بيشاور باقة الزهور زكريا عبدالجواد صور: حسين لاري

بيشاور باقة الزهور

في سوق (قيس خواني) كان الرواة يواصلون سرد الحكايات الشعبية, فيما العابرون مشغولون في احتساء الشاي الأخضر, وشد أنفاس (الشيلم) الهندي.

ظل الحكاءون في مساعيهم لجلب رضاء زبائن تمثل لهم تلك التقاليد جانبا من ذكريات آخذة في الأفول مع زحف تجارة البضائع المهربة, وسيطرة أباطرتها على ما تبقى من فراغ, ظل مخصصًا في الزمن القديم لعشرات المقاهي التي كثيرا ما مر بها الشعراء والمغامرون والقادة والجنرالات القادمون من كابول أو المتجهون إليها.

لم يعد الزمن هو الزمن, فالانتقال اليسير عبر ممر خيبر إلى بلاد الأفغان لم يعد بالسهولة نفسها, هناك إجراءات مشددة, وعيون فاحصة يغلب في نظراتها التوجس, مرتابة دائما في الغرباء, تماما مثل صقور تظل متحفزة حتى يمرق الغريب, وتطويه المسافة أو تحيله شبحا, وهناك ألاعيب السياسة ومصالحها التي جعلت من أفغانستان - التي على مرمى حجر - بؤرة لاهبة أصابت بشظاياها, بيشاور, وفي قلبها سوق الحكائين.

هكذا, كان علينا أن نقصده, ربما للحاق بآخر فرصة مشاهدة لذلك السوق الذي يشبه ماكنا نراه صغارا, من حاملي (الربابة) الدائرين على المقاهي, يسردون من الذاكرة قصصا لأبي زيد الهلالي وعنترة العبسى وسيف بن ذي يزن, وربما لأنه رغم كل التغييرات التي أصابته, وكادت تقضي تماما على رائحة التاريخ فيه, لايزال يمثل أحد المواضع التي ترد إلى الأذهان كلما مرت ولو بشكل عابر (سيرة) بيشاور.

وكان أن طلبت في اللحظة نفسها التي وجدتني فيها عند مدخل مدينة بيشاور, مواجها لقلعة (بالا حصار), من السائق أن يذهب بنا أولا إلى ذلك السوق الأسطوري, فقد كان علينا أن نتنشق بعض العبق الساحر, قبل أن ندور في شوارع المدينة, ونجوس أسواقها حتى النخاع.

الطريق إلى بيشاور

كانت السابعة صباحا لكن الشمس لم تكن قد سطعت بعد, عندما اتخذنا طريقنا, يصاحبنا رذاذ من سحب كانت تعبر فوق مدينة إسلام أباد في ذلك اليوم من شهر سبتمبر, قاصدين مدينة بيشاور الحدودية, وحاملين في ذاكرتنا أطنانا من المعلومات التي بثت عن تلك المدينة وأحداثها الأفغانية المدوية.

لم تكن شوارع العاصمة البديعة تنتظر سقوط المطر لتغتسل, فهي دائما لامعة, كان هذا ماشهدناه طيلة الأيام التي قضيناها هناك, والتي رأيناها عليها, عند وصولنا ومغادرتنا لمرات عديدة, مدينة متسعة, لا يخلو شارع فيها من أشجار زاهية الخضرة, يتمازج فيها اللون البهي مع طرق شديدة الرحابة تلمع من بعيد, وتتناسق في ظل هذا البهاء مع العديد من المباني الحكومية وقليل من العمارات السكنية الرشيقة المحدودة الارتفاع, فتمنح النفس صفاء, والعيون راحة.

أسأل مرافقنا الباكستاني: (من أين جاء كل هذا الجمال?), يندهش وهو يقول ضاحكا: إن هذه المدينة, تم بناؤها فوق أنقاض غابة شاسعة, بعد أن قرر الجنرال محمد أيوب خان الحاكم الباكستاني في الستينيات, نقل العاصمة من (كراتشي) ذات التكدس الشديد بالأبنية والبشر والسيارات, سعيا للتخلص من الازدحام المروري الخانق, وكذلك من التظاهرات التي ظلت تندلع في تلك المدينة فيتعطل السير في الشوارع وتضطر الوزارات والسفارات والبعثات الأجنبية والجامعات والبنوك وجميع المصالح الحكومية إلى إغلاق أبوابها لعدة أيام, في الوقت الذي تتوقف فيه الحياة في العاصمة السابقة.

جاء قرار إنشاء عاصمة جديدة وفقا لمقتضيات الضرورة, وتم الإعلان عن مسابقة لتصميم المدينة واختيار اسم لها, فتم التخطيط للعاصمة, ووقع الاختيار على اسم (إسلام أباد) التي يعني اسمها في اللغة الاوردية (إسلام إلى الابد) كعاصمة لتلك الدولة التي يقول أبناؤها إن الإسلام كان الدافع وراء إنشاء دولتهم, والابتعاد بها عن الهند.

كانت شاحنات النقل الضخمة تسير في محاذاتنا بجوانبها المرتفعة وسيرها البطيء المائل قليلا, أشبه ببطة عرجاء, فيضيق الطريق. يندهش المرء وينخطف بصره وهو يرى كل هذه الاشكال العجائبية التي رسمها فنانون لديهم صبر أيوب على هيئة طيور وعرائس وكائنات خرافية وعيون فتيات دعجاء, ويندهش المرء حين يعلم أنه كلما زادت تلك الاشكال وكلما كثرت ألوانها الفوسفورية ارتفع سعر الشاحنة.

وكان الطريق بديعا, تتوازى فيه الخضرة وتتدرج, فيها الغيوم في السماء تحجب الشمس, فتمنح هدوءا أشبه بسكينة لحظات الشفق للشوارع شبه الخالية إلا من الشاحنات وسيارتنا التي كانت وقتها أشبه بفأر يحاول التسلل من بين عمالقة ألوان الفسفور, حتى وصلنا إلى أول بوابة للعبور على الطريق المتجه إلى بيشاور, كان علينا أن ندفع رسوم اجتيازها, مثلما يحدث في بوابات الخروج والدخول إلى عواصم العديد من الدول, بعد نصف ساعة كنا قد وصلنا إلى مدينة (تكسلا Taxila) التاريخية التي مازالت تضم معابد بوذية وهندوسية, والتي تعد بداية حدود إقليم البنجاب الباكستاني, وهو واحد من خمسة أقاليم تضمها باكستان أولها إقليم (السند) وعاصمته كراتشي, ثم (سرحد) وعاصمته بيشاور, و(بلوشستان) وعاصمته كويتا, و(البنجاب) الذي أصبحنا بداخله وعاصمته لاهور, والذي تقع اسلام آباد على تماس معه, لكنها تعد عاصمة للبلاد حتى وان كانت لاتنتمي اداريا له, ثم اقليم (آزاد كشمير) وعاصمته مظفر آباد.

ازدحام بشري على مفارق الطرق العابرة من تلك المدينة وفي شوارعها التي اخترقتها سيارتنا, فيما كانت العشرات من عربات (الريكشة) تنطلق في التفافات بهلوانية غير آبهة بمن أمامها ولابمن خلفها, في الوقت الصباحي الذي كان فيه عمال ومزارعون, حفارون وبناءون يحملون معداتهم فوق الاكتاف ويسيرون قاطعين طريق السيارات المنطلقة بأقل درجة من الحذر, ولم يكن هؤلاء وحدهم في العبور غير المبالي, بل إن اطفالا صغارا بملابسهم المدرسية وحقائبهم المتدلية من خلف ظهورهم, وصبيانا يحملون على رءوسهم أجولة منتفخة من الخيش, يفعلون الأمر نفسه غير مهتمين بالسيارات المارقة, وكأن الشعور بأدنى درجات الخطر قد نسيته الحواس, واعتادت الامر حتى ألفته.

وعلى الرغم من أن الشوارع في تلك المدينة وفيما وصلت إليها سيارتنا من مدن على طول هذا الطريق المنطلق إلى بيشاور تبدو مرصوفة ونظيفة, فإن مذاق الأتربة تسلل إلى الجيوب الأنفية ومسامات الحلقوم, فنغص متعة اللون الشجري الأخضر, ومساحاته المترامية.

كانت شاحنات النقل أكثرها متهالك, لكنها تواصل سيرها البطيء فتفرض على الطريق ازدحاما خانقا, يزداد قبل ان نمر بمحجر لتقطيع الرخام تنتشر بطول الجبال الباكستانية وعرضها, نسير في طريقنا فنمر بورش وبيوت صغيرة اسفلها مقاه ومحلات وكراجات.

ندخل إلى مدينة (حسن عبدال) Hassan Abdal التي يسكنها غالبية من الشيعة الجعفرية, والتي يتفرع منها طريق صغير إلى بلدة (بانجاسحب) حيث يقطن السيخ, ثم نمر على مفترق طرق من بينها منحنى على اليمين يذهب باتجاه (أيبوت أباد) الذي ينتهي عند حدود الباكستان مع الصين والذي يفضي إلى طريق (كراكوم) المعروف بطريق الحرير.

الجبال العالية على يسارنا رافقتنا طيلة الطريق, فيما بدت الحقول من خلف أشجارها إلى جوارنا بامتدادها وشساعتها خلال الساعات الاربع التي انتهت بنا إلى فندق يتوسط مدينة بيشاور.

نمر فوق جسر صغير, نرى من بعده جسورا لم تكتمل, وتبدو أعمدة الحديد المسلح المشدودة فوق الخرسانة المصبوبة, وقد اعتلاها الصدأ, يرى مرافقنا التساؤلات لدينا فيقول على الفور, إنها لعبة السياسة والفترات الطويلة من عدم الاستقرار السياسي, التي كان من نتيجتها تعطيل الكثير من المشروعات الحيوية, يستطرد قائلا: لقد بدأ نواز شريف رئيس الوزراء السابق بناء هذا الجسر, لكنه بعد أن نفي خارج البلاد, توقف العمل فيه وفي غيره من المشاريع.

سباق لاينتهي

على طرق البلدات التي نقترب منها العديد من وسائل النقل تتجاور ويسابق بعضها البعض الآخر, عربات خشبية تجرها أحصنة وأخرى تجرها الحمير, وعربات الحنطور تركض لاقتناص زبائن قبل ان تختطفهم الريكشة منها, وشاحنات النقل المزركشة وعربات نصف النقل, وراكبو الجمال, وسيارات الصالون اليابانية القديمة صغيرة الحجم.

نصل إلى بلدة (جوندال) Gondal فنمر بشارع ضيق ومزدحم وشديد الخطورة في اتجاهيه, لكننا بعد ان نتجاوزه نشاهد على الجانبين سهولا مترامية ومراعي وأعدادا كبيرة من رعاة الماشية.

حين اقتربنا من منطقة عسكرية ضخمة, أشار مرافقنا إلى طريق جانبي على اليمين, في بدايته انتصبت لوحة كبيرة تشير إلى انه يتجه إلى (كشمير آزاد), عندئذ لاحت لنا من على البعد جبال خضراء عالية, تحوم حولها طائرة هليوكوبتر ربما كانت تقوم ببعض المهام التدريبية العادية, لكننا بعد أن واصلنا سيرنا, لفت انتباهنا مجرى مائي كبير, إنه (نهر أندوس) Indus الذي يأتي من شمال مدينة (جلجت) الباكستانية ويصب في بحر العرب, حيث تقع كراتشي.

مقابل هذا النهر نمر على مبنى أثري قديم, أشبه بمسجد, نستريح هناك قليلا قبل أن نعاود السير لنمر في طريقنا المتجه إلى مدينة بيشاور بمعسكرات ضخمة جديدة للجيش, قبل أن نصعد فوق جسر (أتاك) Attak لنشاهد التقاء نهري الاندوس وكابول القادم من أفغانستان, مياه الأول زرقاء صافية, فيما مياه النهر الأفغاني بنية اللون داكنة, ويظل النهران يسيران في طريقهما هكذا دون اختلاط, يفصل بينهما خيط من الماء, حتى يتعبا من السير ومن المعاندة, ويرغمهما الاجهاد على الامتزاج في نهر واحد في منطقة البنجاب الباكستانية يسمى عندئذ بنهر السند.

قبل أن نصل إلى البوابة التي تقع في نهاية حدود إقليم البنجاب نمر على قلعة مبنية أعلى جبل, يشير السائق إلى أنها (آتاك قلعة) التي تعد أكبر السجون في باكستان والتي سجن بها رئيس الحكومة السابق نواز شريف عقب الإطاحة به, قبل أن يبعد بعد ذلك إلى الخارج, فيما لايزال زوج رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو يقضي فيها فترة العقوبة الصادرة بحقه, ويقع ذلك السجن أو تلك القلعة في المنطقة التي يلتقي فيها نهرا الأندوس وكابول, وهو مايضفي على المنطقة جمالا ساحرا.

رأس الخنجر

عند هذا الحد, وصلنا إلى آخر حدود البنجاب, التي يتكلم أهلها اللغة البنجابية, لندخل من بوابة على الطريق بعد أن ندفع رسوما جديدة, تفضي بنا إلى بداية حدود منطقة الباشتو (Pashto التي يقطنها أبناء قبيلة البشتون,, نسير بموازاة نهر كابول الذي لاتثير مياهه الداكنة الطينية في النفس أي شعور بصفاء, غير أنه هذه المرة يرى مفصولا عن نهر الأندوس بشريط أرضي من المزارع تبدو من بعيد أشبه برأس خنجر, بعدها نصل إلى محمية طبيعية للغزلان, في مدينة (جهانكيرا), التي تتراص على الشارع الرئيسي فيها عشرات المصانع المتخصصة في تقطيع الرخام, وهي مدينة مزدحمة جدا ويقطنها العديد من عائلات اللاجئين الأفغان.

في هذه المدينة هناك العشرات من اللافتات المكتوبة باللغة الأوردية ذات الحروف العربية, تشير إلى مدارس العلوم الدينية, ويزدحم سوقها الواقع على الطريق العام بالأفغان الرجال بسحنات وجوههم التي لاتخفى, وبنسائهم اللواتي يرتدين التشودري, الذي سلط الإعلام الضوء عليه خلال فترة حكم الطالبان.

نسير هكذا, حتى نصل إلى مدينة (آكورا ختك) حيث جامعة دار العلوم الحقانية التي تمتد على مساحة كبيرة, والتي أنشأها وأشرف عليها مولانا سميع الحق, ومنها تخرج كبار المسئولين في حكومة طالبان التي حكمت أفغانستان.

بعد أن نتجاوز هذه الجامعة تبدأ خطوط السكك الحديدية في محاذاة الشارع الذي نسير فيه, فيما عمال الطرق يواصلون عملهم في الشمس اللاهبة, نمر على مقر جامعة تحسين القرآن في مدينة (نوشيره) وهي جامعة تتبع للقاضي حسين أحمد, بعد ذلك نمر بقاعدة أخرى للجيش, ويرى مرافقنا مدى الدهشة التي اعتلت وجوهنا, فيقول: إن ميزانية الدفاع تستهلك 40 في المائة من اعتمادات الموازنة العامة, فيما لاتتجاوز النسبة المعتمدة للتعليم في باكستان النصف في المائة, والصحة واحد في المائة.

أسواق نوشيره المزدحمة, يسيطر عليها في الغالب تجار أفغان هربوا من فظائع المعارك الأهلية التي شهدتها بلادهم في ربع القرن الاخير, وحتى في هذه الاسواق هناك ولع بالرسوم والأشكال المزخرفة, التي عادة ما تدور حول عيون النساء, والكائنات الخرافية غير المحددة الأشكال, ولكن على الطريق ذاته ثمة كتابات كثيرة على الجدران تشيد بالأحزاب الإسلامية, ولافتات أخرى للاحزاب التقليدية الكبيرة التي كانت تستعد وقت وجودنا هناك لخوض انتخابات برلمانية.

في بلدة (نوشيرة) ايضا كلية للتدريب على الطيران والمدفعية, يلتحق بدوراتها التدريبية العديد من أبناء الدول العربية والاسلامية, وعلى الطريق الرئيسي بها أيضا مسجد بنته لجنة الدعوة الاسلامية, وبه مركز لتعليم القرآن الكريم يسمى (مدرسة تحسين القرآن).

بشر النزوح

وصلنا إلى بلدة (باببي) التي تبعد نحو 15 كيلو مترا عن بيشاور, لنرى كل شوارعها مزدانة بصور بنازير بوتو رئيسة الوزراء التي ابعدت عن البلاد ومنعت من المشاركة في الانتخابات, لكن انصارها الذين يخوضون تلك الانتخابات يضعون صورتها على منشوراتهم الانتخابية ولافتات الترشيح, ونجد أن الأعلام الحمراء الخاصة (بحزب الشعب), الذي ترأسه, مرفوعة في كل مكان, خاصة على البيوت ذات الطوابق المرتفعة.

في هذه المدينة (باببي) سوق كبيرة جدا لبيع وشراء محصول البطاطس, وبها أيضا معسكر كبير جدا للنازحين الأفغان, وفوق أغصان أشجارها علقت لافتات صغيرة باللونين الأزرق والأبيض عن (مدارس, ومأذون شرعي, وصالونات حلاقة, ومحلات للتصوير), ولوحات أخرى عليها عبارة (خدا حافظ) ترحب بلغتها الاوردية بالقادمين.

قبل أن نصل إلى بيشاور كان الوقت الذي قطعناه على هذا الطريق قد أعطانا نصيبًا من دخان عوادم السيارات, والشاحنات التي دائما ماتصر على ممارسة هواية استباق السيارات الصغيرة ثم ابطاء المسير عقب اطمئنان سائقها إلى تحقيق انجازه الخانق.

هكذا كان لابد ان نصاب بسعال متصل, وحساسية لايتوقف من معاناتها الرشح والعطس ووجع الرأس, إلى ان وصلنا إلى مدينة بيشاور, التي لم يكن الدخان الخانق فيها أقل درجة من ذلك الذي كنا لانزال نعاني آثاره, والذي لازمتنا معاناته طيلة وجودنا في باكستان اذ يعتمد سائقو السيارات فيها على الديزل, فهو الأرخص قياسا إلى سعر البنزين العادي.

قلب المدينة

قناني الحليب المصنوعة من صفيح أبيض اللون, والمحمولة فوق العربات الصغيرة, كانت أول ما صافح عيوننا عند مدخل المدينة التي كانت محطة رئيسية لقوافل الصحفيين والمغامرين ورجال الاستخبارات السريين, في ذروة الاحداث التي عصفت بأفغانستان قبل نهايات العام 2001, والتي عانت بيشاور من رجع صداها.

كان مدخل المدينة مزدحما بالسيارات والبشر, عندما مررنا بقلعة قديمة أقيمت فوق تل مرتفع, اسمها (بالا حصار) التي بناها الإمبراطور المغولي (بابر), كانت القلعة قريبة من جسر يمر من فوقه قطار قديم الطراز مطلي باللونين الأصفر والأخضر, يصل مابين راو البندي ولاهور وكراتشي.

نتجاوزه فنمر بعد قليل بمسرح بيشاور, ثم مجمع للمكاتب الحكومية, لتأخذنا شوارع اتسمت بالنظافة والسعة, لكن عوادم السيارات ودخانها الأسود المنطلق في شكل دائري مرتفع, كفيل بإفساد أي إحساس بجمال.

دخلنا إلى الفندق, نفس الإجراءات التفتيشية التي رأيناها في إسلام أباد, العصا ذات المرآة, والنظرة الفاحصة للقادمين ومحتويات السيارة, قبل السماح برفع الحاجز من أمامنا.

وكان (جم رود) - الذي يشبه طريقا دائريا - في حال توسعة وقت وجودنا في تلك المدينة, حيث كان يتم نقل حوائط المنازل الخارجية إلى الداخل واتاحة عدة أمتار إضافية لتوسعة هذا الطريق الحيوي, وقال لنا ساكنو المدينة إن تلك التوسعة ظلت حلما لكن الحكومات المتعاقبة لم تكن تجرؤ على تنفيذه رغم أن قرارا صدر بالتوسعة قبل عشر سنوات, إلى أن جاء حكم العسكر فتم تنفيذ المشروع دون أن يتصدى له أي صوت معارض من الأهالي الذين كانوا قد تعدوا على الشارع واقتطعوا مساحات منه.

يضيف أحد السكان قائلا إن بيشاور في العام 1976 كانت مجرد مدينة صغيرة, غير أن مجيء الأفغان منذ بداية اندلاع المعارك في بلادهم خلال الغزو السوفييتي , ثم معارك الفصائل عقب انسحاب السوفييت, تسبب في اكتظاظ بيشاور بثلاثة ملايين أفغاني, عندئذ لم يكن هناك بد من الشروع في توسعة المدينة, وإقامة أحياء جديدة على أطرافها.

زمن الحكاءين

قبل أن نصل إلى هذه المدينة التي يتحدث ساكنوها (الهندكو), إلى جانب (الباشتو) و(الأوردو), والفارسي الأفغاني الذي يطلق عليه (الديري), وهو غير الفارسي الإيراني فيما يتركون (الإنجليزية)لاستخدامات المثقفين, قرأت كثيرا عن أسواقها الشهيرة, وكان سوق (كارخانة) من بينها, و حين سألت عن المعنى, أخبرت ان (كار) تعني العمل أوالمهنة, وهي تماما مثلما ننطقها أيضا في بعض بلادنا العربية وبنفس المعنى أيضا, و(خانة) وتعني (مكان) أو (محل), تماما مثلما نقول في بعض بلداننا العربية (الأجزاخانة), وتعني الصيدلية حاليا, أو التي يسميها الباكستانيون (دوا خانة).

المهم أن سوق كارخانة متخصص في الصناعات المقلدة, وفي هذا المكان الذي يقع بالقرب من بوابة معبر خيبر من جهة بيشاور, يتم بيع البضاعة الالكترونية والكهربائية التي تصل إلى باكستان من أفغانستان, وهنا قد يبدو الأمر شديد الغرابة, أن تكون أفغانستان موردا رئيسيا للاجهزة الالكترونية لدولة مثل باكستان كانت هي الوحيدة من دول العالم الإسلامي التي تقوم بصناعة القنبلة النووية!!.

لكن الدهشة سرعان ماتزول حين يعلم المرء بالحكاية على لسان هؤلاء الذين يبيعون كل مايخطر على البال من بضائع مصنعة في دول شرق آسيا وجنوبها وفي أوربا شرقيها وغربيها, بل وفي الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك.

يلتفت إلينا احد الباعة, فيما كانت اعداد الزبائن القادمة إلى هذا المكان من مختلف أرجاء باكستان وأقاليمها المترامية تروح وتجيء حول البضائع, وتستفسر عن أسعارها التي هي الأرخص من أي مكان آخر, بل وتصل نسبة الفارق في هذا المكان إلى أقل من نصف السعر الذي تباع به في أي مكان آخر في باكستان.

يرد البائع حين يخبره مرافقنا المترجم يونس الباكستاني المولود في الكويت, بأننا نسأل عن مصدر هذه البضاعة وأسباب رخصها الشديد, قائلا إن هذه البضائع في الأساس يشتريها التجار الأفغان من أسواق دبي والعواصم الخليجية والآسيوية, ويتم شحنها إلى ميناء كراتشي الباكستاني نظرا لأنه لايوجد أي ميناء لدى أفغانستان فهي واحدة من الدول المغلقة التي لاتطل على بحار, ومن ميناء كراتشي يتم نقل البضائع إلى الحدود الأفغانية بعد معبر خيبر, وهناك يتم تعبئتها من جديد واعادتها فوق الجمال إلى باكستان, وتحديدا إلى بيشاور باعتبارها أول مدينة بعد معبر خيبر مباشرة, ويستغل التجار نصوص اتفاقية التجارة بين أفغانستان وباكستان والتي تحظر تحصيل أي رسوم جمركية على البضائع المتبادلة بين البلدين, في إعادة بيع تلك البضائع المستوردة في سوق كارخانة.

عجايب قهر

إلى سوق خيبرالذي يقع على مساحة هائلة من تلك المدينة التي كانت في أزمنتها القديمة تابعة لحضارة قندهار, وفق ماتكشف عنه المقتنيات والتماثيل التي يحتويها متحف (عجايب قهر).

وفي هذا المكان الذي يضم العديد من الاسواق في مختلف أنواع البضائع القديمة والحديثة والمصنوعات التقليدية والحرف اليدوية, انطلقنا في جولة ذات عصر أحد أيام الاسبوع, البداية كانت في سوق الذهب الذي يتوسطه شارع ضيق وطويل مزدحم بالمارة والمتفرجين على معروضات تتراص على جانبيه وتبرز واجهاتها الزجاجية من بين المحلات المتلاصقة, من هذا الشارع الذي تزاحم المارة فيه والتي تفرعت عنه عشرات الأزقة الأشد ضيقا, كانت النساء البشتونيات بملابسهن المميزة (التشادوري) الذي يغطيهن تماما, ولايكشف حتى عن العينين, يسرن معا, فيما لم نر في كل أرجاء المدينة فتاة ولاسيدة دون غطاء للرأس, حتى الأجنبيات والصحفيات الأجنبيات على كثرتهن في بيشاور كن أيضا يرتدين الملابس الباكستانية النسائية المعتادة (الساري), فيما الأجانب الاوربيون الرجال أيضا يرتدون الزي العادي الذي يطلق عليه (الباتاني).

يأخذنا هذا الشارع إلى ساحة عريضة تسمى (شوكيات جارد) أو (ساحة الذكريات) وفقا لمعناها باللغة العربية, وهي أشبه بالهايد بارك, أرض مرصوفة بالبلاط العادي ومحاطة بسور كبير أبيض اللون, يتجمع فيها الأهالي مساء ويقوم الشعراء بإلقاء أشعارهم على الموجودين, فيما يتحدث الخطباء عن أهم الذكريات والعبر, في سعي حثيث لادرار الدموع من مآقي المشاهدين, غير أن السياسة ممنوع الحديث فيها في هذه الساحة الفريدة.

نجتاز هذه الساحة ليأخذنا الشارع في التفافاته إلى (سوق الشاي), وهو سوق شديد العجب, اذ تتراص فيها عشرات المحلات التي تزدحم بها أصناف عديدة من الشاي بمختلف الألوان التي يعرفها المرء, من الأخضر إلى الأصفر إلى البني والأحمر والازرق, كل الالوان وكل الانواع والاصناف من الشاي مهما كان مصدر إنتاجها, يمكن للمرء أن يجدها وأن يشتري منها ماشاء وبأسعار رخيصة للغاية قياسا بأي مكان آخر.

لكن هذا السوق الضيق اصلا يزداد ضيقا, عندما تدخله إحدى الفرق الموسيقية التي استخدمها أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية, كأحد اشكال الدعاية الجاذبة, وعندما دخلت تلك الفرقة ووراءها المئات من البشر, اختنق السوق تماما, ولم نجد مكانا ننفذ منه, فانتحينا جانبا, لفترة استطالت وامتدت, حتى تمكنا فيما بعد ان نواصل المضي في طريقنا, ليأخذنا الشارع أيضا إلى (سوق الحبال) حيث عشرات اللفات من الحبال المفتولة ملقاة أمام المحلات يتوسطها الباعة الجالسون على مقعد خشبي مستطيل.

نظل في سيرنا ماضين, فنصل بعد خطوات عدة إلى سوق الفضيات, ولانتوقف كثيرا به فنتجاوزه إلى سوق النحاسين, وندلف إلى ورشة لصناعة تلك الأدوات حيث يمسك كل عامل بآلة حديدية يدق بها محدثا مع زملائه أنغاما شديدة النشاز, وسط هذه الورشة المفتوحة في خلاء المكان نشاهد ضريحا ملفوفا باللون الاصفر المزركش مكتوبا عليه (سيدي بلهى شاه صاحب بخاري) وتحت هذه العبارة التي كتبت بحرف سميك, كتبت عبارة أخرى بخط أقل سمكا (رحمة الله عليك يامحمد).

نصل دون قصد إلى سوق صناعة (الطواقي), وهناك نشاهد جميع طرز تلك الطواقي التي يلبسها الباكستانيون والافغان, ويشير لنا البائع وهو نفسه الذي يقوم بصناعتها, (هذه طاقية محمد علي جناح) مؤسس باكستان, وهذه طاقية (أحمد شاه مسعود) القائد الطاجيكي الأفغاني الذي يطلق عليه (أسد بانجشير) , وهذه طاقية (كاكولي) كالتي يرتديها (حامد كرزاي) الرئيس الحالي لأفغانستان, وهي تصنع كما علمنا من احد البائعين من جلد الماعز التي لم يبق على موعد ولادتها سوى شهر واحد, فيذبحونها ويأخذون جلدها ويصنعون منه (الكاكولي) ولذلك فان جماعة حقوق الحيوان ناشدت الرئيس الافغاني عدم ارتداء ذلك النوع من الطواقي, كي لايكون ذلك تشجيعا على قتل الماعز الحوامل.

يشير البائع إلى أن هناك صنفين تصنع منهما الطواقي: الطبيعي والصناعي, أما السعر فيبدا من 500 روبية حتى 5000, وهي تنقسم ايضا مابين طاقية بشتوني, وأخرى طاجيكي.

الثلاث ورقات

وفي تجوالنا الذي استمر لساعات دون أن نشعر بالتعب, نمر بمنطقة يصنع فيها خبز (الروغني) الزيتي بأشكاله الدائرية الصغيرة, التي تشبه إلى حد بعيد حلقات الكعك), وإلى جوار المخابز المتخصصة في هذا النوع من الخبز, يقف بائعو الشمام الإفغاني وأمامهم يصطف طابور ممن أتوا لشراء أطباق من تلك الفاكهة الصفراء اللون, التي يصل عن طريق الحدود من القرى الأفغانية, وهي فاكهة مرغوبة جدا في بيشاور, ويتم تقطيعها إلى أجزاء, وتباع في السوق بالطبق.

ننتقل إلى سوق (قس خواني) وهو من أشهر أسواق بيشاور, فهو لايزال حتى هذه الأيام مكانا لرواة القصص الشعبية والملاحم والسير, وفيه يتجمع الناس مساء للاستماع من الرواة إلى حكاياتهم التي تقال على حلقات تستكمل بالتتابع في الأيام التالية, وقد يشطح الخيال بالراوي فيتسع خياله وتتمدد الحكاية حتى ينتهي العمر ولا تنتهي.

وإلى جانب الرواة, يوجد ركن للحواة والسحرة وللاعبي الثلاث ورقات, ويوجد معهم بالتوازي عرافون ومنجمون, وهم أكثر مايجذب رواد السوق في فترة العصارى, قبل أن يقوموا باخلاء المكان للرواة.

ويقول لنا أحد أصحاب المكتبات المنتشرة بكثرة لافتة في هذا السوق, ان اهتمام الرواد بالسير الشعبية والحكايات الدينية, دفعت الباعة إلى توفير كتب للمهتمين, ثم تطور الامر حتى اكتظ السوق بالمكتبات التي تحتشد على أرففها كتب القص الديني والحكايات ذات العبر.

من هذا السوق الغريب, نمر على سوق (شوبا بازار) الذي تباع فيه قطع السيارات المهربة, ثم نخرج منه ليأخذنا الشارع إلى (سوق الملح) هكذا هو اسمه, وقد توقعنا أن نجده مكتظا بالملح, لكننا لم نر حبة ملح واحدة فيه, بل مطاعم كثيرة لشي اللحوم, فتركناه بعد ان علمنا ان الملح كان مكدسا فيه, ولكن في الزمن القديم, ثم ذهبنا حسبما التف بنا الشارع إلى سوق (الاحجار الكريمة), حيث تدور الرءوس من الاصناف الحقيقية والمقلدة فيه ومن الاسعار الخرافية التي ينطقها الباعة, والتي قد يدفعها المرء دون أن يكون لديه مايؤكد أنه لم يشتر حفنة من (الهواء الطلق), زمرد أخضر بتسع درجات من جبال بانجشير الأفغانية ومنطقة (سوات), وياقوت أحمر اللون من كشمير, وزبرجد بلون أخضر فاتح ومعه بللور كوارتز, وتورمالين بعدة ألوان أغلاها (تورمالين البطيخ) حيث اللون أحمر من الداخل, ومن الخارج أخضر.

بعد أربع ساعات قطعناها فيما أتيح لنا من سوق خيبر الذي يتكون في الأساس من مجموعة أسواق, خرجنا إلى طريق (جم رود) الذي رأينا فيه مبنى البرلمان المحلي, ثم مبنى جامعة بيشاور الشديد الأبهة والذي اختيرت صورته ليتم طبعها على العملة الباكستانية.

وعلى مبعدة من سوق خيبر أو مجموعة أسواق خيبر, قررنا الذهاب لشراء كتب, فكان أن نصحنا أبناء المدينة بالتوجه إلى سوق (صدر), وتعني الأعظم, أي السوق الاكبر لديهم وهناك وجدنا مكتبات كبيرة وبها كتب تحتوي على أحدث الإصدارات باللغة الإنجليزية والأوردية ولغات منطقة اسيا, إلى جانب بعض الصحف اليومية التي تصدر في لندن باللغة العربية.

جوار هذا السوق الذي يوجد مثيل له (أسواق صدر) أخرى في لاهور وفي كراتشي ومعظم المدن الباكستانية الكبيرة, كان هناك العديد من المكتبات التي تبيع الكتب القديمة المستعملة مقابل أسعار زهيدة للغاية.

لهيب جامح

كان اليوم شديد السخونة رغم اننا كنا هناك في منتصف سبتمبر, وقبلها بيوم كنا في إسلام اباد حيث فاجأنا المناخ بمطر شديد الغزارة ونحن نسير في شوارعها, دفعنا للبقاء داخل السيارة دون أن نستطيع التقاط صورة واحدة, حتى توقف الهطال.

لكن سقوط المطر في بيشاور اذا حدث مرحب به كثيرا, فهذه المدينة مثل (راو البندي) كلما سار فيها المرء شعر بما يشبه الاختناق من عوادم السيارات حينا ومن الاتربة المتصاعدة أحيانا أخرى, والتي كثيرا ما تهب العواصف المحملة بالأتربة عليها, مايزيدها لهيبا, لذلك فإن هطول الأمطار يساعد على كبح جماح لهيب بيشاور الصيفي, ويغسل الأجواء من تراكمات ما تنفثه السيارات كثيرة العدد والمتهالكة في معظمها التي تكتظ بها شوارع تلك المدينة العجوز.

في عز سخونة بيشاور التي كانت قديما منتجعا للملوك, واصلنا السير قاصدين جامعتها العريقة, اتخذنا طريق الجامعة الذي يسمى باسمها, ويطلق عليه في الوقت نفسه طريق (جم رود) وكلمة (جم) في لغة الباتان تعني (الاناء الفخاري الذي يستخدم في حفظ الحليب) وقد تكون هذه التسمية عائدة لكثرة ماتحتويه المنطقة من البعران, خاصة تلك التي تخترق منطقة الباتان متجهة عبر ممر خيبر إلى أفغانستان, و سور الجامعة الذي مررنا بمحاذاته والواقع على هذا الطريق نحو 15 كيلو مترا, نقطعها قبل أن نعبر البوابة الرئيسية لنمر بمباني كليات الهندسة ثم كلية الصحافة والاداب, ثم بمبنى سكن الطلاب وهو يعود وفقا للوحة مكتوبة عليه إلى عام 1913, إلى أن نصل إلى مبنى الجامعة من الداخل, كان الوقت عصرا عندما كان طلاب يلعبون (الكريكيت) اللعبة الشعبية في باكستان, على الملاعب الجامعية الخضراء الفسيحة, من خلف الخط الأبيض الذي يحيط بالملاعب يبدو منظر المبنى الجامعي بطرازه المعماري الفريد ولونه الأحمر الداكن (الطوبي) الأقرب إلى الطراز الفيكتوري جميلا للغاية.

و(الكريكيت) التي لم نمر على شارع رئيسي أو حتى فرعي في باكستان إلا ورأينا ملاعب له, مجهزة سلفا أو تم إعدادها على عجل, وشبانا أو صبيانا صغارا يلعبون بشكل أقرب إلى الهوس بها, هي أهم لعبة في باكستان, تليها (هوكي المضرب) ثم كرة الطائرة فكرة السلة وكرة القدم,, وتتفوق باكستان على المستوى الدولي في الكريكيت بشكل خاص لدرجة أنها تصنف الثالثة على المستوى العالمي, بعد هولندا وألمانيا, وكان من أشهر لاعبي هذه اللعبة على المستوى العالمي عمران خان الذي اعتزل منذ سنوات عدة وتزوج المليونيرة البريطانية (جماينا), ثم عاد لللاستقرار في بلاده, متحولا إلى السياسة التي أصبح فيها زعيما لحزب (تحريك انصاف) أو (حركة الانصاف).

الساخن والبارد

وبيشاور ليست أسواقا قديمة, ومباني أكل الدهر عليها وشرب, فكلما زحفت السيارة بعيدا عن جوف المدينة, اتسعت الرؤية وتناهى إلى الرائي الجمال, لعل هذا مايمكن قوله عن الامكانات العالية لبعض الأماكن التي تتبع اداريا تلك المدينة, وفور ان يغادر المرء ساحة مطار بيشاور الذي يقع في قلب المدينة, يصبح متاحا له رؤية العديد من الاماكن السياحية الرائعة تبتعد قليلا أو تتناءى حتى تتطلب عدة ساعات من السفر بالسيارة, منها (وادي سوت), (كلام), (بحرين), و (معلم جبة), وهي مناطق باردة وبها العديد من الأنهار, وتقع كلها بعد السير بالسيارة في طريق جبلي على بعد خمس ساعات من مدينة بيشاور.

بيشاور باختصار - غير مخل - عالم بديع لكن الحروب المتواصلة في البلاد التي تقع على مرمى النظر, أرهقته حتى ازداد التعب عن قدرة الاحتمال, ورغم الآلام التي تتخفى حينا وتبدو صارخة في أكثر الاحيان, فإن البشر يواصلون مسيرة الحياة, حيث لابد من بعض الابتسام وبعض اليقظة وكثير من الأمل.

 

زكريا عبدالجواد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




صورة الغلاف





 





تحتشد شوارع المدن الباكستانية بأنواع من وسائل التنقل البدائي والغريب اللافت, وفي الصورة السفلى (يمين) تطل قلعة (بالا حصار) عند مدخل مدينة بيشاور





تحتشد شوارع المدن الباكستانية بأنواع من وسائل التنقل البدائي والغريب اللافت, وفي الصورة السفلى (يمين) تطل قلعة (بالا حصار) عند مدخل مدينة بيشاور





تحتشد شوارع المدن الباكستانية بأنواع من وسائل التنقل البدائي والغريب اللافت, وفي الصورة السفلى (يمين) تطل قلعة (بالا حصار) عند مدخل مدينة بيشاور





تحتشد شوارع المدن الباكستانية بأنواع من وسائل التنقل البدائي والغريب اللافت, وفي الصورة السفلى (يمين) تطل قلعة (بالا حصار) عند مدخل مدينة بيشاور





قريبًا من بيشاور, بيوت صغيرة يسكنها بشر تتحكم في أحوالهم أحداث تجري على أراضي دولة أخرى مجاورة.. دائما هي أفغانستان





في منطقة الأسواق, شوارع تضيق وحافلات مكتظة تقتنص المساحات الباقية منها





في بيشاور والمدن التي تتوزع في الطريق إليها أفغان هربوا من الجحيم الذي استعر طويلا, واستوطنوا مكانا آخر





في سوق (عجايب قهر) حيث كل ما يخطر على البال هناك, حرف تقليدية ومهن تقدم للجوعى (شيش الكباب) و(خبز الروغني)





في سوق (عجايب قهر) حيث كل ما يخطر على البال هناك, حرف تقليدية ومهن تقدم للجوعى (شيش الكباب) و(خبز الروغني)





وفي سوق النحاسين ورش تتصاعد دقات مطارقها, وفي محال صناعة الجلود تتفوق جلود (الماعز)





 





عشرات الأسواق تتوسط بيشاور, لكن سوق الشاي يظل من أكثرها غرابة, إذ إن كل الأصناف والألوان تباع فيه





عشرات الأسواق تتوسط بيشاور, لكن سوق الشاي يظل من أكثرها غرابة, إذ إن كل الأصناف والألوان تباع فيه





قلعة (آتاك) تطل من أعلى الربوة على ملتقى نهرين (الإندوس) الباكستاني و(كابول) الأفغاني, قريبا من حدود إقليم البنجاب





نهر (الاندوس) القادم من الشمال الباكستاني والمتجه نحو بحر العرب.. زرقة ساحرة