قرص لمواجهة الكوارث

عندما ضربت فيضانات الامطار الكويت في العام 1997 كان الحدث نادراً، ولعل هذا ما دفع شركة تلفزيون أجنبية إلى إرسال فريق تصوير كامل ليرصد ظاهرة "الفيضان في الصحراء"، التقيت أعضاء ذلك الفريق وكان الواقف خلف الكاميرا، يصوّر وبمتعة شديدة، سيارة دخلت المياه وعجز سائقها عن إخراجها، وقد سارع رجال الدفاع المدني وقتئذ إلى إخراج السائق بأمان، ونظرات خيبة الأمل تبدو واضحة في عيني رجل الكاميرا، فقد كان يتوقع كارثة، أو لعله يريدها، وعندما كنت أروي الحادثة لصديق، قال بخبث: إذا كان فريق التصوير دولياً، وبدأت شبكات التلفزيون ببث الفيلم، فإننا سوف نغرق غداً بالمساعدات وفي طليعتها البطانيات، فالجميع يربط الكوارث بالبطانيات، مع أن شمسنا لاهبة.

تذكرت الحادثة وأنا أقرأ عن قرص مدمج "سي.دي.روم" أنتجته منظمة الصحة للأمريكتين اسمها المختصر بالإنجليزية "ياهو"، وهذا القرص اختارت له الوكالة عنواناً يقول "مكتبة الكوارث الفعلية" ويحتوي على أكثر من 250 منشوراً تتناول جميع أوجه الكوارث الطبيعية من الزلازل إلى الفيضانات إلى انتشار الأوبئة واجتياح الأعاصير.

ويشكو ناطق باسم المنظمة من أن ما يحدث في كثير من الأحيان بعد وقوع الكارثة أن تدفق المعونات الدولية يشكّل كارثة ثانية، لأن الناس يرسلون ما ليس هناك حاجة إليه، فهم يرسلون بطانيات إلى بلدان استوائية منكوبة، وثياباً وأحذية بالية وأدوية غير مناسبة لا تساعد على علاج الوضع وإنما تتسبب في عرقلة نظام التوزيع.

"مكتبة الكوارث الفعلية" لا تتعامل إلا مع الكوارث الطبيعية، وهي نادرة في مناطقنا، وأما الكوارث الحقيقية لدينا، فهي كوارث من صنعنا، أي كوارث بشرية، من نوع ذلك الحاكم الذي سرق لقمة العيش من أفواه شعبه، وعندما ضمرت أجسادهم، قرر أن يستورد آلة لشفط الشحوم كي يتساوى بهم، ويصبح الناس سواسية حكّاماً ومحكومين، أو من نوع تلك العروس التي أخبرت عريسها بأن أمها سوف ترافقها في رحلة شهر العسل، فصرخ الزوج: ولكنها كارثة، وردت العروس: لماذا؟ إنها سوف تنام معي وليس معك!، أو من نوع تلك الزوجة التي فاجأت زوجها المحاضر من دون سابق إنذار في مكتبه لتجده بين ساعدي السكرتيرة، فصرخت: ولكنك لم تقل لي إن محاضراتك كتابية وليست شفهية، وقطعت لسانه لأنه لا يحتاج إليه في الكتابة.

ولعل منظمة "ياهو" تسعفنا بقرص مدمج ينقذنا من الكوارث البشرية.