قصة نجاح هندية.. رحلة إلى وادي السيلكون

  صور: سليمان حيدر

في دأب مذهل, وإصرار بديع, حققت الهند معجزتها الباهرة, قرأت العصر, فدخلت من أوسع أبوابه, كان العلم هو المفتاح الذي امتلكته, وكان الإصرار طريقا أوصلها في النهاية لتصبح لاعبا أساسيا في هذا العالم, ولتقدم درسا رائعا في قدرة الشعوب على تحدي أقسى ظروف التخلف, والانطلاق منها إلى المساهمة في تقدم الوطن وخدمة البشرية. إنها قصة نجاح رائعة, لعل في دروسها بعض العبر .

لم يعد ركوب الأفيال هدفا هنديا, فالزمن قد تغير الآن, وانطلق هؤلاء الذين ارتبطت صورتهم في الذاكرة بالفيلة والقرود والثعابين والدببة منزوعة الأسنان, إلى امتطاء سفن الفضاء وامتلاك الصواريخ العابرة للقارات والسلاح النووي, والاقمار الصناعية, واستنساخ الفهود وصناعة السيارات, والسينما والدواء, لكن المعجزة الحقيقية للهند تمثلت في تفوق مدهش في صناعة (نظيفة) باتت مؤشرا على تقدم الدول, اسمها صناعة البرمجيات.

في محطة القطارات الكبرى التي أصبحت معلما رئيسيا لنيودلهي, يتخذ أحد المقاهي ركنا بارزا في ذلك المبنى المهيب, حين اقتربنا منه عرفنا أنه خاص بتقديم خدمات الإنترنت, وأنه كان الأول في سلسلة من المقاهي التي دشنتها الحكومة الهندية في إطار خطة قومية لنشر خدمة الإنترنت في جميع محطات القطارات التي تضمها مدن البلاد التي تمتد طولا وعرضا.

هذه الخدمة التي تقدمها السكك الحديدية على مدى اربع وعشرين ساعة يوميا تتم من خلال كروت مدفوعة بأسعار زهيدة يمكن للمسافر أن يشتريها من شباك التذاكر ليمكنه الاتصال بأرجاء العالم حتى النائي منه, إلى جانب خدمات الإنترنت وارسال البريد الإلكتروني والفاكس والطباعة الإلكترونية وخدمة مؤتمرات الفيديو.

ما تضمه محطة القطارات الكبرى في العاصمة الهندية كان مجرد إشارة إلى ما يحتويه ذلك البلد من مفاجآت للقادمين إليها وقد طبعت في أذهانهم تلك الصورة التقليدية عن بلد متخم بالفقراء والناسكين يقبعون طيلة النهار في الميادين بشعورهم الشعثاء ووجوههم المستكينة يستعرضون فنون ابتلاع الزجاج والنوم على المعادن المدببة, ويقومون بالنفخ في مزاميرهم كي ترقص ثعابين الكوبرا, أو تقفز إلى الأعلى النسانيس.

لكن محطة القطارات لم تكن وحدها الكفيلة بجعل تلك الصورة النمطية عن الهند تتبدل إلى النقيض تماما, فهناك كان بانتظارنا عشرات المفاجآت في كل خطوة خطوناها داخل مدن وولايات الهند الشاسعة.

إصرار بشر

تغيرت الهند تماما, لم تعد بلد المجاعة ودليل المآسي الآسيوية كما كانت في الستينيات على الرغم من وجود مئات الملايين من الفقراء فيها, ولم تعد قرودها هي التي تقفز عاليا, بل البشر الذين استطاعوا بإصرار وتفان وتخطيط إيجاد مكان لبلادهم في قلب العصر, لتصبح الهند في زمننا الحالي دليلا باهرا على إرادة البشر وقدرتهم على تخطي الأوضاع السيئة والبقاء باقتدار تحت الشمس.

فالهند الآن دولة تمكنت ليس فقط من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب, بعد استخدامها أساليب الثورة الخضراء, بل أصبحت أكبر منتج للقمح على مستوى العالم خلال السنوات الأخيرة. وهي الان دولة ستغزو الفضاء قبل حلول العام 2008, وهي باتت رائدة في صناعة الدواء في العالم, عدا عن انضمامها لعضوية النادي النووي, لكن اعجوبتها الحديثة هي تلك التي يتحدث عنها العالم باعجاب هذه الأيام, أعجوبة القفزة العالية للغاية التي حققتها في مجال تكنولوجيا المعلوماتية, لغة العصر ومؤشر التقدم فيه. وبعد أن أصبحت صادرات الهند من البرمجيات وخدمة المعلوماتية مصدرا مهما للدخل القومي من العملات الصعبة يدر نحو سبعة مليارات دولار في السنة, ويوفر مئات الألوف من فرص العمل.

لقد قلبت الهند كل المعادلات التي عرفها العالم لمسيرة النمو, حين رسمت طريقا جديدا لها وسط الأسواق الصاعدة. ففي حين ركزت القوى الاقتصادية الآسيوية على صادرات الصناعات التحويلية, اختارت الهند أن تصبح أولى هذه القوى التي تعتمد على تنمية مدفوعة بقوة التكنولوجيا. والأمر المثير للغرابة هو أن تتمكن الهند من تحقيق هذا النجاح المدوي دون الحاجة لاستثمارات كبرى, وعلى الرغم من سوء أحوال الطرق والمطارات والموانيء فيها.

قلعة المستقبل

وكان أن توجهنا إلى حيدر أباد, وتحديدا إلى مدينة (سايبر أباد) معقل التقنية التي تتجه إليها الأنظار في الوقت الحالي, دهشة وإعجابا وتقديرا.

أما لماذا تتجه إليها الأنظار, فلأنها ببساطة شديدة مدينة تتحدث بلغة العصر, بعدما تمكنت من فك شيفرته, حين وجدت الإجابة عن سؤال ظل يتردد: (لماذا تهاجر العقول من البلاد إلى غيرها? وإلى متى سيظل تجاهل حقيقة أن من بين كل ستة خبراء للكمبيوتر في العالم هناك خبير هندى?).

كانت الاجابة هي توفير المناخ المناسب لهؤلاء ليبدعوا داخل الحدود, والاستفادة من أفكارهم في تطوير وطنهم وجلب عائدات بعشرات المليارات من الدولارات إلى بلدهم.

من هنا بدأت الفكرة وكان الإصرار على تحويل الحلم الذي داعب المخيلة إلى حقيقة واقعة, وهو ماتم بالفعل, إذ تحولت حيدر أباد إلى قاعدة لتطوير البرمجيات للشركات الأجنبية. لدرجة أن شركة (مايكروسوفت) اختارتها لانشاء أول مركز لتطوير البرمجيات خارج الولايات المتحدة الأمريكية وقد وصلت بالفعل مراكز الأبحاث والاختراعات في تلك الشركة إلى المبنى واتخذت فيه مواقعها, فيما تقوم الكثير من الشركات العالمية العملاقة حاليا بأعمال تطوير البرمجيات الخاصة بها في قلعتها التكنولوجية.

عندها جاء القرار الصائب, لرئيس حكومة اندرا براديش التي تكون حيدر أباد عاصمة لها, وضع كل التسهيلات أمام الشركات الكبرى في هذا المجال لتأتي إلى الولاية, ودعوة أبناء الهند للعودة والمساهمة في دفع عجلة الارتقاء بوطنهم, معتبرا أنه مادامت البنية التحتية موجودة, فإن التسهيلات المحفزة يمكن تقديمها.

كان علينا والحال هكذا, أن نتجه إلى هناك, إلى المدينة التي يطلق عليها أحيانا (هاي تك سيتي) أو لنقل اسمها الذي يطلقه أهل المدينة عليها (مدينة تكنولوجيا المعلومات), أو (سايبر أباد) أو حتى (سايبر تاور), كما هو مكتوب على مبناها الدائري الضخم الذي يبتعد عن قلب حيدر أباد بنحو ساعة كاملة.

عقول فقط

لم يكن الدخول متاحا في أي وقت ولا أي شخص, فقد كان لابد لنا أن نحصل على تصريح بدخول المدينة, وأن يتم تحديد موعد للزيارة, وهو الأمر الذي تكفل به نسيم عارفي رئيس تحرير جريدة (منصف) باللغة الاوردية, أو (الإنصاف) وفقا للمعنى العربي, (وهي صحيفة يومية واسعة الانتشار في ولاية اندرا براديش والتي تطبع في اليوم الواحد مايزيد على أربعة ملايين نسخة, وكان أن جاءت الموافقة, متيحة لنا دخول تلك القلعة التي دشن العمل فيها في 22 نوفمبر عام 1998, وتم الانتهاء من عملية التأسيس خلال 14 شهرا فقط, استطاعت المدينة بعدها جذب 52 شركة عالمية إليها هي أكبر الشركات في العالم في مجال البرمجة ومنها مايكروسوفت وأوراكل وهيوليت باكارد وآي بي ام, وكومباك. وهي شركات تم حجز من سبعة إلى عشرة اجنحة لكل منها. وباشرت بالفعل قبل فترة ليست بعيدة أعمالها.

قبل أن نتوجه اليها, رافقنا اعتقاد بأن المدينة تلك سوف تضم معامل لتصنيع البرامج, وورشا ضخمة لتجميع الكمبيوتر, لكن الأمر سرعان ماتغير, حين طلبنا من (آر. سريدا ران) مدير ادارة العمليات لشركة (إل اند تي انفو سيتي) وهي واحدة من أكبر الشركات العاملة في سايبر أباد, ان يدلنا على مكان يمكن أن نصور فيه ورشات لتجميع الكمبيوتر وعمالا يقومون على إنتاج البرامج وصناعتها, فقد كان الرد الذي وصلنا منه, مجرد ابتسامة عريضة, قبل ان يستطرد قائلا: (ان المهم ليس تجميع الكمبيوتر, ولاحتى تصنيع البرامج, فهذا العمل بسيط للغاية, ويمكن لأي محل صغير في أي مكان, أن يقوم به, ولكن الأمر المهم جدا والأهم دائما في مجال تكنولوجيا المعلومات هو الفكرة).

واصل المسئول في القلعة التكنولوجية البديعة حديثه لنا قائلا: (انكم لن تجدوا في هذا المبنى سوى خبراء يجلسون أمام الكمبيوتر وينشغلون فقط بابتداع الأفكار, وآخرين يجلسون أيضا مثلهم أمام شاشة الكمبيوتر, ومهمتهم الاساسية هي تجسيد تلك الأفكار, فتلك القلعة تركز في مفهومها على إنتاج البرامج وحلولها وهي بالتالي تختلف عن مدن التكنولوجيا الأخرى في الهند وخارجها, ضاربا مثلا بمدينة دبي للانترنت التي تركز على شركات (الهارد وير) أي تجميع أجهزة الكمبيوتر, مؤكدا على إمكانية تحقيق نوع من التنسيق والتعاون بين مدينة (سايبر أباد) المتخصصة في الـ (سوفت وير) ومدينة دبي المتخصصة في الـ (هارد وير).

وقال سريدا ران إن حجم سوق المعلومات حاليا في مدينة سايبر أباد يقدر بنحو نصف مليار دولار في الوقت الذي يبلغ ذلك الحجم على مستوى الهند سبعة مليارات دولار, فيما يصل عدد الشركات العاملة في قطاع المعلوماتية على مستوى الدولة نحو 12 ألف شركة.

وقد بدأ التفكير في انشاء المدينة عام 1996 بتطوير البنية الأساسية وتم الانتهاء من المرحلة الأولى. اما مراحل المشروع الأخرى فتشمل اقامة مركز للمؤتمرات ومبان سكنية ومركز كبير للتسوق وفندق.

ويعتبر مسئول المعلومات والتكنولوجيا في ولاية اندرا براديش (ستاي نارايان) ان مدينة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الهندسية (سايبر أباد) في مدينة حيدر أباد هي واحدة من المشروعات الضخمة التي تدخل بها الولاية هذا العصر بقوة وهي تدرك تماما انها اختارت الدخول في سباق محموم, حيث اللغة التي باتت طاغية فيه عنوانها هو تجارة المعلومات.

خطوة أولى

كنا قد وصلنا إلى المبنى الزجاجي ذي اللون البرتقالي, الواقع في حي (مادهابور) في أطراف مدينة حيدر أباد, بعد أن اخترقت السيارة التي تقلنا عددا من الأحياء التي تتوزع البيوت فيها بين فقراء حيدر أباد وأثريائها, وكان حي (بانجارا هيلز) البديع دليلا على حياة شديدة الرفاهية يعيشها سكانه, اذ كان من الصعب علينا حينما كانت السيارة التي أقلتنا,تمر من الشارع الرئيسي فيه أن نصدق ان هذا الحي بأشجاره الخضراء اللامعة وطرقه الحريرية الناعمة, وأشكال بيوته الأنيقة ذات الحدائق باهرة الجمال أن نصدق أن حيا كهذا ينتمي إلى الهند, ويمكن أن يتساوى بأحياء كانت قد أذهلتنا درجة الاتساخ فيها في بعض الولايات التي زرناها في شمال البلاد وغربها.

على باب القلعة الإلكترونية, كان ينتظرنا المرشد الذي خصصته لنا إدارة المدينة, وكان أن أخذنا في جولة استطلاعية داخل المبنى الدائري الذي وجدناه مكونا من أربع بنايات تحمل كل منها 10 أدوار وتتخذ هي الاخرى شكلا مخروطيا, يضمها معا جدار دائري من الزجاج ذي اللونين: الأزرق القريب من الدرجة السماوية والأصفر المائل إلى اللون البرتقالي.

وشركة (انفو سيتي) التي تدير تلك القلعة التكنولوجية لا تنتمي إلى حكومة الولاية ولا إلى الحكومة الاتحادية, بل إلى القطاع الخاص الهندي, غير أن التعاون بينهما كبير, فحكومة الولاية تمتلك نسبة 11 في المائة من أسهم تلك الشركة من خلال (شركة الصناعات المحدودة للبنية الأساسية) وتمتلك شركة (لارسن اندناويرو) نسبة 89% الباقية.

وفي هذا المبنى الذي يتخذ سقفه شكل شبكة عنكبوت - إشارة إلى شبكة الانترنت - والذي يبلغ مجموع المساحة المشغولة من أدواره نحو نصف مليون متر مربع, تم توفير كل كبيرة وصغيرة, على الرغم من ان هذا المبنى ليس هو المبنى الوحيد الموجود في المجسم الذي تم تخطيطه للمدينة, والذي تم اطلاعنا عليه, فهناك إلى جانب ذلك البرج الذي يضم حاليا أربعة آلاف موظف, ثلاثة مبان أخرى تم انشاؤها بالفعل, كما ان هناك ثلاثة أبراج أخرى قيد الانشاء, واشار لنا المرشد إلى مبنى يقع على الجهة المقابلة من الشارع يتوقع ان يضم عند افتتاحه تسعة آلاف موظف. وتقع (هاي تك سيتي) ضمن إطار مشروع ضخم يسمى (سايبر أباد) على مساحة 51 كيلو مترا مربعا وتقع المدينة التي قصدنا اليها, على مساحة 151 هكتارا بتكلفة استثمارية تبلغ 400 مليون دولار. وانتهت المرحلة الأولى منها في عام 1998 وستنتهي المرحلة الثانية في اغسطس المقبل, فيما يتوقع ان تستكمل المراحل السبع المتبقية مع بداية العام 2008.

ويشير المخطط إلى ان هناك فنادق وورشات أيضا سوف يتم إقامتها خلال السنوات الخمس المقبلة, بحيث تصبح تلك المدينة متكاملة تماما, وليكون مبنى (سايبر تاور) هو مجرد الخطوة الاولى فقط في تلك المدينة التي ستصبح أكبر وأضخم قلعة للسوفت وير في العالم.

نجاح مدينة

ولكن كيف استطاعت حيدر أباد تحقيق تلك القفزة الكبرى? ان الأمر لم يكن مصادفة, وحين كنا نسأل من قابلناه من مسئولي القلعة الالكترونية أو سكان حيدر أباد, كان هناك اجماع على أن الفضل يعود إلى شخصية رجل اسمه (شاندرا بابو نايدو) يترأس حكومة أندرا براديش ولا يأتي اسمه في أي حديث الا بالثناء عليه, إنهم يقولون إن هذا الرجل قد وفر كل السبل للارتقاء بحيدر أباد, ولأجل بناء تلك القلعة التكنولوجية الهائلة فإنه ذهب إلى الشرق والغرب, وقام بفتح كل الابواب أمام عملية التطوير والنمو في ولاية أندرا براديش.

ومما يقال عنه, إنه على الرغم من أن ولايته تضم أهم قلاع التكنولوجيا في الهند, وربما في العالم, فإنه يرفض ركوب أي سيارة ليست من صناعة الهند, كما انه لايزال حتى اليوم يقطن في شقة مكونة من ثلاث غرف ولا تحتوي على جهاز تكييف بل على مروحة سقف عادية, بعد أن رفض الحصول على مسكن حكومي مريح. ويقول هؤلاء عن (نايدو) أنه يتميز بالعديد من الصفات التي جعلت منه بطلا شعبيا في نظر سكان الولاية الذين يجددون انتخابه منذ سنوات طويلة على الرغم من أنه لا ينتمي إلى الحزب الحاكم, فهو صاحب قرار, إلى جانب تمتعه بدماثة خلق وسرعة بديهة.

بالإضافة إلى هذا فإن المدينة تحتوي على البنية الاساسية التي مكنتها من الانطلاق في مجال تكنولوجيا المعلومات, ففي ولاية اندرا براديش وحدها هناك نحو 300 معهد وكلية متخصصة في الهندسة والدراسات المتقدمة أصبح عدد خريجيها يفوق الـ 65 ألف مهندس في العام الواحد, وهي بذلك تقدم ما تصل نسبته إلى 30% من متخصصي علوم التكنولوجيا في الهند كلها.

وتعتبر مدينة حيدر أباد من أكثر الجهات استقطابا لخدمات تقنية نظم المعلومات وذلك يعود إلى النمو السريع في البنية التحتية للطاقة وخطوط الاتصال واسعة النطاق ووسائل النقل المتطورة. بالإضافة إلى انخفاض تكاليف العمالة, كما أن سكان حيدر أباد الذين يهتمون بتقنية نظم المعلومات, لديهم ميول طبيعية إلى أعمال الهندسة والتصميم, ومعالجة المعلومات, وتقنية المعلومات العامة, وأيضا الإدارة.

وما إن أصبح نايدو رئيسا لحكومة الولاية في أغسطس 1995 حتى أمر باستكمال مبنى حكومي متهالك كان يقع على أطراف حيدر أباد من أجل تحويله إلى كلية لبرمجيات الكمبيوتر. ويعد هذا المعهد مثلا حيا على الطريقة التي تمكن بها (نايدو) من تحويل حيدرأباد من مركز إداري تابع لولاية زراعية كانت بكل المقاييس واحدة من أشد الولايات الهندية فقرا, إلى محور للصناعات الدوائية والبرمجيات في الهند.

ومع اتباعه منهجا طويل المدى للسياسة العامة استطاع نايدو تحويل حيدر أباد إلى منطقة للتكنولوجيا الرفيعة وفي وقت قصير نسبيا أصبحت تلك المدينة التي يبلغ عدد سكانها 6.6 مليون نسمة, محورا لبرمجيات الكمبيوتر ومراكز الخدمات الهاتفية ومصانع الأدوية, لتساهم في دفع عجلة التطور إلى معظم أنحاء ولاية أندرا براديش الفقيرة سابقا, بسكانها البالغ عددهم 78 مليون نسمة.

ولعل أولى الخطوات التي قام بها نايدو في بداية تقلده لمنصبه كان نجاحه في اقناع رئيس مجلس إدارة شركة ميكروسوفت بيل جيتس بالاستثمار في حيدر أباد, منتهزا فرصة لقائه خلال حفل للعشاء, فالشركة الكبرى عقب ذلك افتتحت مركزا للبرمجيات. وأعلن بيل جيتس في زيارة له للمدينة أنه سيتم توسعة المركز على مدى السنوات الثلاث التالية ليبلغ عدد المتخصصين به في وظائف البرمجة 500 شخص.

صفحة من كتاب

وقصة حيدر أباد التي كانت محطتنا لرصد نجاحات وادي السيلكون, لاتمثل سوى فصل من كتاب الانجازات العلمية الباهرة التي حققتها الهند في السنوات القليلة الماضية, والتي تحولت معها هذه الدولة القارة إلى عملاق حقيقي يحسب له في عالم اليوم ألف حساب, بعد أن تمكنت بمساعدة قاعدة عريضة من المهنيين ذوي التعليم العالي الذين يتحدثون الإنجليزية من تحويل قطاع تكنولوجيا المعلومات إلى مشروع يدر مليارات الدولارات, وتتسابق نحوه في الوقت الحالي الشركات العملاقة في العالم.

إنها قصة نجاح هندية صرفة, من ألفها إلى يائها, فعلى عكس مايقال من ان نجاح الهند تمثل في قدرتها على اجتذاب رءوس الأموال, فان الواقع يشير إلى ان ذلك البلد الذي خاض ثلاث حروب دامية على مدى مايزيد على نصف القرن, والذي عانى طويلا من اطعام أفواه ما يزيد عن مليار انسان فشلت كل الحلول في الحد من خصوبتهم, والذي ضربته عشرات المرات موجات الجفاف والفيضانات والأوبئة والمجاعات, بات بارادة وطنية محضة من أهم مراكز الطب والدواء في العالم, ويضم أهم مراكز البحوث الزراعية التى استطاع بها تحقيق الاكتفاء الغذائي, وتصدير الفائض عن حاجة المليار ومائتي مليون شخص إلى الخارج, ثم تصدير العقول التي تعمل في أهم المعامل في بلاد الدنيا, وتصنيع العديد من السيارات وتصديرها, وامتلاك أهم شركات الاتصالات الخليوية في العالم أيضا, عدا القدرة الفائقة في مجال ثورة المعلومات, وغزو الفضاء والالتحاق بالنادي النووي.

لم يكن ذلك بالصدفة أبدا, كما لم يكن مصادفة أن يقول الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وهي على رأس الحكم (حين يتصل عميل بشركة مايكروسوفت طلبا للمساعدة في أمر يتعلق ببرامج الكمبيوتر, فغالبا ما يجد نفسه يتحدث إلى خبير هندي وليس أمريكيا).

برمجيات وغيرها

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد, فبعد أن حققت الهند إنجازات كبيرة في مجال تطوير البرمجيات, تقف هذه القوة الصاعدة اليوم على أعتاب عصر جديد من الخدمات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات. فلو أن هناك مريضا يزور طبيبه في نيويورك أو لندن فإن طباعة ملفه الطبي نتم في الهند, ويرسل في خلال ساعات إلى كمبيوتر الطبيب. وفي معظم الحالات التي يتم الاتصال فيها بصاحب السيارة لتذكيره بتجديد قسط التأمين عليها, يكون المتصل جالسا وراء مكتب في إحدى المدن الهندية: بنجالور, أو حيدر أباد, ومومباي, أو كلكتا التي تضم مناطق لتكنولوجيا المعلومات, يحقق تناغمها ما يشبه الثورة الصامتة. ولعل أهم ما يميز هذه الثورة التكنولوجية, أن نطاقها يتسع بصورة هائلة, على نحو يجعل من هذه المناطق تبرز كمقصد جديد لسوق الخدمات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات البالغ قيمته مليارات الدولارات.

فقد أصبحت الشركات الهندية للتصميم والهندسة تقوم بتوريد كل شيء من الصور ثلاثية الأبعاد في أجهزة المحاكاة لشركة ايرباص العالمية للطيران, إلى تقنيات الحركة السينمائية لشركات هوليوود مثل تلك التي ظهرت منذ عدة سنوات في فيلم (الملك وأنا). وتوفر خدمات البرمجيات الهندية مجموعة كبيرة من المنتجات ذات العلاقة بالإنترنت للشركات الأجنبية تتراوح من محركات البحث على الهواتف المتحركة من الأجيال الجديدة إلى مواقع الإنترنت التجارية, في الوقت الذي تسجل فيه الهند قصص نجاح مذهلة في مجال الرقائق الالكترونية ومعدات الكمبيوتر والهواتف المتحركة.

هذه العمليات التي ترتبط بتكنولوجيا المعلومات والتي هي على خلاف صناعة تطوير البرمجيات (التي تتطلب أشخاصا ذوي مهارات عالية وتدريبا مكثفا), فإن الخدمات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات تزدهر بوجود خريجين جامعيين, (ليس المفروض أن يتوفر فيهم سوى معرفة اللغة الانجليزية, توفرها في الغالب الهند للدول صاحبة المنتجات ويقوم الموظفون فيها بإرسالها عن طريق شبكات الاتصال أو البيانات), بعد ان يتم التعاقد مع هذه الشركات عبر الحدود, وهي تتضمن بالأساس الوصفات الطبية, ومراكز الاتصال, وإجراءات عمليات الاقتراض والرهن, وحسابات الرواتب.

وهو بالفعل مارأيناه بأعيننا وكان باعثا لدهشتنا, فعندما كنا نغادر المكان الذي فيه قابلنا مسئول شركة انفو سيتي في مبنى سايبر أباد, اتجه بنا مرشد المبنى إلى مقر بنك (البنجاب) الوطني الكائن في الدور الاول, وهناك وجدنا البنك الذي يقع في صالة كبيرة ليس يتوسطها عامود واحد, تماما مثلما هو الحال في كل المكاتب الخاصة بالشركات العملاقة داخل مبنى السايبر أباد, لا يحتوي على (كاونتر) يقف خلفه الموظف لإنجاز طلبات الزبائن, بل مجرد مكاتب ثلاثة موزعة على الزوايا, خلف كل واحد منها موظف وعليها كمبيوتر يمكنه من أداء مهام وظيفته بكفاءة وسلاسة أيضا, وعندما لاحظ مرشدنا, علامات الاندهاش على وجوهنا, أشار بيده قائلا: إن بنوك الأشهر المقبلة سوف تصبح هكذا, مبينا ان في هذا المكان تتم أعقد العمليات الحسابية البنكية, لبنوك تقع مقارها على بعد آلاف الأميال, في أمريكا الشمالية وأوربا.

تأجير الخبرة

وفي الوقت الذي دخلت الهند فيه إلى مضمار المنافسة الدولية لتطوير البرامج, تقوم إلى جانب صناعة وتطوير البرامج بتأجير المبرمجين للدول والشركات في الخارج, حيث تتعاقد كبريات الشركات العالمية مع شركات هندية لتجهيز برامج الكمبيوتر, غير أن الهند لم تتوقف عند هذا الحد, بل اقتحمت في الوقت نفسه مجال التصميم بالطلب, وهو مجال يرتكز على الكفاءة العملية والعلمية للعمالة المدربة.

إن مثل هذه الصناعة مكلفة جدا في الغرب بسبب ارتفاع الأجور, وارتفاع قيمة الوقت, مما يجعل من مجتمعاتنا في الشرق الأوسط, إذا أحسن تدريب أبنائها في وضع متميز لسد احتياجات العالم في صناعة البرمجيات, وقد لجأت الهند أيضا إلى سوق أخرى وهي إدخال البيانات, إذ إن الشركات العالمية, مثل شركات الطيران والبنوك, تحتاج إلى إدخال كميات هائلة من البيانات إلى الكمبيوتر, هربا من تكلفة الأيدي العاملة المرتفعة للغاية في الغرب, وبفضل شبكات الكمبيوتر, فإن المسافات بين دول العالم أصبحت ملغاة تماما, وأضحى مدخل البيانات ومستخدمها كأنهما في مكان واحد.

لقد تزايد حجم الطلب العالمي على برامج السوفت وير الهندية بصورة واسعة حتى انها تستخدم اليوم في مختلف خدمات الطيران, والبنوك والشركات الهندسية, وشركات التصنيع, وأعمال الفضاء, والوحدات الترفيهية, ومعظم المستشفيات الأمريكية, كما ان معظم خطوط الطيران الدولية تستخدم برامج السوفت وير الهندية, بل حتى اليابان أيضا التي تولي اهتماما غير مسبوق بمستوى الجودة اتجهت إلى شركات السوفت وير الهندية للحصول على أنظمة الإشارات الرقمية للتخلص من الاختناقات المرورية التي تعانيها, ولذلك فقد زادت صادرات الهند من البرمجيات أكثر من 18 مرة, وتضاعفت عائدات صناعة الكمبيوتر 15 مرة خلال الربع الأخير من القرن العشرين.

درب النجاح

كان أمرا مدهشا لنا ونحن نستمع من المسئولين الهنود في قلعة حيدر أباد التقنية إلى هذه المعلومات, وقد ظل السؤال الذي أخذ يقفز إلى الذهن هو, كيف يمكن لبلد عانى كل أنواع التخلف والأوبئة والحروب والكوارث الطبيعية, بل وكل تلك الأفواه المفتوحة, كيف يمكن له تحقيق هذه القفزة المذهلة في سنوات قليلة?

توجهنا بالسؤال إلى أحد المسئولين عن المدينة التقنية, فاعتبر أن تأصل العقلية الحسابية في تكوين الشخصية الهندية قد يكون أحد الأسباب فلدى الهنود تفوق تقليدي في مجال الرياضيات, كما أن الهند هي التي ابتكرت الأرقام, إلى جانب حماس حكومات بعض الولايات الهندية لتطوير استخدام تقنيه المعلوماتيه في دفع التنمية, وكذلك مساهمات الهنود الذين هاجروا إلى الغرب والذين يشكلون نسبة 38 في المائة من العاملين في وادي السليكون الموجود في ولاية كاليفورنيا الأمريكية, وايضا التشجيع المبكر لراجيف غاندي رئيس الوزراء الهندي الأسبق في اوائل الثمانينيات لهذه الصناعه, وايضا اللغه الانجليزية التي هي اللغة الرسمية في الهند.

لكن هناك عاملا آخر مهما, فالشركات التي تتعامل مع الهند جاءت عبر لغة الأعمال التي تتمثل في عوامل التكلفة والسرعة والتوصيل, فشركات السوفت وير الهندية تتميز عن غيرها بكفاءتها في توفير برامج جيدة وبتكلفة غير قابلة للمنافسة, إلى جانب قدرتها على التعامل مع المشروعات الضخمة, وعلى التنفيذ أيضا في الوقت المناسب.

وقال إن القوة الدافعة لهذا النمو كان مصدرها الحكومة التي قامت بانشاء 30 مركزا أكاديميا للتعليم التقني بتمويل قادم من عائدات المشروعات التي تم خصخصتها وكانت تابعة فيما سبق لقطاع الاتصالات الهندي الحكومي.

وكان الاختيار الهندي لصناعة البرمجيات ينطلق من نظرة عملية تتعلق بالبيئة والظروف المحيطة, فقد أثبتت التجربة العملية ان صناعة البرمجيات تتناسب تماما مع ظروف الهند, فهي تتطلب عمالة ماهرة, ولا تترك أي آثار سلبية على البيئة, إلى جانب أنها تنمو بسرعة هائلة, في الوقت الذي تتطلب الصناعات الأخرى رءوس أموال كبيرة وعمالة محدودة المهارات.

عملاق حقيقي

واختارت الهند السير في اتجاهين الأول: هو صناعة الدوائر المتكاملة التي هي أساس صناعة الكمبيوتر, والثاني: هو صناعة البرامج وهي لا تتطلب تصنيعا لمعدات خاصة, بقدر ما ترتكز بشكل رئيسي على العنصر البشري المدرب على استخدامات الكمبيوتر.

وفي جانب المهارات فإن الهند تواجه تزايدا في الطلب العالمي على استيراد الفننين منها وبخاصة من الولايات المتحدة التي تمنح سنويا 200 ألف تأشيرة للخبراء الهنود, بالاضافة إلى الطلب المتزايد عليهم في ألمانيا وبريطانيا, فقد أصبحت الجنسية الهندية لدى مبرمجي الكمبيوتر تعني الجودة, حتى أنه بدأت تتصاعد في الساحة الهندية تحذيرات من ان تواجه البلاد نقصا في العمالة المدربة خلال الأعوام المقبلة. بسبب الزيادة الهائلة في الطلب على المحترفين في مجال البرمجيات, اثر تحول الهند في الأعوام الأخيرة إلى المركز المفضل لكبرى شركات الكمبيوتر والشركات متعددة الجنسيات.

ولم تعد الهند مكانا جاذبا لأهم شركات العالم في البرمجيات فقط, بل أصبحت المصدر الرئيسي للتصدير إلى معظم الدول, وبخاصة الدول المتقدمة منها, وليس أكثر إثارة للدهشة من أن يعلم المرء ان السوق الامريكية تعد أكبر سوق لتصريف صادرات (السوفت وير) الهندية, وانها استوعبت في العام الماضي نحو 62% من أجمالي المنتجات التي توردها الشركات الهندية إلى 91 دولة بامتداد قارات العالم, في الوقت الذي تحتل فيه أوربا المرتبة الثانية في قائمة الاسواق التصريفية للصادرات التكنولوجية الهندية, وبما يعادل30%من إجمالي الصادرات الهندية من التكنولوجيا المتقدمة.

وقد زاد اجمالي صادرات الهند من برامج وخدمات الكمبيوتر العام الماضي, حيث بلغت 7700 مليون دولار في العام 2001/2002 قدرت حصة أمريكا الشمالية منها بنحو 4950 مليون دولار مقابل 3750 مليون دولار في العام السابق عليه. وكانت أوربا هي الوجهة الثانية لصادرات خدمات وبرامج الكمبيوتر الهندية وتعد ثاني اكبر سوق من حيث حجم الاعمال لهذه الصادرات الذي بلغ في هذا العام 1800 مليون دولار محققة نموا بنسبة 35% عن العام السابق عليه. واحتلت منطقة الشرق الاقصى بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية المركز الثالث من حيث حجم الصادرات الهندية من برامج وخدمات الكمبيوتر وبلغت قيمة مشترياتها منها 320 مليون دولار فيما بلغت صادرات الهند من البرامج إلى أمريكا اللاتينية عشرة ملايين دولار بزيادة مليوني دولار عن العام السابق, في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات إلى أن كل شركتين من بين كل خمس شركات في قطاع التكنولوجيا على مستوى العالم, قد حصلت على متطلباتها من السوفت وير من الهند.

جيش من التقنيين

ولكي تحافظ الهند على النمو الاقتصادي السريع لابد لها أن تزيد من أعداد الخريجين العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الفائقة لتعويض النزيف الذي لايزال يتجه إلى الغرب, خاصة الولايات المتحدة, حيث إن نحو 38% من العاملين في شركات وادي السليكون هم من الهنود أو من أصل هندي.

ولكي يمكن المحافظة على نمو صناعة البرمجيات الهندية التي تستوعب حاليا نحو نصف مليون شخص, وتغطية الحاجة إلى نحو مليونين ونصف المليون شخص بحلول عام 2008, فإن الهند تبذل جهودا كبيرة في عمليات التعليم التقني والتدريب.

ويرى المسئول في ولاية اندرا براديش عن تقنية المعلومات (ستاي نارايان) ان قيام الهند حاليا بتوفير توصيلات شبكة الإنترنت على الكابلات بامتداد الهند, بهدف مد تلك الخدمة إلى 70 مليون مواطن, سيجعل من ذلك البلد موقعا عالميا للتطوير والتجارة الإلكترونية. إذ إن خدمات الانترنت باتت جزءا مهما من نشاط البرمجيات في الهند بعد ان أصبحت تستخدم الأقمار الصناعة ذات القدرة الفائقة على التوصيل السريع من أجل تطوير البرمجيات والتحميل. ولعل هذا أيضا هو أحد العوامل المهمة لنجاح صناعة البرمجيات الهندية.

ويؤكد المسئولون الهنود أنه بزيادة معدل النمو إلى 10 في المائة فإنه نسبة الفقر سوف تنخفض تلقائيا إلى 20 في المائة خلال عقد واحد, فيما سيزداد معدل دخل الفرد من 11 ألف روبية (ما يعادل 266 دولارا أمريكيا) إلى 32 ألف روبية (نحو 512 دولارا).

لقد حقق قطاع برامج الكمبيوتر الهندي ما يمكن أن يطلق عليه المعجزة بعد ان تجاوز معدل نمو هذا القطاع خلال السنوات العشر الماضية نسبة 40% سنويا, ووصلت العائدات من عمليات التصدير إلى أرقام قياسية, فيما ينتظر أن ترتفع الايرادات إلى 58 مليار دولار في العام الواحد بحلول سنة 2008.

هكذا لم أجد أي معنى لذلك السؤال الاستنكاري الذي لا يزال يتردد (أتظنني هنديا?) فبعد تلك الرحلة إلى الهند, وبعد التوقف تحديدا عند وادي السليكون الذي تضمه مدينة حيدر أباد, أيقنت مدى الخدعة الكبرى التي تتحدث عن الهنود وكأنهم فاقدو الذكاء, بينما غيرهم الذين فشلوا في تحقيق جزء ولو يسير من انجازاتهم الباهرة هم اصحاب الحصافة والفهم.

واذا كان ذلك السؤال يحمل مكابرة مزرية وسعيا بائسا لمداراة الفشل, تماما مثلما تحمله النكات التي تدور عن هؤلاء وهي بعيدة جدا عن الواقع, فإن الحقيقة التي لايمكن اخفاؤها, هي أن الهنود لم يتوقفوا كثيرا عند حدود ذلك الكلام الذي تلوكه الشعوب الأخرى عنهم, تاركين لهم متعة مج الكلمات, والاستخفاف بقدرات الآخرين, فقد انشغلوا هم - لاغيرهم - بما ينفع الناس في الأرض, حين يذهب الزبد جفاء.

 


 




صورة الغلاف





لم تعد الأفيال وسيلة التنقل الرئيسية في الهند, بعد أن أنتجت العقول في ذلك البلد, السيارات بصناعة وطنية خالصة





قلعة (سايبر آباد) هنا توجد العقول التي تصنع مستقبل العالم, وهنا رمز لإرادة حولت بلدها إلى قلعة لصناعة البرمجيات ومصدر رئيسي لإمداد الدنيا بتكنولوجيا المعلومات





في محطة القطارات الكبرى انطلقت تجربة هندية فريدة لتعميم خدمة الاتصالات والمؤتمرات في كل المحطات الأخرى داخل جميع المدن والقرى...كدلالة على الوجه الجديد لذلك البلد





(شبكة العنكبوت) يزدان بها السقف العلوي لمجمع القلعة التكنولوجية في حيدر آباد, وتبدو معها الأبراج الأربعة التي يضمها الجدار الدائري





في مثل هذا المكتب الصغير يتم إبداع أعقد البرامج لمختلف المؤسسات والمنظمات في العالم





القرية الإلكترونية في حيدر آباد كما تبدو في شكلها النهائي الذي سيتم إنجازه قبل عام 2008م





بوابة الهند, هنا يأتي قادة العالم ليشاهدوا دليلاً جديدًا على عبقرية شعب, نفض غبار التخلف, وانطلق إلى عالم الكبار





الرقص الهندي يتواصل, في الأفراح والاحتجاجات وفي السياسة وحتى في لحظات الحزن ونثر رماد الموتى





قلعة فاتح بوسيكري واحدة من آثار هندية. مازالت باقية, رغم تغيرات الزمن وتقلبات الأحوال, شواهد بديعة على تاريخ من المجد القديم





(هوا محل) أو قصر الرياح, رمز آخر على الحضارة التي خلفها المهراجات في (جيبور) التي تسمى المدينة الزهرية في ولاية راجستان





غناء وموسيقى وآلات تصدح بأصواتها في طول الهند وعرضها, إنه شعب يعشق الغناء حتى في أشد الأوقات قساوة





من أعلى (تشار منار) أو المنارات الأربع البديعة في حيدر آباد, ازدحام بشر وسيارات ودراجات وعربات الريكشا صفراء اللون عادة





الصناعات التقليدية تنتشر في كل مكان وتمنح الزائر خيارات عدة, وانطباعا بمدى الولع بالفنون والحرف البسيطة