عزيزي القارئ

عزيزي القارئ
        

خريطة جديدة للإسلام

          وسط طوفان يجتاح العالم من الصور، بات من الممكن لبلايين البشر أن يجتمعوا، ميسورين ومعوزين، أمام شاشة واحدة. ويتبقى لنا أن نسأل أنفسنا - وهذا ما تحاول أن تجيب عنه كلمات رئيس التحرير في حديثه الشهري - هل نطفو على سطح هذا الطوفان، أم أننا نغرق فيه؟

          و«العربي» هي كتابُ الرحلة المعاصر المصوَّر في الوطن العربي كله، بل والعالم، لذا تنطلق في استكشاف مناطق لم يصل إليها أحدٌ قبلها، وهي في هذا العدد تزور جمهورية تتارستان، بدءا من عاصمتها قازان، التي ولدت قبل ألف عام، ودخلت الإسلام بعد اعتناق بُلغَار نهر الفولجا الدين الحنيف في العام 922 ميلادي، المدينة التي غزاها إيفان الرهيب، ومرت بها الإمبراطورة كاثرين الثانية، وزارها الشاعر ألكسندر بوشكين، وعاش بها الروائي مكسيم جوركي، وشاهدها الثائر فلاديمير ماياكوفسكي، وولد فيها الشاعر القومي للتتار عبد الله طوقاي، ودرس بجامعتها أيام شبابه فلاديمير لينين حتى استبعد منها بسبب تطرفه، وطرد من جامعتها لسوء سلوكه الروائي الكبير ليو تلستوي، بعد أن كتب أولى رواياته في شوارعها، وعرف حبه الأول بها بين بساتينها، ونال رئيسها هذا العام جائزة الملك فهد لنشر الإسلام، بعد أن أعاد ترميم العشرات من مساجدها التي تهدمت، أو كادت.

          يعود الإسلام إلى تتارستان، على أيدي أبنائها، مثلما يعود إلى غرناطة بفضل الجهود الحثيثة التي تكشف عنها رحلة أخرى لمجلة العربي إلى الأندلس، وكذا بين أقصى الشرق والغرب ترسم «العربي» خريطة جديدة للإسلام، الذي يعاني اليوم، ليس بسبب تطرف يُدَّعى به عليه، بل بسبب سوء استخدامه من قبل متطرفين لهم ألف مأرب ومأرب.

          ومثلما تفتح «العربي» صفحاتها للرحلة في المشرق والمغرب، تقدم أعلام الوطن الكبير، فتخصص ملفا لأحد صناع الثقافة العربية هو الدكتور ثروت عكاشة، وتسرد منجز علاّمة فلسطيني هو حسن الكرمي الذي كان جسرًا بين التراث والعصر، وتستضيف مفكرًا من تونس حول هموم اللغة العربية هو الدكتور عبدالسلام المسدّي، وتتذكر جامع تراث الحضر والريف والسودان الأستاذ الطيب محمد الطيب، وتعرض لمشوار ناقد تشكيلي مصري هو صبحي الشاروني، وتستدعي تاريخ العصبيات بتناول شخصية الفاتح الأموي الباهلي، مثلما تخصص ذيل صفحاتها لشاعر العدد بشارة الخوري (الأخطل الصغير).

          وستجد في هذا العدد الذي بين يديك أيها القارئ العزيز، غير هذه الموضوعات كثيرًا بين الأبواب الثابتة والمستجدات الطريفة، والملحق العلمي الشهري المجاني، وصفحات من الفكر والأدب والفن والعلم نتمنى أن تجد فيها ما تكتشفه بنفسك، متعة للبصر والبصيرة معًا.

 

المحرر