عزيزي العربي

عزيزي العربي

مداخلة

عندما تهيمن الجلافة

طالعت وبكل اهتمام ما جاء في مقالة الدكتور سليمان العسكري في العدد المنشور بشهر يوليو 2003م تحت عنوان (قهر الثقافة وهيمنة الجلافة.. أسئلة مهمة لرواية عراقية كبيرة).

وإنني إذ أؤيد ما ورد في المقال بشأن ضرورة قراءة هذا الملف الأسود لكي يتمكن قطاع أوسع من القراء العرب من فهم واستيعاب حقيقة ما جرى من فظائع مأساوية من قبل هذا الطاغية المخلوع, لا سيما أن هناك بعضا من المثقفين الذين حاولوا التطبيل وتلميع وجه الطاغية (البشع) بمساحيقهم التجميلية والتي كان طبعا لقاء أجر مدفوع.

وهؤلاء مع الأسف ساعدوا الطاغية على الاستمرار في وحشيته وعنجهيته, وزيفوا وعي القارئ العربي, ومارسوا النفاق السياسي الكاذب.

والواجب عليهم اليوم أن يأخذوا العبر والدروس وخصوصًا بعد أن شاهدوا المقابر الجماعية وألا يحاولوا الوقوع مرة أخرى بهذا المنزلق نفسه, كما أن عليهم أيضا تقديم (الاعتذار) لشعب العراق وجيرانه الذين اصطلوا بجحيم ونيران هذا الطاغية والذي سطر رواية مأساوية عربية كبيرة, فمآسيه قد مست ليس الشعب العراقي فحسب, ولكن كل فرد عربي من المحيط إلى الخليج!

كما أرى أن هناك دورا يقع على كاهل علماء النفس يتطلب القيام به, وهو تحليل هذه الشخصية السادية وسبر أغوار عالمها الطفولي التي شكلت الأساس الأول في تكوين نزعة الشر بداخلها.

لقد كان طريق الشر هو (غايته) ولتحقيق هذه الغاية ظل يبحث عن (الوسيلة) التي من خلالها يستطيع تنفيذ رغباته التدميرية!

وقد وجد ضالته في منظمة البعث الذي التحق بها, حيث بذل قصارى جهده من أجل الحصول على وظيفته (الجزار) لأن هذه المهنة تتوافق مع ميوله, ورغباته ونفسيته المتعطشة للدم!

وعند وصول حزب البعث إلى السلطة, وجد الشاب الذي ارتدى قناع الوحوش نفسه في الصفوف الأولى للقيادة, وهنا بدأ الفصل الثاني من مسلسل (القتل) واستخدم لهذا الغرض أذرعا عديدة, حيث قام بتشكيل وتأسيس الأجهزة الأمنية والتي وصلت إلى حدود ستة عشر جهازا, وقد انتقى عناصرها من الموالين له, وخصوصا من أبناء عشيرته.

وفي سبيل وصوله إلى هرم السلطة أخذ يفكر بالكيفية التي تمكنه من إزاحة زملائه في القيادة البعثية لكونهم كانوا يشكلون الكابح أو المعيق لتحقيق أحلامه السلطوية لذا لجأ إلى نسج المخططات التآمرية ضدهم من خلال مشروعه التصفوي, والذي استطاع من خلاله تصفية الواحد تلو الآخر حتى تمكن من إزاحة آخر عقبة في طريقه متمثلة بأحمد حسن البكر, مكنته من (اغتصاب السلطة) بالمكر والخديعة والتآمر, ولم يبق من أعضاء القيادة سوى من تأكد أنهم يدينون له بالولاء المطلق, أي أولئك الذين يتحركون بيده كالدمى.وحينما صعد إلى كرسي الحكم, عقد الطاغية (حفلة الدم) ودعا إليها كل قيادات حزب البعث وفي قاعة (الخلد) افتتح هذا الحفل المأساوي الخالد بقراءة قائمة الموت, والتي شملت المئات من قيادات حزب البعث!

وقام بتوزيع دمائهم على جميع المحافظات العراقية, ومن المضحك والمبكي في آن واحد أن الطاغية أخذ يذرف دموع التماسيح! في حفلة الموت هذه (دم ودموع) هي روايته المأساوية التي استهل بها الطاغية عهد حكمه وبشر بها شعبه وزفتها عدسات إعلامه للشعب, لكي يلقي الهلع والخوف والرعب في نفوسهم.

وكأنه أراد بهذا أن يقول لهم: مازال هناك شلالات من الدماء وأنهر من الدموع بانتظاركم, فمازالت رواية الموت في بداية فصولها الأولى.

هكذا بدأ سفاح العصر, مسلسل القتل والدماء والخراب, فحول العراق إلى سجن كبير, وانتشر عسسه ومخبروه في طول البلاد وعرضها يتنصتون على كل همسة تصدر من اي مواطن عراقي! وأصبح هذا النظام الإرهابي كالكابوس الجاثم على صدور الشعب.

ولم يكتف بهذا البطش والتنكيل الذي راح ضحيته الآلاف, بل قاد هذا الشعب المغلوب على أمره إلى جحيم المحرقة, وألقى بهم في أتون حروب مهلكة, ابتدأها بحربه على جارته إيران, والتي استمرت ثماني سنوات, راح ضحيتها الملايين من أبناء البلدين الجارين.

كما وظف موارد العراق لشراء ترسانة من الأسلحة, كما قام بتصنيع الأسحة ذات الدمار الشامل, والتي استخدمها ضد جارتها ايران, كما لم يتردد في استخدامها ضد ابناء شعبه, في مدينة (حلبجة) الكردية, محدثا مجزرة بشرية وإبادة جماعية سقط من جرائها (خمسة آلاف إنسان) بين شيخ وطفل وامرأة وشاب ورجل!

ثم تبع ذلك بعدوانه الغادر والجبان على دولة الكويت الشقيقة, والذي قام بغزوها في أغسطس 1990م ومارس بحق شعبها شتى صنوف القتل والتدمير والنهب, وأسر المئات من أبنائها.

وبالمناسبة, فقد كنت شاهد عيان على إحدى جرائم الطاغية والتي حدثت أمامي, ففي أحد أيام صيف عام 1979, قام زبانية النظام في السفارة العراقية بعدن بتنفيذ جريمة القتل بحق المعارض العراقي الدكتور توفيق رشدي المحاضر بجامعة عدن, مستخدمين سيارة تحمل لوحة دبلوماسية, حيث مرت من أمامي وفجأة توقفت أمام منزل الضحية ونزل منها شخصان قاما بالمناداة على الدكتور كي يخرج إليهم وحينما خرج باشراه بإطلاق وابل من رصاص مسدساتهما ليردياه قتيلا ثم فرا هاربين باتجاه السفارة العراقية بعدن!

وهذه الجريمة البشعة بينت همجية هذا النظام الذي لا يقيم وزنا ولا اعتبارا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم العلاقة بين الدول, حيث جعل من سفاراته وكرا للتآمر والإرهاب والقتل! وبدلا من تعزيز العلاقة بين الدول عمد إلى تخريب هذه العلاقة, وتصدير شروره والتدخل في الشئون الداخلية للدول, والقيام بممارسة الأعمال الإجرامية خارج حدود العراق.

إن هذه الجريمة البشعة التي حدثت أمامي لا يمكن لي أن أنساها أبدا, وكما أنها قد جعلتني أدرك ومنذ وقت مبكر طبيعة الخطر الذي يشكله هذا النظام.ومن المفارقات العجيبة أن هذه الجريمة البشعة التي نفذها هذا النظام في أحد أحياء مدينة عدن, كانت على بعد أمتار قليلة من منشأة تعليمية أهدتها دولة الكويت الشقيقة لأطفال اليمن, وهنا يكمن الفرق بين من يهدي لنا الموت والخراب, وبين من يهدي لنا سنابل الخير والمحبة!

محمد عبدالرحمن العبّادي
الضالع - مديرية الشعيب - اليمن

تعقيب

بل الجواهري عملاق

قرأت في مجلتكم الكريمة بعطائها العدد (535) في الملف الخاص بالشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري في الصفحة رقم 89 مقالاً للدكتور خليفة محمد التليسي. ولي بعض التعليق على هذا المقال:

  • إن منهجية الكتابة عن هذه الشخصية الأدبية لم تحو بيتًا واحدًا للاستشهاد.
  • أرى في المقال شيئا غريبا وهو أن الجواهري لم يكن شاعر تأمل بل هو انفعالي فقط, هذا لا ينطبق على من قال متنبئًا ومتأملاً وهو لم يبلغ الثلاثين من العمر:
لو استطعت نشرت الحزن والألما على فلسطين مسودا بها علما
فاضت جروح فلسطين مذكرة جرحًا بأندلس للآن ما التأما
سيلحقون فلسطينا بأندلس ويعطفون عليه البيت والحرما
ويسلبونك بغدادًا وجلقة ويتركونك لا عظمًا ولا وضما


ألم يكن متأملاً عندما قال قصيدته (آمنت يا حسين), ألم يكن متأملاً حين تغنى ببراغ ودمشق و(يا دجلة الخير). أجل كان متأملاً كما كان حكيمًا في (عشرون بلفور) وقد قال مثلاً:

لا يغضبن سادة تخشى معرتهم بل المعرة في أن يغضب الخدم
وحين تطغى على الحران جمرته فالصمت أفضل ما يُطوى عليه فم


ثم من أي منطلق يذكر المقال أن صوت الرصافي هو أقوى - أي على الإطلاق - صوت شعري قدمه العراق في العصر الحديث.

  • هل يكون الرجل الذي يعيش منفيًا من أجل أن يكون حرًا قد ارتدى أكثر من رداء? أو الرجل الذي رفض الذات السياسية عند عبدالكريم قاسم وقبله عند الملك فيصل الأول, هل يكون طامحًا لتأكيد ذاته سياسيًا?

وهنا أقول: نعم, لقد كان الجواهري شديد الاعتداد بنفسه في شعره وهذا شأن الشعراء كما قال المتنبي:

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم


أما في حياته وعلاقته بالناس فالأمر مختلف تمامًا, وسيبقى شعره ملهمًا لشبابنا روح التضحية وموضحًا لنا درب الكرامة, فأنا لا أستطيع إلا أن أرتدي ثوب الجهاد عندما أقرأ:

أتعلم أم أنت لا تعلم بأن جراح الضحايا فم
تصيح على المدقعين الجياع أريقوا دماءكمُ تطعموا


علي عبدالهادي الشيخ
الإحساء - المملكة العربية السعودية

الطاغية ومجلة (العربي)

بدايتي مع (العربي) ورثتها من والدي الذي بدأ بالاشتراك في هذه المجلة عندما كان طالبًا في الأكاديمية العسكرية في مطلع الستينيات, وهوايته أن يجمع الأعداد التي يشتريها, وأصبحت لديه مكتبة أرشيفية ضخمة وبعد استشهاده في مطلع الثمانينيات على يد الجلاد الظالم صدام حسين واصلت نهج والدي وبدأت منذ 1983 بشراء وجمع مجلة (العربي) بالرغم من صغر سني. غير أن آخر عدد اشتريته كان عدد يونيو 1990 قبل الغزو الصدامي التتري لدولة الكويت الشقيقة: وبعد انقطاع دام إلى عام 1997 مع (العربي) غادرت العراق لدولة عربية وبعد ازدياد مداهمات أوغاد صدام لبيتنا صادروا مكتبتنا مكتبة العربي وأحرقوها لأنها حسب قولهم تآمرت على البلد!!! وهكذا حتى مجلة (العربي) وتراثها وذكرياتها الجميلة لم تسلم من يد هولاكو العصر صدام!

وأنا اليوم ومن الدنمارك أتمنى أن أعود إلى واحة الثقافة العربي من جديد وبأقرب وقت ممكن, وأتمنى أن يكون الاشتراك في مجلة العربي يصل إلى الدنمارك.

مصطفى كامل الشريف
عراقي مقيم في الدنمارك

- المحرر: نهنئك أولا على نجاتك من المقابر الجماعية سيئة الصيت, ونعرب عن استعدادنا لإرسال مجلة (العربي) على عنوانك عندما يصل إلينا.

رأي

مَا للْحُروف تخونُ لَحْظتها?

مهداة إلى الشاعر الدكتور (خليفة الوقيان) من وحْي قصيدته:

الآن لا عُتْبَى ولا أسَفُ
المنشورة بمجلة (العربي) الغراء, أغسطس 2003.

يَهْنيكَ لا عَتْبٌ, ولا أَسَفُ شَرَفُ الطَّويَّةِ, حسْبُكَ الشّرفُ
يا مانحًا شِعْري سَنًا, وجَنيً إمّا هَفوْتُ إليه, ينعطِفُ
أضْنيْتَ خيلي غيرَ مُقتصد في مَهمَهٍ ظلماتُها كِسَفُ
تعبَتْ, وخيْلك في سنابكها من ومْضها يتوهّجُ السَّدفُ
ما للحروف تخونُ لحظتها? فقصائدي وأصابعي خزَفُ!
عَبثًا أُحاولُها وأُشعلُها مالي سَرَيْتُ ورحلتي تلفُ?
يا أيها الخيل التي تعبتْ مَهْلاً, فإنَّ الأمر مختلفُ!
يا صاحبي, هذي روَاحلُنا مَدَّتْ سُراها, والْهَوَى هَدفُ
غادرتَ درْبَ الخوف...صرتَ مدًى نورُ اليقين عليه مُنكشفُ!
فودَعْتَ مَنْ مِكْيالهُم جَنَفٌ ما ضرَّ إلا أهلَهُ الجَنَفُ
تهب الحياةُ لبعضنا رُطباً والبعضَ يُعطَى السِّلُّ والسَّعفُ
والبعضُ يقطر قولُهُ عَسلاً يُلهى الصغار, وفعْلهُ زعَفُ
يبْدو قواريرًا مُمرَّدةً تبْدو ندًى, وفؤادها قَشَفُ
قَدْ جاءَ معكوسًا تكبُّرُهُ فإذا التواضعُ عينُه الصَّلَفُ!
فيهم من الأفعى طراوتُها وإذا خلَوْا بفريسةٍ, نقَفُوا
(طالوتُ) لما مرَّ في نَهَرٍ, والناسُ مَنْ عبُّوا, ومَنْ غَرَفُوا
لم يغُدُ كز النفس يأخذهم بذُنُوبهم, والشَّربُ مغترِفُ
كلاَّ, ولم يهلِكْ بإثْرِهمُ أسَفًا, ولم يجزعْ بما اقترفوا
فحنيَ كعيسى عندما سقطُوا ودَنا كعيسى, عندما اعْتَرفوا
هي فتنةٌ قامتْ على عِللٍ لذوي النُّهى والحبِّ تنْكَشِفُ
عرفوا الطريق مخوفةً وأتَوْا ما نَهْنهُوا يومًا, وما وقفُوا
ومضوْا بقلبٍ غير مُكتئبٍ وخطوْا بدرْبٍ ليس يرتجفُ
فكأنما انكشفتْ مَعارفُها فإذا سالتَ ثنيَّةً وصفوا
هيْنُونَ إن أُعطُوا, وإنْ مُنِعُوا ليْنُونَ إنْ غُرِسُوا, وإنْ قُطِفُوا
أرْواحهمْ موصُولةٌ بسنًا إمّا تجلَّى فيهمُ, لطُفُوا
وَسِعُوا الحياةَ سكينةً ورضًا فتساوت الأنهارُ والنُّطَفُ
ما حاكموا زمنًا, ولا حزنوا زمنًا, ولا استعْداهم السَّرفُ
صَعِدُوا إلى السّبعين فاكتشفوا حبًا به الآفاقُ تُكتَشَفُ!!
ما ضرّهمْ أنْ مَرَّ مُنعطَفُ أو كان خلْفَ التلِّ مُنْعَطَفُ
تفنَى الدهورُ وذكرهُمْ شَرَفْ يُفنى الدهورَ, ويسلمُ الشرفُ
يَا صَاحبي هَذي رَوَاحِلُنا, في الدرْبِ تمضى والْهوى هدَفُ
لكنّ خيْلك في سَنابكها للنور في الآفاق تنْقذفُ
شاقتْ عرَائسُكَ التي ابتسمَتْ يَهْنيكَ مُبْتَسمٌ ومُرْتَشَفُ
وأنا...وخيْلي أرْهقتْ سفَرًا قلبي إلى آفاقِهِم لهفُ!
يا أيها الخيْل التي تعبَت مهْلاً, فإنّ الأمرَ مختلفُ


د. سعيد شوارب
كلية التربية الأساسية - الكويت

التوازن المفقود

قرأت الفكرة المنشورة في مجلتكم الموقرة العزيزة بالعدد (538) شهر سبتمبر 2003 ص 207 , في باب عزيزي العربي تحت عنوان (البحث عن الجمال), للكاتبة سناء أيوب.

إن هذه المقالة لهي شاهد على ثقة المرأة العربية - المثقفة فعلا - بنفسها ومدى فهمها لحقائق الأمور ومدى تأويلها الصحيح لهذه الأمور. و مما شد انتباهي في هذه المقالة - والتي أعدت قراءتها أكثر من عشر مرات - أن كاتبتها أحدثت نوعا من التوازن, قلما تجده عند بعض الكتاب - حسب خبرتي الضعيفة جدا - فتجد بعض الكتاب تحكمهم الإيديولوجيات والمواقف الصرفة, ويصبحون في ظل هذه الأفكار والمواقف مدافعين باستماتة عنها وتصبح العقلانية لديهم في حالة انخفاض , بل في حالة انحسار تجاه أفكارهم , وتصبح الأعين التي ينظرون من خلالها للحقيقة ترى من خلال منظار أفكار وأبعاد إيديولوجياتهم , ويرمون كل شعاراتهم المنادية بفهم وتحليل ومحاورة الآخر.

وإذ احيي الكاتبة على هذا الطرح الجميل, وإن كان لدى البعض غريبٌ والمتمثل في قولها: (والجمال الذي أقصده , هو غير التبرج الذي يثير نفور بعض الناس ويسبب اشمئزازهم).

وشكرا لوضع عبارة ( بعض الناس ) لأني أحسب أن الكل غير ذلك , وأكرر هنا على التوازن الفكري والمنطقى الذي طرحته الكاتبة, وهو الاعتراف بأن المرأة إحدى المتع - المصونة طبعا - الرئيسية في الحياة, وأنها أحد عناصر - مشاهد - الجمال في هذه الحياة .

كون أن بعض ممن يصفون بالفكر والتفكير ينادون بأن المرأة لابد أن تصبح ( فسيكولوجيا ) مثل الرجل, خاصة في مظهره وتحدياته الديناميكية , والبعض الآخر يصفها أو بالأحرى ينفي عنها صفة الجمال البرئ ويستغل هذا الجمال وهذه المتعة لجعلها كسلعة تباع وتشترى, وكحافز ودافع لترويج الغايات وتنفيذ المآرب التي ينادي بها ضعاف النفوس ومحدودي التفكير , والبعض الآخر يصفها بأنها معدومة الفائدة وأنها الصفر الذي لا يحرك ساكنا في معادلة الحياة, وبأنها لابد لها من أن تجلس في الظلام ولا تلعنه , بل ويضيق عليها حتى حقوقها الطبيعية من تعليم وعمل وغيرها أي أنها مجرد عدم .

فهناك مشكلة كبيرة في كينونة جمال المرأة أو في المرأة بحد ذاتها فهي لا بد أن تكون غراء فرعاء .... إلخ , متناسين دورها الحقيقي كطرف مهم جدا في معادلة الحياة ومعادلة الرجل .

وفي ظل هذه المشكلة والتي اخترت لها - أنا - عنوان قد يعبر عنها بصورة أو بأخرى وهو :

( المرأة الرجل و المرأة السلعة والمرأة العدم ) , تبرز أهمية إيجاد سبيل بين ذلك والولوج إلى طريق من شأنه أن ينحينا جانبا عن الأفكار المستوردة والمعلبة من أصحاب النزعات والشذوذ الفكري , مع أن ثقافتنا الإسلامية تزخر بهذه السبل وأعطت للمرأة حقها كاملا ولكن الضعف في من أولوا الثقافة .

وهذا السبيل - المتوازن - هو ما أوردته الكاتبة في قولها: (أنا أؤمن بالروح الجميلة وأعتقد أنها هي التي تميز واحدة عن الأخرى), وهذا هو الحل أو نقطة التوازن والتعادل في المشكلة, فالروح هنا تعبر عن العقل والفكر والسلوك, وبالتالي عن الدوافع وعن الحالة الصحية للإدراك المتوازن.

فالروح الجميلة بمعناها الواسع والشامل لابد أن تضفي مسحة جمالية وتترك بصمة خالدة على الظاهر من شخصية الإنسان - فما بالك بإنسان جميل كالمرأة - سواء الظاهر المادي ( الجسم ) أو الظاهر المعنوي والمجازي ( وهي الأفكار والسلوكيات ) وما تحكمها من محددات ربما تكون غريبة بعض الشيء.

وتذهب الكاتبة في تقريب الحل - نقطة التوازن - وتبين للقارئ أن الحل ليس من ضرب الخيال أو من هولاميات المستحيل , فتصفه بأنه ليس (كوكبا في السماء يصعب الوصول إليه) أ.هـ

- طبعا على عالمنا العربي - موضحة أن لكل امراة مسحة جمالية خاصة بها, وهي تملكها فعلا وليست مستوردة أو مؤجرة من الغير أو هي آنية ووليدة لحظة وظروف معينة أو بيئة معينة, أو اعتقاد معين أو مجتمع معين بل هي من هبة الله سبحانه وتعالى والتي جبل خلقه عليها , وهذا من شأنه أن يضفي جانبا كبيرا من الثقة لدى المرأة مهما كانت درجة جمالها أو موضعه .

وحددت الكاتبة السبيل السهل للوصول, أو بالأحرى لتفعيل الجمال الروحي والذي تملكه كل امرأة بعناصر مهمة وهي ( فيجب أن تعمل بضمير وإخلاص وتراعي الله في سلوكياتها لتكتسب الجمال).

والعمل هنا - على حد فهمي للموضوع - هو التفاعل في الحياة أو ردة الفعل التي لابد أن تحدث تجاه موضوع الجمال الذي يعتبر محيرا, ومهما جدا للمرأة , فهو الشيء الثمين الذي تحرص المرأة على إظهاره , في ظل العديد من الأساليب المتاحة والتي تمثل نقصا لآدمية المرأة وكينونتها , وفي المقابل لابد لها من المحافظة عليه ( الكنز) من عبث العابثين ولو كانوا من ذوي التمدن المزعوم .

عبدالرزاق رمضان شبشابة
طرابلس - ليبيا
E_mail:[email protected]

تنويه

السيد رئيس التحرير
تحية طيبة

ورد في عدد العربي رقم 539 اكتوبر 2003م صفحة قالوا (الصفحة 35) أن الدكتور محمد ابراهيم الشوش هو كاتب ليبي والصحيح أنه سوداني الجنسية لأسرة معروفة في مدينة عطبرة وعمل محاضرا في كلية الآداب, جامعة الخرطوم, ثم عميدا للكلية ومديرا لدار الطباعة بالجامعة نفسها, وأسس بعد ذلك مجلة الدوحة الصادرة من الدوحة (الشبيهة بالعربي) ثم خلفه الأستاذ رجاء النقاش في رئاسة التحرير واستقر الدكتور الشوش بعد ذلك في كندا وأعتقد أنه لايزال هناك إن صحت معلوماتي.

أنا أعلم أن (العربي) دقيقة في معلوماتها بحكم انتظامي في قراءتها منذ عقود من الزمان وأظن أن هذا الخطأ هو (كبوة فارس).

مع تحياتي وأمنياتي لكم
عبدالله علقم
الدمام ـ السعودية

المحرر: شكرا جزيلا وتقديرا ليقظة القارئ العزيز مع الاعتذار عن هذا الخطأ غير المقصود.

تنويه

في شرح الصورة المنشورة في ص48 من استطلاع (قصة نجاح هندية...رحلة إلى وادي السليكون) بالعدد رقم (543) فبراير عام 2004 ورد أنها لقلعة فاتح بوسيكري. والصحيح أنها لقصر فتح بوسكري للملك أكبر الذي يعد من أهم الأعمال المعمارية للعهد المغولي.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات