ثروت عكاشة الفارس المستنير

ثروت عكاشة الفارس المستنير
        

          د. ثروت عكاشة، حالة نادرة في الثقافة العربية، فهو أحد روّادها الحقيقيين مسئولا ومشاركًا، عندما انتهى مشروعه الرسمي في أوائل السبعينيات، واصل مشروعه الثقافي الخاص ولم ينته حتى اليوم، ذلك المشروع الذي أثرى المكتبة العربية بروائع الكتب في الفن العربي والإسلامي، كان ثروت عكاشة واحدًا من طليعة الضباط في سلاح الفرسان الذين حملوا أرواحهم على أكفّهم في ليلة 23 يوليو، وشاركوا في صنع واحدة من أشهر الثورات العربية، ولكنه تخطى كل مراتبه العسكرية بسبب روحه التوّاقة للثقافة والفن الرفيع، وساهم كمسئول ووزير للثقافة في وضع البنية الأساسية للثقافة المصرية من مسارح ومؤسسات ودور نشر، وتمت في عهده أكبر عملية إنقاذ للآثار شهدها العالم حين تم إنقاذ آثار النوبة ومعبد أبوسمبل وجزيرة فيله، كما ساهم في نشر قصور للثقافة في كل أنحاء مصر، وأنشأ أكاديمية الفنون، وألحق بها العديد من فرق الموسيقى العربية والسيمفونية، وكان أول صاحب نظام لتفرغ الفنانين والأدباء، واهتم بالموسيقى الشعبية، وعمل على جمع تراثها، وأنشأ أول فرقة باليه عربية، والعديد من المتاحف مثل الإسلامي والقبطي ومتحف محمود مختار، ولم يتوقف عطاء هذا الفارس النبيل بعد أن ترك منصبه الرسمي، ولكنه أصدر العديد من الموسوعات في فنون التصوير الإسلامية، بعنوان «العين تسمع والأذن ترى»، وقد بلغ عدد الكتب التي صدرت منها حوالي 25 كتابًا، غير كتبه المترجمة والمؤلفة، ونشر جزءًا من سيرته الذاتية في «مذكراتي في الثقافة والسياسة»، وقد لقي هذا الكتاب حفاوة بالغة نظرًا إلى التجربة الغنية وللفترة الحيوية، التي تعرّض لها الكتاب، وقد ولد الدكتور ثروت عكاشة - أطال الله في عمره - في القاهرة 1921، وتخرج في الكلية الحربية 1939 وحصل على دكتوراه الآداب في السوربون بباريس عام 1960، وتولى وزارة الثقافة المصرية مرتين، وهو فوق ذلك كله واحد من بناة الثقافة العربية وروّادها وقممها الشامخة، ويسعد مجلة العربي أن تقدم هذا الفصل تكريمًا له وإقرارًا بفضله.