الثقافة المضادة وصراع الأجيال.. د. أحمد أبوزيد

الثقافة المضادة وصراع الأجيال.. د. أحمد أبوزيد
        

الثقافة المضادة ليست فقط تعبيرًا عن الرفض والاحتجاج، ولكنها رغبة في التغيير، وتعبير عن الطموحات والآمال، التي يراد تحقيقها في المستقبل.

          يعتبر النصف الثاني من القرن العشرين فترة تمرد ثقافي على الأوضاع السياسية والاقتصادية والقيم المتوارثة التي كانت تسود الدول الغربية وتفرض نفسها بقوة على الأجيال الشابة الصاعدة التي كانت تميل إلى مناقشة كل شيء وإخضاعه للنقد والتحليل من منطلق الشعور بحق لفرد في قبول أو رفض مايتلاءم أو يتعارض مع حريته الشخصية التي تتطلب حق الاختيار. وقد حملت أجيال الشباب ألوية هذا التمرد والرفض وبلغت حدة التعبير عن تلك المواقف الرافضة ذروتها في الستينيات وأوائل السبعينيات بوجه خاص، وعرفت في بعض الأوساط وبخاصة في فرنسا بثورة الطلاب  نظرًا لاشتداد حدة التمرد في الجامعات (عام 1968) وشملت الثورة على النظم الحاكمة والسلطات الأكاديمية المتحكمة في اختيار مواد ومقررات الدراسة بغير اعتبار لرغبات وآراء الطلاب وتطلعاتهم ونظرتهم إلى احتياجات المستقبل الذي سوف يعيشونه هم وليس الذين يضعون تلك الخطط والبرامج والمقررات الدراسية. بل إن حركة التمرد والرفض امتدت إلى أساليب السلوك وأنماط القيم وأنساق العلاقات الاجتماعية السائدة وظهرت اتجاهات جديدة في الفن وطريقة اللبس والإقبال على ممارسات كان المجتمع يرفضها ويستنكرها مثل تعاطي المخدرات والتحرر في العلاقات الجنسية والإعلان عن الشذوذ الجنسي والموسيقى الصاخبة والرقص الجماعي المتحرر من كل القيود والمبادئ والقواعد المنظمة .

          وقد شاع استخدام مصطلح الثقافة المضادة للإشارة إلى هذه الحركات المتمردة بعد أن نشر تيودور روزاك  Theodore Roszak  كتابه الشهيرعن هذه الحركة/الظاهرة بعنوان The Making of A Counter    Culture: Reflections on the Technocratic Society and its Youthful Opposition وذلك في عام 1969. ولم تكن هذه الحركات الصاخبة مجرد تعبير عن الرفض والاحتجاج، بل تدعو إلى قيام ثقافة بديلة  تتلاءم مع الأوضاع المستجدة، التي أخذت بوادرها تظهر والتي يجب أن تسود في عالم الغد.

          وليس ثمة شك في أن حركة الثقافة  المضادة تأثرت بآراء وأفكار مجموعة الكتاب والشعراء الذين يعرفون باسم Beat Writers أو الكتّاب المتمردين - كما أفضل ترجمة ذلك المصطلح - وكذلك إبداعاتهم الفنية وأغانيهم وموسيقاهم الشعبية التي بدأت تنتشر على نطاق واسع بين الشباب منذ الخمسينيات معبرة عن مشاعر الشك والغضب والحيرة والألم والأسى، بل والبهجة العارمة أحيانا التي كانت تتزاحم وتتصارع في نفوس الشباب في ذلك الحين إزاء الأوضاع القائمة في المجتمع الأمريكى  من ناحية والشكوك التي كانت تراود عقولهم حول مستقبلهم الذى تخيم عليه أشباح الحروب والتدخلات العسكرية الأمريكية في شئون الدول الأخرى كما هو الحال في حرب فييتنام، وذلك فضلا عن أن نظم ومقررات الدراسة في الجامعات لم تكن تؤهلهم - من وجهة نظرهم - لمستقبل عملي ناجح ومثمر يشبع تطلعاتهم وطموحاتهم ويضمن لهم الحياة المستقرة، بالرغم من كل مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي الذى كانت عليه الولايات المتحدة في تلك الفترة.

          فحركة الثقافة المضادة ظهرت إذن كنوع من رد الفعل ضد المعايير، التي سادت في الخمسينيات في العالم الغربي  وبخاصة في المجتمع الأمريكي الذي كان يعاني من بعض الأزمات الناشئة عن سياسة الفصل العنصري، وحرب فييتنام واشتداد الدعوة إلى احترام  الحقوق المدنية وحقوق المرأة  والمناداة بالتالي بضرورة قيام معايير أخلاقية جديدة ترفض (نفاق) الثقافة المادية التي تنسب لنفسها الإيمان بقيم لا تطبقها في الحياة اليومية الواقعية، وبحيث تعتمد هذه المعايير الأخلاقية الجديدة على الممارسة الواقعية والتجربة الشخصية في مختلف المجالات دون أن تتعرض للحظر أو المنع من جانب مَن يتصورون أن لهم الحق في التدخل في شئون الآخرين من موقع السلطة والهيمنة.

          والمهم في هذا كله، هو أن الثقافة المضادة تشير إلى حركة تعبّر عن موقف فكري أو حالة ذهنية وحياتية رافضة للمعايير الاجتماعية والأوضاع السياسية المحافظة، التي تنشر التوتر والقهر والضغوط المرتبطة بالحرب الباردة والتدخل العسكري الذى تعتبر الحرب في فييتنام النموذج الصارخ لها، ولذا يرى بعض المفكرين أن الثقافة المضادة هي الإرث الطبيعي الذي تسلمته الأجيال المتمردة الصاخبة التي نشأت في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات، وبلغت مرحلة الشباب في الستينيات، وأصبحت على درجة كافية من النضج والوعي بالحقوق المدنية للفرد وضرورة التخلص من الأوضاع السالبة للحرية الفردية، مع افتراض أن الثقافة الغربية الحديثة يجب أن تكون ثقافة ذات قيم محايدة لا تفرض أية تعاليم أو قواعد صارمة أو جامدة على حرية الفرد على أساس أنه ليس من حق أي إنسان أن يرسم الطريق الذي ينبغي على غيره السير فيه والالتزام بقواعد المرور المحددة لهذا الطريق. فليس هناك إذن حقائق أخلاقية مطلقة على مايقول رالف ليفي Ralph Levy في (عدد مايو / يونيو 2002)  من مجلة Good News، التي تصف نفسها بأنها مجلة للفهم أو التفاهم A Magazine of  Understanding وقد أمكن لإحدى الباحثاث في مجال الدراسات الأنثروبولوجية وهي جنترى آندرز  Jentri Anders أن ترصد عددًا من (الحريات) الطريفة، التي ينادي بها أنصار الثقافة المضادة مثل حرية الكشف عن القدرات الكامنة التي يتمتع بها الفرد وحرية التجريب في مختلف نواحي الحياة دون اعتراض أو احتجاج من الآخرين وحرية رفض الدور والمكانة الاجتماعية، التي تحددها للفرد الاعتبارات الاجتماعية البالية، وضرورة تعديل نظم تعليم الأطفال بما يحقق لهم الفرصة للتذوق الفني والجمالي، وحب الطبيعة، وعشق الموسيقى، واستقلال الشخصية عن كل المؤثرات الخارجية التي تفرض معايير وقيما قديمة لم تعد تتلاءم مع العصر وهكذا . 

النهضة المضادة

          هناك في الواقع أكثر من ثقافة مضادة واحدة. بل إنه يمكن القول إن كل مجتمع كانت له في فترة من تاريخه ثقافته المضادة الخاصة به والتي تعبر عن الاحتجاج والتمرد والرفض لما هو قائم . ولكن لم يتح لأى من هذه الحركات الثقافية المضادة أن تنتشر خارج حدود المجتمع الذي انبثقت منه وذلك على عكس ماحدث للثقافة المضادة، التي انفجرت في الستينيات في معظم أنحاء العالم وساعد على انتشار أحداثها ومبادئها وسرعة التجاوب والتعاطف معها التقدم التكنولوجي في مجال الاتصال والاستعداد الذهني لدى الشباب في العالم للتمرد والتعبير عن مشاعر الإحباط التي يعانون منها إزاء الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتردية في العالم بشكل عام والشعور بالقهر المفروض عليهم من القوى الضاغطة سواء على مستوى العائلة أم الجامعة أم الدولة وهي قوى متسلطة بشكل أو بآخر تحرمهم من حرية الحركة والاختيار والتعبير عن أنفسهم وعن نزعاتهم وأفكارهم، التي تختلف بالضرورة وبحكم اختلاف الظروف عن كثير من المسلمات التي تؤمن بها الأجيال السابقة عليهم.

          وتتفق كل هذه الحركات في رفض الواقع السائد الذي لايستجيب لمتطلبات واحتياجات وتطلعات الأجيال الصاعدة وتصوراتها الخاصة عن المستقبل. ولم يشذعن ذلك التوجه العام الحركات الثقافية المضادة، التي شهدتها بعض دول العالم الثالث التي حصلت على استقلالها في الستينيات وهي الفترة التي شاهدت ثورة الطلاب وتأجج حركة الثقافة المضادة في الغرب، وإن كانت حركات التمرد والرفض في هذه الدول اتجهت أصلا نحو رفض الثقافة الغربية التي فرضها الغرب الاستعماري على الشعوب التي أخضعها بقوة السلاح، ولذا اتخذت تلك الحركات الثقافية المضادة في المجتمعات النامية شكل الدعوة إلى (العودة إلى النظام Back to Order ) بكل مايتطلبه ذلك من إحياء قيم الماضي وتراثه وأوضاعه، التي تعطيها شخصيتها وهويتها الثقافية المتمايزة، التي خضعت للتشويه والازدراء تحت الحكم الاستعماري وتأثيراته الثقافية، وذلك بالرغم من المخاطر الثقافية، التي تحملها في ثناياها مثل هذه الدعوة.

          في إفريقيا - مثلا - أخذت الحركة اسم النهضة المضادة  Counter Renaissance لدرجة أن ظهرت مع بداية القرن الحالي في جنوب إفريقيا مجلة تحمل هذا الاسم، وتتخذ شعارًا لها (مجلة يكتبها الشباب للشباب) وتنادي بأن الاستعمار السياسي فرض قيودًا على الفكر وعلى الإنتاج الثقافي، الذي يعتبر ثروة يمكن استغلالها في تحقيق التقدم في مختلف مجالات الحياة بما في ذلك الإعلاء من شأن الفرد، وتحقيق كرامته الإنسانية. فعن طريق الغزو العسكري والتسلط السياسي تمكن الغرب من  احتلال واستعمار العقل الإفريقي (وليس فقط الأرض الإفريقية) وفرض القيود الشديدة المحكمة على الثقافة التقليدية الأصيلة، ومنعها بذلك من التطور وتحقيق التقدم بطريقتها الخاصة، كما حظر استخدام اللغات الوطنية، وفرض على شعوبها تصورات محددة عن أنفسهم وعن قدراتهم وإمكاناتهم الذهنية وعن علاقتهم بالعالم الخارجي مثلما عمل على تشويه التاريخ وتفريغه من محتواه الثقافي والإنساني وغرس الكراهية لذلك التاريخ في نفوس الأجيال الجديدة وتوجيهها نحو التوحد مع الثقافة الغربية، والقول السائد لدى أنصار النهضة المضادة هو (شعب بلا تاريخ.... مركبة بدون محرك ). ولذا فلابد من البحث عن الجوانب الإيجابية في الثقافة التقليدية وتقويتها وتطويرها، وعدم الانصياع الأعمى لدعاوى الغرب أو ثقافته التي يجب إخضاعها للنقد الشديد الذي قد يؤدي إلى رفض جوانب كثيرة منها لتعارضها مع مبادئ الإنسانية.

          وبالرغم من كل ما قد يقال عن أن حركة النهضة المضادة هي ردة إلى الوراء، ودعوة إلى التخلف عن طريق إحياء الماضي التقليدي الذي تجاوزه التقدم العلمي والتكنولوجي والأوضاع السياسية والاقتصادية في كل أنحاء العالم، فإن هذه النهضة المضادة لاتختلف في جوهرها وأهدافها ومراميها ومتطلباتها عن حركة الثقافة المضادة الغربية إذ تنطلق كلتا الحركتين عن التمرد والرفض للسلطة بكل أشكالها وأنواعها والدعوة إلى التحرر من سطوة الأوضاع القائمة على الاستبداد بالرأي كما تعنى بالبحث عن الهوية المتميزة المستقلة وحرية التعبير واتخاذ القرار، وإن كانت هناك شكوك حقيقية حول إمكان تحقيق ذلك في العالم الثالث.

اتساع الفجوة بين الأجيال

          وبالرغم من كل ماتسببه الدعوة إلى الثقافة المضادة من متاعب للسلطات الحاكمة في الغرب والجهود المبذولة لاحتوائها والتشكيك في مراميها وأهدافها، بل والعمل على إخمادها والقضاء عليها تمامًا، إذا أمكن تصويرها على أنها تمثل تهديدًا للاستقرار الاجتماعى، فإن هناك من المفكرين مَن يرى في هذه التوجهات المتمردة  قوة دافعة للتغيير والخروج من أوضاع السيطرة والتحكم التي تحرم الأفراد - وأحيانًا جماعات الأقليات - من حقوقهم المدنية . فالثقافة المضادة لا تنحصر دعاواها في المناداة بالتحرر السلوكي الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الانحراف والخروج على القيم الاجتماعية والأخلاقية الراسخة، وإنما هي رؤية للحياة تعلي من شأن الفرد، والاعتراف بحقه الطبيعي في ممارسة الحرية، التي تحقق له آدميته الكاملة وتساعده على مواجهة الغد بكل تعقيداته ومشكلاته.. إنها مؤشر وعلامة على الرغبة في التغيير الذي يؤدي إلى التقدم والتحرر من كل القيود المعوقة مع الاعتراف بالحقوق المدنية للفئات المضطهدة والمغلوبة على أمرها كما أنها ثورة ضد الحروب والتدخلات العسكرية، التي تميز اتجاهات الحضارة الغربية إزاء الشعوب الأخرى، ودعوة لإتاحة الفرصة لظهور أنماط جديدة من القيم، التي يجب فهمها في سياقاتها الاجتماعية الصحيحة، وعدم التسرّع في الحكم عليها من زاوية النظرة المحافظة القديمة، التي تحرص على إبقاء الأمور على ما هي عليه. إنها مؤشر ومقياس واضح لمدى اتساع الفجوة بين الأجيال .. فللثقافة المضادة إذن أبعادها الاجتماعية والفلسفية العريضة المتمردة على العقلية التكنولوجية كما يقول تيودور روزاك، وقد أفلحت بذلك التوجه الاجتماعي والفلسفي في تحويل الصراع الطبقي إلى صراع بين الأجيال كما تبشر بفكرة أن الشباب هم الأمل في قيام عالم جديد له رؤيته الخاصة المتميزة، التي ترفض السيطرة والتسلط  والحروب  وتدعو إلى السلام . وقد يرى البعض في ذلك انكسارًا في سير الأمور، وظهور مرحلة جديدة تمامًا في تاريخ الجنس البشري تتميز بالثورة ضد المجتمع التكنولوجي الغني ماديًا، بل والمغرق في المادية والثراء والتسلط، ولكن يبدو أن الأمور تسير في هذا الاتجاه بالرغم من كل الصعوبات والعوائق.

          وأيًا ما يكون الأمر، فالثقافة المضادة ظاهرة راسخة في كل مراحل التاريخ البشري، مع تباين في القدرة على التأثير والتغيير والقبول والانتشار. فهي ظاهرة تاريخية أصيلة ارتبطت بظهور الأفراد والجماعات، التي تتحدى وتتعدى وتتجاوز كل (التابوات) التي يفرضها المجتمع أو العصر، والتي تضع قيودًا على الفكر والسلوك والحريات الشخصية، وتمنع الفكر من الانطلاق، وتقيّد القدرة على الإبداع الخلاق، وارتياد مجالات جديدة في الحياة.

          وقد تكون هناك صعوبات في تحديد المسارات التي تسير فيها أو التي يتوقع أن تسير فيها هذه الحركات، إذ تتخذ كل حركة طريقها الخاص نحو إجراء التغيير، وهذا هو أحد مميزات بل ومتطلبات التمرّد الخلاّق الذي يفترض أن تهدف الثقافات المضادة إلى تحقيقه على أرض الواقع.

التطور والتغيير

          والطريف في الأمر هو أن بعض المفكرين يرون أن هذه الحركات الثقافية المضادة - وشأنها في ذلك شأن الحركات السياسية الناشطة - تتمتع بقوة وفاعلية في إحداث التغيير الاجتماعي تفوق قدرات كل التكنولوجيات الحديثة، ربما باستثناء الإنترنت القادر على حمل الأفكار المؤثرة والثائرة، ونشرها على أوسع نطاق يمكن تصوّره دون عناء، أو مقاومة من السلطات التي تزعجها الثقافة المضادة فتعمل جاهدة على وأدها. فالثقافة المضادة ترتكز على مبدأ أن لكل عصر أفكاره ورؤاه الخاصة، التي ينبغي احترامها، وأن الفكر الحي فكر تطوري، من حقه أن يتمرّد على الفكر السابق، لأن هذا التمرد هو السبيل الوحيد لإحراز التقدم. ولكننا نجد على الجانب الآخر أن أنصار النهضة المضادة يتشككون في إمكان تحقيق أهداف الحركة في ظل الحكومات والنظم القائمة في العالم الثالث، التي هي في حقيقتها امتداد للاستعمار الغربى القائم على القهر، وكبت التفكير الحر وحبسه في قوالب حديدية جامدة تمنعه من الانطلاق والتحليق في سماء النقد والتمرد والرفض. وهذه مسألة تحتاج إلى المناقشة الجادة والواعية.

***

          في إحدى أغنياته الذائعة والمعبّرة، يقول المغني الموسيقار الأمريكي بوب ديلان، الذي يعتبر أحد أعلام حركة التمرد:

          تعالوا أيها الآباء والأمهات من كل أنحاء الأرض

          لا توجّهوا النقد لما لاتفهمونه

          أبناؤكم وبناتكم تجاوزوا تعليماتكم وأخرجوا عليها

          فالطريق القديم الذي تسيرون فيه يتغير بسرعة

          ابتعدوا تمامًا عن الطريق الجديد إن لم تستطيعوا السير فيه

          فالزمن يتغير بسرعة رهيبة.

 

أحمد أبوزيد