القولون العصبي.. كيف نتجنبه؟

القولون العصبي.. كيف نتجنبه؟
        

إنه مرض العصر الحديث، مرض السرعة والعولمة والتوتر والقلق والإجهاد النفسي وتسارع الحياة، وهو بحق مرض عضوي بسبب نفسي.

          العضو المريض هو القولون وهو جزء من الأمعاء تسمى الأمعاء الغليظة، ويبدأ بشكوى من آلام البطن وغازات وانتفاخ وحركة وربما يكون صوت الأمعاء مسموعًا، وقد يكون هناك إمساك وإسهال أو تقلب ما بين الإسهال والإمساك, ويذهب المريض إلى طبيب وآخر, ومن دواء إلى دواء، ثم هل هو عرض نفسي أو عصبي أو مرض سوء التغذية؟ أقول إنه الاثنان معًا.

          مرض القولون العصبي يعتبر من أكثر الأمراض انتشارًا في البلاد العربية وتعددت أسبابه وتنوعت طرق الشكوى. هناك من المرضى من يشكو من آلام عامة في البطن، وهناك من يشكو من الانتفاخ أو الإمساك الشديد أو الغازات أو الإسهال، ولعل المريض يسأل هل من نهاية؟ 

أسباب المرض

          في الحقيقة سبب القولون العصبي اضطراب نفسي وسوء تغذية، وغالبًا ما يكون عقب إصابة بالدوسنتاريا الأميبية أو بالبلهارسيا، وطبعًا الإصابة بالدوسنتاريا الأميبية منتشرة في بلادنا العربية، وكذلك البلهارسيا وهو مرض متوطن في مصر وفي اليمن.

          ولابد أن نعرف أن المريض يشكو من هذه الأعراض بعد تعرضه لحالة نفسية سيئة أو انفعال نفسي أو قلق تظهر بعده هذه الأعراض المرضية، كما نلاحظ ظهور بعض الأعراض كنوبة من الإسهال عند الغضب أو الفزع من شيء مزعج ويكثر صوت الأمعاء والانتفاخ عند الإجهاد النفسي والقلق ويكون المريض في حالة نفسية سيئة، ولذلك يزيد المرض عنده وعندما يشتد المرض تزيد حالته النفسية سوءًا، وهكذا يدخل في حلقة من التوتر والقلق والمرض، ولابد من كسر تلك الحلقة حتى تتحسن حالته. 

هل الطعام هو السبب؟

          لقد اهتم الأطباء بهذا المرض اهتمامًا شديدًا، لأنه ليس له علاج طبي، لأن هذه الآلام وما نعانيه من انتفاخ وغازات وسوء هضم ومخاط في البراز وإسهال وإمساك، كل هذا تسببه كمية الطعام ونوعيته طبعًا، الأكل مرة واحدة وبكمية كبيرة من الطعام أو تناول نوع واحد من الطعام حتى لو كان مسلوقًا قد يكون سببًا لإثارة القولون العصبي، فالجهاز الهضمي يفرز العصارة الهاضمة والإنزيمات وهذه العصارة تساعد على هضم الطعام، فإذا كان الطعام قليلاً سهل الهضم كان الهضم أسهل، وكان الامتصاص أفضل وكانت بواقي الطعام قليلة ولا تؤثر على القولون، وتنقلب الحال إذا كان الأكل عسير الهضم، كأن كان مسبكًا أو مضافًا إليه التوابل والبهارات، إذا لم يكن هناك اهتمام بمضغ الطعام جيدًا مثل الأكل على عجل وبسرعة، وأيضًا إذا كان الطعام كثيرًا فإن فضلاته تكون كثيرة وسريعًا ما تتخمر وتتعفن داخل القولون، وتخرج منها غازات كثيرة، هذه الغازات تعمل على التهاب الغشاء المخاطي للقولون مما يجعله يبكي مخاطًا، وعند ذلك تزيد كمية الغازات في البطن ويحدث صوت مما يزيد من قلق المريض وألمه.

          وهل هناك حل للتخلص من هذا المرض وهذه الآلام؟ نعم هناك إرشادات لابد من اتباعها، وأول هذه الإرشادات الصوم، نعم، «صوموا تصحوا»، لقد أمرنا الله بالصوم في جميع الأديان، وهناك من الأحاديث النبوية الشريفة ما ينصح فيها بعدم ملء المعدة، وجعل ثلث المعدة للأكل، والثلث للشراب، والثلث فارغًا، ولذلك يرتاح هؤلاء المرضى في شهر رمضان المبارك وذلك نتيجة التخلص من التوتر بالراحة النفسية، ولتنظيم الأكل إلا أنه في بعض الحالات تزيد الحالة سوءًا لأننا جعلنا من نهار رمضان للنوم والكسل وعدم العمل ومن الفطور حتى السحور لأكل ما لذ وطاب من لحوم حمراء، بخلاف الكنافة والقطائف والمكسرات، وهكذا.

          كما أن كثرة الأكل تؤدي إلى السمنة وزيادة الوزن، لذلك النصيحة الثانية هي عدم ملء المعدة لأن الإكثار من الأكل في الوجبة الواحدة غير صحي، وهذه العادة ضارة بالصحة، وتؤدي إلى القولون العصبي، ولقد ثبت طبيًا أن زيادة الوزن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والسكر وتصلب الشرايين والذبحة الصدرية ودوالي الساقين والحموضة في المعدة والتهاب المرارة وحصواتها وغير ذلك من أمراض البدانة. 

علاج المرض

          مرض القولون العصبي ليس مرضًا عضويًا معروف السبب حتى يمكن علاجه، بل له أعراض مختلفة من آلام البطن في جزء محدد منه أو البطن كله وهناك الانتفاخ والغازات التي تخرج من الفم والشرج أو عدم المقدرة على إخراج الغازات، هنا يكون ضيق النفس والقلق والعصبية التي تزيد من الحالة عنفًا، وهناك حالة من الإمساك أو الإسهال أو التقلب ما بين الإسهال والإمساك وقد يكون البراز رفيعًا متقطعًا مثل براز الأغنام وقد يكون بالمخاط وقد تزيد كمية المخاط بدرجة كبيرة، ولكن لا يوجد دم بالبراز نهائيًا.

          ثم القلق والاضطراب وإن بدأ في الأكل نسي نفسه والتهم الطعام بكثرة وقد يخاف من الطعام ولكن لا يستطيع مقاومته فيسرف في ملء المعدة بالإضافة إلى الفلفل والشطة والمخلل والمسبك.

          لذلك يكون العلاج هو اتباع الآتي:

          - عدم ملء المعدة بالطعام.
          - عدم أكل المسبك.
          - الأكل في هدوء من دون عجلة.
          - مضغ الطعام جيدًا.
          - عدم أكل البهارات والفلفل والشطة نهائيًا.
          - الصوم في الشهر ثلاثة أيام.
          - الاهتمام بالألياف في الطعام.
          - محاربة الإمساك بواسطة السلطة والخضراوات والخبز الأسمر.
          - تنظيم مواعيد الأكل من فطور وغداء وعشاء.
          - عدم تناول الدهون واللحوم الحمراء.
          - الامتناع عن التدخين وعدم شرب مشروبات كحولية.
          - علاج البلهارسيا إن وجدت.
          - علاج الدوسنتاريا والإسهال إن وجدا.
          - الهدوء والراحة النفسية لأنهما جزء من العلاج ويمكن في البداية استعمال بعض الأقراص الخفيفة المهدئة مدة بسيطة تحت إشراف الطبيب حتى لا تصرخ من الألم، وتغيير أسلوب الطعام لأن السبب هو نظام الكل الذي تعودت عليه.

 

جمال العطار