الاكتشاف المبكر للصمم عند الأطفال عمر فوزي نجاري

الاكتشاف المبكر للصمم عند الأطفال

يعتبر السمع من أهم الحواس التي يتمتع بها الإنسان، ولعلها أهم حاسة على الإطلاق حتى أن بعض يعتبرها أهم من حاسة البصر، وقد تكرر ذكرها في القرآن الكريم قبل البصر دائما. قال تعالي: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا سورة الإسراء، آية 36.

لكي يكون السمع سليما وعافي لا بد من سلامة مختلف الأجهزة المسئولة عنه بدءا من الأذن الخارجية (صيوان الأذن ومجرى السمع الظاهر وغشاء الطبل) مرورا بالأذن المتوسطة فالأذن الباطنة وانتهاء بمراكز السمع في الدماغ.

كيف يكتشف الصمم؟

إن ألم الدقيقة الملاحظة تستطيع اكتشاف طفلها الأصم خلال فترة قصيرة من ولادته وذلك قبل إجراء الفحص الروتيني للطفل من قبل طبيبه الخاص، إذ غالبا ما تلاحظ ألم أن طفلها الحديث الولادة لا يدير نظره تجاه الأماكن التي تنبعث منها أصوات عالية مفاجئة كصوت إغلاق الباب مثلا أو أي صوت اصطدام آخر. فالمراقبة المستمرة لحركات الطفل وارتكاساته تجاه المنبهات الصوتية الخارجية المختلفة منذ الولادة وحتى الشهر الثالث من عمره هي التي تعطي الأم فرصتها الذهبية لاكتشاف المشاكل السمعية لدى وليدها إن وجدت.

وعندما يتجاوز الطفل الشهر الثالث من عمره وإلى أن يتم شهره السابع فإن "تثبيط منعكس الجفلة" (وهي الحركة المفاجئة التي يقوم بها الطفل باستعمال يديه لدى سماعه لصوت اصطدام مفاجئ) يعتبر أهم مؤشر لتأذي السمع لديه في هذه المرحلة من عمره.

وعندما يتجاوز الكفل الشهر الرابع من عمره يبدأ بالابتسام لأمه عندما تكلمه وتناغيه حتى ولو كان كفيفا لا يبصر.

أما عندما يتجاوز الطفل شهره الثامن من عمره فإننا نعتمد على استجابته للتعليم بدلا من "منعكس الجفلة" وذلك لتقرير حالته السمعية، فالطفل غير القادر على التعليم والارتكاس للمنبهات الصوتية الخارجية هو طفل أصم أو ضعيف السمع.

لا بد من استشارة الطبيب

إن مراقبة الطفل منذ الولادة والانتباه لاستجاباته المختلفة تجاه الأصوات وما يعقب ذلك من تطور لموهبة النطق لدية تعتبر كلها قرائن دامغة لحالة السمع لديه، ولقطع الشك باليقين وخاصة في حال وجود شبهة حول مقدرة الطفل السمعية لا بد من عرضه على طبيب الأسرة الذي يقرر حالة الطفل، إما بفحصه سريريا أو باللجوء إلى اختبارات خاصة إذا دعت الضرورة كقياس الاستجابة السمعية المحرضة، وهو اختبار يساعد على التأكيد من حالة السمع لدى الطفل وفيما إذا كان يملك درجة من السمع تؤهله لاكتساب الكلام، وهو اختبار يمكن أن يجرى للطفل في أي مرحلة من عمرة حتى ولو كان حديث الولادة.

وهنالك اختبارات أخرى أكثر تعقيدا كتخطيط الحلزون الكهربائي إلا أنه يعتبر إجراء مزعجا للطفل وأهله لأنه لا يجرى إلا تحت التخدير وفي مراكز طبية عالية التخصص.

أنواع نقص السمع

1- نقص السمع التوصيلي: وهو ناجم عن إصابة الجهاز الموصل للأمواج الصوتية (الأذن الظاهرة والوسطى).

2- نقص السمع الاستقبالي: وهو ناجم عن إصابة الجهاز المستقبل للاهتزازات الصوتية (الأذن الباطنة والعصب السمعي والمراكز السمعية في الدماغ).

ومن الأهمية بمكان تحديد نوع الصمم أو نقص السمع لدى الطفل وذلك باللجوء إلى الاختبارات المعروفة وأهمها اختبار الرنانة وتخطيط السمع. ذلك أن قسما كبيرا من أسباب نقص السمع التوصيلي غالبا ما يكون مكتسبا (كالتهاب الأذن الوسطى المصلي، والذي يحدث في أثناء مرحلة بزوغ الأسنان بسبب اضطراب في وظيفة أنبوب أوستاكيوس) وقابلا للإصلاح العلاجي أو الجراحي وبالتالي استعادة السمع. أما بالنسبة لفقد السمع الاستقبالي المنشأ فهو سمع نهائي وغير قابل للتراجع، وينجم عن أسباب مختلفة خلقية أو وراثية أو رضية أو قد ينجم عن استعمال أدوية ذات تأثير سام على السمع، وفي مثل هذا النوع من الصمم لا يمكن شفاء المريض، ويبقى الحل الوحيد هو إرسال الطفل إلى مدارس خاصة لتأهيله.

التأخر في اكتشاف الصمم

من المهم جدا اكتشاف الصمم لدى الطفل باكراما أمكن، ومن المهم أيضا تحديد نوع الصمم وفيما إذا كان توصيليا أو استقباليا، وبالتالي تقرير ما إذا كان هناك أمل في إصلاح الخلل بأسرع ما يمكن، ذلك أن التأخر في اكتشاف الطفل الأصم وعلاجه ينعكس بشكل سلبي على قطور مقدرة الطفل اللغوية وبالتالي على نموه الروحي والحركي وعلى ثقافته وعلى مستقبل حياته ككل.