الرايخ الثالث في السلطة

كتاب «من سوانح الذكريات» للشيخ حمد بن محمد الجاسر
        

          صدر عن دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر بالمملكة العربية السعودية، وبإشراف مركز حمد الجاسر الثقافي كتاب «من سوانح الذكريات»، ويشتمل على مذكرات للشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - كان قد نشرها في«المجلة العربية» تباعًا. وأضيفت إليها تلك الحلقات والمقاطع التي لم تنشر في حينها لأسباب رقابية. وقد قام الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الشبيلي بإعداد هذا السفر القيم للنشر بكل ما يتطلبه الأمر من مراجعة دقيقة، وتتبّع لكل ما يتصل بموضوع هذه المذكرات، مع إضافة التعليقات المناسبة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قام الدكتور الشبيلي باستكمال مادة الكتاب من خلال مادة إضافية عثر عليها خلال الفترة التي أمضاها في البحث، وهي ثلاث حلقات كان قد أعدها الشيخ حمد للنشر، قبل وفاته، ولم تُنشر، وقد أضيفت في ملاحق الكتاب تحت عنوان «من فائت السوانح» و«البوارح بعد السوانح». وأضيفت إلى الكتاب أيضًا مجموعة من الصور والوثائق التي لم تنشر من قبل. وقد صدر الكتاب عام 2006م في مجلدين كبيرين، عدد صفحاتهما 1152 صفحة.

          لا يعد الكتاب الذي بين أيدينا سيرة شخصية فقط، بل شهادة عيان لقرن من الزمان فيه تفصيل لأحداث عبرت بالمملكة العربية السعودية، وتعدت آثارها إلى مختلف أرجاء شبه الجزيرة العربية، فتضمنت أحداثًا تاريخية وظروفًا اجتماعية مختلفة، وما كانت عليه هذه البلاد قبل ظهور النفط، وكيف تبدّلت أحوالها، وما صاحب ذلك من أمور وتحديات لا نجد تفصيلاتها في كتب التاريخ المعاصرة التي كتبت عن تلك الفترة.

          وصف الشيخ حمد قسوة الحياة في بادية نجد، وما جرّه ذلك من أمور دفعت الحاجة أبناء البادية إليها، كما وصف معاناة أهل القرى في علاقتهم بأبناء البادية، ومما أنعم الله على هذه البلاد من أمن واطمئنان بتوحيد أجزائها، وبالتأليف بين سكانها بروابط الأخوّة، وأواصر المحبة منذ استقرار الأمر لموحد أجزاء هذه المملكة الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه -.

          وتشتمل السوانح على أوصاف دقيقة لبعض القرى والمدن ومعالمها القديمة، ومن ذلك وصفه قصر الحكم في الرياض وما يتصل به من مرافق المدينة كالمسجد والأسواق والساحات ومزارع النخيل، والشيخ حمد في كل مرة يصف تلك المعالم كان كمن يصف مسرح الأحداث التي يسردها بعد ذلك، ليكون القارئ على بيّنة كاملة وأمام صورة واضحة ومجسّمة للأحداث المذكورة.

          وفي السوانح تواريخ تُذكر تفصيلاتها لأول مرة حول نشأة المعهد الإسلامي السعودي في مكة، وبداية التعليم الحديث، وتاريخ القضاء، ونشأة الصحافة في الرياض، وبداية الطباعة في هذه المدينة. ومن خلال تنقّل صاحبها ما بين قريته في البرود إلى الرياض والإحساء ومكة وينبع والمدينة المنورة وجدة، وكذلك رحلاته إلى الكويت وبغداد ودمشق، وابتعاثه للدراسة في القاهرة - نلتقي معه بعشرات الأسماء من العلماء والأدباء الذين التقى بهم، أو الكتب والمخطوطات التي اطّلع عليها وتصفّحها، وكثير من ذلك كله قد اختفى ولم يعد موجودًا في مظانّه القديمة.

كتاب موسوعي

          فأيّ كتاب موسوعي، هذا الذي جمع بين أيدينا هذه الخواطر، بما اشتملت عليه من سيرة ذاتية سجلها المغفور له الشيخ حمد بقلمه في حياته، فأصبحت الآن تراثًا فكريًا غنيًا بالمعرفة والخبرة والتجربة العميقة مع إلمام واف بطبيعة الحياة وظروفها، والمناخات الإقليمية المحيطة بها، كما أصبحت كذلك معرضًا عامرًا بألوان النشاط في الحياة العلمية والعملية لصاحبها، فضلاً عمّا تكشف عنه من علوّ همة، وسموّ نفس، وغزارة إنتاج وعطاء في مجال البحث والتأليف والطباعة والنشر والصحافة والإعلام، هذا إلى جانب ما كان من علاقته المباشرة بالتطور الهائل الذي حققته المملكة العربية السعودية في القرن الماضي، وما كان له في ذلك من دور لا ينكر الآن.

          وكل هذه أمور سيطول بنا الحديث عنها لو وقفنا عند كثير منها، فهي غزيرة كغزارة علم الشيخ حمد الجاسر، ومعرفته الموسوعية، التي أشرنا إليها.

          ومن ثم سنكتفي بالتوقف عند بعض السوانح، التي تثير في النفس بعض الأمور، التي يجب على المرء أن يتعرّف عليها، منها ما هو متعلق بالشخصيات التي كان لها أثرها في تكوين شخصية الشيخ حمد، أو الأحداث التي أدت إلى اتجاهه نحو الاهتمام في بحث المواضع المتعلقة بشبه الجزيرة العربية. ومنها ما هو متعلق بالظروف الاجتماعية في نجد مقارنة بما هو موجود على ساحل الخليج العربي.

          أولاً: لقد بدأ الشيخ حمد حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم، ودراسة العلوم الشرعية. وكان شأنه شأن كثيرين في عهده ينظرون إلى العلوم العصرية نظرة تختلف عن نظرتنا اليوم، وكان من الممكن أن يقتصر على هذا التوجه دون أن يتحول من تلك الثقافة المحدودة إلى الثقافة الموسوعية، التي أهّلته ليحتل المكانة الكبيرة التي احتلها في ما بعد. وينسب الشيخ حمد الفضل في ذلك إلى الشيخ عبدالله السليمان المزروع المتوفى عام 5831هـ/5691م ، فقد تعرّف عليه خلال فترة دراسته في المعهد الإسلامي السعودي أو المعهد العلمي السعودي، كما أصبح اسمه في ما بعد، وذلك بعد انضمامه إلى ذلك المعهد في عام 9431هـ/0391م.

          وقد كان عبدالله المزروع أحد المسئولين عن دار الضيافة في مكة. يقول عنه الشيخ حمد: إنه قبل أن يقرأ أو يسمع بخبر صدور كتاب، أو نشر مقال ذي إثارة في صحيفة، إلا وكان من أوائل مَن يقتني ذلك الكتاب، أو يطّلع على ذلك المقال، ويشرك إخوانه باطّلاعهم على ذلك، وما وفد أديب أو شاعر أو صحفي أو سياسي معروف إلا ورأيت الشيخ عبدالله المزروع ملتفّا به التفاف المساعد المعرّف به، وكان له من لطف الهندام، وحسن المظهر ما يهيئ له ذلك، كما كان ذا اتصال بالوجهاء والأعيان من مختلف الطبقات، وكثيرًا ما كان يحمل معه دفترًا يقدمه إلى ذلك العالم أو السياسي أو المفكر ليسجل فيه ما يوجهه من نصائح لبني أمته. لقد أخذ من الثقافة بطرف ومن المعرفة بنصيب.

عالم من المعرفة

          ويستطرد الشيخ حمد في ذكر فضائل الرجل وحضوره في المناسبات الثقافية والعلمية وحبه للخير وقربه من قلوب الناس جميعًا لدماثة خلقه وصفاء نفسه، ثم يذكر بالتقدير والعرفان ما أفاده من ذلك الرجل فيقول: لقد فتح لي نافذة أطل منها على آفاق رحبة من عالم كنت أجهله الجهل كله، إنه عالم المعرفة الذي يتغذى بروافد من الثقافة الحديثة، مما تزخر به هذه المؤلفات، والمجلات والجرائد، ومن اتصال مباشر برجال الفكر والأدب، ومن حضور مجتمعات وندوات، وكل ذلك مما لا عهد لي به، وكنت أنظر إلى بعضه نظرة نفور واشمئزاز بما رسخ في ذهني من أن المعرفة الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة محصورة في ما خلّفه لنا سلفنا الصالح وما عداه لا خير فيه، وكان هذا الرجل بالنسبة لي لا يكتفي بإعارتي ما أرغب في مطالعته، بل يقدم لي ما يتوخى أنني بحاجة إلى الاستفادة منه، ويقرر الشيخ حمد في نهاية حديثه المطوّل عنه فيقول: إنه كان ذا أثر في اتجاهي الثقافي هذه الوجهة، التي لا أملك حيال سيطرتها عليّ إلا الاعتراف بفضله، وبفضل احتكاكي في أثناء إقامتي في مكة بخيرة أدبائها وكبار مثقفيها، الذين نمّوا ذلك الاتجاه، وعمّقوه في إدراكي حتى كانت تلك نتيجته.

          ثانيًا: في سانحة بعنوان «وللثقافة أثرها في حياة الفتى» يذكر الشيخ حمد أنه في أثناء إقامته في مكة بين عامي 8431و4531هـ وفّر مبلغًا من النقود اشترى ببعضه مجموعة من الكتب، ومن بينها كتاب «معجم البلدان» لياقوت الحموي، الذي حمله معه إلى بلدة ينبع حينما عيّن مدرسًا بها في أوائل عام 4531هـ. وقد حدث أن سُرقت بقية النقود التي ادّخرها، وترافق ذلك مع تأخر صرف رواتب الموظفين بضعة أشهر، واشتدت به الحاجة، فلم يجد مفرًا من بيع كتاب معجم البلدان بثلث ثمنه على أحد وجهاء البلدة، الذي حينما علم برغبته في الاستفادة من الكتاب لفترة قصيرة من الزمن، سمح له ببقائه عنده لمدة شهر تمكن خلاله الشيخ حمد من نقل جميع ما يتعلق منه بتعريف مواضع جزيرة العرب، وتحديد أمكنتها في ملخّص منظّم مرتب على الحروف يقع في اثنتي عشرة كراسة مدرسية، وأصبح (هذا الملخص) من أمتع ما يرجع إليه  عندما يرغب في المطالعة، وقد وجد أن التنظيم الذي اتبعه في تلخيص الكتاب، كان له أثره في عدم تشتيت الذهن في التفكير لإدراك حقائق العلوم، وأن ذلك من أهم عوامل التبريز في أي جانب من جوانب إدراك تلك الحقائق.

الدراسات الجغرافية والتاريخية

          يقول الشيخ حمد: «وكان لذلك الأمر أثر في انصرافي عمّا شغلت به طيلة أيام الدراسة، وعن اتجاهي للاهتمام بجانب من جوانب المعرفة، إلى ناحية أخرى قد تبدو بعيدة الصلة عن ذلك، وهي الميل إلى الدراسات الجغرافية والتاريخية العميقة الصلة بهذه البلاد، وما كان لي من يد في ذلك الانصراف، كما لم يكن هذا الاتجاه ناشئًا عن طول روّية، أو عمق تفكير، إنه العوز الشديد، ثم ما كان من أثر هذا الملخص لذلك الكتاب الذي استحوذ محتواه على تفكيري، بل طغى عليه طغيانًا سد أمامي ما عداه  من الاتجاهات، وكانت المعلومات التي تضمنها - على ضآلتها - الركيزة الأولى لرغباتي وميولي الفكرية».

          وهذه الوقفة التي تضاف إلى سابقتها تبين بجلاء الظروف التي أدت بالشيخ حمد إلى الانفتاح على الثقافة العامة والاهتمام بالمواضع في شبه الجزيرة العربية على النحو الذي أصبح معه واحدًا من أبرز المشتغلين في هذا المجال.

          ثالثًا: ترجم الشيخ حمد في سوانحه لعدد كبير من أعلام النهضة في المملكة العربية السعودية، وسجل انطباعاته عنهم، واستفادته منهم.

          وبعض هؤلاء لم تكن لهم مؤلفات أو آثار يمكن أن تحفظ لنا أسماءهم، فكان ما كتبه المصدر الرئيس عن أولئك الأشخاص.

          ومن نماذج ذلك، ترجمته للشيخ عبدالله السليمان المزروع - الذي ذكرناه قبل قليل - وقد وردت هذه الترجمة في كتاب «أعلام المكيين» لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، وهو من منشورات مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، وفيها أن له كتابًا بعنوان «وصايا أساطين الدين والأدب والسياسة للشبان»، ولعل محتوى هذا الكتاب هو مادة الدفتر الذي كان يحمله الشيخ المزروع معه، ويطلب إلى مرافقيه من العلماء والمفكرين تسجيل نصائحهم فيه. وقد كتب الشيخ حمد مقدمة لهذا الكتاب بعنوان: «الشيخ عبدالله المزروع كما عرفته». والقارئ لترجمة الشيخ المزروع في سوانح الشيخ حمد يجده قد جسّد الشخصية المذكورة بكل حيويتها وعطائها بصورة تختلف عمّا يرد عادة في كتب التراجم.

          إن حديث الشيخ حمد عن الشخصيات التي تتلمذ عليها أو صادقها أو عمل معها وعملت معه في مراحل حياته المختلفة، تمثّل رصيدًا مهمًا ومميزًا يمكن السعي إلى جمعها وضمّها إلى ما كتبه عن آخرين في مؤلفاته الأخرى بحيث تمثل هذه وتلك نواة لقاموس يضم تراجم علماء وأعيان المئة الرابعة عشرة الهجرية في المملكة العربية السعودية.

          رابعًا: تتضمن سوانح الشيخ حمد عن أحوال قرى نجد وباديتها في بداية القرن الماضي الكثير من أوجه الشبه مع تلك المناطق الواقعة على ضفاف الخليج العربي، وقد توقفت عند سانحته «بين جشع التاجر وآفات الزراعة»، التي يحكي فيها العلاقة بين المزارعين والتجار، حيث يقوم المزارع بالاستدانة من التاجر، فيعطيه مبلغًا من النقود، بالقدر الذي يفي بحاجته، ويقابل محصول زرعه، فيتم ذلك بطريقة «الكتْب» المعروف عند الفقهاء باسم «السَّلَم»، ولكن التاجر يجعل نصب عينه الاستحواذ على جميع أحوال الزرع قبل كل شيء، بحيث يصبح في المستقبل تحت رحمته، مع اتخاذ كل الوسائل، التي تمكّنه من السيطرة التامة على ما يملكه الزارع، حفاظًا على ما في ذمته من دين، وبقائه في أسره طوال حياته، بل وينتقل ذلك إلى أبنائه بعد مماته. وقد أفاض الشيخ حمد في الحديث عن هذا النظام الذي أرهق كاهل المزارعين من أبناء القرى، فضلاً عن الآفات كالجراد والدبا الذي قد يجرّد الزرع بأكمله، حتى تصبح الأرض خالية، ولاسيما إذا أضيفت إلى ذلك أمراض الزراعة وقلة الأمطار، ونضوب المياه في الآبار.

          وهذه الظروف التي يتعرض لها المزارعون في قرى نجد تشبه الظروف، التي يعيشها أبناء المدن الساحلية على الخليج العربي، حيث الاعتماد على البحر ممثلاً بالغوص على اللؤلؤ في فصل الصيف، والسفر للتجارة بالسفن الشراعية في بقية فصول السنة إلى الهند وشرقي إفريقيا، وهو عمل على مشقته لا يكاد يوفي بمتطلبات الحياة اليومية لأسرهم. أما العمل الأول وهو الغوص على اللؤلؤ، فأمره يشبه إلى حد كبير حال المزارعين مع التجار في نجد، فالغواص يستدين من النوخذة أو من صاحب السفينة أملاً في الحصول على رغيبة الدهر - كما أسماها المسيب بن علس - التي يبيعها ينعم بالعيش الرغيد الذي يرنو إليه، ولكن هيهات له ذلك، فما يكون الفوز باللآلئ الغالية إلا لقلة قليلة، أما أغلب الغواصين، فإنهم يعودون بخفيّ حنين، فتتراكم الديون عليهم للتاجر أو لصاحب السفينة، بل إن تلك الديون كانت في أول الأمر تنتقل إلى الأبناء، فيصبحون أشبه بالعبيد الذين لا يستطيعون فكاكًا من سيدهم. ولا يبعد ذلك عمّا ذكره الشيخ حمد في سوانحه حيث يقول: «لقد قمت بوفاء ديون على جدّي جاسر وعلي أبي بعد ممات أصحابها، وطلب ورثتهم وفاءها. وأعرف عددًا من الفلاحين حل بهم الفقر والعوز بسبب تراكم الديون عليهم وامتناع التجار عن معاملتهم حتى أصبحوا عالة يتكففون الناس». 

أواصر التقارب

          ولا تقتصر أوجه الشبه بين حياة أهل نجد وحواضر الخليج العربي على ذلك، بل إن كثيرًا من العادات والتقاليد انتقلت مع مَن نزح من أهل نجد إلى تلك الحواضر، ففي الكويت - على سبيل المثال - نجد أن كثيرًا من المفردات، التي استخدمها الشيخ حمد في وصف أحوال المعيشة في نجد، كانت مستخدمة حتى عهد قريب، كما أن ذلك ينصرف أيضًا في ألعاب الأطفال في الماضي مثل «عظيم ساري» وهي من الألعاب التي يلعبها الأطفال ليلا، إذ يرمي أحدهم بعظم صغير قدر الإصبع، ثم يصيح «عظيم ساري»، وهي إشارة ليقوم الأطفال بالبحث عنه، ومَن وجده يسرع إلى المكان الذي انطلقوا منه، قبل أن يتمكن مجموعة الأطفال من إمساكه. فإذا تحقق له ذلك يكون الفوز من نصيبه أو نصيب مجموعته. ومن الألعاب الأخرى، التي ذكرها «الصقلة» التي نسمّيها في الكويت «اللقصة» وهي لعبة يشترك في لعبها اثنان فأكثر بخمس حصيات صغيرات يطرحها اللاعب على الأرض ثم يلتقطها بنظام معين، أو يحاول إدخالها بين فتحات أصابعه، ومتى ما سقطت الحصاة التي تُرمى في الهواء على الأرض من يد اللاعب غُلب اللاعب، وحل الآخر محله، وتصل أدوار هذه اللعبة إلى خمسة عشر دورًا متدرجة في الصعوبة.

          وبالإضافة إلى الألعاب الشعبية، هناك الكثير من الأمور المشتركة، التي تكشف عنها السوانح ما بين نجد وسواحل الجزيرة الشرقية، مثل أسماء الحلي والمأكولات والأوعية وغيرها، وكثير من المسمّيات، التي أوردها الشيخ حمد في هذا المجال لم يعد مستعملاً، وهو مشكور على تفسير تلك المسمّيات وشرحها بما يجعل الأمر ميسورًا لتوضيح الصورة التاريخية للحياة المعيشية في تلك المنطقة. وقد يحسن في طبعة قادمة للسوانح أن يفرد فهرس بالألفاظ الحضارية تعميمًا للفائدة.

***

          وختامًا فإن «سوانح الذكريات»: هي التاريخ الاجتماعي لحقبة مهمة من تاريخ المملكة العربية السعودية، ولا يمكن لأي شخص مهما أوتي من البيان أن يوفي هذا الكتاب حقه في التعريف، فكل عبارة لها دلالاتها وأهميتها،  والقارئ للكتاب لا يملك متى بدأ في قراءته إلا الاستمرار فيها إلى النهاية متابعة للأحداث المثيرة، التي يحفل بها، والعبارة الشائقة، والفوائد المتنوعة التي يزخر بها.

          رحم الله فقيدنا العالم الجليل، وجمعنا دائمًا على مائدة علمه وأدبه، وجزاه عن تلاميذه وأبناء وطنه وأمته خير الجزاء.

 

عبدالله يوسف الغنيم   





 





الشيخ حمد الجاسر





الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله- في مدينة سان فرانسيسكو - مقاطعة كاليفورنيا - الولايات المتحدة الأمريكية في رحلته الأولى إلى أمريكا بدعوة صحفية من شركة الزيت العربية «أرامكو» عام 1380هـ - 1960م لزيارة المناطق السياحية





الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله- في حديقة منزله بالرياض مع بعض أحفاده





الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله- في إحدى رحلاته العلمية في موقع إبرين عام 1395 هـ