عزيزي القارئ

عزيزي القارئ
        

50 عامًا حافلة

          إنها ليست خمسين عامًا في تاريخ مجلة، ولكنها سجل حافل لوطن كان يحلم بالمستقبل وبالوحدة والتنمية، لعقول عربية، فتية وشابة، رأت ما هو أبعد من الأفق، وتمنت كل ما هو فوق طاقتها، كانت تدرك أن جهادها الأصغر ضد الاستعمار التقليدي قد انتهى وولى، وبقي جهادها الأكبر من أجل التنمية وتدعيم الاستقلال، وتأكيد الهوية القومية.

          نصف قرن كامل من الأحلام والخيبات ، منشور وموثق على صفحات مجلة العربي، الشابة الناضجة، وهي  تحتفل بالمدن العربية، التي زارتها وشهدت بزوغها العمراني ، كيف ازدهر بعضها، ووقع بعض منها في الأسر، تحتفل بالعقول العربية، التي تحاورت على صفحاتها، وكيف حفظت المجلة هذه الأفكار والأحلام حتى بعد أن رحل أصحابها عن دنيانا،  ومازالت تحتفي بكل الأجيال الجديدة، التي تصعد إلى أفق الثقافة والإبداع لتعطي لـ «العربي» زخمًا جديدًا.

          لقد شرّف صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله - هذا العدد التذكاري من «العربي» بحديث خاص ، وجه فيه التحية لكتّابها وقرّائها ، وأعلن استعداد الكويت لإطلاق مشروع لرعاية الموهوبين من أبنائها،  ويأتي هذا الحديث استمرارًا لمسيرة طويلة قام خلالها سموه برعاية «العربي» منذ عددها الأول وحتى الآن ، فقد صدرت تحت إشرافه ، وتواصلت بفضل إيمانه بدورها الثقافي، وبأنها سفير فوق العادة يسابق كل سفراء الكويت إلى كل بيت عربي ، ومازالت تتطلع إلى دور أكبر بفضل رعاية سموه التي لا تتوقف، كما وجه التحية إلى «العربي» في عيدها كبار المسئولين في دولة الكويت، وعلى رأسهم سمو ولي عهد البلاد الأمين وسمو رئيس مجلس الوزراء.

          وفي جعبة «العربي» كثير من الأحلام ، وعلى حد تعبير رئيس التحرير في افتتاحيته، أن المطبوعة الثقافية أشبه بالكائن الحي، ومن علامات الحياة بها ألا تكف عن النمو، و«العربي» من هذا النوع من المطبوعات، فهي لم ولن تتوقف عن النمو والتطور.

          تقدم «العربي» في هذا العدد أيضًا ملفًا حافلاً بكل ما مرّ على العالم العربي من أحداث وأفكار على مدى نصف القرن الفائت، وهي جردة لا بد منها لنعرف على أي الدروب سارت أقدامنا، وأين نقف الآن،  كما أعطت مجالاً واسعًا للإبداع الشعري، وهو واحد من أقدم فنون العربية، وأفردت ملًفا خاصًا يضم عدًدا من الأصوات الشعرية المتميزة، وقامت «العربي» برحلتين ، إلى الجزائر والبحرين، وهما  البلدان اللذان نشرت «العربي» عنهما استطلاعين في عددها الأول ، وكان بودها أن ترحل إلى العراق لترى ماذا بقي من تمور البصرة بعد خمسين عامًا، ولكن الظروف الأمنية لم تسمح بذلك، والموضوع مازال مؤجلا حتى يفرجها الله ، وقد استبدلت به موضوعًا آخر عن تمور الكويت بعد أن أصبحت واحدة من سلعها المهمة، وألقت الضوء على الدور الرائد الذي تقوم به المرأة في الاقتصاد الكويتي.

          إنه عدد حافل، وغير عادي، يمزج حنين الذكريات، بآمال التطلع إلى المستقبل.

 

المحرر