عزيزي العربي

عزيزي العربي

تعقيب

إبداعات رائعة

لاحظت في العدد (533) أبريل 2003 من (العربي) تركيز الضوء على تراث وآثار أمتنا العربية, وما كان لها من إبداعات رائعة في مجالات العلوم والفنون والحياة الاجتماعية, مما أثار دهشتنا البالغة بالرغم مما وصلنا إليه اليوم من علم وتطور, فأدركت أننا أمة متميزة تنتمي إلى ماض ينبض بالعبقرية والإبداع الإنساني, وأن علينا أن نحافظ على تلك الآثار والكنوز.

إن الوطن العربي لديه منظمات وجمعيات تعنى ببعض الشئون السياسية والاجتماعية, فلماذا لا يكون لوطننا العربي الممتد هيئة عربية عليا لرعاية الآثار العربية والإسلامية, تقوم بتشجيع ودعم الكشوف الأثرية, وتوفير الحماية اللازمة للمواقع الأثرية, ولمتاحفنا الوطنية خاصة في أوقات الحروب.

إن الذين سلفوا من أجدادنا لم يتركوا لنا آثارهم لتكون فقط للعرض وجذب السياح, بل إنهم يدعوننا من خلالها إلى مزيد من العمل والإبداع والبحث عن الأفضل, وترك الخلافات العمياء والكراهية والتعصب والكسل حتى لا تلاحقنا لعنات الفراعنة وبؤس الحاضر, نحن بنيان واحد, فالنهل من تراث وآثار أجدادنا دافع نحو اتحاد العاطفة وصفاء النية.

السر خليل عبدالرافع
الفاشر - السودان

بل (العفريت) عربية

قرأت في العدد (537) أغسطس 2003 من مجلة (العربي) في باب (عزيزي العربي) تحت عنوان (العفريت ليس عربيا) لكاتبه ناصر النجفي - إيران. وهو يميل للرأي الذي ينفي عربية (العفريت) وينسبها للغة الفارسية.

ليسمح لي أن أخالفه الرأي.. ولتوضيح وجهة نظري سأورد الآيات التالية من القرآن الكريم:

1 - سورة الزخرف حم. والكتاب المبين. إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلّكم تعقلون. وإنه في أم الكتاب لدينا لعليّ حكيم .

2 - سورة الزمر: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلّهم يتذكرون. قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلّهم يتقون .

3 - سورة يوسف: الر تلك آيات الكتاب المبين. إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون .

4 - سورة الكهف: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيّما لينذر بأسًا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا .

5 - سورة النحل: ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين .

وأكتفي بهذا القدر من الآيات القرآنية التي تؤكد عربية القرآن وألفاظه وبأنه نزل بلسان عربي مبين وواضح لا عوج فيه ولا اختلال.. بمعنى أن كل ما جاء فيه وكل ما يحتويه من كلمات هي عربية خالصة.

وبما أن كلمة (عفريت) ذُكرت في القرآن في سورة النمل قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك.. وكذلك كلمة الفردوس في سورة الكهف إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا , وبالتالي فهي عربية بلا أدنى شك وليست من الألفاظ الدخيلة على اللغة العربية وليست مقتبسة من أي لغة أخرى.

وعند الحديث عن اللغة العربية وجذورها فهناك دلائل كثيرة تؤكد أن اللغة العربية هي أولى اللغات التي عرفتها البشرية.. ولك أن ترجع للعدد (533) أبريل 2003 من مجلة (العربي), فهناك دراسة قام بها الكاتب والشاعر اللبناني رفيق المعلوف تؤكد أن اللغة العربية هي أم اللغات.

ولي ملاحظة للأستاذ رفيق المعلوف عندما ذكر الحضارة التي سادت الخليج العربي وأسماها (دلمون) مثل الكثيرين.. وهو خطأ شائع.. حيث لا معنى لكلمة (دلمون) في اللغة العربية, ولانستغرب ذلك فالذين كشفوا عن حضارتنا ونقبوا عن آثارنا ولايزالون هم أجانب أو مستشرقون.. لذا من الطبيعي أن يحرفوا الكلمات وربما يزوروا في التاريخ لصالح اليهود والحركة الصهيونية فلا نستبعد ذلك.

وهناك رأي يقول إن كلمة (ديلون) أصلها (تل نون) وحُرفت و(تل نون) بمعنى تل السمك أقرب للمعنى حيث اشتهرت منطقة الخليج بوفرة الأسماك ومهنة صيد السمك.. وكلتا الكلمتين (تل) و(نون) لهما معنى باللغة العربية.

وأخيرا أشكر الأستاذ رفيق المعلوف.. والأخ الكريم ناصر النجفي على سعة صدريهما, وبانتظار رأييهما وتصحيحيهما لو كنت مخطئة.. وأعتذر سلفا.

شيماء البلوشي - البحرين

ثقافة التساؤل

طرح الدكتور سليمان إبراهيم العسكري رئيس التحرير في العدد (533) أبريل 2003 من مجلة (العربي) مقالا بعنوان: (كتاب الطفل وكتابة المستقبل), حيث دعا إلى تغيير مناهجنا ومقرراتنا الدراسية في العالم العربي التي أصبحت - وبكل صراحة - عبئا على عقل الطفل وليست وسيلة لتنميته ذهنيًا وفكريًا, وحث على أن يكون كتاب الطفل العربي ممثلا لهويته ومنجزه الحضاري ومنفتحًا على العالم والإنسانية جمعاء. وعلى هذا الأساس فرئيس التحرير طرح إشكالية رئيسية تمثل قطب الرحى في كل تنمية وتقدم ألا وهي: (إشكالية الطفل والتعليم من جهة, والعلاقة القائمة بينهما في العالم العربي من جهة أخرى).

يعتبر الطفل اللبنة الأساسية الأولى لبناء المجتمع والأمة على حد سواء, ولصقل مواهبه وأفكاره, لابد من تعليم جاد يساير روح العصر لتحقيق الغرض الأساسي والمهم ألا وهو خلق جيل عربي عصري مثقف, إلا أن التعليم في عالمنا العربي وحتى يومنا هذا لايزال بعيدًا عن تحقيق الهدف المنشود, فالطفل في المدرسة أصبح مستهلكًا للمعرفة والمقررات الدراسية فقط, وليس مشاركًا أو منتجًا لها, فهذه المقررات من شأنها قتل روح ودوافع الابتكار والتميز لديه, ثم إنه لا يمارس أي شكل من أشكال النقد والتساؤل اللذين يعتبران ضروريين لصقل مواهب الطفل من جهة, وتربية روح التساؤل لديه من جهة أخرى.

أما التعليم في العالم العربي, فإنه لا يفي بمتطلبات العصر, لاسيما أننا نعيش في ظل القرن الواحد والعشرين عصر التكنولوجيا الرقمية والاتصالات وشبكة الإنترنت, حيث نلاحظ التعامل غير اللائق لبعض المعلمين مع الطفل خلال عملية التلقين والفهم والذي يتم بطريقة تسلطية قهرية تحول دون انسجام وتواصل الطفل مع مدرسه, بالإضافة إلى ذلك نلاحظ مشاكل الأقسام المكتظة التي تلعب دورًا سلبيًا في عدم اكتشاف الطفل المتميز النابغ, علاوة على عدم وجود أنشطة ثقافية وترفيهية كالمسابقات والقيام بأنشطة المسرح والأناشيد لغرض تحبيب المدرسة إلى الطفل.

وفي الأخير نقول إنه يجب علينا تغيير مناهجنا ومقرراتنا الدراسية التقليدية, ومن ضمنها الكتاب المدرسي حتى يكون وسيلة لتنمية عقل الطفل وليساير كذلك الركب العالمي في ظل القرن الواحد والعشرين, وتمكين الطفل من أن يلعب دورًا بارزًا وأساسيًا في المدرسة, عن طريق القيام بأنشطة متنوعة ثقافية كانت أو ترفيهية, التي من شأنها أن ترفع من مستواه التعليمي والفكري بالإضافة إلى بث روح النقد والتساؤل لديه, حيث يقول أدونيس في هذا الصدد (إن القوة التي تميز الإنسان نوعيًا هي طرح الأسئلة, فالثقافة الحقيقية تكمن في القدرة على التساؤل لا في الاستسلام للأجوبة الجاهزة).

بهاء الدين صحبي
طالب بكلية الحقوق
طنجة - المملكة المغربية

تَذكّرتْ شيئًا

مازال وجهُها مكتوبًا في نضارة الزَّمن

تَحَسستْهُ بأَناملها المُرْتعشةِ خطًا خطًا, سَرتْ في مُحَيَّاها ذكرياتُ المساءِ الغابرة...

تَوقَّفتْ أمامَ المرآةِ القديمة, على كل وجهٍ فيها صورة لها دامعة, وفي كلّ جزءٍ ضفيرة من ضفائرها التي سَافرتْ يوما....ولمْ تَعُدْ!!

واقفة تُحَدِّقُ في السّنوات الّتي تراكمتْ على أجفانها, واللّيالي الّتي عرَّشتْ أقمارُها على سماءِ جبينها...وَالمواعيدِ الخالية!

مَسَحَتْ عن جبهتِها عرقًا باردًا من مدامعِ الأيّام, وأَرسلَتْ جَفنَيها كي لا ترى الدّموع وهي تسيل على خريفِ العُمْرِ وأغصانِها العارية! غَصَّتْ بالوجعِ, ودوت في صدى الغرفة أنّة مكتومة, تردّدتْ في قلبها نداء, ضاع صداهُ في بعيدات الدّروب.

تراجَعتْ من جانب الذّكرى, وجَرَّتْ خُطُواتِها على ذاتِ المقعدِ الذي غنَّى لها يومًا مضى, تمدَّدتْ عليه, وأغمَضتْ بحرَ أحداقها, وغَطّتْ في حُلُمٍ غَافٍ بعيد.

حتّى فترةٍ قريبةٍ, لم تكنْ ُتريدُ أنْ تُوقظَ هذا الخيالَ, وتبعثَ هاتيكَ الطُّيوف...

ولم ترغبٌ لتُعيدَ ذاكَ القارِب, بعدما أبحَرَ في مُحيطات الغياب, ولكنَّ الصَّوت القادِمَ ضرَب على وتَر الحُبِّ المُسَجَّى, ونكأ لها الماضي, وأَسالَ الجِراح.

صُدفةً وجدت نَفسَهَا شارِدة أمام هذا المدى, وهو يُلوِّحُ بِقُدومِهِ من شاطئ المُنتَهى...

وينثرُ على ربيعها الذابلِ وردَهُ الأَحمر.

كان يُحِبُّ الوردَ والموسِيقى... وكُلِّ مساء كان يضُمُّ لها باقةً مِنَ الشَّوق والبنفسج, ويَلُفُّها بشَريطةٍ حمراءِ, رسَمَ على خُطُوطِها شَارات موسيقيَّة, ما إنْ تَمَسَّهَا بِراحَتَيْها حتَّى ينطَلقَ اللحنُ, ويعزِف أُغنيةَ اللقاء, وترقُصَ هذه الأريكةُ الّتي شَهِدَتْ مولدَ فصلِ السَّحَر.

كُلُّ شيءٍ يمُرُّ الآنَ أمامَها, وكُلُّ نسمَةٍ تدخُلُ في ذاكرتِها تفتحُ لها نوافِذَ الحنين...

وكُلُّ طيْر آتٍ مِنَ البعيدِ...يُسَلِّمُها رسالة بلا عُنوان.

وكُلٍّ موجَةٍِ...تحملُ لها شراعًا من ورق.

وكُلُّ لحظةٍ...تُريدُ أنْ تُقِلّها إلى منازل الحرير.

وكُلُّ طيفٍ يُلقي على عينَيها قمرًا من سَراب.

جالتْ بِبَصرهَا مُغْمَضًا...في أرجاءِ الغُرْفَةِ الصَّامِتةِ....وتَثاقلتْ على أحزانِها...

حين فتحَتْ عينَيها على صوتٍ تَسلّلَ إلى سُكُونِها:

- ماما....ماما أنتِ هُنا...

تَقَدَّمَتْ ريم نحو أُمِّها...أَلقتْ رأسَها على صدرِها المُتعَب...نظَرتْ في أَحداقها لِتُرى الدُّموعَ المُختَبِئةَ في سواقي الشَّجن:

- أَتَبكينَ يا أُمّي?!

تَرَقْرَقَتْ شفَتَاها عن ابْتِسامَةٍ مُتَبَقِّيَةٍ حائرة:

- لا....أنا...أَنا فقط تَذَكَّرْتُ شيئًا.

محمد أمين أخرس
أدلب - سوريا

هل فقد العالم وقاره?

كم يبدو هذا العالم ضيقًا رغم اتساعه حتى لتشعر وكأنك في علبة (سردين)!! تحاول قدر الإمكان أن تتجاهل ما يدور بداخلها لكن سرعان ما تعترف بفشل محاولتك حين تلاحقك هموم الآخرين:

- ملايين البشر تحصد أرواحهم الفاقة ويفترسهم المرض وهم ينامون ويصحون على حلم ضائع في زمن الممنوع اسمه (رغيف الخبز).

- حروب وقلاقل يدفع الإنسان ثمنها بسخاء ويجني ثمارها الطغاة والمغامرون وتجار السلاح والنتيجة هلاك هذا الإنسان واتساع مساحات الشقاء والحزن والعناء!!

ويقولون في افتتاحيات الصحف وأعمدة المجلات ومقدمات الدساتير: (إننا نعيش عصر الحضارة والتمدن).

ويزعمون أنه: (بخلاف العصور البدائية, حيث كان الإنسان يتربص بأخيه من أجل صيد أو غنيمة).

لكن ما الفرق?

الفرق هو أن سلاح الأول الرمح أو الفأس بينما سلاح الثاني هو الدبابات والطائرات في أحسن الأحوال وفي أبشعها السلاح النووي والغازات. والمحصلة هي موت الإنسان في كلتا الحالتين!!

فضلا عن الكوارث والمجاعات التي بدأت في تزايد ملحوظ لتقلص من طموحات هذا الإنسان نحو حياة أفضل.

لقد فقد هذا العالم وقاره! وكشف عن نفاق الساسة الذين يقودونه إلى الهاوية! معلنًا بذلك عن فداحة الأزمة وعلى الصعد كافة.

فعلى المستوى الفكري سيادة الأفكار التي خلقت هوة بين الإنسان والطبيعة, وبين الإنسان والمجتمع, وبين الإنسان وخالقه, بل وحتى بين الإنسان ونفسه, ولا تزال هذه الأفكار التي تحتل مركز الصدارة في الممارسة والفعل ابتداء من أفكار (ميكافيللي) المبنية على القوة, مرورًا بأفكار (هويز), وليس بعيدًا عن هذا السياق تأتي أفكار (نيتشه) فيلسوف القوة.

ولا يتورع (هيجل) فيلسوف التاريخ والحضارة عن القول إن الغرب يمثل نهاية العالم الذي يتجسد فيه المطلق والمتمثل في الحضارة الأوربية حاملة الروح أما الشعوب الأخرى فهي مجرد هوامش على جدران هذه الحضارة.

ثم ألم نر كيف رسخ علم الاجتماع البرجوازي التباين الطبقي بين أفراد البشر, بل إنه في أحايين كثيرة استخدم لتبرير الظلم وقمع تطلعات الكادحين ومعها اتضح زيف نظرية الحراك الاجتماعي التي يتشدق بها الرأسماليون..!

وهكذا أنتجت الحضارة الغربية الرأسمالية الإنسان ذا البعد الواحد. وخلف تلك الغيوم ظهرت الماركسية رافعة رايتها لتقول لنا ببطلان القيم المطلقة وأن الحل يكمن في دفن الملكية مصدر الشرور والآثام وخلق الإنسان النموذجي.

لكن تظل المسافات بعيدة بين الحلم والواقع فلقد صادرت الماركسية الملكية ولكنها وضعتها في يد غول جديد اسمه (الحرب) وتناست أن الإنسان فوق دائرة التجارب وأنه لا يمكن نسخ الإنسان.

وباسم تلك الفكرة صادرت (الحرب) الفرح والحلم والأمل من الأزقة والطرقات والحدائق وكذلك من عيون الأطفال. لتسقط الأخيرة أخيرًا أمام صرخات (الفرد) ونعثر على (شهادة ميلادها) والتي تقول لنا وبالخط العريض: (إن الماركسية ابنة غير شرعية أنجبتها الرأسمالية في أزمتها الكبرى لتفرز معها إشكاليات جديدة).

وهكذا يتضح مدى عمق الأزمة التي يعيشها هذا العالم حيث ترتبت عليها جملة من النتائج نذكر منها: استغلال الشعوب وسرقة ثرواتها وإدماجها في السوق الرأسمالية العالمية رغم أنفها لتدفع ثمن حماقات الآخرين! ليتحول معها الاقتصاد إلى استعمار جديد به يتحكمون في رقاب العباد. ضبابية في الأهداف وازدواجية في المنطق. استعلاء شعب على شعب آخر. مركزية حضارة وهامشية أخرى. صار شعار الغاية تبرر الوسيلة نهج كل السياسات المعاصرة.

ومن هنا تظل المراجعة للوضع الذي أضحى فيه عالمنا جديرة بالاهتمام لنتبين مدى حجم الكارثة التي نحن فيها إذا لم يتم تفاديها.

فإن لم نفعل ذلك سنقترب من المجهول ونسير نحو العدم, وعليه لا بد أن تلتقي الحضارات حول طاولة واحدة, وأن تدخل في حوار فعال ومثمر يبدد شبح السيطرة والحروب والقلاقل شريطة أن يشعر الجميع بالمساواة في هذا الحوار وليس على غرار الحوار الذي يطرحه الغربيون.

أمجد طه البطاح
سوريا - الحسكة

نظرتنا للعوام!!

دأب كثير من المثقفين وأصحاب المناصب وبعض العلماء والمشايخ في مجتمعاتنا على التقليل من شأن العامة, فكلما حدث أمر للمجتمع وخاضت فيه العامة, وأبدت رأيها, قيل إن هذا الأمر يجب ألا تخوض فيه العامة وينعتونهم تارة بالدهماء وأخرى بالغوغاء. وهو دأب مَن يصفون أنفسهم بالصفوة وأهل الحل والعقد والعلماء من قديم الزمان. وهذا الموقف ربما يكون مفهومًا في العصور الماضية حيث إن أكثرية العامة كانوا من الجهلاء غير المتعلمين وكان العلم والاطلاع ينحصر في أقلية من الناس هم الصفوة.

لكن ما لا يفهم اليوم هو استمرار هذه النظرة للعامة ونعتها بتلك النعوت, رغم أن أكثرية العامة اليوم من المتعلمين, ورغم هذا الانفتاح الهائل في وسائل المعرفة والإعلام. فالمعرفة اليوم لم تعد حكرًا على أحد, وأصبح الإعلام يدخل كل بيت. مما زاد في وعي الناس سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا, وأصبح ما يجري في الغرب يشاهد في الشرق في لحظة وقوعه نفسها.

إنه لمن المؤسف أن تكون تلك هي نظرتنا للعوام, بينما نرى العالم الغربي اليوم يقدر العوام وآراءهم وتعمل الحكومات ألف حساب للرأي العام في مجتمعاتها, حتى نراهم في بعض المواقف, ورغم وجود برلمانات منتخبة من الناس فإنهم في بعض الأمور المستعصية وذات الأهمية العظمى يلجأون إلى استفتاء الشعب ليتخذوا قراراتهم المصيرية. وتلجأ كثير من الحكومات قبل اتخاذ بعض القرارات إلى جس نبض الشارع, وبالطبع هذا لا يعني ترك جميع الأمور للعامة كي تبت فيها, ولكن يجب أخذ آرائهم بعين الاعتبار ففي النهاية هم أصحاب الشأن وهم من ستؤثر فيهم تلك القرارات.فمن العوامل المهمة للارتقاء بالمجتمع احترام أفراده وجعلهم يشاركون في بناء المجتمع, فكما قيل إنه (دون مشاركة لا التزام) فمن الضروري كي نضمن تقدم المجتمع أن نسمح لإفراده بالمشاركة بالرأي والفكر حتى لو كانت بعض تلك الآراء غير صحيحة, ولكن المفيد من هذه العملية هو أولا: إعطاء الفرصة في المشاركة كي يشعر الفرد بأهميته. ثانيا: وكما قيل أيضا إنه (إذا أردت أن تحصل على فكرة جيدة احصل على أفكار كثيرة) فربما أتت الفكرة الجيدة ممن لا نتوقع (فرد من عامة الناس).

خالد عمر الهوسة
ينبع الصناعية - السعودية

وتريات

عودة

أعود..
وأيلول يراقصني
كالريح يراقص بياض الغيمات
أعود..
وأيلول يكلمني
بحديث..
غارت منه الكلمات
وأعود..
حقولاً أحمل لها الحب
بأمطار كالقبلات
فتميل به المروج سكرى
تستقبل بالغيث الخيرات
والصيف..
يودعها سغبًا
تتحسر منه القسمات
ويولي..
والحسرة تخنقه
فيزيغ على الدرب النظرات
أعود..
فناي يحضنني
بالشعر ينظمني أبيات
وقواف سكرى مائسة
تتوالى
خفرات.. خفرات
وأعود..
وأيلول يراقصني
ويداعب دربي..
والخطوات
ويهاديني..
ما ليس لدي.. تباعا
دفقات.. دفقات
ويصوغ ربيعًا في الصلوات
وأعود..
وتمضي سنوات الجمر..
وننسى تلك السنوات
وسأنسى..
عهدا لازمني حقدًا..
وسأصنع من أملي الإفلات

صبحة بغورة - الجزائر

ظعينة

عِيْسٌ تُأَرْجَحُ فَوْقَهنَّ هَوَادِجُ مَالَتْ بِهِنَّ زَيَانِبٌ وَخَدائِجْ
تَبْدُو رَوَاحِلَهُمْ دَوَاخِلَ وَادِييٍّ مَا إنْ دَخَلْنَ إذَا بِهِنَّ خَوَارِجُ
لَكَأَنَّمَا تَرَكُوا وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ مَا لَيْسَ تَجْمَعُهُ بِهِنَّ وَشَائِجُ
حَتَّى إذَا مَا أُسْدِلَتْ أَسْتَارُهم ثَارَتْ بِقَلْبِي بَعْدَهُنَّ لَوَاعِجُ
يَالِلْفُؤَادِ وَمَالَقِى مِنْ بَعْدِهم يَهْفُو إلَى مَنَْ دُوْنَهنَّ مَعَارِجُ
عَبَثًا يُنَازِعُ رَبَّهُ فِي ذِكْرِهِمْ لَكَأَنَّمَا تُقْضَى بِذَاكَ حَوَائجُ
قَلْبِي تَلَفَّتَ إثْرَهَم في لَهْفَةٍ مَا كُلُّ مَآ حَمَلَ النِّسَاءَ هَوَادِجُ


آدم عثمان
القضارف - السودان

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات