امرأةٌ... في عُنُقِ الزُجَاجَة...

امرأةٌ... في عُنُقِ الزُجَاجَة...
        

شعر

-1-

مَلَلْتُ الكلامَ المُعادَ عن الحُبِّ
فَلْنَخْتَرِعْ، يا حبيبي، كلامًا جديدا...
كَرهْتُ الإهامَةَ في مُدْنِ المِلْحِ...
فَلْنَكْتَشِفْ، يا حبيبي، مكانًا بعيدا..
أريدُ الذِّهابَ إلى زَعْتَرِ الأوْدِيَهْ
أُريدُ التحرُّرَ من كلِّ شيءٍ...
ومن أيِّ شيءٍ
أُريد الذهابَ إلى آخِرِ الأُغْنيَة... 

-2-

أنا، لاأزالُ معلَّقَةً ياحبيبي
بعُنْقِ الزُّجَاجَهْ
فَشِعْري. ونَثْري. وَوَمْضاتُ فِكْري
تمرُّ جميعًا... بعنقِ الزُجَاجَهْ
فكيف أُحبُّكَ في ظلِّ هذا الحصارِ
الطويلِ...
فسيفٌ يُحدِّدُ وَقْتَ خُرُوجي
وسيفٌ يُحدِّدُ وَقْتَ دخولي
تمرُّ الفصولُ عليَّ
ولا أتذكّرُ أسماءَ كُلِّ الفُصُولِ
فلا شَهْرُ نَيْسانَ يَطْرُقُ بابي
ولا غيمُ أيلولَ يروي حُقُولي

-3-

كرهتُ حِوارَ المَرَايا...
كرهتُ الجلوسَ نهارًا وليلاً، بِبَيْتِ اللُعَبْ
أريدُ استعادَةَ حقِّ الصُّراخِ
وحقِّ التَّحَدِّي...
وحقِّ الغَضَبْ
أُريدُ مكانًا على الأرض،
تنبتُ فيه القصائدُ مثلَ دوالي العِنَبْ
تَخَشَّبَّ قلبي، وأصبحتُ امرأةً من خشبْ
تيبَّس عقلي. ولا أتصوّرُ عقلي حَطَبْ
أريد هواءً نظيفًا
وفكْرًا نظيفًا
وحريَّةَ الريحِ بينَ حقولِ القَصبْ...
صَبَرْتُ كثيرًا...
ويا ليتَني كنتُ أملِكُ صَبْرَ النخيلِ
أُلُوفُ البَشَاعاتِ تصدُمُ عيني
ومازلتُ أحلُمُ في كلِّ شيءٍ جميلِ
أُريدُ التحرُّرَ من كُلِّ شيءٍ... ومن أيِّ شيءٍ
فَحدِّدْ زمَانَ الرحيلِ، ووقتَ الرحيلِ...
وخُذْني على ساعَديْكَ القَوِّيَّيْنِ... خُذْني
إلى زَمَنِ الشِعْرِ.. والمستحيلِ...

-4-

كرهتُ اسْتِدارَةَ وجهي... ولونَ عُيُوني
كرهتُ قَنَاعَة كُلِّ الجواري
كرهتُ طعامَ السُّجونِ
كرهتُ القبيلةَ... حين تكونُ القبيلةُ ضِدَّ الأُنوثةِ والياَسمينِ...
كرهتُ ذُكُورَ القبيلةِ حينَ يقولونَ أحلى الكلامِ... لكيْ يأكلوني...
كرهتُ الخُرافاتِ تَنْهَشُ لحمي...
كرهتُ الحليبَ الذي أرْضَعُوني..
خَرَجْتُ على سُلْطَةِ الميِّتينَ...
وخالفتُ كلَّ الوصايا التي عَلَّمُوني...
وقفتُ بوجهِ العَواصِفِ وحدي...
ولم أتّخذْ من صديقٍ على الأرضِ،
إلا جنوني

 

سعاد الصباح