكري.

          مرض السكري أصبح واسع الانتشار في معظم مجتمعات العالم، وهو من الأمراض المزمنة chronic، فهناك 7 ملايين فرد مصاب به في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقدر بأن هناك نحو مثل هذا العدد مصابون به، ولكنهم لا يعلمون بالإصابة، وبالتالي لم تشخص حالاتهم بعد، الأمر الذي يدعو لضرورة  الاهتمام بنشر الوعي الصحي وتوقيع الكشوف والفحوصات والتحاليل الطبية بصورة دورية لتحاشي تراكم أضراره الصحية.

          وتزداد معدلات الإصابة به مع التقدم في العمر عبر حياة الإنسان، وإن كانت النسبة تزيد في منتصف العمر ولدى كبار السن، مقارنة بنسبته بين الأطفال والمراهقين. معدلات الإصابة آخذة في الزيادة بين فئة منتصف العمر، وتوجد زيادة ملحوظة بين إحصاءات عام (1965) وإحصاءات (1992) مشيرة إلى زيادة المعدلات في السنوات الأخيرة. فما الذي طرأ على حياة الإنسان، بحيث أصبح يعاني أكثر من ذي قبل من مرض السكري؟

          ويبدو أنه أحد أمراض الحضارة وهو من الأمراض نفسية النشأة.

          وتدل الإحصاءات الأمريكية على أن هناك نسبة عالية لاحتمالات الوفاة من جراء الإصابة بمرض السكري بين النساء الأمريكيات من أصول إسبانية وإفريقية، ومن السكان الأصليين لأمريكا.

          هذه الفئات في حاجة إلى المزيد من الرعاية الصحية والحماية من خطر الأمراض المزمنة وخاصة مرض السكري، وفي حاجة إلى نشر الوعي الصحي والسلوكي بينهم. وهنا يمكن أن تلعب أجهزة الإعلام دورًا مهمًا في هذا المجال، أي مجال التوعية الصحية.

أنماط السكري

          مرض السكري ليس مرضًا واحدًا أو ليس نمطًا واحدًا، ولكن هناك نوعين رئيسيين منه، ويتطلب كل نمط نوعًا خاصًا من المعالجة، وربما تختلف أسباب الإصابة في كل نمط.

          النمط الأول من مرض السكري يظهر في مرحلة الطفولة أو في مرحلة المراهقة، ولا يمثل سوى نسبة بسيطة من أعداد المرضى تصل إلى 5 - 10? من حالات السكري، ويطلق على هذا النوع الأول والذي يصيب الأطفال والمراهقين اصطلاح مرض السكري المعتمد على الأنسولين IDDM ذلك لأن خلايا البنكرياس تلك التي تفرز هرمون الأنسولين تعجز عن إفرازه، وعلى ذلك فإن المرضى المصابين بهذا النمط من داء السكري يحتاجون إلى حقن الأنسولين لعلاجهم وذلك لحماية المرضى من الآثار والتعقيدات الخطيرة، وأكثر هذه التعقيدات الصحية والحادة والتي تنجم عن نقص الأنسولين في الدم حالة تسمى Keto acidosis وهي حالة تؤدي إلى وجود أحماض دهنية في الدم تقود إلى تعطل وظائف الكلى وعلى ذلك تترسب الفضلات وتسبب تسمم الجسم، وتبدأ أعراض هذه الحالة عند التعرض لحالة شديدة من العطش المزمن والتبول، ويتبع ذلك حالات حادة من الدوخة أو الدوار والميل والقيء مع شعور المريض ببعض الآلام في البطن. ويجد المريض صعوبة في التنفس.

          ولقدأمكن تشخيص ثلث الحالات الجديدة بعد ظهور هذه الأعراض عليهم. وإذا ترك المريض دون معالجة، فإن هذه الحالة تقود إلى الإغماءة أو الوفاة في غضون أيام أوأسابيع قلائل.

          النمط الثاني من مرضى السكري، ويشكل الغالبية الساحقة من مرضى السكري، ويسمى هذا النمط من مرض السكري، السكري الذي لايعتمد على هرمون الأنسولين niddm في هذه الحالة يستمر البنكرياس في إفراز الأنسولين قليلاً.

          ومعالجة هؤلاء المرضى لاحتاج إلى الحقن بالأنسولين. معظم هؤلاء المرضى يستطيعون ضبط معدلات الجلوكوز في أجسامهم دون تعاطي الأنسولين، وذلك عن طريق اتباع أسلوب دقيق في الغذاء أو الوجبات الغذائية، مع تعاطي بعض الأدوية. ومن الممكن أن يظهر هذا النمط من داء السكري في أي سن، ولكن في الغالب يظهر هذا المرض بعد سن الأربعين.

          ولهذا النوع من داء السكري نمطان فرعيان يتوقفان على وزن جسم المريض. معظم مرضى هذا النوع من السكري من ثقيلي الوزن، ويبدو أن أجسامهم تفرز كمية كافية من الأنسولين، وفي بعض الأحيان تزيد معدلات هذا الإفراز عن الوضع الطبيعي، ولكن - مع الأسف - تقوم أجسامهم بمقاومة فعل ضبط الجلوكوز بمعنى وجود الأنسولين مع تعطل وظيفته أو تعطل الجهاز الذي يضبط معدلاته في الدم. أما مرضى هذا النمط من السكري والذين لا تزيد أوزانهم عن الوضع الطبيعي، فإن أجسامهم لاتفرز كمية كافية من الأنسولين. وفي الحالتين يصاب المريض بداء السكري.

          داء السكري عند:
          ثقيلي الوزن
          أصحاب الوزن الطبيعي

          ما الذي يجعل الجسم يقاوم تفعيل الأنسولين؟ مسألة تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث.

أثر الوراثة

          ما الذي يجعل البنكرياس يقلل من إفرازه من هرمون الأنسولين وما الأسباب التي تكمن وراء ذلك؟ هذه الأسباب ليست معروفة على وجه الدقة واليقين.

          ولكن الدراسات التي أجريت على التوائم، وهم أصحاب الاستعدادات الوراثية الواحدة عند الميلاد، أوضحت أن هناك عاملاً وراثيًا أوسببًا وراثيًا ginetic factor يكمن وراء انتقال المرض أو الاستعداد للإصابة به من الآباء والأجداد إلى الذرية. ونتأكد من ذلك من انتقال أحد التوأمين ليعيش في بيئة بعيدة ومختلفة عن شقيقه، ومع ذلك يصابان بالسكري معًا على الرغم من اختلاف الظروف البيئية. في معظم حالات داء السكري يرث الإنسان نوعًا ما من القابلية للمؤثرات البيئية، تلك التي تؤثر في إنتاج أو إفراز الأنسولين، فالمرض في حد ذاته لا ينقل، ولكن القابلية أو الاستعداد للإصابة به إذا ما توافرت الظروف البيئية التي تحركه. الوراثة تقدم الاستعداد أو التهيؤ أو الجذور أو الأصول أو البذور التي تجعلها البيئة تظهر أو لا تظهر. البيئة تقدم المادة الخام أو الاستعداد العام ويبقى دور الظروف البيئية.

أثر الفيروسات

          من ذلك الإصابة بعدوى الفيروسات، ذلك الفيروس الذي يثير جهاز المناعة في الإنسان ليهاجم خلايا البنكرياس.

          وهناك حالات عدة قد تقود إلى الإصابة بالسكري من ذلك ما يلي:

          1 - الوجبات الغذائية التي تحتوي على نسب عالية من السكر والدهون.

          2- التعرض للضغوط النفسية أو الجسمية أو الانفعالات كالقلق والضيق والخوف والحزن والفشل والإحباط.

          3 - زيادة إنتاج نوع من البروتين، ذلك الذي يقوم بإعاقة هضم أو تمثيل السكر والمواد النشوية impairs the metabolism of sugers and carbohydrates.

          ولكن لاتزال القابلية للمرض + البيئة معادلة أو علاقة ليست واضحة تمامًا أمام الباحثين حتى الآن.

          وتدل الإحصاءت على أن هناك نحو نصف مرضى السكري لا يعرفون أنهم مصابون به. وهناك علامات أو مؤشرات تدل أو تنذر بوجود السكري يكفي وجود ثلاث منها لمراجعة الطبيب المختص:

          1 - تبول متكرر كثيرًا جدًا.

          2 - إحساس شديد بالعطش.

          3 - الإحساس الدائم بالجوع حتى بعد تناول الطعام.

          4 - فقدان مفاجئ للوزن.

          5 - الشعور بالتعب بصورة مزمنة.

          6 - أحيانًا رؤية ضبابية blurry vision.

          7 - بطء التئام الجروح.

          8 - الإحساس بوجود تنميل في القدم.

          9 - ارتفاع وزن الجسم بمعدل نصف الوزن الطبيعي.

          ثلاث من هذه العلامات أو ما يزيد عنها تتطلب مراجعة الطبيب، وذلك وفقًا لما قررته جمعية السكر. 

مناهج علاج مرضى السكري

          يستهدف العلاج الطبي لمرضى السكري مساعدة الجسم على الأداء السليم أو إثارة الأنشطة البيولوجية والحيوية السوية من أجل القيام بعملها والاحتفاظ بالمستوى الطبيعي من الجلوكوز في الدم، أي لتمكين الجسم من العمل والاحتفاظ بمستوى جلوكوز الدم في حدود المستويات الطبيعية، بمعنى عدم زيادة الجلوكوز ولا نقصه عن الحدود المطلوبة. يقاس مستوى الجلوكوز في الدم بعد تناول المريض لطعامه بساعات. المعالجات تؤدي إلى تحسن الحالة تحسنًا كبيرًا، والعلاج يستهدف تحقيق التوازن،ويشمل تحديد الغذاء والدواء والتمرينات الرياضية المستمرة والتي تتم تحت الإشراف الطبي.

أساليب علاج السكري تشمل:

          ا - الدواء

          ب - الغذاء

          ح - التمرينات

          ويستطيع مريض السكري أن يبعد عن نفسه مخاطر السكري عن طريق مواظبة العلاج، وتحقيق التوازن فيما يتطلبه جسمه من السكر، ولكن في الحقيقة عدم الالتزام بشروط المعالجة يمثل مشكلة كبيرة لمريض السكري.

          ولقد أجريت بعض الدراسات، وتم تحليل مقدار الالتزام بقواعد المعالجة الدقيقة لمرض السكري، وتبين منها عدم التزام الأغلبية بهذه القواعد من ذلك:

          1 - 80 % من المرضى يتعاطون الأنسولين في ظروف غير صحية.

          2 - 58 % يستخدمون الجرعات الخاطئة من الأنسولين.

          3 - 77 % يقيسون معدلات الجلوكوز بطريقة خاطئة أو يفسرون النتائج بطريقة خاطئة.

          4 - 75 % من هؤلاء المرضى لا يأكلون الطعام الموصوف لهم.

          5 - 75 % لا يأكلون بطريقة منتظمة.

          فأكثر الأخطاء شيوعًا بين هؤلاء المرضى هي حالة تعاطي الأنسولين بصورة خاطئة أو غير صحية (80 %) وأقلها نسبيًا استخدام الجرعات الخاطئة من الأنسولين (58 %) مرضى السكري يحاولون الالتزام بقواعد العلاج، ولكنهم لا ينجحون في ذلك دائمًا. وربما يرجع ذلك إلى اعتمادهم على الأعراض التي يدركونها مثل الدوخة dizziness أو الأحوال النفسية، وذلك في تقدير معدلات جلوكوز الدم عندهم. كثير من مرضى السكري يستطيعون عمل تقديرات عمومية أو مبدئية لمستوى الجلوكوز عندهم على أساس من الأعراض التي يشعرون بها، ولكن هذه التقديرات ليست دقيقة ولا يعتمد عليها.

          ولقد دلت متابعة مجموعات من مرضى السكري من سن 12 حتى 60 عامًا ووجد أنهم يجدون صعوبات في اتباع نظام الغذاء، واتباع تعليمات التمرينات الرياضية، وذلك مقارنة بالجوانب الطبية من المعالجة مثل قياس مستوى الجلوكوز في الدم أو تعاطي الأنسولين في موعده. ومن التقارير الذاتية التي أعطاها هؤلاء لمرضى أنهم اتبعوا جيدًا نظام تعاطي الأنسولين، وكذلك مهمة قياس مستوى الجلوكوز في الدم. ولكن دائمًا التقارير الذاتية التي يدونها الفرد عن نفسه قد لا تكون دقيقة.

          ولقد أجرى أحد الباحثين الأمريكان دراسة شائقة في هذا الصدد، وذلك بأن وضع جهازًا سريًا في جهاز قياس الجلوكوز لمرضى من الراشدين والمراهقين، وفي الوقت نفسه طلب من العينة أن يسجلوا قياسهم. فما الذي أسفرت عنه هذه الدراسة التي قيس فيها مستوى السكر في الدم فعليًا وتلك التقارير الذاتية التي قررتها العينة؟

          لقد أظهرت هذه الدراسة أن كثيرًا من تقارير العينة الذاتية كانت خاطئة ولم تتفق مع تقدير الجهاز الموضوع سريًا memory chips.

          لقد أظهرت هذه الدراسة أن هناك اختبارات أجراها المريض ولم تظهر عنده في روايته، بينما تضمنت التسجيلات معطيات أو معلومات لاختبارات لم يجرها المريض.

          التقارير الذاتية للمرضى تكشف عن:

          - اختبارات يقول إنه أجراها وهو لم يفعل.

          - اختبارات أجراها وينكر أنه أجراها.

          - مثل تقارير الضرائب التي يحررها الممول يزيد من نفقاته ومصروفاته ويقلل من إيرادته. 

العوامل النفسية والاجتماعية

          تظهر الصعوبات النفسية والاجتماعية لمرض السكري في حالة ما يكون المرضى من المتخلفين عقليًا، وفي حالة معيشتهم بمفردهم.

          لا يستطيع مريض السكري المتخلف عقليًا mentally retarded أن يضبط نظام الطعام بنفسه diet. ولقد استطاعت ممرضة لواحدة من هؤلاء المرضى أن تكتب كرتًا لكل وجبة، وعلى هذا الكرت وضعت صورًا للأطعمة وقائمة لشراء هذه الأطعمة، حيث كان هناك كرت لطعام الإفطار والغداء والعشاء. وعلى المريض اختيار الوجبة التي يريدها، ويذهب لشرائها.

          ولقد تبين نجاح هذه الطريقة في ضبط وجبات طعام مرضى السكري من المتخلفين عقليًا.

          ولكن يصعب فهم نتائج معدلات سكر الدم حتى بالنسبة للمرضى الأسوياء، مثل هذا الأمر يحتاج إلى شيء من الشرح. إذا كانت خطة العلاج معقدة، فإنه يصعب الالتزام بها أو اتباعها. وحيث إن الالتزام بخطة العلاج يجب أن يستمر لسنوات عدة وعلى ذلك يلزم تعديل أسلوب حياة المريض lifestyle لأغراض تفوق مجرد الشفاء من المرض بل الحماية الصحية الشاملة.

          الالتزام بالقواعد الصحية يكفل تمتع الفرد بالصحة الجيدة. من بين عوامل الشفاء ما يلقاه المريض من الدعم الاجتماعي، وما يتمتع به من الكفاءة الذاتية. ولقد كشفت بعض الدراسات الأمريكية عن أن المرضى إذا تلقوا العون الاجتماعي فإنهم يكونون أكثر التزامًا بقواعد العلاج.

          وكما هو متوقع فإن تعرض مريض السكري للضغط النفسي يعوق تحكم المريض في معدلات السكر في دمه. وعندما يقع المريض تحت الضغط النفسي، فإن الغدة الأدرينالية يزداد إفرازها. ويتعين توفير البرامج التي تكفل الوقاية من الإصابة بكل الأمراض وليس فقط علاج الحالات المصابة فعلاً.

          كلما زادت المساعدة الاجتماعية أدى ذلك إلى تحسين الالتزام

          فمن العوامل المهمة في العلاج العون الاجتماعي، والكفاءة الذاتية لدى المريض. لقد دلت بعض الدراسات الأمريكية على أن توفر المساعدة الاجتماعية يساعد في التزام المريض بقواعد العلاج أي الاحتفاظ بالمستوى الطبيعي للسكر في الدم.

          الكفاءة الذاتية ترتبط بما يلقاه المريض من العون الاجتماعي والالتزام بشروط العلاج وضبط معدلات السكر، أما معاناة المريض من الضغوط النفسية، فإنها تعرقل قدرته على ضبط معدلات السكر في دمه وتعرض المريض للضغوط النفسية، وهو ما يزيد من إفراز الغدة الأدرينالية the adrenal glands، وكذلك من الكورتزول cortisol إلى مجاري الدم bloods streans، هذا الهرمون يجعل البنكرياس يقلل من إفرازه الأنسولين، كما أن هذا الكورتزول يجعل الكبد يزيد من إنتاج الكلوكوز، كما يجعل أنسجة الجسم تقلل من استهلاكها من السكر.

          هذه بعض ردود الفعل الكيميائية للتعرض للضغط. رد الفعل الحيوي الكيميائي هذا للضغوط يضر بحالة توازن السكر glucose regulation ويؤثر الضغط في معدلات السكر بطريقة غير مباشرة كذلك، عن طريق عدم التزام أو طاعة المريض لتعليمات العلاج.

          وفي الحياة اليومية يجد الإنسان كثيرًا من العوامل التي تعوق التزامه بشروط المعالجة، فقد يشعر مريض السكري بالحرج من قياس معدلات السكر في الدم في مقر عمله ووسط رؤسائه وزملائه أو في الجامعة أو المدرسة. وقد ينسى المريض أن يأخذ معه أدوات القياس، أو قد يجد المريض صعوبة في الاستيقاظ في عطلة نهاية الأسبوع في الصباح لأخذ الحقنة المطلوبة في موعدها المحدد. وقد يخطئ المريض في تحديد نوع الطعام الذي يتعين عليه أن يتناوله.

          وقد يحدث أن يزداد وزن المريض بصورة مؤقتة عندما يضبط معدلات السكر في دمه، ولكن هناك بعض النساء لا يرغبن في زيادة الوزن، وعلى ذلك لايأخذن حقنة الأنسولين المطلوبة خوفًا من السمنة. كذلك قد تظهر بعض المشكلات في تحديد نوعية الغذاء إذا كان ذلك يتعارض مع عادات الغذاء التي تعوّد عليها المريض، وخاصة لدى بعض أبناء السلالات العرقية الخاصة.

          وقد لا يستطيع المريض تناول الشاي أو القهوة في البداية من دون سكر إطلاقًا. وقد تتأثر معدلات السكر في الدم من جراء التعرض للضغط. وحيث إن مرض السكري نفسه ليس مؤلمًا، فقد يشعر المريض أن اتباع قواعد العلاج ليس أمرًا مهمًا. وهناك حالات يصعب فيها اتباع  خطوات العلاج، وذلك عندما يختلف هدف الطبيب عن هدف المريض نفسه. فقد يستهدف الطبيب علاج الطفل المصاب بالسكري ومنع إصابته على المدى البعيد أي يرغب في وقايته، بينما قد يتطلب الآباء مجرد تحسن حالة الطفل في الوقت الراهن ورؤية هذا التحسن يوميًا.

التعامل مع الطفل المصاب

          معظم الأسر تستطيع أن تتوافق مع الطفل المريض بالسكري، ولكن هناك بعض الضغوط التي قد تستمر، من ذلك أخذ الطفل لإجراء عدة فحوص طبية وإجراء اختبار الجلوكوز عليه، وإعطاؤه الحقنة، وترتيب ضبط وجباته الغذائية dietary adjustment عن طريق إعداد وجبات خاصة للطفل أو تعديل كل طعام الأسرة، والآباء يشعرون بالقلق حول مستقبل صحة الابن أكثر مما يشعر الطفل نفسه. الآباء يخشون عليه من تعديلات مرض السكري. الأطفال الصغار حتى سن عشر سنوات لا يفهمون حالتهم الصحية، وأنها عبارة عن مشكلة طويلة الأمد، ولا يفهم الطفل كيف أن علاجه أمر ضروري وحتمي. ولا يستطيع  أن يرى نفسه مختلفًا كثيرًا عن غيره من الأطفال.

          هؤلاء الأطفال لا يبدون مختلفين عن غيرهم خلافًا للمرضى بأمراض أخرى غير السكري، كذلك فإنهم لا يشعرون بالألم، الأمر الذي يختلفون فيه عن بقية الأطفال هو القيود الموضوعة على غذائهم وأنواعه، وحاجتهم إلى عمل توازن بين مدخلات السكر والتدريبات والتحكم في معدلات السكر بصفة يومية وتعاطي حقن الأنسولين. وهي أمور يكرهها الأطفال. ومعظم هذه الإجراءات من الممكن القيام بها في المنزل أو في العيادات الخاصة.

          علاج أطفال السكري مسئولية الآباء. ولكن متى يستطيع الطفل أن يتحمل قدرًا من إجراءات علاجه؟ الطفل بعد الثامنة من العمر يستطيع أن يختار بنفسه غذاءه المناسب، وأن يعطي لنفسه الحقنة في سن التاسعة أو العاشرة، وأن يجري اختبار الجلوكوز في سن 12 عامًآ. الآباء يوافقون على تحمل الطفل مسئولية إجراءات العلاج بعد سن 12 عاما. ولكن لوحظ أن الطفل في مرحلة المراهقة لا يطبق إجراءات علاج السكري على النحو المطلوب. وقد تتدخل الهرمونات الجديدة في جسم المراهق بعد البلوغ في عدم ضبط معدلات السكر في الدم. ولكن الأطفال والمراهقين يشعرون بنوع من التشاؤم إزاء مستقبلهم الصحي ولا يشعرون بالثقة في هذا المستقبل. ولقد وجد أن الالتزام بالعلاج في مرحلة المراهقة يرتبط بارتفاع الشعور باحترام الذات ولدى أصحاب الكفاءة الاجتماعية.

          ومع وجود علاقات جيدة مع الآباء والأطفال الذين لا يشعرون بالثقة في أنفسهم قد لا يهتمون برعاية أنفسهم ربما لأنهم يرغبون في أن يظهروا مختلفين عن غيرهم من الأطفال.

          مريض السكري، أيًا كان عمره، يحتاج إلى تعلم رعاية نفسه ويتضمن ذلك أربعة عناصر هي:

          1 - التحكم بنفسه في مقدار الجلوكوز في الدم.

          2 - تعاطي الأنسولين أو غيره من المعالجات.

          3 - التحكم في نوعية وكمية الغذاء.

          4 - ممارسة التمرينات الرياضية.

          يتعرف المريض على مقدار السكر عن طريق قياسه إما في البول أو في الدم أو فيهما معًا، ويتطلب الأمر إجراء هذا القياس يوميًا أو أربع مرات في اليوم في بعض الحالات.

عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ
يُبَارِينَ الأعِنّة َ مُصْعِدَاتٍ عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ


حسان بن ثابت

 

عبدالرحمن محمد العيسوى   





جهاز شخصي لقياس نسبة السكري في الدم