سيدات الأعمال الكويتيات.. مهام اقتصادية رائدة

سيدات الأعمال الكويتيات.. مهام اقتصادية رائدة
        

لا شك في أن نصف القرن الأخير شهد تطورًا لافتًا في وضع المرأة الكويتية التي قدمت نموذجًا رفيع المستوى للمرأة العربية التي اقتحمت مجالات كانت مقصورة في السابق على الرجل، وأبلت فيها بلاء حسنًا، تأكيدًا على دورها الإيجابي الفعال في المجتمع بوصفها نصفه المكمل.

          وقد تحقق ذلك عبر عشرات من الشواهد بدخول المرأة الكويتية إلى مجالات عديدة من التعليم والعمل الأكاديمي، إلى الطب، والصحافة، ومن الفن المسرحي والدرامي، إلى الأدب والشعر، وصولا إلى تقلد المرأة الكويتية أخيرا مناصب قيادية رفيعة المستوى كوزيرة في الحكومة.

          لكن اللافت أن المرأة الكويتية نجحت أيضًا في اقتحام مجال كان مقصورًا على الرجل، وهو مجال الأعمال التجارية والاستثمار. ولم تكتف بدخول المجال من أجل الوجود فقط، بل استطاعت أن تقود ، وبجدارة، مؤسسات مالية واقتصادية كبيرة، وتدير وتستثمر بكفاءة أموالاً ضخمة ، سواء أموالها الخاصة أو أموال الغير. وهذه النماذج من السيدات أثبتن أن ما حققنه هو نتاج جهد كبير بدءا من التحصيل العلمي المتفوق ، ثم بالانخراط في العمل واكتساب الخبرات، وصولا إلى إثبات الذات.

          والدور الذي تقوم به سيدات الأعمال، في الحقيقة، هو حلقة من دور أكبر تلعبه المرأة الكويتية، بشكل عام، إذ إن نسبة مشاركتها في سوق العمل الحكومي والأهلي وصلت إلى 2.43% من إجمالي قوة العمل الكويتية البالغة 5.113 ألف عامل (3.08 بالمائة بعملن في القطاع الحكومي). وذلك تبعاً لآخر إحصائية صادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية عام 2007.

          إلا أن مساهمة المرأة الكويتية في العمل بالقطاع الخاص مازالت ضئيلة، ولا تزيد على 6% من قوة العمل الكويتية العاملة في ذلك القطاع.

          قدرت دراسة أعدها هذا العام بيت أبوظبي للاستثمار حجم ثروة سيدات الاعمال في دول الخليج بنحو 37 مليار دولار، ما دفع البيت الى تأسيس أول بنك لسيدات الاعمال الخليجيات مقره البحرين.

          إلا أنه لا توجد تقديرات دقيقة لحجم رأس المال الذي تعمل فيه سيدات الأعمال الكويتيات - أو حتى رجال الأعمال الكويتيون- في ظل عدم وجود قانون يفرض ضرائب على رءوس الأموال أو الإيرادات أو الممتلكات الخاصة بالكويتيين، واقتصار قانون الضرائب على الشركات الأجنبية فقط. كما لم يتم أيضًا حصر عدد سيدات الأعمال في الكويت بدقة.

          ولكن يمكن القول إنه عدد غير قليل.

          هناك لجنة لسيدات الأعمال الكويتيات تترأسها الشيخة حصة سعد العبدالله السالم الصباح التي تتولى أيضًا منصب رئيس مجلس سيدات الأعمال العربيات. وتسعى الشيخة حصة مع أعضاء اللجنة إلى إشهارها كجمعية لسيدات الأعمال.

          وقد حصرت دولة الإمارات العربية المتحدة عدد سيدات الأعمال الكويتيات اللاتي يمارسن أعمالا تجارية في دبي وباقي الامارات فقالت إنهن يشكلن حوالي 15 في المائة من إجمالي عدد سيدات الأعمال الخليجيات العاملات في المجال ذاته في ذلك البلد.

          مع تعدد واختلاف مجالات العمل التي اقتحمتها سيدات الأعمال الكويتيات، وبرعن في إدارتها، اختارت «العربي» مجموعة نماذج لكل منها بداياتها وتحدياتها وطموحاتها.

سعاد حمد الحميضي
رائدة قيادة سيدات العمل التجاري

          تعتبر أول كويتية مارست التجارة والاستثمار داخل الكويت وفي عدة دول عربية وأوربية. وتعد من أبرز المستثمرات في المجال العقاري. وفي قطاع المصارف والصناعة وغيرها.

          تشربت سعاد الحميضي منذ الطفولة أصول وفنون التجارة والاستثمار من والدها الحاج حمد الصالح الحميضي أحد أكبر رجال التجارة في الكويت، وأحد المساهمين في تأسيس نهضتها السياسية والاقتصادية.

          عملت في بداية حياتها المهنية عشر سنوات في البنك التجاري الذي أسسه والدها، ثم حملت مسئولية إدارة مؤسسة والدها وتجارته واستثماراته بعد وفاته رحمه الله. وفي هذه المرحلة من حياتها تجلى دور الزوج المغفور له الشيخ جابر العلي السالم الصباح في دعمها وتشجيعها، والذي تصفه بأنه كان يتميز بالحكمة وبعد النظر والإلمام الشامل بمختلف القضايا.

          وتضيف: «لقد كان لتشجيعه ومساندته، وإفساحه المجال لي للسفر ومتابعة العمل داخل وخارج الكويت، الأثر الكبير في حياتي المهنية. وبعد رحيله - رحمه الله - ترك فراغًا كبيرًا ليس على مستوى عائلتة وأفراد اسرته فحسب، وإنما أيضاً على مستوى الوطن.

          فقد كان مرجعًا للجميع، يستشيرونه ويسألونه الرأي، وكان ملمًا، منفتحًا على العلم والسياسة والتاريخ، قادرًا على مد جسور المحبة مع الجميع، صاحب شخصية ومواقف وطنية معروفة للجميع».

          لم تكن مسيرة السيدة سعاد الحميضي في العمل الحر سهلة وميسرة، خاصة في البدايات لكونها أول كويتية تمارس العمل التجاري.

          فهي تقول إنها واجهت كثيرًا من الصعوبات والتحديات، منها - على سبيل المثال - نظرة المجتمع الكويتي في ذلك الوقت إلى عمل النساء. ولكنها تغلبت عليها مستعينة بالثقة بالنفس واحترام الذات والتفاني في العمل.

          تباشر عملها في مكتبها منذ الصباح الباكر. وتشرف على كل كبيرة وصغيرة تتعلق بأعمالها.

          ولا تتسرع في قراراتها، بل تدرس الأمور بتأن وروية، وتستشير ذوي الاختصاص لديها من مستشارين أكفاء ومحامين ومكاتب قانونية، ثم تقرر.

          تعبرالحميضي عن رأيها في الوضع الاقتصادي الكويتي قائلة إنها غير راضية عن أوضاعه الراهنة حيث تراجعت الكويت بعد أن كانت في مقدمة دول المنطقة وتحمل راية الريادة.

          وتشير إلى تراجع الكويت عن نظيراتها من الدول الخليجية في عدد من القطاعات التي كانت مزدهرة في فترات سابقة، مثل الخدمات والعمران والثقافة والقوانين المنظمة. وتقول: لقد تراجع كل ذلك، وسبقتنا إليه إمارة دبي مثلاً التي كانت صحراء قاحلة، فانقلبت خلال سنوات قليلة إلى إمارة عصرية هي الآن قبلة التجار ورجال الأعمال.

          ولكنها تستبشر خيرًا في ما هو آت فتقول: «إن الوضع الحالي للبلد بقيادة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، يبدو متجهًا نحو التحسن، ونحن متفائلون بقيادته الحكيمة».  

مها الغنيم
استثمارات مالية عربيًا وعالميًا

          هي نائب الرئيس والعضو المنتدب لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) . كانت درست إدارة الأعمال في جامعة هارفارد الأمريكية، وأسست بنك «جلوبل» في العام 1998 ولها حصة فيه تعادل 9.2%، وهي تدير حاليًا أصولاً تتجاوز قيمتها 6 مليارات دولار. بدأت السيدة الغنيم حياتها محترفة في مجال الاستثمار والاستشارات المالية عام 1983، حيث تقلدت، آنذاك،منصب ضابط استثمار في إدارة التداول التابعة للشركة الكويتية للتجارة والمقاولات والاستثمارات الخارجية، فكانت من أوائل السيدات اللائي امتهن أعمال الاستثمار وإدارة الأصول في الكويت.

          في عام 1987 تسلمت مهام مدير إدارة المحافظ الاستثمارية في الوقت الذي لم يكن هناك نساء يتقلدن منصبا كهذا في قطاع الاستثمار، وتوسع حجم المحفظة التي كانت تديرها آنذاك لمصلحة أحد كبار العملاء حتى وصل إلى مليار دولار أمريكي.

          ثم أسست قسمًا لإدارة الأصول في الشركة الكويتية للاستثمار التي تعنى بإدارة المحافظ الاستثمارية في السوقين المحلي والعالمي، وساهمت أيضًا في إنشاء الصناديق الاستثمارية المتخصصة في السوق المحلي والعقاري وكذلك في عمليات الخصخصة التي تبنتها الهيئة العامة للاستثمار. كما عينت أيضاً في مجالس إدارات عدة شركات وبنوك محلية وعالمية.

          كانت النقلة الأصعب في حياة السيدة الغنيم عام 1998 عندما أخذت على عاتقها تأسيس شركة استثمار خاصة، فأسست «جلوبل» مع ثلاثة مديرين تنفيذيين آخرين برأسمال 15 مليون دينار كويتي (أكثر من 53 مليون دولار أميركي)، وتمكنت هذه الشركة خلال فترة قصيرة من إثبات نجاحها وريادتها خليجيًا وعالميًا.

          ووسط تلك الشهرة التي تكللت أخيرًا باختيارها ضمن قائمة مجلة «فوربز» العربية لأقوى 100 سيدة في العالم لعام 2007 ، تعترف بأن تشجيع زوجها وأسرتها لها كان له الأثر الأكبر في ما وصلت إليه. وترى أن التخطيط السليم يؤتي ثماره ولو بعد حين، وأن هذه التقديرات العالمية ما هي إلا نتائج للعمل الدءوب .

          تشير السيدة الغنيم إلى المعوقات الكثيرة التي استطاعت المرأة الكويتية التغلب على بعضها، وقيامها بتأدية واجبها الاجتماعي بنجاح فضلاً عن تألقها في مجالات أخرى. لكنها تؤكد أن ثقافة المجتمعات العربية لم تتطور إلى الحد المطلوب حتى الآن تجاه المرأة.

          وتقول إن المرأة الكويتية دخلت عصرًا جديدًا بعد أن احتلت، وبجدارة، مناصب متقدمة في شتى المجالات. وتؤكد أنه لا فرق بين المرأة والرجل في عالم المال والأعمال أو غيره من مجالات العمل المشابهة. وما يهم هو الكفاءة والخبرة والدراية، فالمرأة الآن سواء في الكويت أو في المنطقة تدير كبرى الشركات، وترأس جمعيات نفع عام ، وتحمل حقائب وزارية . ولكنها لاتزال بحاجة إلى المزيد من الدعم والتأييد لتحقق دورها الفعلي والكامل في المجتمع والتنمية وفي بناء وتطوير الدولة.

          ترى السيدة مها الغنيم أن المشروع المهم لتحويل الكويت مركزًا تجاريًا وماليًا هو مشروع ضخم يحتاج إلى كثير من العمل والجهد، وإلى تغيير جذري في أسلوب العمل الكويتي.

          وتؤكد أن هذا المشروع يحتاج أيضًا إلى تغيير وتعديل بعض القوانين ومنها قانون الضريبة وقانون الخصخصة وقانون هيئة سوق المال، وكذلك تطوير الإدارات الاستثمارية لخلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى وضع خطط عمل على مدى السنوات العشر المقبلة.

          وتحدد السيدة الغنيم بعض النقاط التي يجب الأخذ بها للوصول إلى ذلك الهدف فتقول إن أهمها: إلغاء وتخفيف القيود على المستثمرين من داخل الكويت وخارجها، وكذلك إعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في إدارة الخدمات التي تتولاها الحكومة حاليًا، وتطوير المناهج التعليمية ونظام التعليم، ومعالجة البطالة المقنعة، وتطوير وتنفيذ قوانين البيئة، وتحديث قوانين التجارة التي مضى عليها عدة عقود.

شيخة خالد البحر
قيادة بارزة في قطاع البنوك التجارية

          تعد من رائدات العمل المصرفي. فقد تدرجت في عملها ببنك الكويت الوطني من متدربة إلى المدير العام للمجموعة المصرفية للشركات. ولم ينقطع حبل طموحها بعد، فهي تقول بإصرار: «إن طموحي لا يقف عند هذا الحد ... فهدفي التالي الذي أسعى إليه هو تولي منصب المدير التنفيذي لهذا البنك العريق».

          إنها مسيرة عمل طويلة، ونموذج ناجح للنساء الكويتيات. وإذا كان نجمها قد سطع محلياً وإقليمياً وعالمياً، فإن هذه الشهرة لم تصلها على طبق من فضة، بل سبقها - قبل الالتحاق بالبنك - تأهيل جامعي متخصص في التسويق الدولي والإحصاء. وخلال العمل حصلت على دراسات في أكبر الجامعات مثل: ستانفورد، وهارفرد، وورتون سكول، ودوك يونيفيرسيتي. هذا بالإضافة إلى مجموعة من الدورات الممتازة في علوم الإدارة، والتسويق، والقيادة، والتخطيط الإستراتيجي التي تساعد في خلق القيادات.

          تقول شيخة البحر: إن التحصيل العلمي ركن من الأركان التي اعتمدتها في الوصول إلى الهدف، أما الركن الثاني الذي يضاهيه في الأهمية فهو العمل الشاق والدءوب على تحقيق الأهداف، وكذلك التفكير والتخطيط الإستراتيجي للمستقبل، ومتابعة آخر المستجدات العالمية في مجال الخدمات المالية ومختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى.

          وتضيف إنها تحرص على العمل كفريق واحد مع باقي زملائها وموظفيها. وحينما تولت مناصب قيادية في البنك غرست هذه الروح في موظفي إدارتها. بل شاركتهم في المكان، فقد حرصت على أن يكون مكتبها امتداداً لمكاتب فريقها لأنها لا تؤمن بالأبراج العاجية التي يسكنها كثير من المديرين التقليديين الذين تصفهم بأنهم ليسوا قادة ولن يخلقوا قيادات جديدة.

          لا تعترف بما يسمى «صعوبات تواجه المرأة»: «لكن هناك صعوبات تواجه كل من يعمل، سواء كان امرأة أو رجلاً. فالمرأة إذا كانت ذات قدرات إدارية وذهنية وذات مواصفات شخصية تساعدها على التعامل والتواصل مع العاملين معها، فإنها حتماً ستصل إلى أهدافها مهما كانت كبيرة».

          أما عن الدعم الذي حظيت به، فتقول إنها تلقت دعمًا كبيرًا من المرحوم والدها وكذلك والدتها ومن جميع أفراد أسرتها. فكان هذا أساسًا لإقبالها بشغف على العمل. كما حظيت بعد التحاقها ببنك الكويت الوطني، بدعم وتشجيع من إدارة البنك، ومجلس إدارته آنذاك، وهم نخبة من تجار الكويت الأوائل الذين بنوا دولة الكويت الاقتصادية من أمثال العم خالد المحمد، والحاج يوسف الفليج، وعبد العزيز الصقر، ومحمد عبدالمحسن الخرافي، ومحمد البحر. والذين قالت عنهم إنهم أسسوا الشركات الكبرى حينما كان للقطاع الخاص دور في الاقتصاد الكويتي. فهم من أسس شركة ناقلات النفط، والخطوط الكويتية، وشركة السينما وغيرها.

          عن نظرتها إلى وضع الاقتصاد الكويتي الحالي وما يمكن أن يكون عليه، تقول إن ما يحتاج إليه هذا الاقتصاد هو إصلاحات حقيقية، «فلا يمكن أن نرقى ببلدنا إلى مستوى طموحات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بجعل الكويت مركزا ماليًا، ونحن على هذه الحال من التخبطات».

          وتتحدث بمرارة عن الكويت في أيام الازدهار والريادة حينما كان للقطاع الخاص دور بارز، وما آل إليه الحال بعد ظهور النفط وتملك وهيمنة الدولة على معظم النشاطات الاقتصادية.

          وتتساءل: «كيف نحول الكويت مركزًا ماليًا ونحن مازلنا نعمل بقانون الضرائب الصادر في الخمسينيات، وبقانون التجارة الذي لم يعدل منذ الستينيات، ولا نملك قانونًا للخصخصة، ولا قانونًا واضحًا للاستثمار الأجنبي يحدد نسبة الضريبة. وهناك مشاريع حيوية كبرى مازالت مجمدة كمشروع تطوير حقول الشمال. إن ما تفعله الحكومة الآن هو إطفاء حرائق تشب بين آن وآخر من مختلف مراكز القوى التي ضيعت الكويت، فتارة استجوابات، وأخرى ضغوط سياسية، وتردد حكومي، والكل خائف من الدور الذي سيلعبه القطاع الخاص ويضع أمامه العراقيل. فأصبح هذا القطاع مهمشاً ومحارباً، ولم يعط الفرصة ليقوم بدوره الحقيقي في الاقتصاد الوطني».

          تطالب شيخة البحر بضرورة تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية لإيجاد الصيغة الإصلاحية الحقيقية للاقتصاد الكويتي، «فهذا التردي الذي نعيشه حاليًا أفقدنا دورنا الريادي في المنطقة، كما أفقدنا معظم المكتسبات التي بناها تجار الكويت».

          وتشير إلى التغيرات السريعة التي تحدث في المنطقة والعالم من حولنا وتتساءل: «أين خططنا التنموية؟ وما هي أهداف الكويت وخطتها على مدى السنوات المقبلة إلى عام 2020 وإلى 2050؟ وإلى أين نحن ذاهبون في ظل العولمة والانفتاح وسرعة المتغيرات الاقتصادية التي تحدث كل دقيقة؟».

          وتركز البحر على أهمية سد الثغرات للنهوض بهذا البلد بقولها: «تنقصنا القوانين، والبيئة الاقتصادية الخصبة، والانفتاح، وتعديل المسار الاقتصادي، وكذلك النظر في تعديل مناهجنا التعليمية ومستوى التعليم ككل حتى نخلق جيلا جديدا من الشباب قادرا على النهوض بالبلد».

صفاء الهاشم
إدارة الاقتصاد والمال

          هي رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة «ادفانتج للاستشارات»، من سيدات الأعمال اللواتي اخترن مجالاً نادرًا للعمل فيه، فهي تقود بنجاح شركة متخصصة في إعادة الهيكلة الإدارية والمالية والتشغيلية للشركات المرهقة أو التي تعاني من ثقل في حركتها.

          بدأت رحلتها بالحصول على اول ماجستير لها في إعادة هيكلة الشركات، وهي خطوة في محلها أفادتها في فهم ما قد تعانيه الشركات من عثرات وكيفية إعادة هيكلتها.

          حينما بدأت حياتها المهنية في القطاع الخاص، عملت في مجال إنشاء الصناديق وتمويل الشركات إضافة إلى أعمال إدارية. وهو ما مكنها في وقت لاحق من إنتاج منتج يعتمد على أساس دمج الجانبين المالي والإداري ويخدم الشركات المتعثرة.

          وواصلت المستشارة الهاشم طريقها بالعمل في إدارة الاستشارات الإدارية التابعة لشركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) . إم.

          ثم بجهدها الشخصي وبدعم من مسئولي الشركة الأم، وتحديداً الشيخ حمد صباح الأحمد وفيصل العيار، ومساندة وتشجيع شقيقتها، تمكنت من تحويل هذه الإدارة إلى شركة قائمة بذاتها هي شركة «أدفانتج للاستشارات».

          وتعلق على هذه المسيرة بالقول: «إن الوصول إلى النجاح أمر شاق. ولكن مواصلة النجاح أمر أكثر صعوبة» فهي تعمل 12 ساعة في اليوم دوامًا رسميًا يبدأ من السابعة صباحاً. ويسبقه استعدادات ومتابعة للأخبار. ورغم ذلك فهي سعيدة بعملها تمامًا. جربت الهاشم العمل في القطاع الحكومي قبل أن تتركه إلى القطاع الخاص. فقدعملت في وزارة التعليم العالي بإدارة البعثات تسع سنوات، وخرجت منه لتقول: «إن جزءاً كبيراً من العزم الذي أمتلكه حالياً أتى من الإحباطات التي منيت بها في العمل الحكومي، ولكنني لست نادمة على ذلك، فالمثل الشعبي يقول إن الضربة التي لاتكسرك تقويك».

          وترى أن العمل في القطاع الخاص يثير فيها شهية استخدام عقلها إلى آخر مدى. ويمكنها من إنجاز الأعمال بما يمتاز به من سرعة تنفيذ القرار المتخذ.ولكنها تعيب ثقافة العمل في الشركات وتصفها بأنها تتعامل بمفهوم الشركات العائلية حتى وان كانت شركات مساهمة ومدرجة في البورصة. فالفكر العائلي واللوبي الخاص بأسماء معينة يظلان مسيطرين عليها ويتحكمان في اختيار المديرين التنفيذيين والإدارات العليا وأعضاء مجالس الإدارة.

          وترى أن القدرة على التحليل المالي والإستراتيجي تتطلب كثيرًا من المهارات التقنية التي يعتمد عليها الرجل في الغالب. إلا أن المرأة تمتلك الذكاء العاطفي مما يجعلها أكثر ملاءمة لإقناع العميل وتقديم الاستشارات. وقد نجحت في هذا المجال.

          كما ترى المستشارة صفاء الهاشم أن الوضع الاقتصادي للبلد يحتاج إلى إصلاحات عديدة. فالأداء الحكومي يتراجع أمام هيمنة مجلس الأمة بطريقة غريبة على ما يجري. وترى أن الحلول تكمن في عودة مجلس الأمة لأداء دوره الرقابي والتشريعي، وإعطاء القطاع الخاص الاهتمام اللازم ليقوم بدوره التنموي فلا يفاجأ بقرارات متسرعة تحد من هذا الدور مثلما حدث في وقف مشاريع قائمة ومبنية على نظام الـ BOT مثلاً.

          وتقترح إنشاء مجلس أعلى للاقتصاد يرسم الإستراتيجية المالية والاستثمارية للدولة، ويضم أعضاء فاعلين من القطاعين الحكومي والخاص .

          كما تتمنى أن يتم تفعيل قانون المستثمر الأجنبي وتحديثه، «فإذا لم يتم الإصلاح وظلت القرارات مؤجلة، سوف ترحل رءوس الأموال الكويتية إلى الأسواق المجاورة وهذا ما يحدث حالياً، حيث بدأت بعض الشركات بالانتقال إلى أسواق المنطقة، نظراً إلى كفاءة القوانين الموجودة هناك وتطويعها في بعض الأحيان لتتماشى مع مصلحة البلد».

سارة أكبر
الكويتية في اكتشافات النفط

          تدير حاليًا وبنجاح أموالها وأموال الغير من خلال موقعها رئيسًا تنفيذيًا لشركة «كويت إنيرجي» التي تعمل في مجال النفط، ويصل رأسمالها إلى 100 مليون دينار كويتي.

          هذا المركز الحساس والمرموق لم تصله السيدة أكبر بسهولة رغم أنها ولدت في حقل نفطي كما تقول، ورأت النور في مدينة الأحمدي النفطية حيث يعمل والدها.

          شقت طريقها إلى النجاح بالحصول أولاً على تأهيل جامعي علمي من جامعة الكويت عام 1981 مهندسة كيميائية. ثم عملت في القطاع الحكومي بشركة نفط الكويت،متدرجة بالوظائف لتصل إلى رئيسة فريق التخطيط بالشركة، ثم مديرة لإدارة التخطيط ومديرة إدارة المشاريع الجديدة في الشركة الكويتية للاستكشافات الخارجية حتى عام 2005 . وأخيرا قررت الانطلاق للعمل في القطاع الخاص. فأسست مع مجموعة من العاملين بالقطاع النفطي ومجموعة مستثمرين آخرين شركة كويت إنيرجي التي امتد نشاطها واستثماراتها إلى عدة دول خارج الكويت.

          ولكن شهرة هذه المهندسة انتشرت محليًا وعالميًا حينما انخرطت كعضو فاعل وعامل في الفريق الكويتي لإطفاء حرائق آبار النفط الكويتية الناجمة عن غزو النظام العراقي السابق الكويت عام 1990 . فكانت أول سيدة كويتية تصارع وجهًا لوجه نيران الآبار المستعرة، وتتغلب عليها بساعديها وسواعد زملائها في فريق الإطفاء.

          وتطمح المهندسة سارة للانطلاق إلى العالمية، ويبدو أن طموحها ليس بعيد المنال، فرغم حداثة تأسيس «كويت إنيرجي»، فإنها تقوم بأعمال الاستكشاف والتطوير والإنتاج النفطي وتمتلك حقوق امتياز في عدة دول، منها روسيا، إندونيسيا، سلطنة عمان، اليمن، مصر، كمبوديا، وباكستان، ولديها مكاتب في كل من اليمن ومصر وإندونيسيا والعراق. عن رؤيتها لمستقبل عمل القطاع الخاص في النشاط النفطي داخل الكويت، تقول المهندسة سارة: إن القطاع الخاص الكويتي نجح في العمل خارج الكويت، وهو مؤهل لتقديم خدمات نفطية في الداخل حينما تبدأ الكويت تخصيص جانب من النشاط النفطي الحكومي. وتؤكد «أن هناك كوادر وخبرات فنية كويتية تعمل حاليًا في القطاع الخاص. وهي راغبة ومؤهلة للقيام بعدة أعمال نفطية داخل الكويت، ولكن عملية التخصيص تأخرت،. ونتمنى الإسراع بذلك، فالمستقبل للتخصيص».

          أما على صعيد نظرتها إلى دور المرأة الكويتية في النشاط الاقتصادي الحر، فتقول إن المجتمع الكويتي يتقبل عمل المرأة في القطاع الخاص، ويفتخر بوجود سيدات أعمال ناجحات وبارزات على الصعيد المحلي والعالمي، ولكن هذا لايكفي. وتضيف: «إن نجاح هذا العدد من سيدات الأعمال جاء نتيجة جهود وقدرات ذاتية، وأعتقد أن عددهن سيتضاعف عدة مرات إذا ما تأسست جهة متخصصة تتبنى دعم عمل سيدات الأعمال. ورغم أننا لا ننسى الجهود الفردية التي تبذلها الشيخة حصة سعد العبد الله السالم الصباح في دعمهن وذلك من خلال لجنة سيدات الأعمال، فإنها تبقى جهوداً فردية تحتاج إلى دعم حكومي أو إلى دعم من غرفة تجارة وصناعة الكويت كي تحقق هدفها على أكمل وجه».

سميحة عبد العزيز الحميضي
في التعاون الدولي

          عضو مجلس إدارة شركة المركز الطبي القابضة، بدأت حياتها المهنية بعد تخرجها مباشرة من الجامعة الأمريكية في بيروت، بالعمل في إدارة المشاريع الكبرى التي يمولها الصندوق الكويتي للتنمية من خلال قروض يمنحها لكثير من الدول. كان هذا العمل الذي يتطلب دراسة المشاريع والبنية التحتية للبلاد المقترضة، من الأعمال التي نادراً ما تعهد إلى السيدات. فكان تحدياً لسيدة كويتية في أن تنجح في هذا الحقل، خاصة أنه يتطلب سفراً لبلدان نائية وفقيرة في معظم الأحيان. إلا أن السيدة الحميضي، التي تعشق العمل، واجهت التحدي بعزيمة صلبة، ودعم وتشجيع من قيادات الصندوق، تذكر منهم عبد اللطيف الحمد، وفيصل الخالد، وبدر الحميضي. وتقول إن العمل بالصندوق لا يميز بين امرأة ورجل. فالمهم هو الكفاءة في العمل والإنتاجية. ولهذا فإنها - كسيدة - لم تواجه صعوبات تعرقل مسيرتها المهنية. تضيف: «إن سلاح العلم الذي يحرص والدي على تزويد أفراد أسرته به، كان الأساس القوي لنجاحي في العمل. هذا إلى جانب دعمه ودعم الأسرة كلها لي في جميع مراحل عملي».

          وتشير السيدة الحميضي إلى الخبرات الأخرى التي اكتسبتها من الصندوق الكويتي، فهي إلى جانب تعاملها مع كبار الخبراء والمستشارين، تقلدت منصب مدير إدارة التعاون الدولي بالصندوق. فأصبح عملها مرتبطًا بالمؤسسات الدولية والإقليمية كصندوق أوبك، وصندوق التنمية في إفريقيا (I.D.A ) ، ومؤسسة التنمية الدولية . مما فتح أمامها آفاقًا واسعة للمعرفة والخبرة. بعد مرور عشر سنوات على عملها في الصندوق التي اعتبرتها سنوات تأسيس وترسيخ ميداني لخبراتها العلمية واكتساب خبرات. تحولت السيدة الحميضي إلى العمل في قطاع الاستثمار. فالتحقت بمؤسسة الخليج للاستثمار. وخضعت لدورات عدة في الاستثمار ساعدتها على المضي بنجاح في هذا المجال الذي أحبته.

          وبعد مضي بضع سنوات انتقلت للعمل نائبًا للمدير العام للدراسات المالية والاقتصادية في الشركة الكويتية للاستشارات، وهي شركة شبه حكومية. فسخرت خبراتها في العملين السابقين لخدمة عملها الجديد. ونجحت فيه. تقول عن هذا العمل إنها استغلت خبراتها السابقة في العمل بمجال الاستشارات المالية من أجل إدارة المشاريع الاستثمارية في عدة دول منها البوسنة والهرسك. وتشير إلى التحديات التي واجهتها والمتمثلة في ظروف نهاية حرب في تلك المنطقة. ولكنها تفتخر بأن الكويت كانت من أولى الدول التي ساهمت في تنمية البوسنة، وذلك من خلال مشاريعها الاستثمارية هناك، كمصنع الحديد والصلب، ومشروع المجمع التجاري الضخم وسط العاصمة.

          وبعد هذا العمل في القطاع الحكومي وشبه الحكومي، انتقلت السيدة الحميضي إلى العمل في القطاع الخاص عضو مجلس إدارة في شركة المركز الطبي القابضة ومساعد العضو المنتدب. هذا إلى جانب عملها الحر في شركة استشارات خاصة بها.

          وعن دور الكويت في تنمية اقتصادات الدول العربية، تقول السيدة سميحة الحميضي إن دورها كبير. فالقروض الميسرة التي يقدمها الصندوق الكويتي للتنمية إلى كثير منها، ساعدت في تنمية تلك الدول خاصة في ما يتعلق ببنيتها التحتية من جسور وطرق ومحطات توليد كهرباء وغيرها من المشاريع الحيوية. كما أن تحويلات الوافدين العاملين في الكويت تشكل جانبًا من مداخيل كثير من أسرهم. هذا إلى جانب السياحة الكويتية في الخارج، وكثير من المشروعات الاقتصادية.

 

فادية الزعبي   





سعاد حمد الحميضي





مها الغنيم





شيخة خالد البحر





صفاء الهاشم





سارة أكبر





سميحة الحميضي