عزيزي القارئ

النقش على الحجر

إذا كان معظم النار من مستصغر الشرر، فعلينا ألا نستهين بالأفكار المريضة التي تحبو في بادئ الأمر ثم تنطلق مدمرة كل آيات الحضارة ومنظومة القيم ومثل المباديء، وهي الأفكار التي تبدأ بتنشئة غير صالحة تزرع الحقد والكراهية، وتحث على الجهل والتخلف.

ولعل الأمية هي الحقل المناسب لتمرح فيه مثل تلك الأفكار، ونحن نعاني في منطقتنا العربية جراء فشل الخطط التعليمية التي اعتمدت للقضاء على الأمية، كما يشير رئيس التحرير في حديثه الشهري، وهو ما يمثل هدرًا في إنفاق لم يأت بثماره المرجوة, وإضعافا للهيكل الاقتصادي المستقبلي للقوى العاملة المتعلمة. ويؤكد رئيس التحرير على أن التعليم قادر - إذا ما تم توظيفه بشكل جيد، وبطريقة قائمة على المشاركة بين الدول العربية - على تقوية الروابط الثقافية والمعرفية بين هذه الدول، لأن اختلاف العرق والدين لا يجدر به أن يكون مسوِّغًا لتفتت الأمة، فأبناء الهند والصين، أكبر أمتين عددا، وأكثرهما تعددا في الأعراق، ارتضوا العيش معًا من أجل نهضة اقتصادية وسلام مجتمعي. وهو أيضًا ما تدعو إليه «العربي» في ملحقها الشهري، البيت العربي، حيث تتبنى توفير البيئة الإبداعية لأطفالنا، حتى يتسنى لنا تأمين مستقبلنا معهم. لأننا نؤمن أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.

كما تقدم «العربي» في ديوان رحلتها ثلاث سَفْراتٍ؛ فتزور مدينة تاريخية، هي القصر المصرية، تحذر من اندثارها، وتوثق لحرفة عربية، هي صناعة السفن، تدعو إلى رعايتها، وتتذكر يوميات أدبية فرنسية، كتبها جي دي موباسان، إلى الجزائر قبل الاستقلال، معلقة عليها وشارحة.

زخم الرحلة يمتد ـ كذلك ـ مع أعلام العرب والعالم، فنحتفل مع القراء بمرور ثلاثة قرون على ميلاد صاحب العقد الاجتماعي المؤسس للحرية المجتمعية، جان جاك روسو، مثلما تتعدد الالتفاتات إلى مبدعين في الآداب والفنون والعلوم، في أكثر من بلد عربي وغربي، آملين أن يسافر قراء وقارئات هذا العدد الجديد من «العربي» عبر صفحات متن المجلة وملحقها في فضاء من الابتكار، تحت سماء من حرية الفكر والإبداع.

 

المحرر