مرثية حلم.. مرثية غزالة

مرثية حلم.. مرثية غزالة
        

شعر

- لماذا؟ إذا ما ذكرتُكِ...
... أُبصر سربًا من البجعاتِ التي تتنقل
بين الشواطئ تبكي
وتهفو إلى نورِ عينيكِ
عند الغروبِ
كأنك واحدةً... من السربِ
كنت هنا مثْلها...
في الصباح
وكان الصباح بريئًا..
إلى أن تخضَّب بالدمِّ
أبحثُ بين الخمائلِ
وأسألُ عنكِ الغزالات عند الينابيعِ
أسألُ هذا الربيعَ
وكان يُمرر حقلاً من الورد
فوق خدودكِ...
باقة زهرٍ على شفتيكْ
إلى أن أطلَّ الظلامُ
وحلّ بشعركِ... كانت هناك الأغاني
بلا موعدٍ... وكنت أنا في الظلال
وما بين حُزنِي وحُسْنكِ
أمضي إلى قدري في الخريفِ
وأنت إلى نسمات الشمال
وأصغي إلى الصوتِ
صوتُك يأتي من القلبِ
مثل رنين اللاَّلْ
ومثل العناقيد تبرق تحت الدوالي
وتمرقُ هاربةً...
في فجاجِ الجبال
وأصغِي لصوتِكِ
يأتي حزينًا
وكنا معًا في صهيلِ الأغاني
نلامس صمتَ الليالي الطوال
نحسُّ دبيبَ الفراقِ الثقيلِ المفاجئ
دبيب العتابِ الأخير الذي...
يحرقُ القلبَ...
نعرف أن الذي
نبْتغيه المحالَ
ونعرف أن يدينا بلا حيلة
ونمْسِك جمرًا بأفواهِنا
في المساءِ
لكي لا يقال الذي لا يقالْ
وكنا نعارٍكْ صخرًا
يسد علينا الفجاج
ويسألنا أن نغلِّق أبوابنا
ونكتِّم أشواقَنا
ونحاول إحكامَ هذا الرتاج
وأعرف أن العواصفَ
قادمةٌ
من غياهب هذا الرماد
ويهمس صوتك
يأتي بُكاؤكِ
أسألُ ماذا تخافين
تأتي... تبوحُ الدموع
وقالت أحس بريحٍ من الشوكِ
تدخل جسمي
أحسّ بعاصفةٍ في الضلوع
وأعرف أن الغيابَ الذي
سوف يأتي...
... بغير رجوع
وشيئًا فشيئًا تغيبين
بَيْن الرمادِ
تغيبين وسطَ ابتسامةِ صيفٍ أخيرةٍ
ونهرٍ خلا من حنين المياهِ
كصوتٍ خلا من صداه
تغيبين:
هذا هو الموتُ...
أسأل. يبْقى السؤالُ
انتحار الجواب
ويبقى النداء
اشتعال الحرائق
عبر فضاء الغيب
تغيبين. يهمس صوتٌ
لماذا الفراقُ المفاجئُ؟
ويهمسُ صوتٌ...
مضتْ
ولم يبق إلا النواحْ
وإلا العذاب الذي
قد تبقَّى من الذكريات
وبعض الجراحْ
وإلا شظايا...
من الضوءِ
تخفُتُ... يهبط حلمُ... الجناحْ
وهذا طريق من الشوكِ
تقبل منه الرياحْ
وأبقى أعاقر...
رعشة روحي
وأدمن صمتي
وأبصر دم الليالي
يسيلُ...
ودم الصباحْ

 

محمد إبراهيم أبو سنة