طريقة مختلفة للزراعة بماء البحر

طريقة مختلفة للزراعة بماء البحر

ثمة حقيقة واضحة مفزعة, هي أن عالمنا العربي يعاني باطراد من أزمة المياه العذبة, لكن البحار والمحيطات التي يطل عليها عالمنا العربي تعطينا فرصة للنجاة.. لو أردنا, وسترحب العربي بنشر فكرة أو بحث في هذا الاتجاه.

هذه التقنية من البساطة لدرجة أن أي مزارع يستطيع تنفيذها. وقد تنتشر تطبيقاتها على نطاق واسع في المناطق الساحلية الصحراوية حيث لا يوجد غير الشمس وماء البحر.

ولكن تحتاج إلى بعض الوقود النفطي لتشغيل مضخة لسحب ماء البحر. فهي مناسبة للدول النفطية الساحلية الصحراوية. إنها طريقة لإنتاج محاصيل الخضروات والزينة والماء العذب.

ويتوقف عمل هذه المزرعة المدهشة في الليل بعد غروب الشمس. والمزرعة مكونة من بيت زجاجي أو بلاستيكي مغلق. لذلك تكون الرطوبة النسبية داخل البيت كما هو متوقع مرتفعة وكذلك الحرارة عالية نسبياً بسبب انحباس أشعة الشمس وبخار الماء داخل البيت الزجاجي. ولكن هناك تبريدا أوتوماتيكيا يحدث تلقائيا في سقف البيت الزجاجي المزدوج دون وجود أجهزة للتبريد. إنه تبريد تبخيري ناتج من تبخر ماء البحر بفعل طاقة أشعة الشمس. المضخة النفطية تسحب ماء البحر وتدفع به باستمرار إلى قمة البيت الزجاجي ليس أكثر. حيث يسيل منتشراً على جانبي سقف البيت الزجاجي الداخلي الخشن الملمس ويتجمع بفعل ميلان السقف في أنابيب توصله إلى خزان أرضي للماء المالح ومنه يعود ليصب في البحر. وأثناء جريان ماء البحر على مساحة السقف الداخلي يتبخـر بفعـل حـرارة أشعـة الشمس وهـذا يسـبب برودة سطـح السقف الداخلي. أما بخار الماء المتصاعد فليس له منفذ للهروب من بين سقفي البيت المغلق. لذلك تزداد كثافته ثم يتجمع بشكل قطرات ملتصقة بالسقف الزجاجي الخارجي الناعم الملمس. ويتزايد حجم القطرات المائية العالقة بهذا السقف باستمرار عملية التبخر مع الوقت فتنحدر متزحلقة إلى جابني البيت وهناك تتجمع في أنابيب أخرى توصل هذا الماء المقطر إلى خزان الماء العذب داخل البيت الزجاجي. إن كمية الماء المتجمعة في هذا الخزان يومياً تكفي لسقي كل مساحة البيت ـ الأرضية المزروعة بأنواع المحاصيل النباتية لاسيما وأن الرطوبة النسبية داخل هذا البيت المغلق عالية جداً, ولا يحدث فقد كبير للماء من أوراق النباتات من جـراء عمـلية التبخـر بالنتح. إن بعض طاقة أشعة الشمس الداخلة للبيت تفقد خلال عملية تبخر ماء البحر عند سطح السقف الزجاجي الداخلي وهذا شيء جيد أما بقية الأشعة التي تخترق البيت فيذهب جزء منها في عملية التركيب الضوئي وصنع الغذاء من قبل أوراق المحاصيل النباتية المزروعة وما زاد عن ذلك فهو غير نافع وعادة يسبب ارتفاع درجة حرارة تلك النباتات ولكن ليس لدرجة ضارة جداً أو قاتلة. إنها في الحقيقة طريقة مناسبة لزراعة المحاصيل المتكيفة للبيئات الرطبة والحارة وهي كما تبدو بسيطة وغير مكلفة. وإذا ما زرعت داخل البيت أصناف معينة من المحاصيل ذات الاحتياجات المائية القليلة فإن الماء المقطر الزائد يكفي للشرب وتحضير الشاي والقهوة لعمال البيت. أما خزان الماء المالح الذي يتجمع فيه ماء البحر الزائد الهابط من سقف البيت فإما أن يعاد إلى البحر أو يعاد استخدامه ويدور بواسطة المضخة مرات عديدة داخل نظام البيت حي يتركز مع مرور الوقت ويصبح مادة خام صالحة لإنتاج بعض العناصر المفيدة للنباتات مثل البوتاسيوم وكذلك إنتاج ملح طعام المائدة.

يتضح أن الزراعة بماء البحر داخل نظام البيت الزجاجي المغلق المزدوج السقف لا تستهلك أكثر من طاقة الوقود النفطي المطلوبة لرفع ماء البحر إلى سقف البيت بينما تنتج المحاصيل والماء العذب في المناطق الساحلية الصحراوية بكميات تتناسب طردياً مع مساحة البيت. واستناداً إلى هذه التقنية يمكن أن تغزو مستعمرات مزارع ماء البحر تلك السواحل الصحراوية الطويلة المهملة. وحتى الري بهذه الطريقة يمكن تقنينه والتحكم فيه بسهولة وجعله أوتوماتيكياً أيضاً. فالماء مقطر ويخلو من الأملاح ومناسب جداً لاستخدام منظومات الري بالتنقيط. وإذا ما زود البيت بكمبيوتر شخصي مثل صخر للتحكم بسرعة المضخة الرافعة للماء المالح والسيطرة على سرعة التبخر والتبريد وسرعة منظومة التقطير والري وسرعة النتح يمكن أن يصبح البيت وحدة إنتاجية أوتوماتيكية كاملة خالية من البشر.

 

عبدالأمير مهدي مطر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




البحر هل يروي زراعة المستقبل