عزيزي العربي

عزيزي العربي

المثقف والسلطة

.. رئيس التحرير

لعل دافعي للكتابة هو عبارة قرأتها للأديب محمد مستجاب في "واحة العربي" عدد يوليو 1998 م، إذ يقول : ليس صحيحاً "أنني أسعى لأن أكون رئيساً للدولة، ولكن الصحيح هو أن رؤساء الدول يسعون لأن يكونوا أدباء.." ولعل وجاهة العبارة وصدقها ومطابقتها لوقائع كثيرة من التاريخ العربي الذي جعلها تظل عالقة بذهني تحاورني وأتحاور معها إلى أن وجدتني- وعلى أثر المحاورة- أتأمل علاقة المثقف بالسلطة في الوطن العربي وهل المثقف هو الذي يسعى للسلطة أم أن السلطة هي التي تسعى للمثقف؟ وكان أن خطر لي أن شاعر قبيلتنا- وهي إحدى القبائل العربية في سيناء- والذي توفى منذ أقل من عشرين عاماً" لا غير كان واحدا من ميسوري القبيلة، وحين سألت الكبار عن سر يسار الشاعر، عرفت أن الرجل كان يسعى بشعره عند ميسوري البدو فيجزلون له العطاء خوفاً "من قدحه وطمعاً في مدحه".

ولعلني أوردت هذا المثال من واحدة من أبسط الوحدات الاجتماعية في الوطن العربي في بقعة جغرافية (هي أكثر بيئات العالم فقراً) على حد تعبير الأديب العالمي نيكوس كازانتزاكيس في كتابه : " رحلة إلى سيناء" الذي خط سطوره مع بدايات القرن العشرين حين كان يعمل مراسلاً "متجولاً" لواحدة من الصحف اليونانية.

أما إذا انتقلنا إلى وحدات اجتماعية عربية أخرى وفي فترات تاريخية مغايرة، ولتكن فترة الحكم الأموي فإننا نجد ثلاثي الثقافة أيامها (جرير- الفرزدق- الأخطل) يقومون بدور فرق كرة القدم في هذه الأيام ودورها الأساسي تخدير العامة وأخذهم بعيداً عن أمور السياسة والتفكير فيها، ولم يكن المثقف في العصور العربية الأخرى بأحسن حالاً منه في فترة الدولة الأموية وإن اختلفت الأدوار.

ونحن حين نورد هذا الجانب القاتم للمثقف العربي، لا ننسى دوره الناصع في فترات مغايرة من التاريخ العربي، ولكن معظم المثقفين العرب الذين اضطلعوا بدورهم الريادي، ماتوا دون أن يملكوا ثمن علبة دواء، والشاعر أمل دنقل مثال نابض لهذا الطراز من المثقفين، ولكن هل ستظل جدلية العلاقة بين المثقف والسلطة في القرن الواحد والعشرين تواصل سيرها على الوتيرة نفسها؟

- اقترب من السلطة يعني : أضواء ، مالاً، شهرة.

- ابتعاد عن السلطة يعني : تعتيماً ، فقراً ، تهميشاً.

لا أظن الحال سيبقى كذلك، ففي عصر المعلومات الذي ينبثق من ثنائية الحواسيب والاتصالات ستتغير طريقة التعبير عن الآراء، إذ سيصبح لكل إنسان صفحة HOMEPAGE على شبكة اتصالات عالمية- قوامها الحواسيب والطرق السريعة للمعلومات- يتحاور مع من يريد أن يتحاور معه، ويتواصل مع من يريد أن يتواصل عبر هذه الصفحة، وستمكنه تكنولوجيا الـ MULTIMEDIA أو الوسائط التي ستتضاءل كثيراً قبضتها، بالتالي سلطتها، ومن ثم هيبتها في عصر المعلومات.

مسعد سليمان أبو فجر
هيئة قناة السويس
مصر

رستم خادم نابليون

.. رئيس التحرير

قرأت في مجلة العربي العدد (486) مايو 1999 الصفحة 104 مقالة بعنوان "مذكرات رستم خادم نابليون"، وقد ورد فيها أن عودة الإمبراطور لفرنسا عندما فشل غزوه لمصر والشرق كانت عام 1800، وهذا يدل على أن رستم كان موجوداً في عام 1800، والتاريخ الثاني عام 1806، فإن رستم أحب الآنسة دوفيل وهذا تأكيد ثان، حيث كان عمرها 19 عاماً، فبذلك يكون عمر رستم لا يقل عن العشرين، وبهذه الحالة فإن ولادته بحدود عام 1781 م بشكل تقريبي، كما أن نابليون كلف سراً بالحملة في 19 مايو 1798، وفي الصفحة (111) توفي رستم عام 1945 عن عمر قدره 64 عاماً، وما بين وجوده عام 1806 وهو حبه لدوفيل، حيث ورد أن وفاته عام 1945، وبذلك يصبح عمره متجاوزاً الـ 50 عاماً، إلا إذا كان هناك خطأ مطبعي في طباعة عام 1945.

نواف الدخيل
الحسكة- سوريا

مرفأ الذاكرة

.. رئيس التحرير

لماذا غاب في عدد يوليو 488 باب "مرفأ الذاكرة"؟ أتمنى ألا يغيب أي بحث في هذه الموسوعة العربية لأنها كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

عبدالله العساف
سوريا

عنـق الزرافـة

..رئيس التحرير

قرأت بالعدد رقم (489) أغسطس 1999م عن فقرات عنق الزرافة وما ذكرته الكاتبة ياسمين عبداللطيف هو الأصح، واستكمالاً للفائدة، أود أن أضيف هنا أن وزن قلب الزرافة يصل إلى خمسة عشر كيلو جراما، وكما أن أمعاءها تصل إلى حدود تسعين متراً، وخلق الله ذلك القلب الضخم أم تلك المضخة الهائلة لرفع الدماء إلى دماغ الزرافة الذي يبلغ في الارتفاع سبعة أمتار من الأسفل إلى رأس الزرافة؟

فيصل عبدالله
اليمن- حضرموت

رسالة

.. رئيس التحرير

أنا أحد اللاجئين العراقيين المقيمين في مخيم رفحاء، وأحد قرّاء مجلتكم الغراء، أرجو منكم قبولي صديقاً لمجلتكم ، فأنا من هواة الرسم، وأود عرض بعض أعمالي وتخطيطاتي في مجلتكم.

أرجو أن تمنحوني فرصة في مجلتكم الغراء رغم أني أشعر أن رسالتي هذه قد تهمل، وأرجو أن يكون شعوري خاطئاً.

علي حمود الموسوي
رفحاء- المملكة العربية السعودية

التغريب والتعريب

.. رئيس التحرير

قرأت في مجلة العربي العدد (489) أغسطس 1999م حواراً أجراه الكاتب الجزائري خالد عمر ابن ققة مع الأستاذ حسين أحمد أمين في (وجهاً لوجه) ، سبقته مقدمة جاء فيها أن الحوار (محاولة للاستفادة من تجربة دبلوماسية وفكرية ذات عمق متشبعة بالثقافة العالمية دون الانبهار بثقافة الغرب)، فكيف يتسق هذا مع ما جاء في الحوار من انبهار بالغرب، إذ يقول (أنا أحب الشعر الإنجليزي إذ أعتقد أنه أخصب من غيره) في الوقت نفسه، يرى أن الشعر العربي فقير لا يمس القلب، ويمتدح الشعراء الإنجليز والألمان بليك وكيتس وهايني وجوته في حين يشفق على تلاميذ المدارس العربية لأنهم يدرسون قصائد الفرزدق وجرير والأخطل.

محمد أحمد رفاعي
قنا- مصر

المرأة والحقوق السياسية

.. رئيس التحرير

لدي ملاحظة على مضمون حديث الشهر الذي يحمل عنوان "الديمقراطية في مواجهة تجربة جديدة. المرأة الكويتية تظفر أخيراً بحقوقها السياسية".

ففي الصفحة (21) في الفقرة قبل الأخيرة قال كاتب المقال:

"وتأخرت رياح التحديث حتى الستعينيات قبل أن تهب على بلدان الخليج العربي، فنالت المرأة الإماراتية حقوقها عام 97، أما المرأة في قطر والكويت فقد نالت حقوقها هذا العام (1999) قبل أن يغلق القرن أبوابه، وهنا أود القول إن المرأة العمانية دخلت مجلس الشورى، ومارست حق الانتخاب على مدى دورتين، وتم انتخاب امرأتين هما (طيبة المعولي وشكور الغماري) على مدى دورتين كاملتين.

وأيضاً هناك مجلس الدولة، والذي يتكون من مجلسي عُمان ومجلس الدولة، يوجد به ثلاث أو أربع من أبرز قيادات المرأة العمانية دخلت مجلس الشورى، ومارست حق الانتخاب على مدى دورتين، وتم انتخاب امرأتين هما (طيبة المعولي وشكور الغماري) على معدى دورتين كاملتين.

وأيضاً هناك مجلس الدولة، والذي يتكون من مجلسي عُمان ومجلس الدولة، يوجد به ثلاث أو أربع من أبرز قيادات المرأة العمانية.

مبروكة مبارك بن سعد
سلطنة عُمان

تنوع وغنى

.. رئيس التحرير

يسعدني أن تقبلوا مزيد شكوى للإمتاع الفكري الذي أشعر به لدى قراءة مجلتكم الرائعة، خصوصاً أن هذه المجلة هي صورة لدولة الكويت وتقدمها الجميل في جميع الحقول، وبشكل خاص الحقوق الإنسانية لكل من الرجل والمرأة.

إن أقرأ بضع مجلات غربية، وأعترف بسرور أن مجلة العربي هذه أغنى منها وأكثر تنوّعاً. فأرجو لهذه المجلة تفوقّاً متواصلاً ونجاحاً تامّاً.

منصور شليطا- البرازيل

القدوة والإتقان

.. رئيس التحرير

قرأت ذات مرة في مجلة العربي مقالاً للمرحوم الأستاذ عبدالرزاق البصير تساءل فيه: "هل من سبيل لهذه الأمة أن تنهض وترتقي إلى مصاف الدول المتقدمة؟".

هذا التساؤل شغلني لفترة طويلة من التأمل، واستغرقني التفكير في محاولة للإجابة عنه، والحقيقة أن القيم والمفاهيم السائدة في المجتمع هي التي تقرر مصيره، فإما أن يرتقي ويزدهر، وإما أن يتخلف وينحدر.

في الأمم المتقدمة التي تسنّمت قمم الرقي، نجد أن الفرد معنّي جداً بأن يتقن العمل الذي يؤديه سواء كان عامل نظافة أو صانعاً للقرار، هكذا هم في اليابان وألمانيا أو في فرنسا، أما الفرد في الدول المتخلفة فهو معني جداً بأن يحقق كسباً سريعاً على حساب الجودة والإتقان، وإن كان مدمّراً على المدى البعيد.

ولذا فإن الرجال العظماء القادرين على أن يلتزموا بالقيم السامية، لا بد أن يجعلوا من أنفسهم قدوة للآخرين.

محمد بن رشيد
عمان- الأردن

الموسوعة الجغرافية

.. رئيس التحرير

أنا أحد قرّاء مجلة العربي الشائقة والفريدة من نوعها في الوطن العربي والتي تنفرد بمواضيعا النّيرة لهذه الأمة.

ومن خلال قراءتي للمجلة للعدد رقم (487) يونيو 1999م، وجدت في باب مكتبة العربي أحد الكتب الجيدة المفيدة لتخصصي في علم الأرض ألا وهو "الموسوعة الجيولوجية" وأرغب في الحصول عليها، ولا أعلم عنوان مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

عبدالكريم محمد إبراهيم حسن القاسمي
صنعاء- اليمن

التعريب في الجزائر

.. رئيس التحرير

نشر في العدد (483) الصادر في فبراير 99، في الصفحة 30، للدكتور يعقوب أحمد الشراح مقالاً تحت عنوان "تعريب التعليم في نهايات القرن العشرين"، وهو موضوع شائق، يتحدث عن استعمال اللغة العربية في ميدان التعليم العالي والجامعي بكل فروعه وتخصصاته، كما يتطرق لضرورة توحيد المصطلحات العلمية والإشكالات والعراقيل التي لحقت عملية التعريب، والعجز الكبير في صياغة المصطلح العربي.

وبدوري، أود أن ألفت انتباه القائمين على اللغة العربية بالمشرق العربي حول التعريب في الجزائر، وما وصل إليه، لتسعد الجزائر اليوم وتفتخر إذ أصبح لديها مجمع وطني ومجلس أعلى للغة العربية، وكل منهما يحاول أن يجتهد لوضع المصطلح الملائم لكل كلمة مترجمة، ومتابعة تطبيق برنامج تعميم استعمال اللغة العربية في الجزائر، خاصة في النشاط الإداري والتعليم الجامعي، إذ حدد آخر أجل لتعميم التعليم الجامعي باللغة العربية مع نهاية شهر يوليو لسنة (2000)، كما أنه يوجد تشابه كبير بين التعليم العالي والجامعي في الجزائر وبلدان المشرق العربي، إذ لا نعتمد على مقال الدكتور يعقوب أحمد الشراح، لأن جميع العلوم الإنسانية معرّبة، وتستعمل اللغة العربية دون سواها في الجامعة الجزائرية، وحتى المكتبة الفكرية لجامعة العلوم الإنسانية بدأت في التطور والازدهار، بالرغم من ضعف الأسلوب وركاكة الترجمة، فإن الرسالة تصل إلى الطالب، ويستفيد منها أفضل وأحسن من النص الفرنسي ذي المستوى العالي والأسلوب السلس، إلا أن الطالب يحبذ لغة أصله، لأنه قادر على فهمها واستيعابها، والإبداع بواسطتها.

لقد خطت الجزائر خطوة جبارة، حيث نزعت الفرنسية تدريجياً، من الإدارة المحلية، والتعليم الابتدائي والثانوي، وفي العلوم الإنسانية بالمعاهد الجامعية، والقضاء الذي يمنع المرافعات، والخطابات إلا باللغة العربية، وقد مُنح أخيراً الحديث في البرلمان إلا باللغة العربية الفصحى أو باستعمال الدارجة.

كما أرجو أن يتقبل المشتغلون بميدان التعريب رأيي حول تعداد الألفاظ لمصطلح أجنبي واحد، وأقول، إن الترجمة والنقل للتجربة العلمية من لغات مختلفة إلى اللغة العربية، مثل : ترجمة علم من العلوم والتكنولوجيا، الذي يعتمد في الجزائر على النص الأصل الفرنسي، وفي الكويت ومصر عن التراجم من الإنجليزية، فيخلق هذا الاختلاف في المصدر تعددا في المصطلح العربي، الذي أراه إيجابياً، إذ ما استغل من طرف مجمع عربي للغة العربية، موحد، وذلك لاستنتاج مصطلح عربي حديث وملائم، كوني، ومما تقدم، لا أرى أن الإشكال المطروح في المدرسة العربية هو المصطلح العربي ذاته، الذي لا يعتبر عائقاً، وإنما يجب على المشتغلين بهذا الميدان أن يهتموا ويساعدوا الإبداع الأدبي والبحث العلمي والتوجيه المدرسي باللغة العربية، حتى نستطيع أن نستغني تلقائياً ونهائياً عن النص الأجنبي والفكرة الغربية المنقولة إلى اللغة العربية بصورة عرجاء. لهذا، فإن المعارضين لتعريب العلوم والتكنولوجيا، لم يبق لهم منفذ يحتجون به ولا برهان ينكرون من خلاله امتداد اللغة العربية إلى أبعد حقل علمي.

سليمان عميرات
مكلف بتعميم استعمال اللغة العربية

بمؤسسة الهياكل المعدنية
عناية- الجزائر

العربي .. والنضج المبكر

.. رئيس التحرير

جاء ميلاد مجلة العربي كأول مجلة شاملة منوعة وكحديقة غنّاء تثري الساحة الثقافية العربية بالجديد والمفيد، حيث تخطت كل الحدود السياسية والحواجز المصطنعة، وصنعت ثقافة عربية أصلية عبر الاتصال الهادئ والحي بين التراث والمعاصرة مع طرق أبواب المستقبل المنشود. ومبارك العيد الأربعون لمجلتنا الحبيبة التي ننتظر مجيئها كل شهر محمّلة بباقة من ورود المعرفة ورياحين الثقافة وثمار العلم متجذّرة في أصول ثقافتنا العربية ، وقد احتلت الصدارة وأصبحت جوهرة لامعة في سماء الثقافة العربية ومنبراً ثقافياً مميزاً للقارئ العربي طيلة أربعين عاماً يشهد ذلك على نضوجها المبكر، فهي المجلة الوحيدة التي ولدت ناضجة ومكتملة منذ بداياتها الأولى.

وصار لها مكانة متميزة في كل بيت عربي لتنوع مواضيعها وغناء مصادرها في زمن القحط الثقافي.

تحية لحاملة الرسالة التنويرية في عالمنا (العربي الإسلامي) ولكل الصادقين والمخلصين وهم يتفانون في خدمة وطنهم الكويت وأمتهم العربية من المحيط إلى الخليج، وتحية لسفيرة الكويت إلى العالم ونافذة العرب والمسلمين على كويت الثقافة والتقدم والازدهار.

هنيئاً للعربي ولكتّابها ولقرائها ولهيئة تحريرها العيد الأربعون، وعمراً مديداً من العطاء الثقافي والفكري المتميز.

علي أحمد المحنش
اليمن- ذمار

دماء في القلعة

.. رئيس التحرير

قرأنا في العدد 484 مارس 99 م الصفحة رقم (62) في باب (شعاع من التاريخ) تحت عنوان (دماء على جدار القلعة) بقلم الأستاذ: سليمان مظهر عن موضوع أمين بك المملوك الشارد من رضا محمد علي باشا الكبير في مذبحة القلعة، وفي الموضوع أن المملوك أمين بكل دعي إلى الحفل الذي أقامه محمد علي آنذاك لتوديع ابنه طومسون وهو في طريقه لمقاتلة الوهابيين في جزيرة العرب، وأن أمين بك قد اتخذ مكانه بين رفاقه البكوات الأربعة والسبعين يحيط بهم أربعمائة من الكشاف والاتباع. مع العلم بأن وثائق التاريخ بما فيها روايات تاريخ الإسلام للكاتب جورجي زيدان تؤكد أن أمين بك قد تأخر عن الحفل بسبب زوجته سلمى، وحسبما يرويه الكاتب أن أمين بك لما وصل إلى باب يدعى باب العرب رأى الموكب قادماً نحو الباب يريد الخروج منه، فآثر الانتظار هناك ريثما يخرج لمرافقته، فدعاه ذلك إلى الوقوف بجواده على تل أمام ذلك الباب، غير أنهم سرعان ما أغلقوه بغتة، وأعقب ذلك إطلاق رصاص داخل القلعة، فأيقن أمين بك أنها مكيدة لقتل المماليك وحمله حب النجاة على الفرار إلى الصحراء دون العودة إلى سلمى في بيته، فوثب بجواده من فوق ذلك التل، فسقط الجواد على الأرض جثة هادمة، وانطلق ماشياً حتى خرج من ضواحي القاهرة، وما لبث أن علم أن دم المماليك أصبح مباحاً حيثما كانوا، فأوغل في البرية حتى وصل إلى إحدى القبائل التي عاش متخفياً فيها قبل أن يصدر أمر العفو من الوالي محمد علي باشا عنه نتيجة وساطة الأمير بشير حاكم لبنان آنذاك.

آمنة يعقوب علي / المعاملي- البحرين

الوضوح المتألق في قصيدة "ياسمين"

.. رئيس التحرير

في العدد (489) أغسطس 1999 نشرت مجلة العربي قصيدة للشاعر جنة القريني عنوانها "ياسمين"، وقد قرأتها على مهل مرات كثيرة، وكنت أجد في كل مرة ما يستحق الدرس والتعليق.

القصيدة تطرح همّاً إنسانياً مؤرقاً، وهي من الشعر الحر، وقد اعتدنا في هذا النوع أن يكون غامضاً ضبابياً، إلا أننا في هذه القصيدة نجد أنفسنا أمام الوضوح المتألق، قد يغمض في بعض جوانبه، ولكنه الغموض المحبب في الشعر، والمحبب إلى القارئ الواعي الذي يتذوق الشعر ويعرف مزاياه وقدره، ويستطيع أن يميّز الجيد من الرديء.

هذه القصيدة تطرح همّاً إنسانياً مؤرقاً عرفت الشاعرة كيف تطرحه، وعرفت كيف تستحوذ على مشاعر المتلقي، وكيف تخاطبه، وتلقي في قلبه وعقله ما تريد أن تبثه من مشاعر وأحاسيس دون أن تعتمد التهويش العاطفي ولا الزخم الانفعالي اللذين سريعاً ما تخمد حدّتهما ويفقدان أثرهما في نفس القارئ بعدما يغادر القصيدة.

لقد اعتنت الشاعرة بالصورة الفنية، واستخدمت التلوين العاطفي من نداء واستفهام وكلمات ذات رصيد عاطفي ضخم، فالزهو عند الشاعرة "يهتز" ولأحلامها غلواء، وعشقها مجنون، إلى جانب ذلك وظفت فن الطباق البلاغي في جدلية نشاهدها في الحياة والتي لا تقوم حياة إلا بها : النهار والظلام، الفجر والليل، الفناء والبقاء، بل الأمر أبعد من ذلك، فالقصيدة كلها قائمة ومرتكزة على ثنائية الماضي والحاضر، الماضي الجميل في الديرة حتى الغبار وأمواج الغبار: إن أحن إلى الغبار، وسطح الدار، والنحلة الشمّاء، والصيف والشمس ، ولون الفضاء، وزهور ستائري، والحاضر المدفون في "قبري المنسي في بطن العراء" الوحدة، الليل التشويه، ماتت وردة الأمس.

مثل هذه التقنيات الفنية المتنوعة : استخدام النداء المتكرر، واستخدام أسلوب الاستفهام الذي يصدر عن تلهّف ووله وحسرة، واستخدام الصورة الفنية النابضة بالحياة والدفء، المتمثلة بالاستعارة التصريحية والمكنية. كل هذا جعل القصيدة كوكباً مضيئاً إلى جوار كواكب الشعر العربي المتألق.

وتريـات
ضحية الدهر

ضحية الدهر ذا يا معبد المحن

يا وردة غرقت في أبحر الشجن

يا نجمة حضرت شمس الوجود لها

غيري تنافسها في حسنها الحسن

يا من بلتها الليالي حينما ارتفعت

ومن يفر من الأحقاد والضغن

يا ربة الغيد يا ماء سقى غزلي

ويا يراع قواف فيك تسحرني

ألست أنت التي بالأمس كنت ي

د الضعاف إن ظلموا وقدوة المدن

ألست من جرع الأعداء كأس رؤا

لهم وجرعهم كأساً من الإحن

ألست من قد روى زماننا عبراً

أن ليس للسيف إلا السيف في زمني

ضحية الدهر ما خانتك غير يد

لها افتراء بأنها يد الوطن

ذئاب بادئهم، خوادع زعموا

زعم اللصوص وما للسيد من أمن

لو لم يكونوا لنا كإخوة فضحوا

وما العدو سوى جرثومة البدن

ضحية الدهر ما هذا التشاؤم ما

هذي الغزارة في دموعك الهتن

تجلدي ابتسمي لا تيأسي أبداً

لا تسجدي للردى والهم والحزن

عودت كما كنت بالأمس كالربى أملاً

تسقى النفوس، وتكوي الحقد كالذخن

كوني رزاناً ألا كوني لنا هدفاً

وكالعصافير غردي على فنن

جزائر، المجد يوماً ما يعود لنا

والشمس تشرق يوماً للدجى الدجن

وكل داء وإن طال المكوث به

لا بد مهما نما أن يرم للكفن

شعر : مولود خلاف
الجزائر

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




الأستاذ عبدالرازق البصير