ابتسامات قليلة.. أحزان كثيرة

ابتسامات قليلة.. أحزان كثيرة
        

عشر روايات تسطع على الشاشة

الأفلام العشرة التي ستذكر في الصفحات التالية، لابد أن تجدها كلها، أو معظمها، سواء في استفتاءات الرأي حول أفضل الأفلام، أو في الكتب التي تتعرض لكلاسيكيات السينما، تلك  التي صمدت لاختبار الزمن، وتمكنت، بجدارة، من أن تفلت من دوائر النسيان، وتبقى مضيئة، في الذاكرة.

          غير صحيح ما يقال عن إهمال السينما عندنا للرواية كمصدر لأفلامنا، فالتاريخ يذكرنا بأن فيلم «زينب» الصامت، المبكر، الذي أخرجه محمد كريم 1930، اعتمد على رواية محمد حسين هيكل الرائدة، المعنونة بذات الاسم، وأول فيلم تاريخي «شجرة الدر» حققه أحمد جلال 1935 كان عن رواية لرائد الرواية التاريخية جرجي زيدان. بجملة واحدة، التفتت السينما منذ بداياتها إلى ثراء عالم الرواية، فنهلت منه طوال عشرات السنين، وإذا كان من المألوف، محليا وعالميا، تفضيل المصدر الأدبي على العمل السينمائي عند المتفرج الذي قرأ الأصل، فإن قوائم الأفلام المتميزة، الأكثر نجاحا، جماهيريا ونقديا، تشير إلى تلك المعتمدة على نص أدبي، وروائي بالتحديد.

دعاء الكروان

          لم تكن «دعاء الكروان» لبركات 1959 أول أو آخر أعمال طه حسين المقدمة على الشاشة الفضية. من قبل جاء «ظهور الإسلام» لإبراهيم عز الدين 1951 المأخوذ عن »الوعد الحق«، ومن بعد حقق بركات «الحب الضائع» 1970 عن رواية بذات العنوان، وقد يبدو من الصعب تحويل «دعاء الكروان» إلى فيلم، نظرًا إلى جنوحه نحو «الغنائية والخطابة وأحاديث النفس الطويلة الرنانة واعتمادها على موسيقى اللفظ» كما يقول علي الراعي وكما أقر به طه حسين الذي حاول إقناع بركات بالانصراف عنها، لأنها «خالية من الصور». لكن بركات، ومعه كاتب السيناريو والحوار يوسف جوهر وجدا في الرواية عناصر من المواقف والأحداث والشخصيات يمكن أن ينهض بناء الفيلم على أساسها، وبالتالي تم استبعاد بعض الشخصيات الثانوية والهامشية، مثل الرجل الثري الذي انخرطت آمنه في خدمة أسرته، وبنات المأمور اللاتي اختصرن في واحدة، كما تم الاستغناء عن واقعة مقتل شيخ الخفر، وانتقال المهندس إلى القاهرة.. ولعل هذه الحذوفات أدت إلى نوع من التكثيف والتركيز على كل ما هو جوهري، خاصة فيما يتعلق بموقف الرواية  المناهض للقهر الاقتصادي والاجتماعي المتمثل في أسرة صغيرة بائسة، تهيم على وجهها من مكان مجحف إلى آخر شديد القسوة. لكن الأهم، الذي جعل «دعاء الكروان» على الشاشة، يتسم بألق خاص، هو أسلوب هنري بركات، بقدرته على التعبير حتى عن أشد الأحداث عنفا بطريقة بالغة الرقة، لا تجسد الفعل فحسب، بل تختصر، في لقطة واحدة، صفحات طويلة من الرواية، ولعل مشهد مقتل «هنادي» أن يكون نموذجا لما يطلق عليه «الواقعية الشعرية»: الخال، صاحب القلب الحجري، يقود الأسرة التعيسة بين الكثبان الرملية. يمسك بخطام الجمل الذي تجلس «هنادي» فوق ظهره. يطلب من الأم والبنتين التوقف لأخذ بعض الراحة. الجميع يقفون على الرمال. الخال في مقدمة الصورة، وجهه نحو الكاميرا بينما ظهر «هنادي» أمامنا، يد الخال ترتفع في الهواء لتهوي على صدر «هنادي»، وبدلا من أن نرى الطعنة ترصد الكاميرا وجه «آمنة» -  بأداء بارع من فاتن حمامة - وقد ارتسمت على ملامحها علامات المفاجأة ممتزجة بالألم والحيرة، ويهتز جسمها كما لو أن قدميها لا تقويان على حملها، هنا يقدم بركات، المرهف، جريمة القتل كاملة، من دون تصوير قطرة دم واحدة، وفي ذات الوقت يبين بجلاء إحساس «آمنة» الفاجع بقتل شقيقتها، وهو الإحساس الذي يشكل تصرفاتها وعلاقتها بالمهندس، بل بالآخرين أيضا.

          فيلمان تاليان، كبيران، يحملان توقيع هنري بركات، يشغلان مكانا مرموقا في قائمة الأفلام العشرة: «في بيتنا رجل» 1961 و«الحرام» 1965.

في بيتنا رجل

          الحديث عن إحسان عبد القدوس، مؤلف «في بيتنا رجل»، يعني الحديث عن صاحب أكبر عدد من الروايات التي تحولت إلى أعمال سينمائية، فبينما اعتمد أكثر من ثلاثين فيلما على قصص نجيب محفوظ الطويلة والقصيرة، تجاوز عدد الأفلام المأخوذة عن كتابات إحسان عبدالقدوس الأربعين فيلما، وابتداء من «أين عمري» لأحمد ضياء الدين 1956، انطلقت شخصيات إحسان من صفحات رواياته إلى الشاشة الفضية، حاملة معها طاقة هائلة من الحيوية، ذلك أنها ذات آمال بعيدة، ترنو إلى الحرية والانعتاق من أغلال التقاليد المجحفة، فعالة، تصارع وتحاول انتزاع ما تراه حقها في الحياة، تخطئ وتصيب، تفشل وتنجح، يزداد وعيها بنفسها وبالعالم الذي تعيش فيه، وبالتالي منحت نجومنا ونجماتنا أبعادًا جديدة، وهذا ما يتوافر في «في بيتنا رجل» الذي يتجلى فيه أسلوب بركات المتسم بنزعته الإنسانية، فالفيلم سياسي من دون شعارات، وطني يخلو من الخطابة، عاطفي لا يغرق في لواعج الغرام، بوليسي على نحو ما، لكن لا يبدد طاقته في مطاردات. إنه، في بعد من أبعاده، رحلة وعي ومسيرة بطولة لأسرة مصرية بسيطة، تنتمي للطبقة الوسطى التي تطلب الستر والأمان، تغلق على نفسها الباب تجنبا للعالم الخارجي، لكن الباب يطرق، والطارق هو إبراهيم حمدي - عمر الشريف - الشاب الوطني، الهارب من الشرطة، زميل ابن الأسرة محيي - حسن يوسف - السلبي، الذي لا علاقة له بالسياسة.. الوافد يطلب الاختباء، ولأن «محيي» لا يمكنه اتخاذ القرار، يتجه إلى والده الذي يرفض، وبلا ضيق، بل برحابة صدر يتلقى إبراهيم حمدي القرار وينزل السلم.. يرصد الفيلم الحركة النفسية لأبطاله. عقب الرفض يتسلل شعاع الرحمة إلى قلب الأم، فهي مثل كل الأمهات، ترى في المطارد صورة من ابنها، أو هي تتمثل حال والدته التي لابد أن يكون قلبها انفطر على «كبدها»، والأب، بأداء حسين رياض، ينتابه الشعور بالذنب، والابن المرتبك يحس بمزيد من الوهن، وملامح البنتين «سميحة» - زهرة العلا - ونوال «زبيدة ثروت» تكتسي بالشجن. وعلى طول الفيلم، يتابع بركات، برهافته المعهودة، انفعالات أبطاله.. الأب، في لحظة يقظة نبيلة، يطلب من ابنه اللحاق بزميله، لإحضاره، وهاهو الابن يجري في الشارع الخالي عقب مدفع إفطار رمضان، بحثا عن إبراهيم حمدي.

          شطر كبير من الفيلم يدور داخل شقة الأسرة محدودة الغرف، وسريعًا، يغدو الوافد جزءًا من نسيجها، ولأن هموم الوطن المحتل هي قضية إبراهيم حمدي، فإن دراما ملاحقة الوطنيين تمس أفراد الأسرة جميعا، خاصة حين يقتحم المكان الشاب العابث، الفاسد، عبدالحميد زاهر - رشدي أباظة - ابن عم محيي، والذي يطمح للزواج من سميحة التي ترفضه بشدة، وفي نوبة تهور يذهب لمقر البوليس السياسي ليبلغ عن الهارب، ويدرك إبراهيم حمدي حتمية المغادرة.. في مشهد الوداع تترقرق العواطف وتظهر أبعد الأحاسيس غورا. عمر الشريف وهو ينحني محاولا تقبيل يد حسين رياض يبدو كما لو أنه ينحني، حبًا واحترامًا، بروحه وليس بجسمه، الأم تمنحه المصحف برجاء أن ينقذه من أخطار محدقة، زبيدة ثروت، بخيوط الحب غير المعلن، تكاد تحتضنه بعينيها، زهرة العلا تحس بالجميع، حسن يوسف، مغرورق العينين بالدموع، وفي النظرة الأخيرة لعمر الشريف تكتسب الأشياء الجامدة، السفرة والكنبة والأبواب، حضورًا إنسانيًا.

          لاحقًا، تدفع الأسرة ثمن موقفها الوطني، وبالرغم من عنائها، وتعرضها لممارسات قلم البوليس العسكري، فإن الندم لا يعرف طريقه إلى أفرادها.

الحرام

          يمتد أسلوب هنري بركات ليشمل «الحرام»، أجمل الأفلام المأخوذة عن روايات وقصص يوسف إدريس وأكثرها اكتمالا.. فاتن حمامة، نجمة بركات الأثيرة، التي يزداد تألقها معه، وجدت ضالتها في «عزيزة» بطلة الرواية والفيلم: فلاحة من «التراحيل» الذين يغادرون قراهم الأشد فقرًا للعمل في أراض زراعية تحتاج إلى يد عاملة، تتعرض للاعتداء، أو الاغتصاب، تغدو حاملا، تحاول التخلص من الجنين فتفشل. زوجها المريض لا يستطيع السفر معها ضمن موكب «التراحيل»، يأتيها المخاض، تلد وحيدة، يموت وليدها وتكتشف جثته لتنقلب القرية رأسا على عقب، تمرض، تهذي، تموت.

          مأساة «عزيزة» أشد وطأة من عناء «آمنة»، إنها أقرب لـ «هنادي»، الغائبة الحاضرة في «دعاء الكروان»، وبالضرورة تختلف فاتن حمامة في «الحرام» عنها في «دعاء الكروان»، هنا مشاعرها وانفعالاتها تتجاوز في تنوعها وحدتها عما كانت عليه في الفيلم المأخوذ عن رواية طه حسين، خاصة أن سيناريو «الحرام» الذي كتبه سعد الدين وهبة استبعد استطرادات يوسف إدريس والعديد من المواقف والشخصيات الثانوية التي تغني الرواية ولكن كان من المحتمل أن تثقل كاهل الفيلم الأقرب إلى الآهة الطويلة، الصادقة، العميقة التأثير، وكما كان بركات رحيمًا بنا عندما تجنب تصوير الخنجر الغادر وهو ينغرز عدة مرات في صدر «هنادي»، يتحاشى في «الحرام» التركيز على وجه عزيزة المتقلص بالألم، فيكتفي بتسجيل أنينها الذي يمس شغاف القلب.

          تتباين تصرفات بطلة الفيلم عن بطلة الرواية، وأرجو ألا أخدش إحساس عشاق كتابات يوسف إدريس - وأنا منهم - حين أزعم أن هذا التباين جاء موفقا ومنطقيًا ليرجح كفة الفيلم، فبينما تقول الرواية أن «عزيزة»، بعد تردد، شاركت أسرتها في التهام البطاطا، نجد ملامح فاتن حمامة تكتسى بالنفور حين يقرب طفلها قطعة بطاطا إلى فمها، وتبدو كما لو أنها على وشك التقيؤ، فقطعة البطاطا تثير في ذاكرتها موقف الاغتصاب الذي لا تستعيده بالصورة، ولكن بصوت إيقاعات الطبلة المتوترة، المتسارعة التي صاحبت المشهد.. وثمة «فكري أفندي» الذي قام بدوره القدير زكي رستم، المتآلف تماما مع بذته القديمة والمنديل المسدل ما بين رأسه والطربوش، فضلا عن ضعف بصره وانحناء قامته. إنه على قدر كبير من الصرامة، فهو ناظر العزبة، لكن الفيلم يستغنى عن هذا البعد ليبرز معالم القسوة التي تتبخر من وجهه حين يقع نظره الكليل على التعيسة الممدة في العشة، وتزحف لآلئ الرحمة، باقتصاد، إلى ملامحه، فيقرر صرف يوميتها.. فيلم «الحرام» ينهض على أساس راسخ ليغدو، على الأقل، في قامة الرواية.

          قتلت «هنادي» وماتت «عزيزة»، شأنهما في هذا شأن شقيقتهما الكبرى «زينب» التي اغتالها المرض بمؤازرة من تقاليد القمع الظالمة، ولاحقا، تلحق بهن بطلات «البوسطجي» لحسين كمال 1968 و«يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق صالح 1969 «الطوق الأسورة» لخيري بشارة 1986.. هكذا، كأننا إزاء مراثٍ تلقى في سرادق عزاء. نصف بطلات عيون الأفلام المعتمدة على روايات ذات شأن يرحلن، عنوة، وهن في شرخ الشباب. لكن هل يقتصر طابور الضحايا على الريفيات فقط؟

بداية ونهاية

          الإجابة تأتي فورا، لا .. فها هي «نفيسة» بطلة «بداية ونهاية» لصلاح أبو سيف 1960، تثبت، بحياتها القصيرة وموتها الفاجع أن المصير التعس من الممكن أن يمتد ليتربص بابنة المدينة أيضا.

          «بداية ونهاية» أول رواية لنجيب محفوظ تقدم على شاشة السينما المصرية، وأول رواية يعتمد عليها فيلم أجنبي، حين حققها المكسيكي أرتون ريبستين في عمل بديع بعنوان «الحياة»، ثم اعتمدت السينما المكسيكية على «زقاق المدق» الذي أخرجه جورج فونس بعنوان «حارة المعجزات»، وأسند بطولته للبنانية الأصل «سلمى حايك»، وهو الدور الذي أدته شادية في «زقاق المدق» لحسن الإمام 1964.. جدير بالذكر أن الرواية المصرية الوحيدة - في حدود علمي - التي تجاوزت محليتها - قبل وبعد روايتي محفوظ - لم تذهب بعيدا، ذلك أنها وجدت في سورية من يتحمس لها،  يقدمها على نحو جيد، هو سمير زكري، والرواية هي «حادثة النصف متر« التي كتبها صبري موسى، وبعد ثلاث سنوات من الفيلم السوري، أعاد أشرف فهمي إخراجها بذات العنوان 1983.

          صلاح أبو سيف، المتفهم، المستوعب للحياة، المتمكن من فنه، تأمل الرواية بعمق، وعبر بها، وعنها، على نحو جعلها لا تغيب عن الأذهان، وجعل من فيلمه علامة مضيئة في مسيرته، ونموذجا لكيفية تقديم عمل أدبي على شاشة السينما، والواضح أن أرتون ريبستين، المولع بنجيب محفوظ، وجد في «بداية ونهاية»، بوقائعها، ونماذجها البشرية، وتحليلات كاتبها، عملاً مكسيكيًا على نحو ما، فإذا كانت الواقعية هي أن ترى الواقع، وأن تنفذ بنظرك، وبصيرتك، إلى القوانين المسببة للظاهرة التي تتعرض لها، فإن الرواية تحقق، بعمق، هذا المفهوم، الأمر الذي أدركه أرتون، وبالتالي جاء فيلمه مكسيكيًا خالصا، وفي الوقت ذاته ملتزمًا بجوهر الرواية، وبملاحظات نجيب محفوظ التي منحت ممثليه قدرًا كبيرًا من الإبداع.

          «نفيسة» في الفيلم المكسيكي يصبح اسمها «ميريا»، التي أدت دورها على نحو لا يقل إقناعًا عن المتمكنة، الموهوبة، سناء جميل، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، فبينما بدت بطلة الفيلم المصري مستسلمة، كسيرة الفؤاد، ظهرت «ميريا» في مواقف عدة تعبر عن «رغبة في التمرد والجموح» حسب قول نجيب محفوظ، فهي تواجه والدتها أكثر من مرة، وتنفر من لمساتها.. ومن ناحية ثانية، وعلى العكس من الفيلم المصري، وضع الفيلم المكسيكي في اعتباره إشارة الرواية إلى «عواطفها المشبوبة المكتومة»، ويترجم الفيلم هذه الإشارة سينمائيًا، بأن تضع أصابعها أسفل بطنها أثناء تشغيل ماكينة الحياكة بقدميها.. وإذا كانت «نفيسة» تسلم نفسها على مضض لابن البقال، فإن «ميريا» تتجاوب بحماسة وحرارة مع عامل الفرن، وهي في هذا تعبر عما جاء في الرواية «تعلقت به بقوة الأمل، وبقوة اليأس وأحبته بأعصابها ولحمها ودمها، ووجدت غرائزها المشبوبة العارمة أداة نجاة تنتشلها من الأعماق. كان أول رجل بعث فيها الثقة، وطمأنها إلى أنها امرأة كبقية النساء». لذلك فإنها تستسلم له حين ينتزع منها نقودها، ولأن مدينة «مكسيكو»، التي تدور فيها الأحداث لا نهر بها، لذا كان على كاتبة السيناريو، اليثيا دييجو اختيار مكان بديل لنهر النيل حيث تنتحر نفيسة ويلحق بها «حسنين»، ويتجلى حسن التصرف عندما تصحب «ميريا» شقيقها إلى حمام عام لا يمانع صاحبه في تأجير حجراته لطلاب المتعة، وفي لمسة مكسيكية يرحب صاحب الحمام بـ «ميريا» بطريقة توحي بترددها على المكان، لكنها، هذه المرة، مذهولة، نصف غائبة عن الوعي، تكاد تخلع سروالها بحكم العادة، إلا أنها تنتبه. تكسر الشفرة (الموسى) نصفين، تتمدد على أريكة وتقطع شريان يدها.. الشقيق يأخذ نصف الشفرة ويتخبط بين الممرات، صاعدا من طابق لطابق - خد بالك من المعنى - إلى أن يجد نفسه بجوار خزانات المياه الساخنة، الموحشة، يتهالك ليقطع شريان يده.. نهاية تتوازى مع نهاية الفيلم المصري ورواية نجيب محفوظ التي تثبت، بالفيلمين، أن العمل الأدبي الملهم، من الممكن أن يسطع، في أكثر من زمان.. ومكان.

البوسطجي

          في كل من «دعاء الكروان» و«الحرام» ضحية ريفية واحدة، لكنْ في «البوسطجي» ضحيتان: «مريم» الخادمة في بيت «سلامة» التي اغتصبها سيدها، ولما ظهرت عليها آثار الحمل استدعت سيدتها أخاها الذي جاء مع خالها ليأخذها بعيدا كي تلقى حتفها، وها هي تتوسل وتستجدي سيدتها طلبا للرحمة، من دون طائل.. ولاحقًا، يقوم «سلامة» بقتل ابنته الوحيدة «جميلة» غسلاً للعار، وها هو - بأداء صلاح منصور - يحمل الجثة على ذراعيه، يسير بها في طريق مترب، وفوق أسطح البيوت الطينية الكئيبة، يقف الأهالي، يشاهدون البطولة التعيسة لرجل ثأر من ابنته.

          «البوسطجي»، مأخوذ عن قصة وإن كانت قصيرة إلا أنها، حسب تقييم فاروق عبد القادر، «مكتوبة بنفس روائي»، وبعد تثمينه للقصة، وإلقاء الضوء على أسلوبها الأقرب لروح الشعر، يقول ناقدنا الكبير «من المدهش أن كثيرين لم يلتفتوا لهذه القصة الرائعة حتى امتدت إليها يد السينما».

          يبدأ الفيلم بتجسيد الأجواء القاتمة، المقبضة، لواحدة من قرى الجنوب. «عباس أفندي» موظف البريد الجديد يرتدي بزة ويسير وسط تلال أتربة، ثمة جراء ضخمة من الفخار، غبار كثيف في كل مكان. التناقض شديد الوضوح بين الوافد الذي لا يخلو من وجاهة -  أداء شكري سرحان - والواقع البائس الذي سيدخل فورا في أحراشه.. وينتهي الفيلم ببطلنا وقد ارتدى جاكته فوق جلباب متسخ، نابت شعر الذقن، يمزق خطابات الأهالي ويلقي بها في الفضاء وقد غلبه اليأس.. بين البداية الموحية والنهاية المؤلمة، من الممكن أن يندرج الفيلم في باب «الواقعية الوحشية» إن صح التعبير، فالبيئة القاسية، الواقعة في قبضتي الفقر والجهل جعلت السكان ذوي طباع خشنة، تشوبها الفظاظة، وعلى طول «البوسطجي» نشهد المأساة تلو المأساة، وبأسلوب حسين كمال، في أفضل مستوياته، حيث تتوافر جمالياته الخاصة، بلمساته الكوميدية، النابعة تماما من واقع الفيلم، مثل عامل «البوسطة» الذي يربي الكتاكيت في أدراج المكتب، ويبتسم مغتبطًا بانفعال الأفندي الغاضب، أو ذلك الشاب النحيل الذي يتعمد المرور أمام شباك «البوسطة» قائلاً «هع» مما يزعج عباس أفندي، فضلا عن قدرة حسين كمال على التعبير عن الواقع الاقتصادي والنفسي والأخلاقي لتلك القرية المحرومة، المعزولة، التي يقول ضابط النقطة عن ناسها «ما هم معذورين.. عايشين في جحور.. النور حيجيلهم منين؟». وإذا كان عباس أفندي يعيش في مسكن كئيب، مظلم، أقرب للمتاهة، لا يؤنس وحدته إلا صور نساء ملصوقة على جدران كالحة، فإن شكري سرحان يعبر، بتفهم، عن تآكل روح الشخصية التي يؤديها، وبدافع الملل والوحدة يفتح خطابات القرية ليسلي نفسه بالاطلاع على ما فيها، ولانعدام التركيز، بفعل الكحول الذي أدمنه أو كاد، يختم الجواب بدلا من المظروف، وهو الخطاب الذي كان من الممكن أن ينقذ «جميلة»، ويصبح من أسباب مصيرها الأليم.

          «البوسطجي» فيلم قوي، راسخ، يعتبر هجائية ممتزجة بالرثاء، لقرية منسية، لم يكتب اسمها واضحًا على الخريطة، شأنها في هذا شأن قريتي «يوميات نائب في الأرياف» و«الطوق والأسورة».. ولكن بينما نرى القاتل في «دعاء الكروان» وهو يقتل الوديعة «هنادي»، ونتابع في «البوسطجي» المطاردة الوحشية للرقيقة «جميلة»، الحائرة، التي لا يغيثها أحد، المتخبطة في دروب القرية إلى أن يقضى عليها، لا نعلم أبدًا من الذي قتل «ريم»، البريئة، الغامضة، الفاتنة، حلم رجال «يوميات نائب في الأرياف».

يوميات نائب في الأرياف

          كتب توفيق الحكيم روايته على شكل يوميات، غالبًا هي يوميات أيام عمله وكيلا للنيابة بين عامي 1934 و 1935، وطبعًا، للمذكرات كاتبها، الأقرب للراوي، وتعمد المخرج توفيق صالح أن يبدو بطل الفيلم، أحمد عبد الحليم، مشابهًا لتوفيق الحكيم، سواء في مظهره أو مخبره: في مسكنه لا يغادر المكتب، لمبة الجاز تبدد جزءًا من الظلام، يرتدي الجلباب الأبيض والطاقية، وإذا خرج يضع البيريه على رأسه، ويمسك بعصا، يتحرك بتؤدة وبطء، متأملاً، يراقب الحياة أكثر مما يندمج أو يعيش فيها. وتأملاته ذات طابع نقدي، الراوي، النائب، يعرف الكثير، ووعيه على درجة كبيرة من العمق، لكن وعيه ومعرفته لا يتحولان إلى فعل وسلوك، بل إنه، بحكم وظيفته، يغدو مخلبًا من مخالب السلطة، شأنه في هذا شأن الضابط  والعمدة وشيخ الخفر والقاضي.. في يومياته ينقد ويشفق ويندد ويواصل عمله المعتاد، يتعاطف مع المظلومين سرًا، ولا يعلن عن هذا التعاطف إلا إلى نفسه، ولنا، وبهذا يبدو الفيلم كما لو أنه يتحفظ على المسافة الواسعة بين عقل «النائب»، وتصرفاته.

          مهنة وكيل النيابة من المهن الكاشفة للجوانب الخفية في المجتمع، مثلها مثل مهنة ضابط الشرطة أو الصحفي، وهنا تتوالى المواقف والأحداث والشخصيات، من وجهة نظر النائب الذي يجعلنا ندرك معه الامتزاج بين الفساد والظلم، ودور السلطة في الحفاظ على «الأمن» الذي يعني عندها تثبيت العلاقات القائمة، فمن خلال التحقيق في مقتل «قمر الدولة علوان» الذي لا ينطق إلا باسم «ريم» قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، تتكشف الحقائق: ضابط الشرطة - توفيق الدقن - المقامر، الشره، الشهواني، يعلن، ببساطة، للراوي كيف يدبر ويشرف على الانتخابات. يترك حرية الاختيار للناخبين ثم يلقي بالصناديق في مياه الترعة ويقدم صناديق أخرى، معدة سلفا، وثمة العدالة المختلة، فأحد القضاة - شفيق نور الدين - يجسد في بطئه عدالة مرجأة، والقاضي الثاني - حسن مصطفى - المتعجل دائما، غير المكترث إلا بموعد القطار الذي يبعده عن المكان، يعبر عن عدالة لا تتحرى العدالة. مشهد المستشفى المكتظ بمرضى أضناهم سوء التغذية يقول الكثير، والتحقيق مع فلاح غسل ملابسه في الترعة وآخر سرق كوز ذرة ليأكله، من الأمور التي تعطي صورة للمجتمع.. تتواصل «البانوراما» إلى أن تصل لمشهد النهاية البليغ: الأهالي يعثرون على جثة «ريم»، وعلى صندوق انتخابات، كلاهما في قاع الترعة. على حافتها تتمدد جثة الفاتنة، الحلم الجميل، فوق الصندوق. مشهد يغني عن أي تعليق.

الطوق والأسورة

          بعد عقود عدة من كتابة توفيق الحكيم ليوميات «نائب في الأرياف»، وبعد سنوات من إخراج توفيق صالح لها، جاء القصاص الموهوب الذي اختطفته يد المنون وهو في شرخ العطاء، يحيى الطاهر عبد الله، ليقدم شهادته عن قريته المحصورة بين الجبل والنهر، في الصعيد، ليحولها خيري بشارة إلى فيلم سينمائي بعنوانها «الطوق والأسورة» مدعمًا لها بقصة قصيرة، جدل أحداثها مع الرواية، وهي أصلا بعنوان «طاحونة الشيخ موسى» الواردة في مجموعة «الدف والصندوق».. وعلى الرغم من بعد الشقة الزمنية، بين توفيق الحكيم وتوفيق صالح من ناحية، ويحيى الطاهر وخيري بشارة من ناحية ثانية، فإن العملين يلتقيان، جوهريًا، في رصدهما لواقع وعر، شديد الوطأة، وبالطبع يختلف «الطوق والأسورة» عن «يوميات نائب في الأرياف» في البناء الفني، بما يحمله من تفاصيل: «الطوق والأسورة» فيلم يعتمد على رواية أجيال، تدور أحداثه في مكان واحد، لذا أسند المخرج لبعض ممثليه أكثر من شخصية، «عزت العلايلي» يؤدي دورين، الأب «بخيت البشاري» العجوز الذي فقد صحته تمامًا، يموت قبل أن تكتحل عيناه برؤية ابنه الغائب «مصطفى» الذي يعود لاحقًا، بأداء عزت العلايلي أيضًا.. ثم شريهان، التي تمثل دور «فهيمة» ابنة «بخيت البشاري»، التي تزوجت زيجة تعيسة، تنجب «فرحانة» - بأداء شريهان أيضًا - التي تكبر وتلقى حتفها قتيلة على يد خالها، عقب اكتشافه لحملها.

          عائلة «بخيت بشاري» بأجيالها الثلاثة تعيش في أفول دائم، بسبب واقع بليد لا يتغير ولا يتطور، فالتاريخ هنا يعيد نفسه، طالما أن شيئا لا يتبدل، فالظاهرة تتكرر، إذا توافرت شروط وجودها.. يترجم خيري بشارة تلك الشروط بطريقة سينمائية بديعة، تعتمد على معطيات المكان، ودلالة الزمن وحركة الممثل، فالغائب «مصطفى» يعود إلى قريته القابعة في أجواء قاتمة غابت الشمس عنها، يكاد ينزلق في الوحل، فحواري القرية الضيقة، المعتمة، لم تتغير، وحين يدخل البيت لا يجد شيئا قد تغير، اللهم إلا والدته - فردوس عبد الحميد - التي كف بصرها أو كاد. بجملة واحدة: «الطوق والأسورة» مرثية لقرية تعيش مختنقة بطوق العزلة، مكبلة بأساور الجهل والفقر والقيم التي تثأر من الضحية دون الجلاد.

الأرض

          عن جدارة، حظيت «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي بمكانة مرموقة في عالم الرواية، وعندما قدمتها السينما بتوقيع يوسف شاهين أصبح «الأرض» 1970، عند الجمهور والنقاد، في طليعة أفضل الأفلام.

          «الأرض» فيلم ملحمي، الصراع فيه يدور بين كتلتين بشريتين: الفلاحون من ناحية، والسلطة التي تحمي الإقطاع من ناحية، وهذا لا يعني أن المسألة مجرد معركة ذات طابع حربي، أو أن الفلاحين مجرد «كتلة» واحدة تخلو من ملامح خاصة تميز كل فرد فيها، فالتناقضات الثانوية لا تتوقف بين الفلاحين، الأمر الذي يعطي مذاقًا واقعيًا صادقًا للفيلم، ويكسبه المزيد من الحيوية، «دياب» - علي الشريف - يدخل في مشاجرة عنيفة مع «عبد الهادي» الذي يؤدي دوره عزت العلايلي من أجل أولوية ري الأرض، تلك المعشوقة التي يتبتل الجميع في محرابها، وأثناء المعركة تولول امرأة لأن الجاموسة التي تملكها سقطت في البئر. المتعاركان، يفضان اشتباكهما ويهرعان لإنقاذ الجاموسة. هكذا، إزاء الخطر، يتوحد الجميع، والخطر هنا، يداهم الفلاحين عندما يعلمون أن طريقا سيشق في أرضهم كي يربط الطريق العام بقصر الباشا الإقطاعي ، ولأن الشكايات والتوسلات لا تجدي، لا يغدو أمام الفلاحين إلا اللجوء للقوة، وسريعا، تفرز الحركة قيادتها ممثلة في «أبو سويلم»، حيث يقدم محمود المليجي واحدًا من أجمل أدواره، يتوافق تمامًا مع ملابسه فيبدو، كما لو أنه عاش حياته بالجلباب والصديري والسروال، ويشرب من «القلة» وهو يمسك بها بعيدًا عن فمه بطريقة عفوية تمامًا، وفي نظرته يتجلى صبر الفلاح وطيبته وقوة عزيمته حين يتعلق الأمر بالأرض.. قدم محمود المليجي عشرات المواقف المتفهمة، البديعة، التي تظل حاضرة في الذاكرة، فها هو - على سبيل المثال - يهتز جسمه ويكاد ينهار كأن المطرقة، التي تهبط على عمود حديد في أرضه تصيبه هو، وينهي يوسف شاهين فيلمه بمشهد «عظيم» بحق: ضابط الشرطة فوق الحصان، يلقي بحبل يلتف حول قـدمي أبو سويلم، ينطلق بحصانه. أبو سويلم يتشبث بالأرض. ذراعاه المتشققتان بالجروح تصران، دمه الأحمر يختلط بلون القطن الذي لم يتم جمعه من عيدانه، يوسف شاهين، عبد الرحمن الشرقاوي، وكاتب السيناريو حسن فؤاد، يقدمون أنشودة للأرض.

السقا مات

          فيلمان يستحقان وقفة تقدير، من جيلين مختلفين، تأليفا وإخراجًا، لكن يجمعهما عشق الحياة، كل بطريقته: «السقا مات» لصلاح أبو سيف 1977 عن رواية ليوسف السباعي، و«الكيت كات» لداوود عبد السيد 1991 عن رواية «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان. بعيدًا عن رومانسيات يوسف السباعي التي تحول معظمها إلى أفلام متفاوتة النجاح، تنفرد هذه الرواية ببساطتها وجمالها وتأملها العميق لمسألة الموت والحياة لتحتل مكانة رفيعة، سواء بين أعمال كاتبها، أو في قائمة أفلام صلاح أبو سيف.. «شحاتة أفندي»، بأداء فريد شوقي، رجل شعبي، مقطوع من شجرة، يعمل في مهنة قد تكون غريبة على الأجيال الجديدة، ذلك أنها لا تتطلب إلا بزة سوداء قديمة، وقميصًا أو صدر قميص أبيض مع الإسورتين، وحذاء، فضلا عن رابطة عنق، يستحسن أن تكون «بابيون» أسود. وعمله هو السير في مقدمة الجنازات، لإيهام الناس أن المتوفى له أقارب ومعارف من علية القوم، وبالطبع، يأخذ أجرًا من أهل الراحل. مهنته أكسبته رؤية عميقة للموت والحياة، فالموت عدو غادر، قد ينقض على المرء في أي لحظة، من دون موعد، لذا علينا تجاهله، وعدم انتظاره، وذلك بأن نعيش الحياة، وهذا ما يفعله، إنه سعيد بمجرد بقائه حيا، فالحياة عنده وإن كانت «حالة مؤقتة»، فإنها مترعة بالمباهج، وهذه الفكرة اللامعة لا تأتي في الفيلم مجردة، جامدة، ولكن تتحول إلى فعل وسلوك وتصرفات. وبلمسات صلاح أبو سيف، وعفوية فريد شوقي، تغدو ممارساتها لكل شئ مجلبة للبهجة، إنه يشرب الماء باستمتاع، يلتهم الطعام، أيًا كانت نوعيته، بغبطة واستحسان، يتمدد على فراشه المتواضع راضيًا عن الراحة التي ستسري في أوصاله عقب مسيرته الطويلة في إحدى الجنازات، وعلى النقيض يطالعنا «شوشة»، عزت العلايلي، المؤرق، الحزين، منذ ماتت زوجته وتركت له طفلاً يرعاه بمساعدة والدة زوجته، تنشأ بينهما صداقة عميقة، يتأثر «شوشة» بفلسفة «شحاتة أفندي» حتى أنه، حين يتوفى الأخير، فجأة، يكاد يتحول إلى شبيه له، بل يرتدي بزته وينخرط في مهنته.. «السقا مات» وهذه ميزته، لم ينظر إلى ـ«شحاته أفندي» نظرة أخلاقية ضيقة، فبرحابة أفق، تفهم أشواقه، ورغباته، حتى الرعناء منها، فهي، في الفيلم، وعند تلك الشخصية، نبض الحياة التي تستحق أن تعاش.

الكيت كات

          على نحو ما، ثمة جانب جوهري عند «الشيخ حسني» - محمود عبد العزيز - يتشابه مع «شحاته أفندي»، بالرغم من الاختلاف في التفاصيل. بطل «الكيت كات» الضرير يعشق الحياة، يريد أن ينهل منها ويمتلئ بها، يغني مع أصدقائه طوال الليل، لا يقيم وزنًا لغياب بصره، يتحسس دراجة بخارية، ومثل الأطفال يتعلق بها، يركبها، يقودها، ينطلق بها وسط صرخات الباعة والسابلة، يقتحم محل الدواجن قبل أن تنقلب به، يضحك بسعادة لأنه حقق ما يتمناه.. «الشيخ حسني» يتمتع بنوع فريد من ثراء الروح وخصوبة الخيال، وهي من سمات «شحاته أفندي» أيضًا، فإذا كان الأخير يسترسل في حلم يقظة يتخيل فيه الليلة الموعودة التي سيلتقي فيها مع امرأة أثارت إعجابه، فإن «الشيخ حسني» يوهم صديقه الضرير «الشيخ جنيد»، وهما جالسان على مقهى، أنه مبصر، ويصف له فاتنة وهمية تسير أمامه.. وفي موقف سابق، يدخل مع صديقه دار سينما، ويصف له المشاهد العاطفية الساخنة التي يزعم أنه يراها أمامه على الشاشة.. خرج «الشيخ حسني» من «مالك الحزين»  ليملأ «الكيت كات» فرحًا وبهجة وعزيمة على الانغماس في الحياة، بالرغم من الظروف المالية الصعبة، وغياب إحدى الحواس.. الفيلمان، يشرقان بابتسامة وسط غلالات الدموع النبيلة التي تغلف عيون أفلامنا، الوارد ذكرها.

 

كمال رمزي