المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية
        

القاهرة

مكتبة الإسكندرية توثق «أخبار اليوم» رقميًّا

          فى إطار مشروعها الكبير لحفظ وتوثيق ذاكرة الثقافة والصحافة العربية التى بدأته برقمنة مجلة (الهلال)، تقوم مكتبة الإسكندرية بتوثيق ذاكرة (أخبار اليوم) رقميا، وإصدار كتاب تذكاري ورقي يتتبع مسيرتها كرائدة للعمل الصحفي في الشرق الأوسط، منذ كانت حلمًا في خاطر الأخوين: علي، ومصطفى أمين وحتى  خرجت إلى النور إصدارًا واحدًا كان نواة لشارع الصحافة فى مصر، وصولاً إلى امتلاكها لصرح طباعي عملاق يصدر ملايين النسخ من الصحف اليومية  والمجلات الأسبوعية  المتخصصة وسلاسل الكتب الشهرية.

          وكان مصطفى أمين قد بدأ يوم 22 أكتوبر عام 1944م في اتخاذ الإجراءات القانونية لإصدار الصحيفة فقام بتحرير النموذج رقم (1) مطبوعات وقدمه إلى محافظ القاهرة طالبًا التصريح له بإصدار صحيفة يومية سياسية باللغة العربية باسم أخبار اليوم، وذلك بصفته صاحب الصحيفة ورئيس تحريرها المسئول عنها وناشرها، وكان اسم أخبار اليوم مناسبًا إلى حد كبير حيث إنه كان ينبئ عن نوعية الصحيفة وأنها ستقدم أحدث الأخبار التي تهم القارئ، وفي اليوم التالي (23 أكتوبر عام 1944م) قدم خطاب ضمان بمبلغ (300) جنيه من بنك مصر برقم 279/44 ن مؤرخًا في 23 أكتوبر 1944م ومُعنونًا باسم وزير الداخلية حيث كان رئيس الوزراء يشغل منصب وزير الداخلية، وفي اليوم التالي مباشرةً 24 أكتوبر 1944م رفع «محمد عبد الله عنان» مدير إدارة المطبوعات التي كانت تتبع وزارة الداخلية في ذلك الوقت مذكرة بذلك إلى وكيل وزارة الداخلية الذي وافق على إصدار الصحيفة في 25 أكتوبر1944م.

          ويقدم هذا الكتاب روح مدرسة أخبار اليوم الصحفية التى تتماس أحيانًا مع مدرسة روز اليوسف، على الرغم من اختلاف التوجه بينهما.  كما يقدم الكتاب  نجوم مدرسة أخبار اليوم عبر الأجيال بدءًا من المؤسسين: على ومصطفى أمين إلى: هيكل - قبل أن يتأجج الصراع بين الطرفين-، وأنيس منصور الذى رأس تحرير مجلتي الجيل ثم آخر ساعة الصادرتين عن أخبار اليوم، وعباس محمود العقاد  - الذي كان ألمع كتاب يوميات الأخبار، وكامل الشناوي وجليل البنداري، وإبراهيم المصرى ومحمد فهمى عبداللطيف ومحمد مصطفى غنيم وعبدالفتاح البارودى - صاحب الزاوية الشهيرة (للنقد فقط).

          وأصدرت المؤسسة عشرات الدوريات بين صحيفة يومية ومجلة أسبوعية وكتاب شهري، ومن بين إصداراتها المبكرة مجلة المختار (يناير عام 1956)، التي احتوت على العديد من المواد المختارة من جميع صحف العالم ومجلاته على الطريقة التي اتبعتها مجلة «ريدرز دايجست» في معظم بلدان العالم بلغاتها المختلفة.  كانت مجلة المختار، وهي النسخة العربية من مجلة «ريدرز دايجست» الأمريكية هي حلقة الوصل التي تربط بين الشرق والغرب، حيث كانت تنقل الأفكار التي تنشرها المجلات والصحف الأجنبية إلى اللغة العربية، واستعانت بأنماط مختلفة من الاتجاهات الثقافية والتيارات الفكرية والأعمال الإنسانية التي تنير العقول وتفتح الأذهان. 

          كما أصدرت المؤسسة صحيفة أخبار الأدب يوم الأحد الموافق 18 يوليو عام 1993م في حجم التابلويد، مكونة من أربعين صفحة منها ست صفحات ملونة، وتولى الأديب جمال الغيطاني مسئولية رئاسة التحرير منذ صدورها وحتى الآن، وقُوبلت أخبار الأدب باحتفالية كبيرة من قبل المثقفين المصريين، ورموز الفكر المصري. وذكر الأديب الراحل نجيب محفوظ أن صدور أخبار الأدب حدث ثقافي مهم، وأنه يأمل أن تسد الصحيفة الجديدة الفراغ الذي تركته مجلة «الرسالة» وأنه يأمل أن تكون هذه الصحيفة ميدانًا فسيحًا لالتقاء الأصالة بالمعاصرة، وفتحًا شاملاً للإبداع والنقد والقضايا الفكرية، كما قال عنها الفنان فاروق حسني وزير الثقافة: «صدور جريدة أخبار الأدب هو بالنسبة لي تحقق حلما من أحلام الثقافة وهو في ذات الوقت إضافة كبيرة جدًا للعمل الثقافي لأنه ليس هناك من شك أن العمل الثقافي يحتاج دائمًا إلى من يرشده ومن ينقده ومن يمتدحه. وإن جريدة أخبار الأدب سيكون لها تأثيرها ليس فقط على الأدباء والمبدعين بشكل عام ولكن أيضًا على العاملين في الحقل الثقافي في مصر والعالم العربي».

مصطفى عبدالله

دمشق

أسبوع السينما التونسية يكسر حاجز اللهجة

          مازالت محاولات مؤسسة السينما السورية حثيثة لتنشيط الفعاليات السينمائية وجذب الجمهور إلى الصالات مجددا علها تعيد الطقس السينمائي مع الزمن ومن خلال التراكم، فلا تجعله حكرًا على مهرجان دمشق السينمائي فقط، كذلك حال الأفلام المعروضة سواء للتعريف بمخرج معين، أو بالسينما الأوربية، الأمريكية، العربية على اختلافها (مصرية، مغربية، إيرانية...) وآخرها تظاهرة الأفلام التونسية، التي جمعت أفلاما قديمة وحديثة، طويلة وقصيرة، كان لها أثر في السينما التونسية مثل (هي وهو، تصاور، عرايس الطين، صابة فلوس، شمس الضباع...) ونال بعضها العديد من الجوائز ورشح  لمهرجانات عربية وعالمية. منها فيلم الافتتاح«خرمة» للمخرج جيلاني السعدي، عن شاب يتيم يحيا تحت رعاية رجل عجوز، تتلخص حياتهما في العناية بالموتى، وقراءة القرآن والأدعية في المآتم، والأهازيج في الأفراح، وتقديم الخدمات للناس المحيطين مقابل مبالغ مالية بسيطة، ونتيجة خطأ بين فرح ومأتم يفقد العجوز عقله، فيقع الخيار على خرمة ليخلفه، ظنا منهم أنه أبله وغير قادر على التغيير، ورغم إثباته العكس يعود في النهاية ليكون على طبيعته.

          يعيش خرمة استغلال العجوز له في العمل وأخذ ماله وإن كان قليلا، كذلك يتعرض إلى الاعتداء الجنسي من قبل آخرين.. رغم ذلك فهو مرح يستلطفه الكبار ويصادقه الأطفال، يحب النساء والرقص والموسيقى وتحديدا عبد الحليم حافظ، فيقضي الليالي مقلدا له في طريقة الغناء، وهنا استخدم المخرج الإكسسوار والأزياء للتماهي مع الشخصية المتخيلة، وهو أسلوب مسحوب على كامل الفيلم. حيث يضع خرمة (البابيون) وكأنه عبدالحليم يغني فينتشي الجمهور ويصفق له بحرارة، واقفا أمام الصحون اللاقطة على سطح المنزل وكأنها تلتقط صورته لتبثها.

          شخصية خرمة الطفولية والعارفة بأدق التفاصيل وكل ما يجري، إذ يعتبره الجميع أبله فيدخلونه إلى بيوتهم وتنكشف النساء أمامه.. فجأة وبعد أن يغير ملابسه ليرتدي زي العجوز ويأخذ مكانه في العمل، تنقلب شخصيته وتتبع الزي ليصبح رجل دين ورعًا وتقيًا ويسمي نفسه بلال تشبها بالصحابة، يدعو إلى الصلاة ويرفض الغش. بالمقابل يبدأ التفكير في ذهنية الربح والبيع والشراء، واللافت هو تغير نظرة الناس إليه فور أن غير زيه وسلوكه فأصبح مقنعا لهم. إلا أنه يعود بين الحين والآخر إلى سلوكه الطفولي، ونتيجة غضب الشيوخ منه يقرر تأمين الحماية فيجلب بعض الرجال ويعطيهم المال ويقيم حفلة تثير حفيظة الحي فيطالبون به للعقاب ويتخلى عنه الباقون.

          بعد ذلك وفور أن يرتدي ملابسه القديمة يعود إلى شخصيته الأصلية التي لم يستطع تغييرها في العمق، وإلى حبه للرقص والبحر...

          أهمية الفيلم تكمن في قدرته على تضمين حكاية إنسانية بسيطة جملة تفاصيل إنسانية تخص الشخصية الرئيسية (خرمة) وما حولها، وأخرى تجعله يحمل خصوصية تونسية، تعرفنا بهذا المجتمع وتفاصيله الحياتية اليومية. ويبين مدى تطور السينما التونسية واختلافها عن الأفلام القديمة التي تشبه في حكاياتها وشكلها البلدان الأخرى كالسينما المصرية أو السورية.. مثل فيلم «عزيزة» لمخرجه عبد اللطيف بن عمار، الذي يحكي قصة فتاة يتيمة رباها عمها، تحب ابنه الغائب في فرنسا، ويضايقها الآخر، تضطر للانصياع فلا مأوى أو معين ماديًا، ولحاجة ابن عمها للمال لإقامة مشروع خاص به كشراء سيارة وافتتاح مطعم، يبيع البيت القديم في المدينة وينقل أباه وابنة عمه إلى القرية التي تتعب الأب وتمرضه فيموت، وتثور عزيزة على وضعها لتعمل وتعتمد على نفسها ماديا، بينما تتزوج صديقتها التي ساعدتها على النهوض برجل خليجي ثري وترحل... وتنهار مشاريع ابن العم خصوصا بعد تعليقه الأمل على مشاريع وثروة ذاك الرجل.

          يعرض الفيلم حال المرأة وما تعانيه من ضغوط نفسية وجسدية سواء في حضور الرجل أو بسبب غيابه، إضافة إلى الوضع الاقتصادي ومدى تأثيره في طبيعة العلاقات بين الناس والتي تحكم بالضرورة العلاقة بين المرأة والرجل.

          لايمكن تقييم مثل هذه الأفلام بعيدا عن مرحلتها وزمنها، لكنها وبالمقارنة مع السينما التونسية الحالية لا تحاكي إلى حد كبير الجمهور المحلي ولا تعرض للآخر العربي أو الأوربي الخصوصية التونسية. بينما استطاع المخرجون اليوم وضع بصمة خاصة بهم وإيجاد هوية لأفلامهم، تنطلق من بيئتهم وإشكالاتهم وعاداتهم وتقاليدهم والموروث الحضاري والفكري والجمالي الخاص بهم، والعناية بكل التفاصيل التي حققت منظومة جمالية ابتداء بالحكاية أو الموضوع المطروح ومن خلال الصورة، انتهاء بالديكور والإكسسوار، بالتالي تحررت من الاهتمام بالجانب الربحي وما تفرضه أحيانا آلية الصناعة السينمائية. وفرضت حضورها في العالم العربي وأوربا، مما أخرجها إلى حد ما من أزمة اللهجة، إضافة إلى الاستخدام المدروس للصورة ودلالاتها ورموز السينما وجماليات الشكل الفني.

          كما أن مثل هذه التظاهرات السينمائية التي تقام بين الحين والآخر قادرة على كسر تلك الحواجز وتحقيق التواصل مع بيئة الآخر وإشكالياته، ورؤيته الفنية والجمالية.

ليلاس حتاحت

الخرطوم

ندوة تناقش لهجة جوبا العربية

          نظم اتحاد الكتاب السودانيين بالتعاون مع مركز اللغات والترجمة بجامعة جوبا بالسودان ندوة حول كتاب (لهجة جوبا العربية) لمؤلفه الدكتور شول بول دينق، الندوة أدارها الدكتور الأمين أبو منقة الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، وتحدث فيها الدكتور يوسف الخليفة أبوبكر ود. كمال جاه الله ومؤلف الكتاب وآخرون.

          قدَّم د. شول بول دينق (المؤلف) لأهم ما جاء في فصول كتابه حول لهجة جوبا العربية، متطرقا إلى المراحل التاريخية التي نشأت فيها اللغة وتطورت، بجانب تحليلٍ لأسباب النشوء السياسية والاجتماعية حتى عام 1983م، مشيرا للفترات التاريخية التي واجهت فيها اللغة انحسارا ومتى ازدهرت.

          وتحدث عن دخول اللغة العربية لجنوب السودان، وذكر بأنه وفقًا لاحصاء 1956م فإن عدد اللغات في جنوب السودان فاق الـ(50) لغة، وأضاف بأن العربية دخلت للجنوب في العهد التركي المصري بصورة تلقائية ومن دون تخطيط لغوي عبر عدد من الوسائط كالتجار الشماليين والشوام والمصريين وجنود الحكم التركي.

          وأضاف بأن فترة المهدية شهدت انحسارا ملحوظا للغة العربية بالجنوب نسبة لأن الدولة المهدية عمدت لتفكيك المؤسسات التي ساعدت على نشر العربية بالجنوب، أما العهد الاستعماري فإن السياسات فيه كانت ترمي لفصل الجنوب عن الشمال ولم تكن تساعد على انتشار العربية باعتبار أنها وضعت التعليم في يد الجمعيات التبشيرية وحاربت الإسلام واللغة العربية ومظاهرها بالجنوب، إضافة للإجراءات القوية بقصد منع الالتقاء مابين الشمال والجنوب ومنها عقد موتمر الرجاف «مدينة بأقصي الجنوب السوداني» اللغوي الذي كان الغرض منه اختيار لغات محلية تحل مكان العربية، وقد أوصى المؤتمر باختيار ست لغات كلغات للتعليم، ووضعت اللغة العربية في مرتبة ثانوية.

          ويرى المؤلف أن مؤتمر الرجاف من المؤتمرات اللغوية المهمة بحسبان أنه أثر في حركة انتشار اللغة العربية في جوبا والجنوب عموما، ولكنه يعتقد أيضا أنه ورغم كل هذه الإجراءات لم يتوقف انتشار اللغة العربية وأن التجار الشماليين كان لهم دور كبير في توسيع رقعة تداول اللغة العربية بالجنوب.

          وأضاف د.بول بأن ضغط الحركة الوطنية بالسودان قد أدى لمجيء سياسة جديدة لإدخال العربية في مدارس الجنوب ووضعت خطط لذلك على يد أول وزير معارف سوداني وهو عبدالرحمن على طه بعد الاستقلال، ومن أجل توحيد السودان تم إدخال اللغة العربية في التعليم في الجنوب وابتُعِثَ الأستاذ سر الختم الخليفة «أصبح رئيسا للوزراء بالسودان فيما بعد»، والذي أقام دور النشر ودرب الأساتذة على مناهج اللغة العربية.

          ويشير المؤلف الي أن شعبة اللغة العربية التي أسسها سر الختم الخليفة في الجنوب عملت على إدخال الحرف العربي في لغات الجنوب، وتمت الاستفادة من تجربة الجمعيات التبشيرية في كتابة اللغات المحلية بالحرف العربي، إلا أن هذا العمل توقف بقيام أول تمرد في الجنوب السوداني عام 1955م.

          وقد عرَّف د.بول لغة جوبا العربية بأنها تتكون من جملة من الأصوات الساكنة والمتحركة وعند إجراء مقارنات وجد بأنها تطابق العربية الفصحى في بعض المخارج والأصوات وتختلف معها في البعض الآخر، وأضاف بأنها تأثرت بأصوات لغة قبيلة الباريا الجنوبية التي تستوطن مدينة جوبا وما حولها، وكذلك الحال من ناحية البناء الصرفي، فيما لاحظ عدم التزام هذه اللغة بالإعراب وأداة التعريف (ال) ومن ناحية الدلالة فقد استفادت من الكلمات العربية العامية والتركية والنوبية الأوغندية.

          ويقول شول بول دينق في تبيان خصائص لهجة جوبا العربية إن «لهجة جوبا ليست لكل المناطق الاستوائية، وإنما يأتي أفراد القبائل إلى مدينة جوبا لتعلم هذه اللهجة. وبالنسبة لعلاقتها باللهجة العربية في شمال السودان فإن لهجة جوبا تطابق اللهجات العربية في الشمال، وتختلف عنها في نواح أخرى لأنها تأثرت بالجانب المحلي (اللغات المحلية في الجنوب).

          د. يوسف الخليفة أبو بكر، كان أول المعقبين وهو أول عالم لغات سوداني وأستاذ الدراسات العربية بجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم وعضو مجمع اللغة العربية السوداني، وقد قال إن اللهجة العربية الهجين تطلق في كل جنوب السودان، وليس فقط لهجة مدينة جوبا، مشيرا إلى اختلافها من منطقة لأخرى، وأضاف بأنها لهجة تختلف في قواعدها النحوية ودلالاتها من منطقة لأخرى كلهجة قبيلة الزاندي التي لاتحتوي على حرف (اللام).

          ويضيف: مثلا «في منطقة الدينكا عندما يتحدث الشخص بعربي جوبا فإنه يحوِّل قوالب لغة الدينكا إلى هذه اللغة الجديدة، وبهذا أفترض أن لهجة جوبا تختلف في أصواتها وتصريف كلماتها ودلالاتها وقواعدها النحوية من منطقة إلى أخرى، لأنها قاعدة تنتظم جميع لغات البشر، أي عندما يأخذ الإنسان كلمات من لغة يلبسها ثوب لغته الخاصة ويحورها حسب لغته الخاصة».

          ويقول مناقشا للكتاب: «إننا في حاجة إلى تحديد مقياس للتفريق بين اللغة واللهجة، ثم بعد ذلك نحدد عدد لغات السودان». ويرى أن اللغويين الذين تناولوا لغات السودان متأكدون من أنها أكثر من (100) وتتراوح بين 114 - 137 لغة، ولكن يجب أن نحدد بصورة أدق ما هي اللغات وكل لغة وما تحتويه من لهجات، ويعتقد أن هذه مشكلة كبيرة، وناشد القائمين على معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية بجامعة الخرطوم أن يضعوا في أولوياتهم مهمة تعداد اللغات في السودان.

          وتركز تعليق الدكتور كمال جاه الله الأستاذ بجامعة إفريقيا العالمية على ما أسماه «الجانب المظلم من الكتاب» في مناحي التوثيق والأخطاء الاملائية، ومما ذكره من عيوب أن الباحث توقف في بحثه في عام 1983 بالنسبة لتاريخ لهجة جوبا العربية، ويقول إنه أهمل الفترة التي تلت تلك السنة.

          العديد من المداخلات التي أعقبت قراءات الكتاب أغلبها كانت تعارض اسلوب د.كمال جاه الله في انتقاد الكتاب وقراءته، إذ يرى د.عثمان سراج ان الدكتور كمال كان ممتحنا وليس مناقشا، ويرى د.أحمد البدوي أن قراءة دكتور كمال كانت تشبه نوعا من الهجاء، مؤكدًا بطلان حديث الدكتور حول استخدام النحو العربي في تحليل لهجة جوبا، مشيرا إلى نماذج عديدة في التحليل والمقارنة اللغوية التي تمت بين لغات إفريقية واللغة العربية وبمناهج علمية سليمة.

          أما الأستاذ شمس الدين ضو البيت فقد ركز على الإشارة إلى نقاط تعين على رؤية مستقبل اللغة والإسلام في الجنوب، وهي في جانب تاريخ دخول لهجة جوبا العربية إلى الجنوب، إذ يرى أن الطريقة التي دخلت بها لهجة جوبا هي شبيهة بانتشار الإسلام في السودان، وقد جاء صُلحا في بداية الأمر وليس فتحا، وكانت تزدهر وتتطور وتتوسع في تلك الفترة بشكل تلقائي وبسيط،، ورأى أنه سيكون للغة العربية مستقبل جيد في حالة التقيد بسياسات نشر اللغة داخل إدارة تحترم تعدد وتطور الثقافات الأخرى. وأشار د.أحمد الصادق إلى خطورة وصف لغة التواصل بالجنوب باللهجة والأصوب وصفها بأنها لغة هجين.

محمد خليفة صديق

الرباط

فيلم كوسوفي يفوز بجائزة مهرجان سينما المؤلف

          اختتمت فعاليات الدورة الثالثة عشرة لمهرجان سينما المؤلف الذي ينعقد سنويا بمدينة الرباط  بفوز الفيلم الكوسوفي «كوموني» للمخرج ايزا كوسجا، هذا الفيلم الذي أثار موجة من الإعجاب بين أوساط محبي السينما ونقادها وقت عرضه والذي رشحته كل التوقعات لنيل هذه الجائزة عن استحقاق كامل، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الفيلم الروماني «الحلم بكاليفورنيا» للمخرج كريستيان نيمسكو في حين آلت جائزة لجنة النقد السينمائي الذي تكونت من النقاد السينمائيين خليل الدمون رئيسا ونورالدين محقق ومحمد الخيتر أعضاء إلى الفيلم البلجيكي «خاصية عارية» وهو الفيلم الذي لاقى استحسانا كبيرا سواء من قبل الجمهور العادي أو جمهور النقاد، تجلى ذلك بالخصوص في المناقشات الهادفة التي عرفتها المائدة المستديرة التي خصصت لمناقشته والتي أبان فيها مخرج الفيلم جواتيم لافوس عن معرفة دقيقة بالسينما وبكيفية التعامل معها موضوعا وتقنية، فيما توزعت باقي الجوائز بين الأفلام التالية: جائزة أحسن دور رجالي للممثل طارق البخاري الذي جسد دور فتى مسرحي يرغب في جعل المسرح معبرا عن هموم الآخرين في الفيلم المغربي «حديث اليد والكتان» للمخرج عمر الشرايبي، جائزة أحسن دور نسائي للممثلة ربيعة بنت عبد الله التي جسدت دور امرأة تعاني من شذوذ زوجها في الفيلم التونسي «خشخاش» للمخرجة التونسية سلمى بكار،وهو أحد الأفلام التي استطاعت أن تحقق لها في هذا المهرجان حضورا قويا، وهو ما جعله ينال جائزة «الجمهور».أما جوائز التقدير فقد عادت إلى الفيلم الايطالي «الحر» ممثلا في نيل الممثل الطفل كيم روسي لجائزة تقديرية عن دوره المميز في هذا الفيلم وللفيلم «كوكومي» ممثلا في نيل الممثلة أنيزا إسماعيلي هي الأخرى لنفس الجائزة التقديرية.تجدر الإشارة إلى أن لجنة التحكيم لهذه الدورة قد تكونت من المخرج السينمائي المغربي عبد المجيد رشيش رئيسا والمخرجة الإسبانية بيلار فيلاسكير والمخرجة الإيرانية سبيدي فارسي ومديرة الكاستينغ بكنال بلوس الفرنسية فابيان بيشي والمخرج الغيني الشيخ دوكوري والفنان التشكيلي المغربي محمد بناني والناقد السينمائي الفرنسي دييكو كالان ومدير الإنتاج المشترك بين اليونان والاتحاد الأوربي، اليوناني كريكو كوكيناكيس أعضاء.

          استطاعت هذه الدورة الثالثة عشر أن تقدم لعشاق الفن السابع مجموعة من الأفلام السينمائية الرائعة التي تجمع بين الفن التأليفي الراقي والقدرة على عملية التحكم التقني فيه وبين الرغبة في الإمتاع الجماهيري وتقريب الجمهور العادي من سينما المؤلف في أبعادها الجمالية المتعددة، كما كانت عملية تنظيم المهرجان والسهر على الورشات النقدية التي عقدت لمناقشة الأفلام المعروضة والتحاور مع مخرجيها فرصة للحديث عن أحوال السينما وأهدافها الفنية والاجتماعية وما يحيط بها من قضايا عامة ترتبط بالجوانب النفسية والاجتماعية والسياسية وما إلى ذلك. إضافة إلى كل هذا احتفل المهرجان أيضا بالسينما المغربية في فقرة خاصة بها حيث تم عرض مجموعة من أفلامها هي «السيمفونية المغربية» لكمال كمال و«ريح البحر» لعبد الحي العراقي و«الحلم المغربي» لجمال بلمجذوب و«الأجنحة المنكسرة» لعبد المجيد رشيش و«انهض يا غرب» لنرجس النجار و«ياسمين والرجال» لعبدالقادر لقطع، كما احتفل بالأفلام الوثائقية عن طريق تقديم مجموعة منها مثل فيلم «عرب السينما الأشرار» للمخرج سات جهالي وفيلم «أمينة» للمخرجة خديجة السالمي وسواهما. أما في فقرة «استرجاع» فقد تم عرض مجموعة من الأفلام المتميزة كأفلام المخرج الفرنسي فيليب فوكون ذات الطابع التربوي العام مثل «المؤامرة » و«صابين» و«سامية» و«الغرباء» وأفلام المخرج التركي نوري بيلج سايلان التي لاقت صدى طيبا لدى عموم الجمهور المتابع والتي توالت كالتالي: «كوزا» و«مناخات» و«ايزاك» و«غيوم شهر ماي» و«قصبة »...  كان للسينما اليونانية أيضا حضورها اللافت حيث تم الاحتفاء بها هي الأخرى في فقرة «بانوراما» حيث تم عرض مجموعة من الأفلام اليونانية مثل فيلم «اليوم الوحيد في حياته » للمخرج لاكيس باباستاهيس وفيلم «متزوج بالكامل» للمخرج ديميتريس أندراس وغيرهما. لقد استطاع مهرجان الرباط السينمائي الذي اختار له كنهج «سينما المؤلف» أن يحقق تميزه وخاصيته ضمن مجموع المهرجانات السينمائية المغربية التي أصبحت تحظى بسمعة عربية ودولية محترمة، وهو بهذا يعتبر رافدا قويا من روافد الاهتمام بالمجال السينمائي في بعده الجمالي وفي صيغه الفكرية الإنسانية، كما استطاع أن يحظى بمشاركة كبار المخرجين والفنانين العرب والأجانب وأن يساهم من هذا المنطلق في الدفع بالسينما المغربية والعربية إلى مقارنة إنتاجاتها بإنتاج باقي الدول الأخرى الحاضرة من خلال أفلامها بغية التطوير شكلا وتقنية ومضمونا وأداء.

نورالدين محقق

سيول

افتتاح المنتدى العالمي للتنمية البشرية

          بحثًا عن حلول تنمية الموارد البشرية للجيل القادم، يعقد هذا الشهر في العاصمة الكورية الجنوبية سيول في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر، المنتدى العالمي للتنمية البشرية، برعاية وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، والصحيفة الاقتصادية الكورية اليومية، والمعهد الكوري لبحوث التنمية المهنية والتدريب.

          وقد وضعت الشركات الخاصة والحكومة الكورية جدولا للأعمال من أجل ابتكار الإجراءات الإبداعية المتعلقة بتوظيف وتدريب ومكافأة العقول المبدعة واللامعة كمفتاح للنمو المستمر. كما تواصل الت فاعل مع العولمة لتوليد التغيرات السريعة في شروط تنسجم مع حركة العمل والأسواق المشتركة ومعايير السلع والشركات الدولية، علما بأن توقف الاقتراب من تنمية الموارد البشرية يدعو إلى القلق الوطني تماما. وكان منتدى الموارد البشرية العالمي الأول قد عقد العام الماضي بسيول في شهر نوفمبر، وحضره أكثر من 2500 شخصية عالمية من القطاعات العامة والخاصة ومن بينها المنظمات الدولية والجامعات الرفيعة المستوى. ومن بين الشخصيات البارزة التي حضرت المنتدى: بيل جيتس، رئيس شركة مايكروسوفت وبول وولفويتز، الرئيس السابق للبنك الدولي وبيرتيل هاردير، وزير التعليم الدانماركي وباربرة شينغر، مديرة التعليم التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبيتر بليمبتون سميث، مساعد المدير العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة، وروبرتبارو، الأستاذ بجامعة هارفارد توماس كوتشان، الأستاذ بجامعة إم آي تي. فيما يتوقع أن يزيد حضور هذا العام إلى 3000 شخصية عالمية.

          وستعطي الجلسات المنفصلة للمنتدى الفرصة للنقاش المعمق بين العاملين في القطاعين العام والخاص. كما سيدعى المشاركون فيه إلى إيجاد بحوث صارمة للحلول الفعالة الخاصة بالموضوعات الرئيسية ومن بينها طرائق إبداع التعليم العالي وإستراتيجيات الموهبة الإبداعية للشركات العالمية وإستراتيجيات التنمية البشرية الوطنية للنمو المستمر. ومن أبرز موضوعات المنتدى لهذا العام: الإبداع في التعليم العالي، وشراكة الصناعة مع الجامعات في تعليم الهندسة، والجامعات المستقبلية وتعليمات التنمية البشرية الجديدة. وستطرح أيضا أفكار جديدة حول إستراتيجيات إدارة المواهب الإبداعية في الشركات العالمية، ومسئولية هذه الشركات تجاه مجتمعاتها، فضلا عن مناقشة تطوير المهارات من خلال الشراكات الاجتماعية، وتمويل آلية التعليم العالي والتعلم الدائم.

          وسوف يتم التركيز على عوامل التقنيات الجديدة والتجارة الدولية الحرة والهجرة المتزايدة لمثقفي الجامعات، باعتبارها عوامل مهمة في التنافس والتعاون، وتدريب الجامعات العالمية للمواهب ذات الكفاءة العالمية. كما سيقدم رؤساء الجامعات البارزة تجاربهم الإبداعية في تبني المواهب الماهرة ومناقشة الإستراتيجيات المختصة بالنمو المستمر والمرتبط بمعاهد للتعليم العالمي.

          وقد دعي إلى المشاركة في الملتقى صناع القرار من الدول المتقدمة والنامية والخبراء من المنظمات الدولية والإقليمية الحكومية وغير الحكومية، والشخصيات  وممثلو  القطاع الخاص، كما سيحضر المسئولون الرئيسيون للشركات الكورية والمنظمات المختصة.

          ويسبق أيام المنتدى، افتتاح المركزالكورى للثقافة العربية الإسلامية، في مدينة إنتشون، على مساحة 1600 متر مربع، ويضم المركز مسجدًا وقاعة محاضرات ومؤتمرات وعرض سينمائي، فضلا عن قاعة للمعارض الدائمة للحضارة العربية والإسلامية، وتلك الخاصة بكل دولة عربية أو إسلامية وكتب الحضارة العربية والإسلامية، والأفلام الوثائقية والأفلام الدرامية، مع مقهى ثقافي، وأجهزة كمبيوتر بإمكانات عربية، ومكاتب إدارة للشئون الدولية والثقافية والاقتصادية، مع مكتب خدمة رجال الأعمال من الطرفين، وقاعة مشاهدة للقنوات العربية عبر القمر الصناعي.

          ويهدف المركز الذي يرأسه الدكتور هان دوك كيو؛ رئيس جمعية كوريا والشرق الأوسط، ورئيس قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، إلى إثراء الحوار الحضاري بين الثقافتين العربية والإسلامية من ناحية والكورية من ناحية أخرى، والترجمة من الكورية إلى العربية والعكس، وإقامة منتدى حوار بين العرب وكوريا كل عام في مختلف المجالات سياسية واقتصادية وثقافية، مع توفير مكتب لخدمة رجال الأعمال العرب والمسلمين، وذلك بدعم من محافظة إنتشون التي ستستضيف مدينتها أولمبياد 2014، ومجموعة شركات SK، وجمعية كوريا والشرق الأوسط.

د. يوسف عبد الفتاح

بوخارست

رومانيا تمنح طارق الطيب جائزة الشعر الكبرى لعام 2007

          في مدينة  - كورتا دي آرجيش - الرومانية، حيث أقيمت الدورة الحادية عشرة للجائزة العالمية الكبرى للشعر بمشاركة عدد كبير من مبدعي النمسا وفرنسا وألبانيا وبلغاريا والسويد والبرتغال وأوكرانيا وروسيا وكرواتيا واليونان وبلجيكا وغيرها، فضلا عن كاتبات وكتاب رومانيا الراسخين والجدد، حصل طارق الطيب على جائزة هذا العام 2007.

          أقيم الاحتفال بمتحف المدينة في - كورتا دي آرجيش - وقد وزعت خمس جوائز وهي: جائزة الدولة الكبرى للأدب وجائزة فالنسيا للترجمة وجائزة البلقان الكبرى للشعر والجائزة الأوربية الكبرى للشعر وجائزة (شرق - غرب) للفنون ثم أخيرا الجائزة العالمية الكبرى للشعر.

          يقول دوميترو ايون رئيس الأكاديمية والمهرجان ورئيس أكاديمية (شرق- غرب) إن هناك قائمة كانت موجودة لبعض الشعراء المرشحين من قبل اللجنة وأن الطيب أضيف إليها بعد أول قراءة له، تلك التي لاقت استحسان الحاضرين، قرأها بالعربية والإنجليزية وقرأتها بعده الفنانة دوينا جيتسيسكو باللغة الرومانية، ثم بعد القراءات في الأيام التالية ظل الطيب يتقدم القائمة ليتصدرها فائزا بالجائزة الكبرى في اليوم الأخير. وقد أسس هذه الأكاديمية الدولية (شرق - غرب) الشاعر دوميترو ايون مع زوجته الشاعرة كارولينا إليكا.

          وارتجل الطيب كلمة أمام اللجنة والحاضرين وللتلفزيون الروماني عن الجائزة التي لم يكن يتوقعها قال فيها:

          «لم أكن أتوقع أن أفوز بجائزة على الإطلاق ويذكرني هذا الموقف بالفائزين بأوسكار هوليوود. الفرق بيني وبينهم هو أنني أولا: لم أكن مستعدا على الإطلاق من قريب أو بعيد للفوز بهذه الجائزة الكبرى بالذات، وثانيا: أنني لم أضع ورقة في جيبي لأقرأ منها في حال فوزي.

          والمرء حين يسافر يشتري في الغالب بعض التذكارات التي تذكره بالمكان وأهل المكان وقد فعلت بالأمس هذا ونحن في ترانسلفانيا في قلعة دراكولا، لكن هذا التذكار الجميل المميز سيبقي في ذاكرتي للأبد. أنا سعيد بهذا التقدير وسعيد لوجودي الدائم في تلك الانطولوجيا التي تمثل بالنسبة لي جواز سفر جديدًا عبر اللغة كمواطن جديد في رومانيا، أشكركم وأشكر اللجنة وأشكر السادة الحضور»

           كانت هناك عدة قراءات بدأت أولاها في قاعة المرايا باتحاد الكتاب في بوخارست بعد أن قدمت للأنطولوجيا الشاعرة الرومانية والمديرة الفنية للأكاديمية كارولينا أليكا والشاعر رئيس الأكاديمية والمهرجان دوميترو ايون.

          جدير بالذكر أن الدورة الأولى للمهرجان أقيمت في عام 1977 وحضرها ما يقرب من أربعين شاعرا من 15 دولة. فاز بالجائزة في ذاك العام الشاعر المقدوني مخايل رينجيوف من مقدونيا، ثم توقفت الدورة لمدة 21 عامًا لتعود بالدورة الثانية عام 1998 وتستمر سنويا في الموعد نفسه دون توقف. وقد فاز في أعوامها السابقة الكثير من شعراء العالم مثل الشاعر الأيرلندي جون إف دين والياباني ساتوكو تامورا والكوبي مانويل دياز مارتينيز. وبانتهاء الدورة الحادية عشرة يكون قد شارك في هذا المهرجان منذ بدايته ما يقرب من 650 شاعرا من مختلف أنحاء العالم من أكثر من 75 دولة.





 





وجه من السودان





ملصق المهرجان





طارق الطيب