المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

الكويت

ندوة: الجماعات الإسلامية وحوارات ساخنة

تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد افتتح في الكويت مؤتمر (دور الجماعات الإسلامية في الإصلاح السياسي) الذي نظمته دار الوطن بالتعاون مع معهد كارنيجي للسلام الدولي وقد أكد وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح في كلمة ألقاها نيابة عن راعي المؤتمر بأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أفرزت على الساحتين الثقافية والسياسية نمطًا ونسقًا فكريًا من الشوفينية لا يرى في الإسلام إلا دين عنف وكراهية وطغيان كما لا يرى فيما يزيد على المليار مسلم إلا مجموعة من الإرهابيين والمجرمين والقتلة, لافتا إلى جهل البعض أن ديننا هو دين الاعتدال والوسطية.

ورأى الصباح أن التخلف لا ينبع من الدين أو الثقافة بل هو صناعة بشرية بحتة مادتها الخام انعدام الحرية التي هي قيمة عالمية ليست حكرًا على ديانة أو ثقافة وختم كلمته, مؤكدا أن الحرية في الكويت خيار قديم مارسه أجدادنا مع نشأة هذه الدولة قبل أكثر من مائتي عام.

وألقى الشيخ علي الخليفة الصباح كلمة المنظمين والتي بين فيها أن تخصيص المؤتمر لمناقشة موقف الجماعات الإسلامية من الإصلاح السياسي يأتي من الأهمية العملية التي تحظى بها تلك الجماعات غير أن الإصلاح مسئولية مشتركة من كل التيارات السياسية والقيادات, مشيرًِا إلى أن تنظيم (دار الوطن) لهذا المؤتمر يعد عاملا مشجعا لتنظيم مؤتمرات وندوات أخرى, فالتعاون مع معهد كارنيجي سوف يسجل بداية مميزة لتعاون مستقبلي بين المؤسسات العربية المعنية بالعمل السياسي والفكري والمؤسسات الغربية المماثلة.

وشارك في جلسات المؤتمر كل من المدير العام للمركز الدولي للدراسات أبو العلا ماضي ورئيس معهد الخليج للدراسات المستقبلية والاستراتيجية الدكتور إسماعيل الشطي ورئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في مملكة البحرين الشيخ علي سلمان. وطالب ماضي بضرورة وجوب اشتراك الحركات الإسلامية التي تؤمن بالعمل السلمي وتلتزم بالدستور والقانون ولديها مشروع سياسي في العملية السياسية.

وأكد الدكتور الشطي أن الإسلاميين يحتاجون إلي أن يقدموا مفهومًا واضحًا للإصلاح السياسي متحررًا من قيد النظريات الموروثة, ومنطلقًا من الإسلام, فهما لا يجد قيدًا ضد أي شكل من أشكال الدول أو نظامًا من نظم الحكم مادام يلتزم المبادئ القرآنية العامة, كما طالب الإسلاميين بأن يعيدوا فهم العلمانية كفكرة تأسيسية للدولة النمطية المعاصرة.

وتحدث بعد ذلك هنري باركي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ليهاي بولاية بنسلفانيا عن تجربة التيار الإسلامي في تركيا وقال إن حزب العدالة والتنمية نجح في إقامة علاقات جيدة مع واشنطن في دلالة واضحة إلى أن الأحزاب الإسلامية قادرة على القيادة في حال ابتعادها عن التطرف.

وذهب إبراهيم الجعفري عضو مجلس الحكم الانتقالي بالعراق إلى أن الديمقراطية متى ما أكدت على وحدة الرأي تكون ذات معنى إسلامي أصيل, وهي ذات منهج عمل ورفض الاتهام المسبق للإسلاميين بتحويلهم النظام الديمقراطي إلى نظام ديكتاتوري بعد وصولهم إلى السلطة موضحًا بأن الإسلامي إنسان يعيش بين الناس وهو ضحية من ضحايا الديكتاتورية فكيف يكون لنا أن نمارسها بعد أن عانيناها? وتفسر أوتاواي الحالة الأمريكية المتناقضة في العراق قائلة: لقد عرفت الولايات المتحدة بعد احتلال العراق أن هناك رجال دين شيعة وهو ما أوقعها في حيرة الدعوة إلى ترسية الديمقراطية في العراق والخشية من وصول الجماعات الإسلامية إلى سدة الحكم, وختمت: الجميع يعرف أن الإدارة الأمريكية فقدت مصداقيتها إلا أنها مطالبة بالخروج من هذا الوضع بإجراء الانتخابات, أما محمد الجاسم رئيس تحرير الوطن فقد دعا التيارات الإسلامية إلى الانفصال عن العمل الدعوي وأن تقدم نفسها كأنظمة وتشكيلات سياسية دون ارتداء الرداء الديني وذلك من خلال ترك ذلك العمل لهيئات خيرية غير مسيسة لخلق ارتياح أكثر.

وتحدث المحامي منتصر الزيات من مصر والذي يتولى بالدفاع عن الجماعات الإسلامية أمام المحاكم, عن العلاقة بين الجهاد والإصلاح بوصفهما نقيضين وذلك عندما انقسمت الحركة الإسلامية إلى فصيلين كبيرين أحدهما جهادي يرى ضرورة الصراع مع ما هو قائم, والأخير إصلاحي يرى إمكانية التعايش معه وإصلاحه سلميا على نحو تدريجي.

وتحدثت الباحثة إيمي هوثورن عن الاهتمام الأمريكي بتطبيق الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث سبتمبر 2001 وقالت: (على الرغم من أن الخطاب السياسي الأمريكي تجاه المنطقة يدعو لضرورة تعزيز الديمقراطية وإرساء دعائم حقوق الإنسان فإن الصعوبات التي تواجهها واشنطن ناتجة من عدم فهمها لطبيعة القيم السائدة في تلك المنطقة ما جعل النظرة الأمريكية للمنطقة دائمًا تتسم بالسذاجة عند تفسير دوافع حقد شعوب المنطقة عليها).

وكان المتحدث على الطرف الآخر فرانسوا بورجا مدير المركز الفرنسي للدراسات البحثية, وحدد بورجا بعض أسباب سوء العلاقة بين الغرب والتيارات الإسلامية مؤكدا أن الغرب يخشى أن يفقد احتكاره لصناعة الحداثة ويرفض حق الثقافات الأخرى في المشاركة.

وربط الدكتور وائل الحساوي من الكويت نجاح الإصلاح السياسي في منطقة الشرق الأوسط بإصلاح أنظمة الحكم في البلدان العربية والإسلامية بالطرق السلمية ومناصحة الحكام.

ودعا الصحفي السعودي جمال خاشقجي الجماعات السلفية ومشايخها إلى ضرورة إصدار الفتاوى بتجريم الأعمال الارهابية بدلاً من شجبها ورفضها وقال إن بعض المشايخ يدعون للحرية ويهاجمون من يدعون للانفتاح والديمقراطية كما يريدها البعض شورى تقتصر على العلماء والمشايخ والأمراء منهم يريدونها حرية وديمقراطية للنخبة وليس للرعية مما يوجد تناقضًا ثقافياً.

إبراهيم المليفي

عمان

المنتدى العربي... وقضايا التقدم الساخنة

(أسس تقدم العالم العربي, القرن الواحد والعشرون, كانت هي القضية المطروحة أمام ندوة منتدى الفكر العربي التي عقدت في العاصمة الأردنية عمان تحت رعاية الأمير الحسن بن طلال وبحضور نخبة ممتازة من مفكري العالم العربي.

فالعالم العربي قد أصبح يعاني بشدة داء التخلف, التخلف الذي يفرض عليه ذلك الوهن والهوان الذي يقابل به قضاياه الكبرى. وقد افتتح الأمير الحسن الندوة بعرض للأرقام المخيفة التي وردت في تقرير التنمية الإنسانية الثاني والذي صدر عن مجتمع المعرفة, وهو يؤكد أن العرب الذين يشكلون 5% من سكان المعمورة لا ينتجون إلا 1,1 من كتب العالم أي أقل من تركيا. وإننا ننتج 53 نسخة من الصحف, لكل ألف نسخة, بينما يبلغ عدد النسخ في البلدان المتقدمة 285 نسخة. كما أن هناك 40% من العرب يعيشون تحت خط الفقر في مقابل مبلغ 1,3 تريليون دولار مودعة في البنوك الأمريكية ويملكها 300 ألف ثري عربي. بل إن 70% من لاجئ العالم هم من المسلمين.

هذا الواقع المؤلم فرض ظله على أبحاث الندوة وعلى حوارات المشاركين أيضا. دارت التساؤلات حول السبب الذي أدى إلى هذه الحال. وما طرق الخلاص منها, وقد قدم الدكتور حليم بركات أستاذ الاجتماع بجامعة جورج تاون صورة تشخيصية للوضع العربي الراهن تحت عنوان حال الأمة. أكد فيها أن الإنسان العربي في ظل الأنظمة السلطوية يعيش في حال من العجز تجاه التحديات التي تواجهه. وهو يجد نفسه في هامش الوجود لا في صميمه.

وفي مقابل هذه الصورة الحزينة للواقع الحالي يقدم المفكر البحريني د.محمد جابر الأنصاري رؤية واقعية للمستقبل العربي, وهو يعترف بأن استشراف المستقبل بالنسبة للعالم العربي تبدو مسألة صعبة, فالمجتمع العربي لم ينجح في التحول التاريخي من مجتمع تقليدي عشائري إلى مجتمع حديث وإلى دولة قابلة للنمو والتطور إلى النظام الديمقراطي. هذا التأجيل في التحول ترتب عليه أننا لم ندفع الفواتير المستحقة من أجل تنوير العقل العربي والإصلاح الديني والإصلاح السياسي.

ومن الرؤية الواقعية لهذا المستقبل ينقل د.جلال التدميري إلى حلم الوطن العربي للمستقبل وهو من أجل الوصول إلى هذا الحلم يغوص في أعماق الماضي العربي باحثًا عن جذوره ويستشهد بكل المذابح والانكسارات التي تعرّض لها هذا الوطن على يد القوى الأجنبية.

أما الدكتور عبدالكريم العلوي المدغري وزير الأوقاف السابق بالمغرب, فيدعو إلى التمكين للقيادة الفكرية. الذين يؤمنون بحرية الفكر والتقدم وهم الذين يمكن أن نأمن لهم إذا وضعناهم في مراكز الإشراف الفكري.

ويتحدث عدنان السيد حسين أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية مقترحًا أن يكون للعمل العربي أولويات تهدف إلى نشر العلم والمعرفة بما في ذلك الأمية المعلوماتية.

وتقدم د.بدرية العوضي أستاذ القانون الدولي بجامعة الكويت رؤيتها لتحقيق التقدم العربي من منظور نسائي وهي تستعرض التجارب التي خاضتها المرأة العربية وبخاصة في الخليج من أجل الحصول على حقوقها السياسية. ورغم التقدم الذي حدث في هذا الأمر فإن هناك انتكاسات كثيرة, وكان الأخطر هو عدم ترك مؤسسات المجتمع المدني للعمل بشكل مستقل لتقوم بدورها ولكنها توضع باستمرار وخاصة منظمات المرأة تحت الوصاية الحكومية.

وقد استمرت المناقشات الساخنة في المؤتمر على مدى ثلاثة أيام شملت حلقة من النشاط المفتوح, ومازال السؤال مطروحًا: كيف نحقق أسس تقدم الوطن العربي في القرن الواحد والعشرين?

القاهرة

خيري شلبي يتسلم جائزة نجيب محفوظ

رغم أنه اضطر إلى ارتداء البذلة الغربية والكرافتة التي كان يمقتها دائما, إلا أن الروائي المصري الكبير خيري شلبي لم يستطع الخروج عن طبيعته الهادئة وبساطته المعهودة عندما دخل القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ليتسلم جائزة نجيب محفوظ التي اتجهت إليه هذا العام بعد: بنسالم حميش المغربي وأحلام مستغانمي الجزائرية, ومريد البرغوثي الفلسطيني, وهدى بركات اللبنانية, والمصريين: يوسف إدريس ولطيفة الزيات (من الراحلين) وإبراهيم عبد المجيد, وإدوار الخراط وسمية رمضان (من الأحياء), والتي كان يتطلع إليها أكثر من مبدع في فن الرواية على امتداد العالم العربي. فقد انعكست طبيعة خيري شلبي وتلقائيته على كلمته الهادئة التي خلت من التنظير والحديث عن المكابدات والتضحيات من أجل عيون الرواية, واكتفت فقط بتوضيح أن هذه هي أول مرة يقف فيها خيري شلبي هذا الموقف الصعب لكي يتسلم أول جائزة في حياته وأنه لم يسع قط للحصول على جائزة كبيرة كانت أم صغيرة فقد قال صاحب (الأوباش) و(صالح هيصة) و(وكالة عطية): أرجو أن تغفروا لي إن بدوت أمام حضراتكم مرتبكا, عاجزا عن التعبير عن مدى ما أكنه من حب وتقدير لجائزة تحمل اسم أستاذنا العظيم نجيب محفوظ مؤسس فن الرواية العربية ومؤسسنا, وعن عميق شكري وامتناني لهذه اللجنة الموقرة التي رأت أن روايتي (وكالة عطية) ترقى إلى مستوى هذه الجائزة الكريمة, وعن الرهبة التي تتمشى الآن في أوصالي إذ أقف أمام حضراتكم وفيكم أساتذتي وزملائي وأصدقائي وابنائي.. وإني لمقدركم جميعا أجل التقدير, فأنتم مصدر الإشعاع ومنبع الإلهام, ومجتمع الضمير, وأهل الفكر والمكابدة, ولئن كنت قد كتبت شيئا يعتد له فإن الفضل يرجع إلى شعوري بأنكم قد تقرؤونه, فإذا كان الوجل منكم يعتريني وأنا وراء قلمي حين أكتب, فماذا يكون حالي وأنا أواجهكم?!

على أن شيئا آخر لم أكن أتوقعه, يسهم الآن في إرباكي, ذلك هو فوزي بجائزة نجيب محفوظ. فأنا لست مدربا على نيل الجوائز, ولم أفكر مطلقا في أن أتقدم لأي جائزة طوال حياتي, لاقتناعي بأن الجائزة تفقد معناها وقيمتها إذا نالها من تقدم يطلبها. وكنت ولا أزال على قناعة بأنه لمن الصفاقة وتخانة الوجه أن يتقدم مبدع بطلب لنيل جائزة أيا كانت قيمتها المادية والمعنوية. وحقيقة الأمر أنني لم أكن في يوم من الأيام حسن الظن بنفسي, و ها أنذا بعد أن تقدمت بي السنون واتسعت تجاربي.. لم أتأكد بعد مما إذا كان ما أكتبه بنتمي للفن حقا أم أنه محض هراء?

واعترف اليوم أمامكم بأنني قد سخطت على الجوائز العربية إصرار منظميها على تحويلها إلي مسابقات يتقدم لها كل من يحسن الظن بنفسه, من النشطاء البارعين في نسج العلاقات العنكبوتية, والقادرين على الضغط والإلحاح والمقايضة, والباحثين عن شرعية فنية تصلب القامات الرخوة ولو إلى حين. كنت ولا أزال أسخط على الموهوبين الأصلاء حين أعلم أنهم تقدموا بطلبات للحصول على هذه الجائزة أو تلك, ثم ما ألبث حتى ألتمس لهم أعذارا, وأفرح فرحهم إن حصلوا عليها عن جدارة واستحقاق إلا أنني أقاوم الضعف تحت إغراء من يحفزونني على التقدم إلى إحدى الجوائز المرموقة مهما أشعروني بأنني قادر على المنافسة. ذلك أنني على قناعة راسخة بأنه دائما أبدا.. يفوز في السباق من ليسوا بفرسان.

أما وقد أتتني الجائزة دون أن أذهب إليها, كوسام يحتل فيه اسم نجيب محفوظ مكانة الحجر الكريم, مضمخة بعطر عرقه وكد ذهنه الإنساني النبيل, مؤيدة بتقدير من لجنة ممن لا يتخيرون عنكم في النبل والاستنارة. فإن هذا ليرفعني إلى أعلى مراتب التكريم, ويقدم ابنتي العزيزة الحميمة إلى حفل زفافها بعد انتظار دام ثلاثة عشر عاما من هجر الحبيب وتدلله, وهي أبد لا تزداد إلا حبا فيه وانتظارا واثقا من مقدمه السعيد.

وهذه الجائزة التي لا تزيد قيمتها على الألف دولار اكتسبت قيمتها من اسم محفوظ التي تحمله وما يترتب على منحها من اقتحام من يحصل عليها لآفاق لم تكن في متناوله من قبل ولعل أهمها أن يكون مقروءا في لغات العالم انطلاقا من بوابة اللغة المهيمنة.. الإنجليزية, وهذا ما جعل مارك لينز, مدير قسم النشر بالجامعة الأمريكية.. هذا القسم الذي حالفه التوفيق عندما فكر قبل عشر سنوات في تدشين هذه الجائزة في محاولة لتأكيد اهتمامه بمبدعي العربية في مقابل هذه الاهتمام بتصدير الفكر الغربي إلينا.

وربما لا يخفى على أحد أن عدم منح مكافآت مالية للمحكمين الذين يشتركون في قراءة الأعمال المقدمة لنيل جائزة نجيب محفوظ كان سببا في اعتذار بعض الأسماء الكبيرة من النقاد العرب عن الاستمرار فيها, مثل رجاء النقاش. وإن كانت هناك اعتذارات أخرى تعللت بالرغبة في إفساح المجال لمحكمين آخرين من أجل تجديد دماء المشروع, مثلما حدث مع الدكتورة فريال غزول.. الناقدة العراقية الأستاذة بالجامعة الأمريكية ذاتها, والتي حلت محلها الدكتورة سامية محرز, فيما حل الناقد إبراهيم فتحي محل النقاش, الذي جاء خلفا للراحل الدكتور عبد القادر القط.

وقد أسهم في تحكيم جائزة نجيب محفوظ أيضا: الناقد الراحل الدكتور على الراعي والدكتور عبد المنعم تليمة والدكتورة هدى وصفى, فضلا عن مارك لينز بصفته وسامية محرز التي ألقت حيثيات منح الجائزة هذا العام لخيري شلبي قائلة:ندخل إلى عالم (وكالة عطية) بصحبة راو يظل من دون اسم على مدار النص: شاب ريفي, تحطمت أحلامه في بناء مستقبل أفضل بعد أن طرد من معهد المعلمين بدمنهور حيث كان طالبا متفوقا, لأنه اعتدى على أحد الدرسين المنحازين ضد أمثالهه من أولاد الفقراء المعدمين.

ومنذ تلك اللحظة, تبدأ رحلة الرواي إلى عالم سفلي, يتعرض فيه إلى ألوان من البهدلة حتى يصل إلى وكالة عطية: مبنى عتيق, يشبه وكالة الغوري والمعابد الفرعونية (المهابة القديمة تطرح عليه ثوبا من الهوان كعزيز قوم ذل), أصبح مع مر الزمان مأوى للأشقياء والمهمشين. يلجأ إليه الرواي منجذبا إلى تاريخه الأسطوري.

وأضافت: وقد أجمع أعضاء لجنة التحكيم على أن (وكالة عطية) هي الجوهرة التي تتوج أعمال خيري شلبي وإسهامه الغزير والمتميز في الأدب العربي باعتباره أكبر الحكائين في تاريخ الرواية العربية الحديثة.

ومما يجدر بالذكر في هذا السياق أنه تم إنشاء صندوق يحمل اسم نجيب محفوظ بهدف دعم ترجمات الأدب العربي, ومن أحدث ما صدر في هذا الإطار الترجمة الإنجليزية لرواية هالة البدري (أمراة ما), التي قام بها الدكتور فاروق عبد الوهاب مصطفى, الأستاذ بجامعة شيكاغو, ورواية (رجع الصدى) للأديب العراقي فؤاد التكرلي, وقبلهما روايات كثيرة من أحدثها: (حب في المنفى) لبهاء طاهر, و(الباذنجانة الزرقاء) لميرال الطحاوي, و(ذات) لصنع الله إبراهيم.

وأحدث الأعمال التي ترجمت لنجيب محفوظ في قسم النشر بالجامعة الأمريكية وصدرت بمناسبة هذه الاحتفالية رواياته التاريخية: (عبث الأقدار), (رادوبيس) و(كفاح طيبة)

مصطفى عبد الله

حلب

ابن الخطيب في حلب

أقام معهد سرفانتس الإسباني بدمشق وجامعة حلب وجمعية العاديات بحلب ندوة علمية دولية حول العلامة الأندلسي لسان الدين بن الخطيب أخيرا.

وركزت هذه الندوة التي يشارك فيها قرابة الخمسين باحثا من سوريا ولبنان والأردن ومصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب وإيران ودولة الإمارات العربية وقطر وفرنسا وإسبانيا على أحد عشر محورا, تبدأ برؤية بانورامية إلى عصر ابن الخطيب الذي شهدته كل من الأندلس والمغرب والمشرق العربي, ليدور المحور الثاني حول شخصية لسان الدين وحياته التي تعد شاهدا حقيقيا على عصره, فبالرغم من أنه درس الطب والفلسفة والشريعة والأدب بعدما حل في غرناطة قادما مع أسرته من قرطبة ورث مكانة والده في أمانة السر للوزير أبي الحسن بن الجياب ثم صار وزيرا عند الملك الغني بالله محمد وبعد أن وقعت الفتنة في رمضان 760هـ أقصي الغني بالله إلى المغرب ثم عاد إلى منصبه فأعاد ابن الخطيب معه ولقبه بذي الوزارتين, ولكن الحساد وفي طليعتهم الوزير ابن زمرك وأبو الحسن النباهي قاضي الجماعة في غرناطة - وهما صنيعة ابن الخطيب - أخذا يحرضان الغني بالله عليه ويتهمانه بالانحراف في ولائه كما اتهماه بالإلحاد, وعلم بذلك لسان الدين ورأى الأسلم له أن يبارح غرناطة فاستأذن الملك بالحج وتوجه إلى فاس لاجئا إلى السلطان المريني أبوفارس.

ولا تقتصر حياة ابن الخطيب على ذلك وإنما تتخطاه إلى حياته في الأندلس وصلاته بأسرة بني الأحمر وحياته في المغرب وصلاته ببني مرين ومكونات ثقافته ومحنته ونهايته حين طلب الغني بالله من المستنصر المريني أن يقبض على لسان الدين ويقتله, فلم ينفذ المستنصر ذلك فعقدت محاكمة غيابية حضرها الفقهاء وكبار العلماء الذين اتهموه بالإلحاد مؤولين وفق مقاصدهم ماجاء في كتابه (روضة التعريف بالحب الشريف) - وقد تحدث الدكتور حسين الصديق عن فلسفة الجميل في هذا الكتاب مبينا أن الجمال هو في المطلق والجميل هو الشيء الحامل للجمال والروائي المصري جمال الغيطاني تأمل المعمار الفني لهذا الكتاب الذي جاء على شكل شجرة وقد اتخذ المؤلف من نفسه طائرا حط على أغصانها وفي هذه الحالة يكون الإثمار لأن الشجرة أنثى وهي رمز الخصوبة, ويورد ابن الخطيب كما هائلا من الأشعار الصوفية ليجعل من شجرته صلة وصل بين الوجود واللاوجود, وفي المحصلة يروي ابن الخطيب شجرته بدمائه التي أريقت لتهم لفقت حول هذا الكتاب - فقام السلطان الغرناطي الغني بالله باصطناع فتنة في المغرب أطاحت بالسلطان المريني وولت أبا العباس أحمد المستنصر, فحضر الوزير ابن زمرك إلى فاس يطالب أبا العباس بثمن إيصاله إلى العرش والقبض على لسان الدين وإعدامه تنفيذا للحكم الصادر عليه في غرناطة.

ومن محاور الندوة: ابن الخطيب سياسيا وإداريا ودبلوماسيا,ابن الخطيب مؤرخا, ابن الخطيب شاعرا ووشاحا وقد تحدث عنه الدكتور عبد اللطيف محفوظ على أنه يبتكر المعاني ويجلوها, فقد كان من أئمة شعراء الموشحات وأشهرها:

جادك الغيث إذا الغيث هما يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلاحلما في الكرى أو خلسة المختلس


ومن ثم التراث الأدبي لابن الخطيب في رسائله,, التراث الفلسفي والصوفي لابن الخطيب فقد ترك كتابا سماه (المحبة), التراث الطبي في رسائل ابن الخطيب وفي هذا المجال ترك آثارا منها ما تحدث عنه الدكتور عبد الناصر كعدان (عمل من طب لمن أحب) وهو مؤلف طبي يتناول فيه أسباب كل مرض وأعراضه, (مقنعة السائل عن المرض الهائل) وهو رسالة في الطاعون الجارف الذي نكبت به الأندلس سنة 749هـ, (الوصول لحفظ الصحة في الأصول) وهو رسالة في الوقاية من الأمراض.

ومن المحاور أيضا: ابن الخطيب وكتابة السيرة الذاتية, وأشهر مؤلفاته في هذا المجال: الإحاطة في أخبار غرناطة وهو أربعة مجلدات, ابن الخطيب في كتابات معاصريه والقرون التالية,ابن الخطيب في الكتابات الحديثة العربية وغير العربية.

ومن الجدير بالذكر أن لسان الدين ابن الخطيب هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن الخطيب, يعود نسبه إلى سلمان - وهو اسم موضع في اليمن - التي قدم منها أهله إلى الأندلس عقب الفتح الإسلامي واستقروا في قرطبة ثم انتقلوا إلى طليطلة, وبعد ثورة أهل الربض انتهى بهم المقام في قرطبة سنة 202هـ ومنها كان انتقالهم إلى (لوشة) غرب غرناطة, وكان أبو جده سعيد عالما ورعا يلقي دروسه ومواعظه في لوشة حتى عرف بالخطيب.

جمال مشاعل

تونس

(الإتحاف) التونسية تعاود الصدور

منذ أكثر من سنة بدأت بعض المتاعب المادية تعصف بواحدة من أهم المجلات الثقافية في تونس وهي مجلة (الإتحاف) التي تصدر انطلاقا من مدينة سليانة بالشمال الغربي التونسي. ولقد ظلت هذه المجلة ذات التوجه الأدبي والثقافي تصدر على امتداد أكثر من خمس عشرة سنة بشكل منتظم في مطلع كل شهر. فكانت أعدادها محملا من أهم محامل الثقافة والأدب والفكر في تونس إذ استطاعت أن تستقطب عديد الأقلام التونسية والعربية وأن تسد فراغا كبيرا, تشكو منه تونس في مجال المجلات الأدبية والثقافية رغم توافر العديد من العناوين والمجلات المحترمة مثل مجلة (الحياة الثقافية) التي تصدرها وزارة الثقافة وهي مجلة شهرية ومجلة (رحاب المعرفة) التي يصدرها الشاعر والأستاذ الجامعي جعفر ماجد وبعض المجلات الأخرى المتخصصة نوعا والتي تصدر بشكل دوري كل ثلاثة أشهر ونصف الشهر سنويا مثل مجلات (معالم ومواقع) و(الصادقية) و(دراسات أندلسية) و(الهداية) التي يصدرها المجلس الإسلامي الأعلى. كما تصدر بالبلاد مجلات أخرى ذات توجه عام مثل مجلات (مرآة الوسط) التي استطاعت أن تلعب دورا كبيرا في مجال الإعلام الثقافي وهي تقف وراء تأسيس مهرجان الأدباء الشبان في تونس و(شمس الجنوب) و(منارة الساحل) وغيرها من المجلات العديدة.

ولكن مجلة (الإتحاف) نظرا لطابعها الثقافي والأدبي البحت استطاعت أن تستقطب اهتمام المثقفين حيث تنشر فيها دراسات جادة عن الأدب التونسي علاوة على نشر الإبداعات التونسية من قصص وأشعار ومتابعات. وقد أغرى النجاح الذي حققته المجلة القائمين عليها بتحويلها إلى دار نشر. فنشرت عديد الكتب الأدبية من مجموعات قصصية ومجموعات شعرية لأدباء تونس, عدد كبير منهم من الشباب الذي يغوص مغامرة النشر لأول مرة.

ولكن يبدو أن هذه المسيرة الموفقة للمجلة لم تكن بعيدة عن المتاعب المادية, وهي متاعب تواجهها جل المجلات والمطبوعات اليوم في الحقيقة نظرا لتراجع دور كل ما هو مكتوب وتردي نسبة القراءة.

وقد أثرت هذه المتاعب على مسيرة المجلة رغم الدعم الذي تجده من وزارة الثقافة, فكان ذلك سببا في احتجاب المجلة عن الصدور لمدة تزيد على السنة, ومنذ أيام عاودت مجلة (الإتحاف) الصدور وكتب مديرها المؤسس عبدالقادر الهاني في افتتاحية المجلة ما يفيد أن المجلة تغلبت على صعوباتها وهي تحاول اليوم الصدور يحدوها أمل الاستمرارية في حمل الرسالة.

يذكر أن مدير هذه المجلة حظي خلال السنة الماضية بتكريم رئاسي حيث منحه الرئيس زين العابدين بن علي في عيد الثقافة وسام الاستحقاق الثقافي وهو تكريم في الحقيقة منحه للمجلة وتقدير رئاسي للدور الذي تقوم به في مجال العمل الثقافي.

محمود الحرشاني - تونس

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




جانب من فعاليات مؤتمر دور الجماعات الإسلامية





الامير الحسن بن طلال





الروائي خيري شلبي





محاضرون في ندوة لسان الدين بن الخطيب