هو .... هي

أخاف حالة الاكتئاب

عندما أقف اما المرآة.. أشعر وكأني على وشك الاكتئاب. لقد زاد وزني بشكل غير عادي. كنت آكل أقل بكثير. الآن، أجد نفسي على استعداد، لا آكل ، بل ألتهم كل ما أجده في طريقي، في أي وقت وبأي كمية.

جلست منذ فترة أحلل هذه الظاهرة فاستنتجت التالي:

استنتجت ان مشكلتي هي في بقائي بمفردي بين أربعة جدران لفترة طويلة من النهار. لا أفعل شيئا فيها إلا إعداد طعام شهي وأطباق تصل رائحتها إلى المدخل الرئيسي للبناية.

أنا ربة بيت متفرغة. تزوجت منذ عشر سنوات. خلال السنوات الثلاث الولى، أنجبت نجلي، أحمد ثم محمود. أرضعتهما رضاعة طبيعية. خلال فترة الحملين المتواليين ثم الرضاعة شبه المستمرة، لم أفكر لحظة في ذاتي. كان شاغلي الأول والأخير هو العناية بالجنين ثم بالطفل.

بعد أن توقفت عن رضاعة محمود، بدأت أهتم بعض الشيء بمظهري. قررت ان أنقص وزني. لم يخطر ببالي للحظة واحدة العودة إلى وزني القديم عند الزواج. أعرف جيدا أن بعد الحمل والوضع ثم الرضاعة يصعب على المرأة الاحتفاظ بوزنها القديم. فحاولت أن أصل إلى الوزن المناسب لسني. بمعنى، الوزن المعقول.

مشكلتي الأولى هي أني طباخة ممتازة، لذا يجب ولداي جميع أنواع الحلويات والعجائن التي أصنعها في مطبخي. كما ان زوجي يعشق كل ما تنتجه يداي من الأطباق. لا يتوقفون، الثلاثة، عن طلباتهم.

مشكلتي الثانية، أني لا أمارس الرياضة التي قد تساعدني على أن تستهلك حركتي البعض من غذائي.

عندما أقرر بدء العمل والانتظام على "رجيم" معين، أبدأ فورا بالامتناع عن تناول كل النشويات والسكريات.

في حالة تمسكي بهذا الرجيم أفقد وزنا إلا اني أشعر بتوتر عصبي ويصعب علي التعامل مع أسرتي بالأسلوب الهادئ ذاته الذي تعودت عليه مني.

مشكلتي الثالثة هي أني لا أستمر على هذا الرجيم. بعد فترة من التمسك به أجد نفسي في حالة جوع ورغبة عارمة إلى التهام هذه الأطباق التي أعدها في مطبخي لأسرتي. لذا مرت حياتي بدورات، رجيم ثم التهام الطعام، ثم رجيم ثم عودة إلى التهام الطعام.

أمس، جاءني زوجي وأبلغني أنه سيصحبني إلى الطبيب. ادعي أن بشرتي فقدت لونها الوردي وأن حركتي المنزلية أصابها الخمول.

وقفت على الميزان.. فرحت.. لقد نقص وزني.

توجهت إلى المرآة، لمحت ذبولا في لون وجهي.. أمسكت المساحيق وغطيت بها وجهي.

لمحني الماكر، قال آمرا.. غدا إلى الطبيب!.

هي

أريد منها الاتزان

تصمم زوجتي بين الحين والآخر على إعلان العصيان العام.تعلن حالة الطوارئ في البيت. تطبقها على نفسها. وتتسبب في خلق حالة توتر عام في العلاقات اليومية للأسرة.

تستمر تعذب نفسها لفترة زمنية. ثم توقف العذاب وتعود إلى حالتها الطبيعية. ثم تعلن العصيان العام وحالة الطورائ.. وهكذا. تعيش زوجتي في حلقات دائرة مفرغة.

عندما تزوجنا منذ أكثر من عشر سنوات، كانت رشيقة. ثم رزقنا بوادينا، احمد ومحمود خلال فترة ثلاث سنوات. جاء الحمل الثاني بعد الحمل الأول مباشرة. ومع الوضعين كانت ترضع الابنين رضاعة طبيعية. خلال هذه الفترة الأولى من الزواج والإنجاب زاد وزنها بشكل ملحوظ.

لابد لي من الاعتراف ان زوجتي خصصت تلك الفترة الأولى من زواجنا لتربية الولدين بشكل يرقى إلى المثالية.. كانت توفر لهما الرعاية والعناية الفائقتين وبالذات فيما يخص الرضاعة الطبيعية.

كان ذلك شيئا رائعا منها. لذلك لم يصابا بتلك الأمراض التي تنتج عن الرضاعة بالألبان المصنعة في حالة تلوثها.

لذا.. بعد أن توقفت رضاعة محمود، بدأت تفكر في العودة إلى رشاقتها القديمة.

كيف تتصرف؟

تعلن العصيان العام عن الطعام. وبجانب العصيان العام تعلن حالة الطوارئ. وتبدأ في اتباع رجيم، أعتبره شديد العنف والقسوة.

تحرم نفسها من طيبات كثيرة. تمتنع عن تناول النشويات والسكريات وتعتمد في غذائها اليومي على القليل من البروتين وأنواع من الخضار والفاكهة. وتحد من كميات النوعين. تعتقد أنها بهذا الأسلوب تستطيع أن تعود، وبشكل سريع، إلى حالة الرشاقة القديمة.

المزعج في الموضوع، أنها تستمر على هذه الحالة لفترة شهر أو شهرين، ثم تشعر بالإرهاق الجسماني والعصبي. فتعود مرة أخرى إلى الحالة الطبيعية فتنهال على كل العناصر الغذائية وتلتهمها. فيزداد وزنها إلى أن تضيف إلى جسمها وزنا يزيد على ذلك الذي كانت عليه قبل بدء الرجيم.

طلبت منها عدة مرات ألا تخترع نظاما للرجيم قد يكون له نتائج مستقبلية غير مستحبة.

كما طلبت منها ألا تندفع إلى حرمان نفسها من كل شيء ثم تعود وتندفع إلى تناول كل الأطعمة بكل الكميات التي تشتهيها. أشفق عليها من نتائج ما تفعله.

لاحظت في الأيام الأخيرة ذبولا في لونها وضعفا عاما في حركتها المنزلية.. إنها الآن في حالة الطوارئ أبلغتها بقراري الخاص بمرافقتها إلى الطبيب.

لمحتها تتجه إلى المرآة لتفرش المساحيق على وجهها إخفاء للذبول. ولو..!